لبنان: حزب الله يقطع طريق الانتخابات الرئاسية ويلقي الكرة في ملعب حلفائه/علي رباح: نصر الله وأصول الديموقراطية الإلهية/ثريا شاهين: 14 آذار تريد الانتخاب وحزب الله يريد التعيين

262

لبنان: حزب الله يقطع طريق الانتخابات الرئاسية ويلقي الكرة في ملعب حلفائه
نصر الله يهاجم جنبلاط.. والأخير يرد بدعوته لإثبات عدم وجود «عرقلة إيرانية»
بيروت: كارولين عاكوم/ الشرق الأسط/31 كانون الثاني/16

كان كافيا ما أعلنه أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله لجهة استمرار «دعمه الأخلاقي» لحليفه النائب ميشال عون في مواجهة حليفه الثاني رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ليؤكد المؤكد أنه لا انتخابات رئاسية في لبنان في المدى المنظور، ملقيا الكرة في ملعب حليفيه المرشحين، وهو ما أشار إليه بشكل واضح داعيا إلى عدم الاستعجال. ومن جانب آخر، كان لافتا تدهور علاقة النائب وليد جنبلاط بحزب الله بعد انتقاد غير مباشر من نصر الله لكلام لجنبلاط هزئ فيه الأخير من «مصلحة تشخيص النظام» في إيران، ليرد جنبلاط على الرد أمس، قائلا لنصر الله «إذا كانت إيران فعلاً لا تعطل الانتخابات الرئاسية اللبنانية كما تقولون، فيحق لأي مواطن أن يسأل عن الأسباب الحقيقية التي تمنع تأمين النصاب في مجلس النواب لانتخاب رئيس لبناني جديد».
مصادر في قوى «14 آذار» رأت في موقف نصر الله أن الحزب ليس بوارد الضغط على حلفائه، إن لجهة سحب فرنجية ترشيحه أو لجهة انتخاب عون، واعتبرت أنه بذلك قطع الطريق نهائيا أمام أي خرق في الملف الرئاسي في المدى المنظور، بعدما كان رئيس تيار المردة قد أعلن استمراره في المعركة ورفض رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديد موقفه. في حين عاد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط دعم ترشيح النائب هنري حلو، أحد نواب كتلته، وذلك بينما لا يزال تيار «المستقبل» متمسكا بدعمه للنائب فرنجية، وحسم حزب الكتائب اللبنانية موقفه بعدم انتخاب أي مرشّح ينتمي إلى مشروع «8 آذار».
وفي حين كان لافتا يوم أمس، الصمت من قبل نواب ومسؤولي «التيار الوطني الحر» (الذي يتزعمه عون) رأى المسؤول الإعلامي في تيار «المردة» المحامي سليمان فرنجية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ما أعلنه نصر الله أمس لا يتعارض في العمق مع ما سبق أن أعلنه رئيس تيار المردة لجهة أن يكون التأييد لعون كخطة «أ»، ومن ثم دعم ترشيح فرنجية كخطة «ب» إذا لم يحالفه الحظ، وهو الأمر الذي يرفضه عون، مضيفا: «قد لا يكون ما أعلنه أمين عام حزب الله ترشيحا مباشرا لفرنجية، إنما كانت قراءة إيجابية لهذا الترشيح».
من جهة أخرى، رأى النائب في كتلة المستقبل أحمد فتفت، أن كلام نصر الله واضح لجهة إما تعيين عون رئيسا أو لا انتخابات رئاسية. وأضاف فتفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يتصرف أمين عام الحزب وكأنّه المرشد الأعلى للدولة اللبنانية الذي يقرّر سياسة البلاد والقرارات فيها، كما أنه الحزب الواحد في هذه الدولة الذي بإمكانه إما التعطيل أو التفعيل من دون أن يتطرق إلى موعد جلسة الانتخاب المقبلة في 8 فبراير (شباط) المقبل». وأوضح فتفت «هو الذي يدّعي أن إيران لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية بدا واضحا في كلامه إما أن يرضخ الجميع لمشيئته وينتخبون عون للرئاسة أو لا انتخابات رئاسية كما أنه ليس هناك أي قرار بتفعيل عمل الدولة اللبنانية».
