خيرالله خيرالله: سنة صعبة في انتظار لبنان/باسمة عطوي: حزب الله مستمر في مقاومة انتخاب الرئيس/ نبيل بومنصف: أي توازن أولاً وأخيراً

291

سنة صعبة في انتظار لبنان..
خيرالله خيرالله/العرب/08 كانون الثاني/16
السنة الجديدة في غاية الصعوبة على لبنان، خصوصا في ظل الحملة الإيرانية المكشوفة على المملكة العربية السعودية. إنها حملة غير مبررة تتجاوز المملكة نظرا إلى أنها تستهدف كل بلد عربي.
دخل لبنان سنة في غاية الصعوبة والتعقيد فرضتها التطورات الإقليمية المتسارعة، على رأسها الحملة التي تشنّها إيران على المملكة العربية السعودية من منطلق مذهبي بحت. تترافق هذه الحملة مع الإصرار الإيراني على فرض نوع من الوصاية على الوطن الصغير من جهة، وغياب الوعي الوطني لدى الكثير من اللبنانيين من جهة أخرى. كان أفضل تعبير عن غياب الوعي الوطني الأحداث الخطيرة التي شهدها العام 2005 والتي شملت الاعتداء على معالم وسط بيروت على يد مجموعة من شذّاذ الآفاق بهدف تدمير المدينة وما بقي منها.
استُخدمت لتحقيق هذا الغرض، أي للانتقام من بيروت، ذرائع عدّة من بينها الفساد المستشري في أوساط الطبقة السياسية اللبنانية، والعجز الحكومي عن اتخاذ أي قرارات فعالة بما في ذلك معالجة مشكلة النفايات التي غرقت فيها شوارع العاصمة اللبنانية ومدن وبلدات أخرى. طفح الكيل لدى قسم كبير من اللبنانيين العاديين ووجد هؤلاء أن عليهم التعبير عن رغبتهم في التغيير والانتفاض بوجه سياسيين ليس لديهم أي حلّ لأيّ مشكلة مطروحة، مهما كانت بسيطة وعادية. كان قسم كبير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشارع في 2015 من ذوي النيات الحسنة. كانوا مواطنين عاديين ضاقت بهم سبل العيش واستفزّهم فساد الطبقة السياسية. كان معظم الذين في الشارع مواطنين عاديين لا تجربة سياسية لديهم. عرفت كيف تستغلّ عناصر مدرّبة تدريبا جيدا على نشر الغوغاء والاستثمار فيه بهدف تغطية المشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان، وهي مشكلة السلاح غير الشرعي في يد ميليشيا مذهبية تابعة لإيران تسمّي نفسها “حزب الله”.
انتهى موسم التظاهرات في بيروت. ذاب الثلج وبان المرج. تبيّن في النهاية أن كلّ المشاكل التي يعاني منها لبنان مشاكل حقيقية، لكنّ المهمّ أن ينزل اللبنانيون إلى الشارع ليقولوا إن المطلوب، قبل كلّ شيء، المحافظة على مؤسسات الجمهورية بدل الرضوخ للإرادة الإيرانية التي تعمل من أجل تفتيت البلد وإعادة تشكيل السلطة فيه. هذا ما غاب عن بال أولئك الذين نزلوا إلى الشارع خدمة لبعض الذين كانوا يريدون الانتقام من المدينة التي يمكن الانطلاق منها لتعميم الخير على كلّ لبنان. هناك ما يستأهل التظاهر من أجله في لبنان، خصوصا بعد انكشاف لعبة “حزب الله”. ما يستأهل أن يتظاهر اللبنانيون من أجله هو انتخاب رئيس للجمهورية لا أكثر ولا أقلّ.ما ساهمت فيه أحداث السنة 2015 هو انكشاف اللعبة الإيرانية في لبنان. من لديه أدنى شكّ في ما تريده إيران، يستطيع العودة إلى اللقاء الذي عقده في الأسبوع الأخير من السنة الماضية وفد من “حزب الله” مع البطريرك الماروني بشارة الراعي.
