خالد موسى: شكوك حيال موقف عون وترقب لموقف حزب الله/وسام سعادة: الإقرار بتناقض المصالح بين الجماعات المدخل لمعالجة الملف الرئاسي وسواه/الشيخ عبد الحميد سنو: في انتظار كلمة السر يبقى لبنان مهدّداً

257

شكوك حيال موقف عون… وترقب لموقف حزب الله
خالد موسى/موقع 14 آذار/20 كانون الثاني 2016

بعد أشهر من المداولات والزيارات بين المستشارين على خط الرابية – معراب، قضي الأمر أخيراً، و”رد الجنرال” الأجر للحكيم الذي زاره في معراب وبات عون مرشح “القوات” لرئاسة الجمهورية، وفق ما أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مساء أمس الأول وسط أجواء احتفائية عارمة شهدتها معراب، وجاء الرد من مرشح “التسوية” النائب والوزير السابق سليمان فرنجية عبر زيارة خاطفة الى بكركي، مؤكداً من هناك أنه “لن يتراجع عن ترشيحه وهو مستمر، واللي بدّو منّي شي بيعرف عنواني”. وباتت أوراق الإقتراع مكشوفة بين الأقطاب الموارنة الثلاث، يبقى أن يحدد حزب “الكتائب” موقفه وتموضوعه الرئاسي بين بنشعي والرابية. وفي هذا السياق، كشفت مصادر نيابية بارزة في كتلة نواب “الكتائب”، في حديث لموقع “14 آذار” أن “رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل دعا الكتلة النيابية الكتائبية إلى اجتماع يُعقد اليوم لاتخاذ الموقف المناسب إزاء المستجدات الرئاسية”، علماً أن جعجع اتصل ليل أمس الأول وناقش مع الجميل تطورات الملف الرئاسي في ضوء ترشيحه عون. وفي ضوء هذه المستجدات الرئاسية، ما هو رأي الأطراف المسيحية المستقلة في قوى “14 آذار”؟
“اتفاق على حساب الموارنة ووجع الناس” يعتبر رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب دوري شمعون، في حديث خاص لموقع “14 آذار”، أن “المستفيدين من ترشيح جعجع لعون هما وحدهما، وبهذه الخطوة باتت الناس واعية الى أنهما اساس المشكلة”، مضيفا: “لا أدري كم هناك أناس مؤمنين بأن الإتفاق بين جعجع وعون وبانه صادق بكل ما للكلمة من معنى”.وشدد على أن “14 آذار باقية ولا زلنا مستمرين بها، ولا يعني خروج القوات بهذا الشكل وقيامهم بهذه الهمروجة، أن عقد 14 آذار سيفرط أو أنها ستنتهي”، مضيفا: “كم كنت أتمنى أن تكون طريقة مقاربة الأمور مغايرة وليست بهذا الأسلوب، لأن الشعب تعب من مشاكل عون وجعجع واليوم يحلان مشاكلهما على حساب وجع الناس وحساب الموارنة خصوصاً”. ودعا الى “الإنتظار قليلاً لنرى من سيصوت لمن”، مشدداً الى “أنني بين فرنجية وعون بطبيعة الحال أفضل الذهاب نحو مرشح آخر توافقي”.
ولفت الى أن “هذه المؤشرات وغيرها لن تؤدي الى إنتخاب رئيس في المدى المنظور، والأمور بحاجة الى مزيد من الوقت”، موضحاً أن “حزب الله كان مرشحه عون واليوم جعجع يرشح عون، فلنرى موقف حزب الله من هذا الترشيح؟”.
“تصالح إيجابي ولكن” من جهته، يعتبر عضو الأمانة العامة في قوى “14 آذار” الصحافي نوفل ضو، في حديث لموقعنا، أن “للقاء عون وجعجع وتصالح القوات مع التيار الوطني الحر الكثير من الإيجابيات، وفي الوقت نفسه علينا أن نكون حذرين في التعاطي مع شق من جوانبه”، مشيراً الى أنه “في شق الإيجابيات، لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نقف ضد تفاهم اي طرفين لبنانيين وخصوصاً عندما يكونا طرفين مسيحيين مرا بظروف صعبة جداً على مدى السنوات الثلاثين الماضية، فموضوع التصالح بين القوات والتيار الوطني الحر هو موضوع إيجابي جداً ويجب الحفاظ على إيجابيته من خلال التأكيد بمبدأ والممارسة على ألا يكون هذا التقارب مشروع إشكال جديد بين القوات والتيار مجتمعين في مواجهة بقية الأطراف المسيحية وبالتالي هذه مسؤولية تقع على عاتق الدكتور جعجع والعماد عون بأن لا يظهروا هذا التفاهم على أنه تموضع أو تمترس في مواجهة بقية المسيحيين”.
شكوك حول موقف عون
وقال: “تقع على عاتق الدكتور جعجع أكثر من العماد عون أن لا يظهر هذا التفاهم على أنه تمترس مسيحي جديد في مواجهة تمترس إسلامي، فجعجع ينظر الى الموضوع من زاوية إستراتيجية في حين أن عون ينظر اليها من زاوية تكتيكية لها علاقة بمدى مصلحته المتعلقة بالوصول الى رئاسة الجمهورية وعلى هذا الأساس يحكم عليه”، مشيراً الى انه “لا يجب النفور في قوى 14 آذار من هذا التقارب، لأنه يجب التعاطي معه بموضوعية، فالبنود العشرة الموجودة في ورقة النيات والتي تلاها جعجع هي تترجم 14 آذار وأفكارها وأهدافها، ولكن علينا أن نضع العماد عون أمام هذا الإمتحان، فأن لا اشكك بنوايا الدكتور جعجع في أي لحظة من اللحظات، ولكن نحن نطرح علامات استفهام كبرى حول موقف العماد عون، ونحن نعلم كيف أن هذه الورقة نصت على احترام المواثيق والقرارات الدولية ما يعني احترام القرارات 1701 الذي يقول بضرورة بسط شرعية الدولة على كامل أراضيها ويمنع وجود سلاح لحزب الله ضمن منطقة عمل اليونيفيل فما الواقع مغاير، وثانيها القرار 1559 القاضي بحل المليشيات ما يعني لا يجب أن يكون هناك سلاح بيد حزب الله في لبنان، والقرارت الدولية تعني المحكمة الدولية وحزب الله اذلي يتبط معه العماد عون بورقة تفاهم يرفض المحكمة الدولية وحتى العماد عون في الكثير من المراحل تهجم على المحكمة وانتقدها”.