وفي حين أكد فتفت موقف تيار «المستقبل» الداعم لترشيح فرنجية للرئاسة، قائلا: «سنشارك في جلسة انتخاب الرئيس إذا كان هناك انتخابات بين أكثر من مرشّح وليس تعيينا لمرشح الحزب الواحد». وعما إذا كان هذا القرار سيبقى ساري المفعول في حال عاد فرنجية وقرر الانسحاب لصالح عون، قال فتفت «عندها يبنى على الشيء مقتضاه». وفي هذا الإطار أيضا، أشارت مصادر بري، إلى أنه بصفته رئيسا لمجلس النواب لن يحدّد بري موقفه مسبقًا كي لا يقال: إنه سلك اتجاها معينا، وهو بالتالي بانتظار أن تحدد كل الكتل النيابية خياراتها. ولفتت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تيار «المستقبل» الذي عبّر على لسان بعض مسؤوليه دعمه لفرنجية إلا أن رئيسه النائب سعد الحريري لم يعلن لغاية الآن عن مبادرته التي تقضي بدعم فرنجية بشكل رسمي، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على النائب وليد جنبلاط الذي يمكن القول: إنه لا يزال على الحياد من المرشحين، مضيفة «مع العلم أنه وبناء على قرار كتلة المستقبل التي تضم أكبر عدد من النواب تحدّد قرارات كثيرة». بدوره، استبعد النائب ياسين جابر، عضو كتلة بري، انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 8 فبراير المقبلة، وأكد في حديث إذاعي وجود تنسيق بين بري وجنبلاط في الملف الرئاسي، مشيرا إلى «أن الصورة الرئاسية بالنسبة لكتلة التنمية لم تنجلِ بعد بانتظار اجتماعها المقبل»، داعيا عون وفرنجية إلى «إجراء حوار ثنائي للاتفاق على صيغة رئاسية». وعودة إلى جدل نصر الله – جنبلاط، فبعدما كان نصر الله انتقد جنبلاط من دون أن يسميه ردا على مواقفه الأخيرة المتهكمة على «ديمقراطية إيران»، داعيا إياه «أن يعرف حجمه جيدًا عندما يتكلم عن الجمهورية الإسلامية»، رد جنبلاط سائلا: «إذا كانت إيران لا تعطل الانتخابات فما سبب منع تأمين النصاب؟» وقال: «إذا كنا قد وضعنا علامات استفهام حول الديمقراطية غير المباشرة القائمة في إيران جرّاء تعدد المجالس من مجلس الشورى إلى مجلس صيانة الدستور إلى مجلس خبراء القيادة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام إلى الكثير من الآليات الأخرى، فضلاً طبعًا عن حرس الثورة الإسلامية؛ فذلك سببه أننا لا نريد أن تنتقل الديمقراطية اللبنانية، على هشاشتها، رويدًا رويدًا لتماثل تلك الديمقراطية الإيرانية».
وأضاف: «إذا كانت إيران فعلاً لا تعطل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، كما تقولون، فيحق لأي مواطن أن يسأل عن الأسباب الحقيقية التي تمنع تأمين النصاب في مجلس النواب لانتخاب رئيس لبناني جديد طالما أن 8 آذار تفاخر بأن المرشحين الرئاسيين ينتميان إلى خطها السياسي وهنيئا لها بذلك؟ أليس السيد أمير عبد اللهيان هو الذي قال فليتفق اللبنانيون وإيران تدعم هذا الاتفاق، وبالتالي هذا الاتفاق اللبناني أصبح أكثر قابلية للتحقق طالما أن المرشحين الرئاسيين ينتميان إلى فريق 8 آذار».
وتابع: «ربما تيّمنًا بالديمقراطية الإيرانية، فإن اشتراط تحقيق النتائج من الانتخابات الرئاسية سلفًا قبل تأمين النصاب في جلسة الانتخاب يعني عمليًا تحديد النتائج وثم الذهاب لممارسة الاقتراع الشكلي. وهذا يُماثل حالة غربلة الأصوات التي تقوم بها المجالس الديمقراطية المتعددة في طهران فتستبعد هذا المرشح وتقصي ذاك وتقبل بذلك!». يذكر أن نصر الله كان قد قال في كلمة له بثت مساء أول من أمس للإعلان عن موقف الحزب من الملف الرئاسي ومستجداته: «نعم نحن نعطل ما دامت الجلسة لا تأتي بمرشحنا». وأضاف: «هناك مرشحان جديان للرئاسة، العماد عون والنائب فرنجية. والمشهد الآن يقول: إنه لم يعد هناك رئيس من 14 آذار، وإن الرئيس المقبل من 8 آذار، ونحن ندعم ترشيح العماد عون، والحزب ملتزم هذا الأمر أخلاقيا حتى لو خسر في السياسة»، مؤكدا في الوقت عينه أن فرنجية يملك مواصفات الرئيس: «ولو كنا قبل عام ونصف عام ملتزمين معه لكان هو من ندعم اليوم، ولو جاء العالم كله وقال لا كنا سنبقى معه».