بعد هذا اللقاء، الذي أعلن فيه قيادي في الحزب التمسّك بترشيح النائب ميشال عون للرئاسة من زاوية “أخلاقية”، صارت الأوراق مكشوفة. الحديث عن الأخلاق أمر جيّد، بل جيّد جدا. ولكن ماذا عن الواقع الذي يسعى “حزب الله” إلى الهرب منه؟
يتمثّل هذا الواقع في انتخاب مجلس النوّاب اللبناني لرئيس للجمهورية في مرحلة ما قبل نهاية ولاية الرئيس. هذا أمر بديهي وطبيعي في بلد يحترم فيه الجميع الدستور المعمول به. تبيّن أن “حزب الله” لا يريد رئيسا للجمهورية. اعترض الحزب الذي يمثّل إيران، ولا شيء آخر غير إيران، على قبول الرئيس السابق لمجلس الوزراء سعد الحريري بالنائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية. وصل الأمر بـ”حزب الله” أن اعترض على عودة سعد الحريري إلى بلده. هل أراد معاقبته على سعيه من أجل انتخاب رئيس للجمهورية؟ ما الذي يمكن أن يحصل عليه “حزب الله” أكثر من أن يكون سليمان فرنجية “صديق” بشّار الأسد رئيسا للجمهورية. هل من سياسي لبناني منحاز للحزب وللنظام السوري أكثر من سليمان فرنجية الذي لم يوفّر كلمة وقالها في حقّ رفيق الحريري في الأسابيع القليلة التي سبقت اغتياله؟ كان سليمان فرنجية، وقتذاك، وزيرا للداخلية. لم يتردّد في توجيه كلّ نوع من أنواع الكلام البذيء إلى رفيق الحريري. على الرغم من كلّ ذلك، توصّل سعد الحريري إلى تفاهم مع الرجل من أجل إنقاذ موقع رئاسة الجمهورية ومؤسسات الجمهورية والجمهورية نفسها. في النهاية كان سليمان فرنجية بين الموارنة الأربعة الذين اتفق الزعماء المسيحيون على أن يكون أحدهم رئيسا للجمهورية في اجتماع انعقد في بكركي برعاية البطريرك. الثلاثة الآخرون هم الرئيس أمين الجميّل والنائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع. لا شكّ أن الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه بين سعد الحريري وسليمان فرنجية يشكّل مفاجأة، ولكن كان لا بدّ من تلك المفاجأة من أجل كشف ما تريده إيران. هل تريد المساعدة في انتخاب رئيس للبنان أم أنّها تريد نسف النظام اللبناني كي تؤمن لنفسها موقعا يسمح لها بأن تكون سلطة الوصاية الجديدة على لبنان؟ كان لدى بشّار الأسد من الغباء السياسي ما جعله يدخل في لعبة اغتيال رفيق الحريري التي نفّذتها إيران عبر أدواتها اللبنانية. بعد اغتيال رفيق الحريري، خرج النظام السوري من لبنان وبقيت إيران وأدواتها فيه. لم يعد ذلك سرّا بعد كلّ ما شهدته مداولات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري وبعد رفض “حزب الله” تسليم المتهمين بالجريمة إلى تلك المحكمة الدولية. لم تعد من أسرار في لبنان. عندما يتمسّك “حزب الله” بترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية، معنى ذلك أنه لم يضع “فيتو” على سليمان فرنجية فقط. ما حصل أن إيران، عبر “حزب الله” وضعت “فيتو” على انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وليس على شخص سليمان فرنجية وحده. هذا ما أكّده مجددا رئيس الكتلة النيابية لـ”حزب الله” الذي قال كلاما مسيئا لسليمان فرنجية من دون تسميته، موضحا أن الهدف النهائي للحزب ليس انتخاب رئيس للجمهورية بمقدار ما أن المطلوب توفير ضمانات تضع من خلالها إيران، عبر “حزب الله” طبعا، يدها على لبنان وتؤكّد وصايتها عليه. ماذا تريد إيران؟ تريد تغيير النظام في لبنان من جهة، وتريد التفاوض مع الإدارة الأميركية بشأن مستقبل لبنان من جهة أخرى. كانت السنة 2015 مفيدة للبنان من هذه الناحية. وضعت أحداث تلك السنة البلد أمام تحدّيات جديدة. هل آن استبدال الوصاية السورية بالوصاية الإيرانية بشكل رسمي وبرعاية دولية؟ هذا السؤال يواجه لبنان واللبنانيين في 2016. هذا السؤال يجعل السنة الجديدة في غاية الصعوبة على لبنان، خصوصا في ظل الحملة الإيرانية المكشوفة على المملكة العربية السعودية. إنّها حملة غير مبرّرة تتجاوز المملكة نظرا إلى أنّها تستهدف كل بلد عربي، بما في ذلك لبنان، عن طريق الاستثمار في إثارة لعبة الغرائز المذهبية. المؤسف أن في لبنان من يقبل دخول هذه اللعبة التي تعني، أوّل ما تعني، الفراغ الرئاسي إلى أجل غير مسمّى…

 

