اميل خوري: نصرالله ينتظر ليسمع كلمة إيران فهل يسمع عون كلمة لبنان/علي الأمين: أسباب الفشل: إيران تريد تسوية إقليمية والحريري عرض صفقة محلية/وسام سعادة: التحالفات الطويلة الأمد معطى مستمر بشكل متقطع

285

نصرالله ينتظر ليسمع كلمة إيران فهل يسمع عون كلمة لبنان؟
اميل خوري/النهار/14 كانون الأول 2015
هل يمكن القول إن إيران لم تقل كلمتها بعد في الانتخابات الرئاسية، وإلا لما كانت تحيل كل من يسألها عن ذلك الى السيد حسن نصرالله، وهذا يحيله الى العماد ميشال عون الذي يصر على الاستمرار في الترشّح للرئاسة ويرفض الانسحاب حتى لحليفه النائب سليمان فرنجيه ظناً منه أن التطورات في سوريا قد تكون لمصلحته، وما عليه سوى الصبر والتريث كما نصحه الرئيس بشار الأسد، وكأن انتظار 19 شهراً لا يكفي ليتأكد من أن لا حظوظ له بالرئاسة. ولو أن إيران قررت اتخاذ موقف من الانتخابات الرئاسية لكانت أبلغته الى السيد نصرالله وعمل به كما فعلت عند تأليف حكومة الرئيس تمام سلام فتألفت بسحر ساحر بعد أزمة دامت ما يقارب الـ11 شهراً. والسؤال المطروح هو: لماذا لم تقل إيران كلمتها حتى الآن في الانتخابات الرئاسية واكتفت بتكرار القول إن هذه الانتخابات هي شأن لبناني… ولا نتدخل فيه؟ وكأن اللبنانيين أغبياء الى درجة أنهم يصدقون مثل هذا الكلام وهم يعلمون أنها هي التي أعطت إشارة لـ”حزب الله” كي يشعل حرب تموز مع إسرائيل عام 2006 بعدما كان الأمين العام للحزب السيد نصرالله يبشّر اللبنانيين عند انتهاء جلسة الحوار بصيف واعد وموسم اصطياف ناجح. وهي التي طلبت من الحزب التدخل في الحرب السورية عندما أوشك نظام الأسد على السقوط، وقد اعترف مسؤولون ايرانيون بذلك وهم لا يزالون يعتبرون الأسد خطاً أحمر رداً على من يحاولون تنحيته عن السلطة ليظل هذا الموضوع سبب خلاف يحول دون التوصل الى أي حل سياسي للأزمة السورية، ولكي تحقق إيران ما تريد فإنها قد تظل مصرّة على ربط الانتخابات الرئاسية في لبنان بمصير أي حلّ في سوريا يبقي الرئيس الأسد في السلطة، حتى إذا نجحت في ذلك ولو لفترة قصيرة فإنها تسهّل عندئذ إجراء انتخابات رئاسية في لبنان لأن سوريا هي الباب الذي أدخلها الى المنطقة وجعلها تتمدد فيها، أما لبنان فقد يكون باب خروجها منه كما خرجت سوريا منه.
لذلك فإنها ترى في وصول العماد عون الى سدة الرئاسة حتى بعد رحيل الأسد عن السلطة انتصاراً لخطّها السياسي بحيث يصبح لبنان هو المؤثر في سوريا وليس العكس. أما إذا صار اتفاق على انتخاب النائب فرنجيه رئيساً للجمهورية أو سواه بالإفادة من التغيير المرتقب في سوريا فلا يظل لبنان بعد هذا التغيير محكوماً من سوريا، فإن إيران تظل قادرة من خلال بقاء السلاح في يد “حزب الله” على أن تكون البديل من سوريا الأسد في فرض ما تريد من قرارات على أي رئيس للجمهورية أو حكومة في لبنان. لذلك فإن إيران تكون هي الرابحة في الحد الأقصى على مستوى المنطقة إذا نجحت في إيصال العماد عون الى سدة الرئاسة وإبقاء الرئيس الأسد في السلطة كجزء من أي حل، والرابحة في الحد الأدنى في لبنان فقط إذا خسرت معركة إبقاء الأسد في سوريا، أياً يكن رئيس الجمهورية فيه… فالقرارات المهمة لن تصدر عن أي حكومة من دون موافقة سلاح “حزب الله”، وهو ما يحصل منذ عام 2005 الى اليوم، ولا خروج من سيطرة إيران من خلال الحزب على هذه القرارات إلا بموقف وطني وتاريخ يتخذه العماد عون بمعزل عن موقف “حزب الله” وذلك بأن يقرر سحب ترشيحه لمن يريد ليعود له الفضل وحده في التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية وليس لسواه ولأي خارج، وإلا تحمّل مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي الى أجل غير معروف وتداعيات هذا الشغور على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد، لأن من يعطّل جلسات الانتخابات الرئاسية هو تغيّب نواب “حزب الله” ونواب “التيار الوطني الحر” عن الجلسات لتعطيل نصابها. فإذا كان “حزب الله” ينتظر كلمة إيران ليتخذ قراره، فماذا ينتظر العماد عون الذي يقول إنه حر في اتخاذ قراره ولا ينتظر كلمة أي خارج سوى كلمة لبنان، بعد مرور 19 شهراً على الشغور الرئاسي، ليتخذه ويكون قراراً لبنانياً صافياً يسجله له التاريخ.

