فرنجية مع ترشيح من يصل إلى الرئاسة وتنظيم الاختلاف بين المستقبل والقوات/علي حماده: 2016 … بتشاؤم

289

فرنجية مع ترشيح من يصل إلى الرئاسة وتنظيم الاختلاف بين «المستقبل» و «القوات»

الحياة/29 كانون الأول/15/بات من المؤكد أن تنظيم الاختلاف بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» حول ملف رئاسة الجمهورية، بدأ يسري مفعوله، إنما على قاعدة الحفاظ على تماسك «قوى 14 آذار» لئلا ينسحب على المواضيع الأخرى التي لا زالت عالقة، وأبرزها قانون الانتخاب الجديد وتشكيل الحكومة العتيدة، في حال توصل البرلمان إلى انتخاب رئيس جديد، بعدما دفعت المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري لملء الشغور في الرئاسة الأولى، بدعمه انتخاب زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة، في اتجاه إعادة تحريك الاستحقاق الرئاسي، ووضعت جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم، خصوصاً أولئك الذين يرفضونها لأنه يتوجب عليهم طرح البديل. وتقول مصادر قيادية في «المستقبل» لـ «الحياة»، إن الحريري أراد من إطلاق مبادرته الخروج من الفراغ في رئاسة الجمهورية، وأن لا بديل من انتخاب الرئيس، ومَن لديه اقتراح آخر فليطرحه، أما الرفض للرفض فستترتب على من يمارسه مسؤولية استمرار الفراغ القاتل بتعطيله انتخاب الرئيس. وتؤكد المصادر نفسها أن الحريري يراقب حالياً ردود الفعل على مبادرته، وأنه بصدد أن يقول كلمته بعد انقضاء عطلة الأعياد، وأن رفضها سيواجه بسؤال عن البديل وبالدعوة الى عقد جلسة لانتخاب الرئيس وترك القرار النهائي للنواب، بدلاً من أن يكون «البديل» بالمعنى السلبي للكلمة قيام تكتلات سياسية همها الوحيد تعطيل المبادرة لمنع العملية الانتخابية. وتستغرب المصادر ما أخذ يشيعه بعض الأطراف المنتمية إلى «قوى 8 آذار» من أن موافقة الحريري على دعم ترشح فرنجية تعني إمكان صرفها في مكان آخر، أي في انتخاب رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وتسأل: هل المطلوب تجيير الأصوات المؤيدة لفرنجية لمصلحة عون، مع أن كفة زعيم «المردة» لازالت راجحة حتى الساعة؟ وتضيف أن: ما ينطبق على فرنجية لا ينسحب بالضرورة على عون، وتعزو السبب إلى أن الأخير يرفض أن يعيد النظر في تموضعه السياسي، ولم يحسن استخدام الفرص التي أتيحت له لملاقاة الفريق الآخر في منتصف الطريق، مع أن أحداً لم يطلب منه أن يُشهر عداءه في وجه حليفه «حزب الله». وتلفت إلى أن فرنجية خطا خطوة وضعته في منتصف الطريق وبادر إلى تحديد موقفه من النقاط التي لازالت عالقة في اتجاه تحييد نفسه عن الاشتباك السياسي القائم في البلد، فيما عون يصر على أن يكون رأس حربة في هذا الاشتباك. وفي السياق ذاته، تتعامل مصادر مواكبة للمعركة السياسية الدائرة حالياً بين حليفي الأمس، أي عون وفرنجية، مع قول البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بأنه يميز بين تأييده مبادرة انتخاب الرئيس وبين المرشحين، على أنه يتطلع إلى تحييد نفسه عن المنافسة بينهما، لعله ينجح في رعايته اجتماع الأقطاب الأربعة، وهم الرئيس أمين الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إضافة إلى عون وفرنجية، بهدف وضع