الإقرار بتناقض المصالح بين الجماعات المدخل لمعالجة الملف الرئاسي وسواه
وسام سعادة/المستقبل/20 كانون الثاني/16
يحتاج المرء لمسحة سميكة من الرياء كي لا يعترف بأنّ مصالح الطوائف المختلفة، ومن حيث هي جماعات إثنو – سياسية مختلفة، هي مصالح يُفترض أن تكون متعارضة، وغير متكيفة مع بعضها البعض بشكل تلقائي. إنما يكون التكيف بالكد والجهد، وبتطويع اللغة السياسية في المقام الأول، لتكون أكثر قدرة، على إقرار واقع المصالح المتناقضة بين الطوائف كواقع حيوي لا مكابرة عليه، و»تحفر نفسها» في الوقت نفسه، فتكون لغة «مُعقلنة» لهذه التناقضات، وساعية للتحكم بها، ولمنعها من الشطط المؤدي بالمنخرطين فيها، لخدمة غير ما يطرحونه من أهداف، بل نقيض ما يطرحونه.
يزدحم التاريخ اللبناني المعاصر بالأمثلة التي لا عدّ لها ولا حصر، حول الضرر الناجم عن استمرار المكابرة على التناقضات في المصالح بين الجماعات الإثنو – سياسية، ومن أوجه هذه المكابرة اعتبار الصراع الطائفي وهماً مختلقاً يُراد به إبعاد الناس عن خدمة مصالحها «الحقيقية» كأفراد، أو طبقات، أو قيم مجردة، أو «قضايا كبرى». يختنق هذا التاريخ أيضاً من كثرة الشواهد الكارثية في المقلب الآخر، التي وبدلاً من أن يقودها إقرار الواقع الطائفي – التناقضي الى لغة تبقي مسافة بينها وبينه، وتسعى الى الإصلاح في الأرض وحسن التدبير، والمقاربة الملموسة والصبورة، قادتها الانفعالية وهوس «مطابقة الواقع» الى تحقيق الكوابيس التي منها توجّست، والى تغليب غريمها عليها. اليوم، ثمة حاجة لقول في هذا الاتجاه. لئن كانت هناك شبهة خط غير جدي في وضع حد للشغور الرئاسي، ويمثله «حزب الله»، وهو مجدداً الآن على المحك، فإن عدم الاعتراف بأن الطوائف المختلفة لها وجهات نظر مختلفة في الموضوع الرئاسي، وبالذات كلما استفحل فيه الشغور، لا يساعد كثيراً على حل المشكلة. التظاهر بأنّه ليس هناك اختلاف طائفي في هذا الموضوع هو شيء تدحضه أي نظرة لمواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة.
ينبغي الانفتاح، بسرعة، على مناقشة صريحة، حقيقية، للحساسيات الاثنو – سياسية المختلفة كما تظهر حيال الموضوع الرئاسي. لأن اختزال الموضوع الى «كباش تشويقي»، غير مرتبط بتناقضات قاعدية، معاشة، حقيقية، في غير محله. المسألة لا تزال في بعدها الأول، والأساسي: نحن نتجادل حول ملء الشغور لأي منصب؟ ينبغي تعلّم قراءة الاتجاهات العميقة في «مجتمعات» الجماعات المختلفة. وهذه ليست مسألة سهلة، والأهم: ليست مسألة بديهية. ليست مسألة تحل بتبديل المعطيات بالرغبات. ليس هناك طوائف «واهمة» وطوائف «علمية». ليس هناك زعامات «خارقة الذكاء» وزعامات «سوبر مبدئية». هناك زعامات وتيارات تعبر بشكل أو بآخر، بشكل محور طبعاً، لكن بشكل له رصيد كبير، عن مسارات في جماعات أهلية مختلفة، ليس واضحاً لها كيفية استتباب قواعد لعبة تعدل وتنصف بين جميع المكونات، وتشعر كل منها بالمظلومية، وفي مظلومياتها أوهام نعم، لكن أوهام تضخيمية لعناصر واقعية، جدية، تغطي مساحة من المنافع المادية ومن الإشباع المعنوي للجماعات المختلفة. في الملف الرئاسي، وفي سواه أيضاً، وفي انتظار مواكبة تنفيذية إقليمية أو دولية المصدر، للحيوية المستعادة حول هذا الملف، لكن التي «تكربج» بعضها بعضاً في الوقت الحالي، ثمة استحقاق «ذهني» أساسي: الاعتراف بأن الطوائف المختلفة لها مصالح مختلفة والبناء على الاعتراف بواقعية وتداولية وتشذيب الخطاب لأجل الخروج بتقاطع في زحمة التباين هذا، تقاطع يملأ شغوراً.