 

نصر الله وأصول «الديموقراطية الإلهية»
علي رباح/المستقبل/31 كانون الثاني/16
يسمع اللبنانيون عن «حزب الله الديموقراطي» ولا يعرفونه. تسنى لهم أن يتعرفوا بأم العين كيف يصبح «حزب الله« «ديموقراطياً« قادماً من جبال المونتي روزا في سويسرا، فيتحول أمينه العام، فجأة، الى مصلح اجتماعي يدعو الى «مزيد من الحوار والتفاهم»، ويتحول فريق 8 آذار، بقدرة قادر، الى مجموعة من الاحزاب غير الشمولية! والسبب؟ التهرّب من انتخابات رئاسية في المدى المنظور! فالسيد لا يشارك حزبه في جلسة لا تضمن فوز مرشحه (قمة الديموقراطية)، ولا يضغط على الحلفاء لأن علاقته بهم تقوم على الندية والاحترام والصدق! والنتيجة؟ السيد مع الجنرال «بس مش طالع بإيدو«!
يحق للجنرال ميشال عون أن يسأل، لماذا هذه النفحة الديموقراطية الآن حين اقتربت «اللقمة» من الفم؟ من حقه أن يسأل، لماذا لم يعد السيد الآن قادراً على فرض رأيه على الحلفاء كما ادّعى؟ نسي السيد كيف فرض على حلفائه الاستقالة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2006؟ قد يقول قائل ان الاستقالة جاءت بالتشاور وبقرار جماعي! لا بأس، لكن السيّد نسي أن أحد الحلفاء قال بعد الاستقالة: «إننا ذاهبون الى معارضة بناءة»، قبل أن «يلحس» كلامه بفعل الضغوط ليصف حكومة السنيورة بـ»الحكومة البتراء» وغير الشرعية والمنافية لأصول الميثاقية. نسي كيف فرض على الوزراء الاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2011؟ نسي كيف فرض بالقمصان السود تأجيل الاستشارات النيابية بهدف الاطاحة بحظوظ وصول الحريري الى رئاسة الحكومة مجدداً ولفرض اسم الرئيس نجيب ميقاتي؟ نسي كيف غزا بيروت والجبل لفرض شبكة اتصالاته واسم رئيس جهاز أمن المطار وبدعة «الثلث المعطل»، طبعاً قبل أن ينقلب على تعهده في الدوحة بعدم استخدامه للاطاحة بالحكومة؟ من حق الجنرال أن يقول للسيد: «ألم أغطّك في 7 أيار وفي اعتصامات بيروت وحتى يوم ذهبت الى سوريا؟«.
أطل نصرالله بعد أكثر من اسبوعين على «اللاموقف لحزبه» من جديد الملف الرئاسي. اطلالة تصفها مصادر مطلعة لـ»المستقبل» بأنها «أكثر من ضرورية» ليستعيد الملف بعدما قُدّمت مبادرتان في عز انشغاله في حروب الولي الفقيه الإقليمية. وتقول المصادر: «ان أكثر ما أزعج «حزب الله« مؤخراً هو أنه لم يكن صانع اللعبة». فالقطبان المسيحيان الحليفان المرشحان (الجنرال عون والنائب سليمان فرنجية)، حاول كل منهما صناعة اللعبة بعيداً عن الحزب، أو في أقل الاحوال من دون توجيه منه. فالنائب فرنجية تواصل مع الرئيس الحريري ووصل معه الى نوع من التفاهمات، حتى لو أكّد زعيم بنشعي أنه وضع الحزب في جوها، علماً أن إعلام الحزب سرّب معلومات عن تعهدات أعطاها فرنجية للحريري من دون علمه. والجنرال عون تحدث مع الدكتور سمير جعجع ووصل معه الى تفاهم كان واضحاً الى حد بعيد أن الحزب لم يكن في جوّه. وفي كلا الحالتين، توضح المصادر، أنه بوصول فرنجية الى بعبدا سيكون الحريري هو صانع الرئيس، وبوصول عون يكون سيد معراب هو صانع الرئيس! وبرأي المصادر، فإن اطلالة نصرالله جاءت لتؤكد أنه لن يسمح بأن تخرج اللعبة من يد حارة حريك، ولن يسمح بانتخابات إلا حسب توقيته.!
