د. شمسان بن عبد الله المناعي: ملالي إيران يذرفون الدموع على حقوق الإنسان/طارق الحميد: السعودية وإيران لحظة الحقيقة/عبد الرحمن الراشد: الأزمة بلا دبلوماسيين ولا وسطاء

431

ملالي إيران يذرفون الدموع على حقوق الإنسان
د. شمسان بن عبد الله المناعي/الشرق الأوسط/05 كانون الثاني/16
كعادتها سكبت إيران دموع التماسيح وقامت بتحريك عملائها في الداخل والخارج على ما قامت به السعودية من ممارسة حق سيادي لها في الحفاظ على أمنها الوطني عندما قامت بإعدام 47 إرهابيًا على ما قاموا به من أعمال العنف والإرهاب والتحريض ومنهم نمر النمر، وهذا أمر متوقع من إيران التي ما انفكت منذ قيام الثورة الإيرانية من إدخال المنطقة في دوامة من العنف باحثة عن حلم إمبراطورية فارسية في ثوب مذهبي، فهي تصدر لدول الخليج خاصة عناصر ومنظمات تقوم بأعمال العنف والتخريب دون احترام للقوانين الدولية واحترام مبادئ الجوار المشترك. ودول الخليج العربي، والسعودية خاصة، من جانبها تمارس سياسة التهدئة وضبط النفس ومحاولة البعد عن الصراعات والتعامل بعقلية العلاقات الطبيعية، وقد قامت السعودية خاصة باستضافة كثير من الشخصيات العليا الإيرانية، فلقد استضاف الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الإيراني الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي في السعودية، وكذلك كانت هناك محاولات بذلت من كثير من دول الخليج لبناء جسور الثقة وإقامة علاقات سليمة تقوم على الاحترام المتبادل، لو لا الخلطة السياسية التي تحكم إيران وهي ولاية الفقيه التي تملك سلطة القرار، وكذلك لا ننسى دعوة الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق لنظيره الإيراني لزيارة السعودية قبل «عاصفة الحزم» لإنهاء الهواجس المستمرة بين الطرفين ولكنه لم يجد أي تجاوب وكما يقول الشاعر العربي:
لقد أسمعْتَ لو ناديْتَ حيًّا
ولكن لا حياة لمن تنادِي
ومما يثير السخرية أكثر في ردة الفعل الإيرانية تجاه ما قامت به السعودية من محاربة الإرهابيين هذه هو تبج إيران عندما تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان في السعودية، وسجونها تمتلئ بالمعارضين وهذا ما أكدت عليه المعارضة الإيرانية مريم رجوي في كلمة لها مساء الخميس 24 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عندما كانت موجودة في احتفال أقيم بمناسبة أعياد الميلاد في كنيسة سان جيرمان دبره، وهي من الكنائس القديمة والمشهورة في باريس، قالت إن «هذا اليوم بالنسبة للشعب الإيراني يعيد ذكريات (كواكب الشهداء). ذكرى 120 ألف مجاهد ومناضل أعدموا على يد النظام الفاشي الديني، وذكرى 30 ألف سجين قتلوا في مجزرة جماعية عام 1988، وذكرى جميع السجناء السياسيين الذين أعدموا في السنوات الأخيرة، وذكرى قتلى أشرف وليبرتي لا سيما 24 مجاهدا سقطوا ضحايا على درب الحرية في الشهر الماضي على أثر القصف الصاروخي لنظام الملالي».
ومن جانبها أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الثاني والستين لإدانة انتهاك حقوق الإنسان في إيران مساء الخميس 17 ديسمبر الماضي، وهو قرار أدانت فيه بقوة الانتهاك الهمجي والمنظم لحقوق الإنسان في إيران سيما الإعدامات الجماعية والتعسفية، والتعنيف والتمييز المتزايد ضد النساء والأقليات الدينية والقومية. وهذا هو القرار الثاني والستون للأمم المتحدة لإدانة نظام الملالي المعادي للإنسانية. لا نريد أن نستطرد في عرض العهد الدموي في إيران منذ قيام الثورة فيها عام 1979، سواء لأحداث الداخل أو الخارج، فإيران أصبحت تمتلك رصيدًا من المشكلات، سواء مع المعارضة في الداخل أو في علاقاتها مع كثير من دول العالم، وآخرها الأزمة التي أثارتها بسبب مشروعها النووي، ولذلك تستغل إيران أي حدث، وخصوصًا ما يحدث في الدول المجاورة لها، لتأجيج هذا الحدث في محاولة منها للخروج من الوضع السياسي الذي وضعت نفسها فيه، فهل يعود ملالي إيران إلى رشدهم وينخرطون في علاقات سوية مع دول العالم كدولة لها تاريخها وحضارتها بين الأمم، أم تأخذهم العزة بالإثم أكثر ويصبحون مصدرًا لتصدير المشكلات لدول العالم؟