حزب الله» مستمر في «مقاومة».. انتخاب الرئيس
باسمة عطوي/المستقبل/08 كانون الثاني/16
يمكن القول إن تأجيل انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الرابعة والثلاثين بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني في مجلس النواب أمس، كان أشد مرارة وأكثر مدعاة للقلق في نفوس اللبنانيين من المرات السابقة، لسبب أساسي هو أن النواب الممتنعين عن حضور الجلسات أثبتوا قدرتهم مرة أخرى، على «حبس» اللبنانيين جميعاً في نفق الفراغ الرئاسي المظلم والشلل المؤسساتي الشامل، بعد أن شعت مؤخراً بادرة أمل بالخروج منه عند إطلاق الرئيس سعد الحريري مبادرة انتخاب رئيس تيار «المردة« النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وإذا كان التعبير عن هذا القلق يظهر لدى قوى 14 آذار والشارع اللبناني، من خلال دق ناقوس الخطر الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن الفراغ والشلل، إلا أن مدلول استمرار الفراغ بالرغم من إطلاق «المبادرة الرئاسية» له معاني عدة برأي النواب الذين حضروا جلسة الأمس، إذ يؤكد عضو كتلة «المستقبل« النائب جان أوغاسبيان لـ«المستقبل»، أن «حزب الله لن يفرج عن ملف الرئاسة قبل إيجاد الحلول للنظام في سوريا»، ويوافقه الرأي عضو الكتلة النائب أمين وهبي لافتاً الى أنه «بعد مبادرة الرئيس الحريري تبين أن الحزب ومن خلفه إيران لا يريدان قيام الدولة في لبنان ولا إنهاء الفراغ إلا بعد تسليم وقبول اللبنانيين بالمصالح الإيرانية في لبنان». ويعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي« النائب هنري أنه «للأسف تم ربط مصيرنا بمصير ما يحصل في المنطقة، وبما أن الوضع متشنج فسيكون له تأثيراته على لبنان وملفاته العالقة وأولها الملف الرئاسي». ويرى عضو كتلة «الكتائب« النائب نديم الجميل أن «النفق الرئاسي طويل ويزيده حزب الله عتمة من خلال منع انتخاب رئيس لكي يبقى ممسكاً بزمام البلاد». ويشدد عضو كتلة «القوات اللبنانية« النائب فادي كرم على أن «القوات لا تزال تسعى لأن تصل المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس الحريري إلى نهاية جيدة، وليس المهم من يكون الرئيس المهم هو إنهاء الفراغ». إذن، لا رئيس في المدى المنظور بسبب استمرار التعطيل، وهذا ما يوافق عليه وهبي بالقول: «بذلنا كل ما بوسعنا لإنقاذ لبنان، وتجاوزنا الحسابات السياسية لإعادة الروح إلى مؤسسات الدولة، لكن بعد مبادرة الرئيس الحريري تبين على الملأ أن حزب الله وإيران لا يريدان انتخاب رئيس بل تعميم الشلل لوضع اللبنانيين أمام خيارين، إما القبول بالمصالح الإيرانية في لبنان أو الفراغ المظلم وهذا ما يلمسه اللبنانيون».
ويرى أوغاسبيان أن «حزب الله لن يُفرج عن انتخاب رئيس قريباً، بل يربط الملف الرئاسي بمصير النظام في سوريا، وبالتالي فهو يترك الأمور معلقة مع الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، وبالتالي فكلام 8 آذار بأنهم حصلوا على مكسب انتخاب رئيس من صفوفهم وهم يحاولون التفاوض حول الحكومة وقانون الانتخاب هو مجرد ذر رماد في العيون، لأن الملف الرئاسي في لبنان بات مرتبطاً بالملف السوري أكثر من أي وقت مضى». ويأسف حلو «لربط مصير الرئاسة في لبنان بمصير المنطقة وما يحصل فيها، خصوصاً أن الأمور تزداد تشنجاً وتأثيراً على لبنان».