في انتظار كلمة السر يبقى لبنان مهدّداً
الشيخ عبد الحميد سنو/النهار/20 كانون الثاني 2016
تبدو الامور في لبنان وكأن كل شيء يتوقع كل شيء سوف تأتي به الرياح المقبلة من خارج المنظومة السياسية المتعارف عليها بكل فئاتها، وبكل تنوعها اللبناني، كما يحب القادة اللبنانيون اطلاق نعوتهم بخصوصية الوضع في لبنان. وجلسات الحوار الممتدة منذ فترة بين اقطاب السياسة، وماسكي خيوط اللعبة، في بلد بلغ فيه نزق المواطن البسيط اقصى درجات الانهيار النفسي، وأصبح القتل على أحقية المرور أو هلاك مريض على ابواب المستشفيات مجرد حديث عابر وغير صارم، وربما كان مبررًا رغم قسوة الحدث، ورغم ذلك الانهيار الاخلاقي الذي وصل اليه المجتمع اللبناني نتيجة انقسامات الساسة، وعدم احساسهم بالمسؤولية تجاه مجتمع يجب أن يعبّر عن ذاته، وأن يحقق طموحه، وأن ينطلق بحرية خارج نزاعات عابرة في تاريخ وطن استطاع الصمود والتحدي على رغم كل الآلام والحروب، وعلى رغم كل ما كان يساعد على الانهيار. انتظار ما سوف ينتج من جديد الحوادث، وتطورات الوضع القائم في الجوار اللبناني، هو اللغة المتداولة اليوم، ولو كان الامر تحت اسم آخر. التوقعات لا تبدو ايجابية في ظل مستجدات يومية على ارض الواقع المحيط بالكيان اللبناني. الحوادث بين الاطراف المسؤولين تأخذ وقتاً أطول من المحتمل، لأن اطراف الحوار لا يملكون العصا السحرية التي تأتي بنهاية سعيدة. يعتقد كل طرف محاور أنه يمتلك عصا موسى التي تبتلع عصي الآخرين عندما تأتي كلمة السر. كلمة السر يتوقعها الجميع من خارج لبنان الذي رهنه قادته وزعماؤه، عن علم او جهل، الى ذلك المجهول الذي سوف يأتي بحل ما على رغم الاصوات العالية التي تطالب برئيس صنع في لبنان. تلك هي خطورة اللعبة أن تتوقع ما ليس بامكانك ادراكه او استيعابه، لأن الامور ذات أبعاد اقليمية وعالمية، ونحن لا نزال تحت تأثير غيبوبة سياسية اتقنا تمثيلها على مسرح الشعب الذي ينتظر خروج المجهول الى واقع الحياة حتى تكتمل حفلة توزيع الهدايا وتقاسم الخسائر ويلتئم شمل بنشعي ومعراب والرابية، وكل عام وانتم بخير.