لم يَرُق للسيّد «الديموقراطي« وصف أحد أقطاب السياسية اللبنانية طاولة الحوار بـ»هيئة مصلحة تشخيص النظام في ايران». وقال: «كل واحد يعرف حجمه بس يحكي عن ايران»!. لا شكّ في أن كلام السيّد لم يصل الى مستوى «طهّر نيعك»، لكنه أعطى مثالاً حياً عن «الديموقراطية الإلهية» وأصول احترام الرأي الآخر. ولا بأس أن سماحته فَخِرَ، في اطار مطالعته المعتادة عن ايران وديموقراطيتها، بـ35 انتخابات جرت فيها في 37 سنة، حتى وإن كانت هذه الاستحقاقات قامت على مبدأ فرض القريب من الحرس الثوري والولي الفقيه وإبعاد البعيد عنهما! ها هي ايران الديموقراطية تفرض الاقامة الجبرية على المعارضين البارزين المير حسين موسوي ومهدي كروبي. لماذا؟ لأنهما يتمايزان عن الولي الفقيه ولا يأتمران بأوامره. وها هي لجنة صياغة الدستور الايراني ترفض (بكل ديموقراطية) ترشّح حفيد الخميني، مؤسّس الثورة الايرانية، والمئات غيره! لماذا؟ لأنهم لا يأتمرون بأوامر الحرس الثوري (على طريق القدس)! وبهذا، فإن نصرالله يستنسخ التجربة «الديموقراطية» الايرانية في لبنان، ويرفض المشاركة في جلسات انتخاب الرئيس ما لم يؤمّن فوز مرشّحه. «السيّد مش مستعجل»، وهو ختم حديثه مطالباً الأفرقاء بـ»عدم الاستعجال» وباعطاء فرصة أكبر للحوارات والتفاهمات! وهذا المنطق ردّده أحد قادة «حزب الله« قبل أيام في مجلس عزاء في احدى القرى الجنوبية، حيث ردّ على سؤال عن موقف حزبه من ترشيح جعجع لعون، قائلاً: «الصراحة ترشيح جعجع صدمنا ولم نتوقعه. نحن في حيرة من أمرنا. فرنجية مصمم على عدم التراجع، وقيادات عديدة في الحزب تؤيد عدم تراجعه. لذلك فضلنا تأجيل موقفنا حتى لا نضطر لاتخاذ موقف من شأنه تأزيم علاقاتنا بالحلفاء. ولا بأس من الانتظار أشهراً قليلة بعد حتى يتحسن وضعنا الاقليمي أكثر فنضع شروطنا على الطاولة. و«شو يعني يبقى كرسي الرئاسة شاغراً كم شهر«؟«. ربما يتوجب على اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً أن ينتظروا نتائج حروب «حزب الله« الاقليمية حتى يُسمح لمؤسسات الدولة بأن تعود من جديد… ديموقراطياً!.

 

14 آذار تريد الانتخاب و«حزب الله» يريد التعيين
ثريا شاهين/المستقبل/31 كانون الثاني/16
لم يُحضّر بعد «حزب الله» كتلته النيابية للمشاركة في جلسة 8 شباط المقبل موعد انتخاب رئيس للجمهورية. ولم يتطرق أمينه العام السيد حسن نصرالله إلى هذه الجلسة. وتفيد مصادر سياسية بارزة، أن كلام نصرالله، يعني أن الحزب مستمر في تبنّي فكرة أن لا انتخابات لأنه يؤكد أنه يجب أن يتم تعيين المرشح النائب ميشال عون وليس وجود عملية انتخابية يفوز فيها من يفوز، أنه يريد ضمانة انتخاب عون رئيساً للانتخابات، وتشير هذه المصادر إلى أن أول من سرّب خبر اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري والنائب المرشح سليمان فرنجية شخصية معروفة في «حزب الله» وليس أي شخصية من «تيار المستقبل». إنما كل هذا الجو هو حصيلة وجود قناعة أن هناك أموراً خطيرة تحصل، لعلّ في مقدمها دعوة الأطراف الأخرى إلى السير بفكرة الحزب، وإلا ليفعلوا ما شاؤوا، وهذا ينحو نحو منطق الحزب الواحد، وكأن الحزب يقول أو يسعى إلى تعيين عون رئيساً وإلا لا انتخابات، فإذا كان لدى عون أصوات كافية لتأييده لماذا لا يتم انتخابه. 14 آذار تريد انتخابات رئاسية لكن الحزب يريد التعيين.
إذاً العرقلة مستمرة، بعدما كانت هناك بعض الأجواء، قبل كلام نصرالله تتداول باحتمال أن يكون الحزب يعتمد على رئيس مجلس النواب نبيه بري لحشد ما يكفي من أجل أن تفضي جلسة 8 شباط إلى انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، وأن الحزب قد يكون راضياً ضمناً بعدم حضور النائب عون وكتلته إلى البرلمان.