ويضيف: «إلى متى سنبقى على هذه الحال؟ هو سؤال يُطرح على النواب الذين لا يحضرون الجلسات، خصوصاً أنه حين طُرحت المبادرة تأملنا بنتائج إيجابية، لكن سرعان ما تعقدت الأمور والمحصلة أن المواطن اللبناني يعاني على كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية». ويرى الجميل أن «اللبنانيين لم يخرجوا من نفق الفراغ بالرغم من أن المبادرة كانت الشعلة التي أنارت العتمة لوقت قليل، واليوم نرى أن النفق طويل وحزب الله يزيده ظلاماً، لأنه لا يريد انتخاب رئيس سواء أكان سليمان فرنجية أو ميشال عون، بل يريد أن يبقى الفراغ الدستوري وتعطيل المؤسسات لاستباحة الأراضي والقرار اللبناني من دون محاسبة رسمية». ويأمل كرم «أن تستمر محاولات انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، لكن هناك أفرقاء لا يريدون انتخاب رئيس بدليل أنهم يعرقلون اكتمال النصاب في جلسات انتخاب رئيس والاختيار بين المرشحين». ويضيف: «القوات ما زالت من الفرقاء الذين يحاولون أن تصل المبادرة الرئاسية التي طرحها الرئيس الحريري الى نتائجها الإيجابية، أي انتخاب رئيس بأسرع وقت بغض النظر عن الأسماء».

 

أي ” توازن” أولاً وأخيراً ؟
نبيل بومنصف/النهار/8 كانون الثاني 2016
ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة حتما التي يطرح فيها جدوى الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” بعد اكثر من سنة من انطلاقه، ولا نظن ان موقفا هجوميا مقصودا بمستوى الحدة التهويلية الذي طبع كلام النائب محمد رعد او حتى غير مقصود هو الذي يجب ان يحسم اشكالية هذا الحوار على رغم ان مضمون كلام تهديدي كالذي صدر يستحيل تجاهل ابعاده، فمن الزاوية المنطقية المتجردة لا تتجاوز حصيلة هذا الحوار الصفر المكعب من حيث النتائج المباشرة على مجمل وجوه الازمة الداخلية وكل ما تتحفنا به جولات عين التينة الليلية منذ ولادة هذه المبادرة لا يتجاوز الأسطر الثلاثة الخشبية التي لا تقول سوى ان هذا “القصاص” الملزم لفريقيه ما كان ليكون لولا الخشية من الفتنة، والحال ان نقطة النجاح النسبية الوحيدة التي حققها هذا الحوار باتت تعود الى عامل دعائي اكثر منه واقعي وهو اعتياد اللبنانيين على لازمة محببة أطلقت احتفاء بهذا الحوار وهي انه الحوار السني – الشيعي الوحيد الذي يشهده الشرق الاوسط الغارق في لجة الفتنة المذهبية الدينية، واذا صحت براعة من زين لهذا الحوار ان يكون بهذه الفرادة فإن ذلك لم يعد يستر على هذا الحوار الانكشاف المتدرج الذي بات يعانيه منذرا باسقاط حتى المبرر الاساسي الذي رفع لافتة له وهو انكشاف يتصل بأمرين على الاقل لا يمكن تيار “المستقبل” المضي في تجاهلهما اذا كان قرر فعلا ان يعيد تقويم التجربة الحوارية من زاوية تجاوز الفريق الاخر الخطوط المبدئية للإطار الذي يلزم المتحاورين البقاء داخل دائرة احترام ما يعد انجازات حققاها حتى الان. البعد الاول هل يجري الحوار فعلا ضمن توازن قوى، ليس في البعد العسكري المسلح ولا في القدرات المتصلة به وهو امر محسوم بالكامل لمصلحة “حزب الله”، وانما المقصود توازن قوى في قواعد الاشتباك الحواري بمعنى توازي القدرة على طرح الاولويات الطارئة ؟ من ذلك مثلا هل يبقى الحوار حوارا اذا اشترط تيار المستقبل اعادة النظر بأدبيات الفريقين وربط مصير الحوار بتخلي المحاور المستقوي بتجاربه المسلحة في الاختلال الداخلي والكف عن استعمال سلاح التهويل عند كل هبة ريح؟ اما البعد الآخر فيتصل بالازمة الرئاسية التي باتت تلزم تيار “المستقبل” نزع هذا البند من الحوار الثنائي ما دام “حزب الله” يسقط بالضربة القاضية اي محاولة لتحريك الازمة. هذا الامر بات يشكل ازمة “حزب الله” مع سائر الافرقاء السياسيين ولم يعد منطقيا في شيء طرح ازمة الرئاسة في غرفة من عين التينة فيما الغرفة الاخرى للحوار الاوسع تشهد المهزلة الاكبر.