أسباب الفشل: إيران تريد تسوية إقليمية.. والحريري عرض صفقة محلية
علي الأمين/جنوبية/13 ديسمبر، 2015
ايران لبنان سعودية
واظهرت الوقائع ان ايران والسعودية ذاهبتان الى مزيد من التصعيد، مرورا بوقف بثّ محطة المنار عبر العربسات. عندما دعا الأمين العام لحزب الله الى تسوية داخلية تحت سقف الطائف قبل شهر، كان يدرك ان العماد ميشال عون هو عقدة اساسية امام اي تسوية. فالسيد نصرالله يعلم حين قال ان التسوية تتطلب تنازلات متبادلة، وان عقدة الجنرال عون التي عطلت الرئاسة لعام ونصف العام لا يمكن ان تستمر حين التسليم بضرورة التسوية، اذ ليس من المنطق ان تكون التسوية هي تسليم بمطالب قوى 8 آذار. فعندما بادر الرئيس سعد الحريري الى تسمية سليمان فرنجية كمرشح يقبل به للرئاسة الاولى، وفي هذه الخطوة المفاجئة والصادمة لجمهوره، كان يقول لقوى 8 آذار ان هذا “اقصى ما يمكن ان اذهب اليه”. ولم يخطر في بال احد ان 8 آذار يمكن ان ترفض هذه التسوية التي تجعلاحد اقطابها رئيسا للبلاد. لكن ما حصل ان فرنجية عاد خائبا من حلفائه. ليس الجنرال عون وحسب، فهو يعلم موقف عون وردة فعله، كما يعرفهما ايّ لبناني، لكن الخيبة هي من موقف حزب الله، الذي لم يظهر ترحيبا او دعما لهذا الترشيح ولم يبذل جهدا متوقعا من السيد نصرالله تجاه العماد ميشال عون، منذ لحظة اعلان نصرالله استعداده للتسوية التي طرحت اقرب حلفائه رئيسا للبلاد.
ولا يخفى ان ايقاع حزب الله السياسي يتحرك على وتر اقليمي، وارتباطه العضوي بالمشروع الايراني في المنطقة هو الذي يحدد اولوياته ومساراته، فكيف اذا كان الموضوع رئاسة الجمهورية اللبنانية؟ التي طالما كانت وبمعزل عن حزب الله شأنا اقليميا ودوليا اكثر مما هو شأن داخلي لبناني. لذا حين قرر نصر الله ان يجري تسوية لبنانية، كان ذلك بالضرورة يستند الى وقائع اقليمية تدفع الى انجاز هذه التسوية، وبرزت لاحقا مواقف ايرانية، منها لمستشار المرشد الايراني علي ولايتي، المح خلالها الى تشجيع ايراني لانجازها. القصد مما تقدم هو القول ان المعطى الاقليمي هو الذي يحدد موقف حزب الله من تسوية الرئاسة. وعندما قال حزب الله انه حاضر للتسوية، كان يدرك ويعلم انه سيمارس ضغوطا على العماد ميشال عون لانجاز التسوية، لذا فإنّ ما بدّل موجة حزب الله التسووية ليس موقف الجنرال المعروف مسبقاً، بل ثمة عوامل اقليمية هي ما دفعت حزب الله الى وضع التسوية اللبنانية على “الرفّ”.
ومن هنا يمكن ملاحظة امرين سببا هذا التحول لدى حزب الله. الأول هو ان التسوية التي كان يتطلع حزب الله اليها لا تقوم على اقتراح شخص فرنجية، بل ربما يرغب بالوصول الى رئيس من خارج المربع الماروني، بما يستتبع ذلك من الاتيان برئيس حكومة ليس سعد الحريري. ولكن الامر الثاني هو ان التسوية التي كان يطمح نصر الله لانجازها تنطوي على فعل مقايضات اقليمية بين ايران والسعودية في ملفات عدة ابرزها الملف السوري والملف اليمني. لكن الموقف السعودي بدا غير مهتم، واظهرت الوقائع ان ايران والسعودية ذاهبتان الى مزيد من التصعيد، وصولا الى وقف بثّ محطة المنار عبر العربسات. وكان واضحا الاستياء الايراني الذي عبرت عنه الخارجية الايرانية من عقد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض. ولم تظهر الرياض، رغم المراوحة العسكرية في اليمن، استعدادا للجلوس مع ايران لبحث مستقبل اليمن. التصعيد الايراني – السعودي لا يسمح بانجاز تسوية لبنانية تبدو خارج السياق ولا تنطوي على تسوية اقليمية ولو في الحدّ الأدنى. المسار يتجه على ما يبدو نحو مزيد من التصعيد في سورية. وبيان وزارة الخارجية الاميركية قبل ايام، حين حذر الرعايا الاميركيين من زيارة لبنان، كان يشير الى مخاوف من حدوث تطورات امنية نتيجة التأزم السوري. فالثابت ان المرحلة المقبلة هي مرحلة تجميع اوراق في سورية. المعارضة تجمع اوراقها السياسية بدعم خليجي وتركي، والنظام السوري مع ايران وروسيا يسعيان لاستعادة اراض خسرها النظام. وكل ذلك يؤشر الى مناخ تصعيدي يصعب على ايران ان تقدم خلاله على تسوية في لبنان تبدو فيها الرياض كما لو أنّها حققت مكسبا. حتى و كان ذلك على مستوى عودة الرئيس الحريري الى بيت الوسط، وليس السراي. الرئاسة اللبنانية ليست ورقة رخيصة في يد من يملكها، بحيث يقدمها الى اللبنانيين من دون ثمن، فيما الاثمان المطلوبة يجب ان تدفع في سورية واليمن لا على الاراضي اللبنانية ولا في الرابية تحديدا.