وبالنسبة إلى نقاش الموضوع الرئاسي فإنه في جلسات الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و»حزب الله»، وفي جلسات الحوار الوطني، تتم مناقشة تطورات الملف الرئاسية، وفقاً للمصادر، لكن الحزب يضيّع الوقت. وكلام نصرالله لم يقدم شيئاً، إنما أكد المؤكد بأن الحزب ومن خلفه إيران هما عرّابا التعطيل للانتخابات الرئاسية، على الرغم من كل النظريات التي حاول أن يقدمها حول «الديموقراطية الإيرانية». وإذا كان نصرالله يعتبر نفسه رابحاً في اختيار المرشحين الاثنين فلماذا لا يتوجّه نوابه إلى المجلس وينتخبون رئيساً. لذا فإن جلسة 8 شباط ستكون كسابقاتها. وما قاله نصرالله يعكس حالة الإرباك التي يعيشها الحزب، ولو لم يكن مربكاً لكان نوابه نزلوا إلى البرلمان في الجلسة المقبلة. نواب «تيار المستقبل» سينزلون إلى المجلس وكذلك نواب 14 آذار. ومن كثرة ما دافع نصرالله عن إيران ألصق التهمة بها.. وهو يقول إما انتخاب عون أو لا انتخاب، كما أنه يصادر انتخابات الرئاسة وموقع الرئاسة، ويدخل البلد في أفق مسدود.
وترى المصادر أن الحزب لا يريد انتخابات رئاسية لسببين، الأول محلي، حيث أن الأمور تسير في البلد بحسب رأيه وفقاً لتوازن قوى معين في المنطقة، وأنه من دون مكاسب كبرى على صعيد البلد لن يعمل على تسهيل حصول الانتخابات، فضلاً عن أن الحزب يريد ضرب رئاسة الحكومة، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية، وصلاحيات رئيس الجمهورية في الأساس لم تعد كما كانت، فضلاً عن أنه يريد قانوناً للانتخابات النيابية يناسبه في تغيير المعادلات. أبلغ «تيار المستقبل» الحزب في اجتماعات اللجنة النيابية للتحضير للقانون، أن هذا الأمر غير وارد، وأن التيار لن يسمح بحصول خلل جراء قانون انتخابي جديد وأنه لا يمكن الوثوق بهكذا منحى. فعندما كانت هناك أكثرية بين 8 آذار ورئيس مجلس الوزراء السابق نجيب ميقاتي حصل انقلاب، فكيف إذا كان هناك قانون انتخابي واضح في أهدافه التغييرية. هذا فضلاً عن وجود سبب إيراني بعدم تسهيل الانتخابات اللبنانية.
جلسة 8 شباط الانتخابية مفصلية، بحسب المصادر، وهي شبيهة بجلسة 25 أيار 2014، إذ بعدما تم استنفاد المرشحين حالياً، قد تفتح هذه الجلسة الأفق على مرحلة جديدة وغير محدودة من الفراغ، وجلسة 25 أيار 2014 فتحت الأفق على الفراغ. وهناك تخوف كبير من أن يصبح الأفق السياسي للرئاسة معدوماً، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على البلد في ظل الظروف الإقليمية المحيطة. وبحسب أوساط ديبلوماسية في بيروت، فإن ما يحصل يدلّ على أن كل الأطراف لا تزال تحتفظ بأوراقها، وأن العديد منها لم يتخذ مواقف داعمة تؤدي إلى حصول الانتخابات، وأن ترشيحي فرنجية وعون مستمران لمدة طويلة، وأن العديد من الأطراف لا يزال متمسكاً بالرعاة الخارجيين. ونشير إلى أن «حزب الله» لا يرى مصلحة له في حصول الانتخابات، وهو مرتاح مع هذه الحكومة؟ ولا يريد حكومة أخرى برئاسة شخصيات أخرى مطروحة أسماؤها، وأن الحزب يريد قانون انتخابات يوصله إلى أن يكون أكثرية في المجلس النيابي من أجل السيطرة على كل شيء في البلد، عندها يختار رئيسي جمهورية وحكومة، لذا فإن الحزب الآن يستمر في الفراغ. ولاحظت المصادر أن الرئاسة في لبنان جرى بحثها خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى باريس. ولا يبدو أن اختراقاً ما سيحصل. وتعزو المصادر الأسباب إلى أن علاقة الحزب في إيران هي مع الحرس الثوري أكثر مما هي مع روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف اللذين يُعتبران معتدلين. ومن المؤكد أن إيران محرجة من تأييد جعجع لعون، لكن من غير الواضح إلى أي درجة.