 

السعودية وإيران.. لحظة الحقيقة
طارق الحميد/الشرق الأوسط/05 كانون الثاني/16
قبل عدة أعوام كشفت وثائق «ويكيليكس» وصف رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم عن أن علاقة بلاده بإيران تسير وفق: «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم»، ولم يكن هذا حال العلاقة القطرية الإيرانية وحسب، بل هو حال جل المنطقة مع إيران. اليوم أعلنت السعودية قطع علاقاتها بإيران، وطرد السفير من الرياض، مما يعني أن منطقتنا باتت الآن أمام لحظة الحقيقة المنتظرة بالعلاقة مع إيران صاحبة التدخلات الخطرة على أمن المنطقة، وليس الأمن السعودي وحسب. اليوم «اللعب» مع إيران على المكشوف، وعلى الجميع اتخاذ مواقف واضحة، وكما فعلت الإمارات، والبحرين، وآخرون، حينما اصطفوا مع الموقف السعودي المحق، لأن لا مجال لـ«هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم»، خصوصًا أن السعودية حاولت مطولاً الحفاظ على «شعرة معاوية» مع النظام الإيراني، وتصرفت بمسؤولية، بل كانت السعودية دائمًا أكبر من كل ألاعيب طهران، وحيلها، لكن إيران لم تتصرف قط كدولة. وتاريخ الانضباط السعودي أمام التصرفات الإيرانية غير المسؤولة، ومنذ ثورة الخميني الشريرة، لا يكفيه مقال، أو صفحة، بل يمكن أن تؤلف له كتب، سواء في عهد الملك فهد، أو الملك عبد الله، رحمهما الله، وحتى في عهد الملك سلمان الآن. ورغم كل ذلك واصلت إيران التصرف بعدم مسؤولية، سواء بتدخلها في الشؤون السعودية، أو دول الخليج، واليمن، والعراق، والمنطقة ككل، وتحديدًا سوريا، حيث قتل ربع مليون هناك على يد نظام المجرم الأسد بدعم إيراني بالعتاد والرجال من الحرس الثوري، والميليشيات الشيعية المحسوبة على إيران، ووسط صمت غربي مريب. وعليه فإن المنطقة، والأطراف الدولية المعنية، الآن أمام لحظة الحقيقة، بعد قرار السعودية المهم بقطع العلاقات مع إيران، التي فهمنا الآن لماذا كان رئيسها حسن روحاني يبدو مرتبكًا ومتوترًا أول من أمس على «تويتر»، حيث كتب عدة تغريدات يدين فيها التهجم على السفارة السعودية بإيران، ومتسائلاً عن هوية المهاجمين، وكأنه ناشط، وليس رئيسًا لنظام لا يعرف احترام المواثيق الدولية، فالواضح هو أن روحاني كان يحاول فعل ما يمكن فعله لثني السعودية عن قرار قطع العلاقات، ومحاولاً اللعب دعائيًا على الغرب! والحقيقة أنه مهما فعل روحاني فإنه غير مفيد الآن، حيث بلغنا لحظة الحقيقة، وما بعد قطع العلاقات السعودية الإيرانية ليس كما قبلها، وستكون له عواقب وتبعات، كما أنه رسالة واضحة لمن تمادوا في تدليل ملالي إيران، ورغم كل التخريب الذي تقوم به طهران بالمنطقة. اليوم انتهينا من لعبة «الوساطات» الفلاشية، والمبادرات «الدعائية»، وانتهينا من «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم». اليوم هو يوم لحظة الحقيقة، وإيقاف إيران عند حدودها التي تجاوزتها كثيرًا، وكلفت المنطقة أثمانًا مروعة، من دم ودمار.