 

التحالفات الطويلة الأمد معطى مستمر بشكل متقطع
وسام سعادة/المستقبل/14 كانون الأول/15
هل تتجه السياسة اللبنانية إلى مرحلة من التحالفات السياسية تطول لسنوات، بعد أن عاشت البلاد، تجربة ائتلافين متواجهين، أحدهما منظم بشكل جبهوي في العقد الأخير؟ نعم إذا ما استذكرنا أن مجلس العام ألفين وتسعة هذا كان أول مجلس ينتخب في يوم واحد بهذا الاصطفاف السياسي الواعي والشامل على طول المساحة، بين «الآذارين»، وان مفهوم «الاكثرية النيابية» الذي ولد بنتيجته انخسف في مدة قياسية، ليظهر محدودية اي انتصار انتخابي ما دامت معادلة السلاح لا تزال قائمة، بما في ذلك هشاشة التحالف الانتخابي في وجه معادلة السلاح قياساً على أثر هذا السلاح على بعثرة التحالف نفسه. ولا يمكن الإسراع في دفن اي نكهة تحالفية طويلة الأمد، اذا ما وضعنا بحسابنا ان المشروع الفئوي المسلح الذي يقوده «حزب الله» ليس من النوع الذي يسهل للسياسة اللبنانية عودتها الى سياسة الأعيان والوجاهات ليس الا. صحيح أن الحزب المسلح لا يصعب عليه فرط اكثرية نيابية قامت لمواجهته، لكنه في الوقت نفسه يجبر المكونات السياسية والأهلية على عدم الذهاب بعيداً في عملية تفكيك التحالفات السياسية العريضة والطويلة. الحزب يعطل السياسة كما المؤسسات، مقدار ما استطاع، لجهة عدم اتاحة المجال لايجاد معالجة مؤسسية او سياسية للمشكل معه. لكنه يحمي السياسة نفسها من «اللامعيارية» القصوى، من التشظي لعشرات المعادلات الصغرى بدل المعادلة الثنائية «الآذارية» الحالية، وفي الوقت نفسه، فان الحزب الذي اطاح بأكثرية العام الفين، أو سرع انفجار تناقضاتها الداخلية، او استفاد من هذا الانفجار فحسب، لا مصلحة لديه في اقامة اي اكثرية نيابية في الوقت الحالي، من اي نوع، بل لا مصلحة لديه الا في ابقاء الواقع على ما هو عليه الآن، تحنيطه. ليس صحيحاً ان هناك تحالفات سياسية في كل شيء الا الانتخابات. التحالفات السياسية انتخابية تكون في الدرجة الاولى. هذا يعني ان الاختلاف على قانون الانتخاب والتمديد للمجلس وشغور رئاسة الجمهورية ثلاثة وجوه تقلل الى حد كبير من التحالفات السياسية المزمنة. التحالف السياسي لا بد وان يرتبط بتحالف انتخابي، لكن العكس ليس صحيحاً. للتحالف السياسي معاييره أيضاً: الاتفاق على الهدف، وعلى الوسيلة لبلوغ الهدف، وعلى حرية نقد الحليف. التحالف السيادي الذي قام لإخراج جيش الوصاية ثم لمواجهة مشروع «حزب الله» لم يعد يجد امتداده الطبيعي في التحالف الانتخابي، ولم يعد الاتفاق على الهدف ووسيلته متاحاً. في الوقت نفسه، فإن امتناع قيام تحالف سياسي بديل، وبقاء مشكلة سلاح الحزب حتى لو كانت لا تطرح إعلامياً ليل نهار اليوم، يجعل من الأنسب التروي قبل القول بأن التحالفات الطويلة الأمد انتهت. هذه التحالفات لا تزال معطى متواصلاً إنما بشكل متقطع!