النقاط على الحروف من خلال استقراء المعالم المحيطة بمعركة رئاسة الجمهورية، مع تصاعد حظوظ فرنجية فيها. وتكشف هذه المصادر عن أن فرنجية كان صريحاً مع البطريرك الراعي بقوله له إن دور بكركي يكون في دعم المرشح الذي يمكنه الفوز، لا الوقوف إلى جانب من يصر على تعطيل انتخاب الرئيس، وبالتالي إقحام البلد في فراغ قاتل، لا سيما أن انتخابه هو المدخل للولوج إلى حلول للقضايا الأخرى. وتؤكد أن مبادرة الحريري باقية على زخمها، وأن من دعمها يتمسك بموقفه، ولا يبدو أنه في وارد أن يعيد النظر في حساباته، وتقول إنها تحظى بدعم دولي وإقليمي إضافة إلى موقف الفاتيكان في إصراره على انتخاب الرئيس وعدم تفويت الفرصة المتاحة حالياً لانتخابه. وتعتبر أن مبادرة الحريري أعادت خلط الأوراق وأدت إلى حشر من يرفضها في الزاوية، وأن الهجوم غير المباشر الذي يتعرض له البطريرك الراعي لن يقدم أو يؤخر في تبديل موقف الكنيسة المارونية التي تصر على إنهاء الشغور الرئاسي. وترى أن المتضررين من هذه المبادرة يفتقدون إلى طرح البديل، على رغم أن بعضهم يلوح بدعمه لترشح عون، مع أنه يراهن على أن إصرار فرنجية وعون على الترشح سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة الفراغ، خصوصاً وأنه يفتقد إلى طرح البديل، ويدعو إلى الانتظار لعل الوضع في المنطقة يتبدل بما يسمح له بتحسين شروطه في التسوية السياسية.وتسأل المصادر عينها عن موقف «حزب الله» من المنافسة القائمة بين حليفيه، وهل يحذو حذو «المستقبل» و «القوات» وصولاً إلى اتخاذ موقف يدفعه إلى تنظيم الاختلاف بين حليفيه، أم أنه يصر على التريث، وإلا ما هي الأسباب التي تمنعه من أن يقول كلمته على قاعدة حسم موقفه بدلاً من الانتظار؟ كما تسأل عن صحة ما يتردد لدى بعض الأطراف في «8 آذار» من أن «حزب الله» يواصل اجتماعاته للخروج بموقف من «الحرب الضروس» بين حليفيه، وهو يبحث الآن عن «مخرج سياسي» يمكن أن يستخدمه لإقناع عون بضرورة عزوفه عن خوض المعركة، بذريعة أن فرنجية هو الأوفر حظاً للوصول إلى الرئاسة، أم أنه سيلجأ إلى البديل السلبي، لجهة التريث حتى إشعار آخر كأفضل «الحلول» تفادياً للإحراج في حال انحاز لمصلحة هذا الحليف أو ذاك؟ فهل ينجح «حزب الله» في أن يتجاوز المأزق الذي هو فيه الآن ويقترب من دعم ترشح فرنجية، ويسعى في الوقت ذاته إلى «تنعيم» موقف عون الذي يخوض آخر معاركه الرئاسية تحت عنوان «أنا أو لا أحد»، لئلا يتحول إلى مرشح دائم لرئاسة الجمهورية أسوة بعميد حزب «الكتلة الوطنية» المرحوم ريمون إده مع اختلاف في الظروف بين الأمس واليوم؟ أم أنه سيعمل على تمديد فترة الانتظار المفتوح ريثما يستقر الوضع المشتعل في المنطقة ويفتح الباب أمام حصول متغيرات تأتي لمصلحته؟ لذلك، لا يمكن الرهان على عامل الوقت وبالتالي توظيف المتغيرات المرتقبة في المنطقة لحساب هذا الطرف أو ذاك، كما أن الرهان على احتمال تبدل المواقف المؤيدة لمبادرة الحريري ليس في محله، وهذا ما عبّر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري عندما قال إنها «لا زالت حية»، وهو يلتقي في الوقت ذاته مع رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط وغالبية النواب المستقلين في «14 آذار».