 

الأزمة بلا دبلوماسيين ولا وسطاء
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/05 كانون الثاني/16
هذه أسوأ مرحلة مواجهة بين السعودية وإيران في ثلاثين عامًا، ولهذا جاءت مواقف دول متضامنة مثل الإمارات والبحرين والسودان بإغلاق وخفض بعثاتها الدبلوماسية مع إيران، تحمل معاني مهمة للرياض. فطهران تلجأ لاستخدام العنف والبلطجة ضد الحكومات التي تختلف معها والرياض ترد بثقلها السياسي وعلاقاتها الدولية. وفي الوقت الذي كان فيه دخان السفارة السعودية المحروقة في طهران لا يزال يتصاعد، فإن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عبر عن استغرابه من السعوديين سحب بعثتهم وإغلاق المبنى المحروق! وقال كأنه متحدث لدولة اسكندنافية مسالمة، لا يوجد ما يبرر التصرف السعودي، مع أن إحراق السفارة السعودية جرى أمام أعين الشرطة الإيرانية التي اكتفت بالتفرج. حسنًا فعلت السعودية بإغلاق سفارتها، وإعادة دبلوماسييها، لأن السلطات الإيرانية في كل أزمة اعتادت على استهداف أولاً السفراء والبعثات الدبلوماسية، وتاريخها الأسوأ بين دول العالم. وللسعوديين ذكرى سيئة معها، فقبل أربع سنوات اغتال أحد رجال إيران دبلوماسيا سعوديًا في كراتشي، ولا تزال باكستان تطالب بتسليمه. ودبرت تفجيرًا بقنبلة في السفارة السعودية في بيروت. وسبق أن ضبط الأمن الأميركي مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي حينها في واشنطن، وزير الخارجية الحالي عادل الجبير، وقد أدين المتهم وأرسل للسجن. كما تعرض السفير السعودي السابق لدى لبنان عبد العزيز خوجة لتهديدات اضطرت إلى عودته. وسبق أن قتل «المتظاهرون» موظفًا سعوديًا في السفارة في إيران برميه من الدور الثالث، وجرى الاعتداء على دبلوماسي سعودي آخر وفقأوا عينه. في الأزمات الخطيرة ليس هناك أهم من الدبلوماسيين، لكن السلطات الإيرانية لم تترك فرصة للسفراء للعمل. فإحراق السفارة السعودية في طهران قام به في الحقيقة موظفون يتبعون لإحدى الأجهزة الأمنية، مدعين أنهم متظاهرون. ودعوى أنهم متظاهرون لا يصدقها أحد، لأنها تكررت مرات. ففي كل مرة تختلف إيران مع دولة تقوم بمحاصرة سفارتها بالمظاهرات ورميها بالحجارة وكذلك اقتحامها والاعتداء على الموظفين ونهب الممتلكات.
مع هذا، هناك تخمينات متعددة حول سبب إحراق السفارة، فهل كان هذه المرة عملاً انتقاميًا ضد السعودية، بعد إعدام الداعية المتطرف نمر النمر، أم أنه موجه ضد الرئيس الإيراني حسن روحاني، ضمن صراع مراكز السلطة القديم، أو لإفساد مساعي التواصل بين الرياض وطهران حول سوريا؟ في إيران سلطة الرئيس دائمًا محكومة بالتنازع، مما يجعل الحكومات دائمًا متشككة من أي وعود رسمية تأتي من هناك. وقد سبق أن قيل للسعوديين، في أزمات ماضية، إن عليهم أن يتفهموا ظروف صناعة القرار لديهم، لكن إلى متى؟ اليوم، بسبب حرق السفارة، وسحب أعضاء بعثتي البلدين، سُدت سبل الدبلوماسية بين إيران والسعودية، وغابت الدول الوسيطة، مثل تركيا التي انحدرت علاقتها هي الأخرى مع إيران إلى أردأ أيامها. في هذا الفراغ سيكبر الخلاف السعودي الإيراني، الكبير أصلاً، وستتوتر المنطقة الملتهبة أكثر. إيران تحول الخلاف والصراع الجيوسياسي وكذلك الإنتاج البترولي إلى قضية بعنوان الدفاع عن الشيعة. في الحقيقة لم يعد لإيران علاقات جيدة في العالم الإسلامي، بعد أن كانت لديها تكتلات تساندها. فمعظم الدول الإسلامية أصبحت مقاطعة لها، أو منزعجة منها، وآخرها إندونيسيا والسودان. كما فقدت حلفاءها من الدول العربية الأخرى التي استثمرت فيهم لسنوات، منذ تدخلها العسكري في سوريا وتورطها في الحرب القذرة، وهي شريكة في قتل مئات الآلاف من السوريين.