2016 … بتشاؤم
علي حماده/النهار/29 كانون الأول 2015

يطوي لبنان بعد أيام صفحات العام الحالي، ويفتح صفحة جديدة من دون ان يشعر اي من اللبنانيين بأن شيئا تغير أو في طريقه الى أن يتغير. فلا ما سمي بـ”المبادرة الرئاسية” لانتخاب النائب سليمان فرنجيه التي قادها الرئيس سعد الحريري اجتازت الاختبار الصعب لمعركة “الفيتوات” التي تقفل ابواب مجلس النواب قسرا منذ أكثر من سبعة عشر شهرا، ولا الحكومة التي شكلت تحت عنوان فصل اليومي والمعيشي عن الخلافات الكبرى التي تقسم البلاد استطاعت ان تترك بصمات ايجابية عبر العمل والانجاز، ولا مجلس النواب الذي يدار باستمرار بنفس انقلابي منهجي تمكن من ان يفرض نفسه مرجعية لفرض احترام الدستور والقوانين، فبقي اسير تعطيل دائم. حتى الحراك المدني الذي لاقى في لحظة ذروة المزاج الشعبي العام الغاضب من سوء الادارة، والفساد، وانهيار منظومة القيم العامة اخترق الجدران العالية المنصوبة في وجه حقوق المواطن، فسقط في الميدان بعدما خرج من وجدان الناس كجمعيات وتجمعات! مرت السنة ولم يتغير شيء، وها هي السنة الجديدة تطل بعد أيام من دون أن يشعر اللبنانيون بأن شيئا سيتغير في حياتهم اليومية أو السياسية. فالازمة الاقتصادية حقيقة قائمة، وتصيب جميع القطاعات الانتاجية، والخدمات الى مزيد من التردي، ومؤسسات الدولة من وهن الى اهتراء، والقانون نص موضوع في الادراج. ومن هنا شعور عام بأن لبنان يدخل عاما جديدا شبيها بالاعوام التي مضت، وانه مستتبع لازمات المنطقة ولشبق القيادات بالسلطة المحلية والمكاسب الآنية والتوريث، فيما تشهد البلاد تأخرا مطردا على مختلف الصعد. فلبنان لا يختصر ببضع عشرات من المؤسسات السياحية من فنادق ومطاعم ومرابع، كما أن شعبه الحقيقي لا يختصر ببضعة آلاف من الميسورين والقادرين ماديا، فيما الاقتصاد متوقف كما أسلفنا، وملايين اللبنانيين يكافحون يوميا سعيا وراء لقمة العيش، وهم مقيمون على تخوم خط الفقر. تنتهي السنة، ونحن ندرك أن انتخاب رئيس جديد من دون الذهاب الى عمق الازمة اللبنانية بوجوهها كافة لن يغير شيئا. وفي هذه الحالة يكون الرئيس القوي مثل الرئيس الضعيف، كلاهما هامشيان في المعطى المؤثر على مصير الكيان اللبناني. انظروا ما يحصل حولنا: سوريا التي تحترق، وهي مرشحة لمزيد من حمامات الدم المتنقلة، انتهت لعقود مقبلة. والعراق المتقاتل عاجز عن المصالحة الداخلية التي توقف النزف المخيف. وملايين اللاجئين ينتشرون هنا وهناك. لم يحصل أن شهد المشرق العربي منذ أكثر من خمسمئة عام حالا كالحال التي نشهدها راهنا. عصر انحطاط جديد نعيشه، والحق اننا كنا دخلناه غداة سقوط فلسطين، ونشوء الانظمة التوتاليتارية العسكرية العربية. في لبنان نطوي سنة ونفتح صفحة السنة الجديدة بأمل ضعيف في أن يتغير شيء على الاطلاق. عناصر ازمتنا العميقة ومكوناتها لم تتغير، فأين نجد التفاؤل؟ أزمتنا أكبر من رئيس، وأكبر من حكومة، وأكبر من مجلس نواب. نحن في الازمة ما دمنا لا نواجه الحقائق المرة ونتصدى لها بشجاعة لنصنع التغيير.