وليد شقير: جعجع لوّح بتأييد ترشيح عون قبل أن يعلن الحريري دعمه فرنجية/ايلي الحاج: صدمة تلو صدمة ليقنع الحزب حليفه عون بفرنجيه الحريري لا يستغني عن جعجع والانتخاب يمكنه الانتظار

308

صدمة تلو صدمة ليقنع “الحزب” حليفه عون بفرنجيه الحريري لا يستغني عن جعجع والانتخاب يمكنه الانتظار
ايلي الحاج/النهار/8 كانون الأول 2015

يزور المرشح الرئاسي سليمان فرنجيه المرشح الرئاسي ميشال عون غداً الأربعاء، وبعد ذلك يبدأ “حزب الله” فعله لإقناع حليفه الممتعض في الرابية بالتسوية الأكبر من الجميع على ما يصفها لـ”النهار” مرجع وزاري، مضيفاً أنها كأس مُرّة أيضاً ولكن لا بد من تجرّعها فالبلد ما عاد يتحمّل، ولا بد من تفاهم مع الدكتور سمير جعجع على التعامل معها أقله. ولا داعي للعجلة إن لم يُنتخب فرنجيه رئيساً في 16 من هذا الشهر، فالوقت يعمل لمصلحة التسوية وليس ضدها.

اتبع “حزب الله” مع الجنرال عون طريقة الصدمة تلو الصدمة ، جرعة تلو جرعة، لزحزحته عن موقفه المتشبث الرافض التزحزح والمتوقع في آن واحد. في البدء أن رئيس “تيار المردة” النائب فرنجيه مرشح فعلي وجدّي والتقى الرئيس سعد الحريري في باريس وتفاهما. الأخبار هذه وحدها كفيلة كانت بإحداث وقع مدوٍّ على زعيم “التيار الوطني الحر” وبيئته، واكبها “حزب الله” عبر بعض إعلامييه وكوادره لتخفيف الوطأة بانتقاد فرنجيه وما ذهب إليه والتسوية ككل. بعد زيارة فرنجيه للرابية سيعرض الحزب أسبابه للسير بالتسوية، ومن هذه الأسباب أنها قضية دول كبرى وإقليمية توافقت على إخراج لبنان من الوضع المتردي والخطير الذي هو فيه، وأن الحزب حاول قدر إمكاناته، ومدى سنة ونصف السنة إيصال “الجنرال” إلى بعبدا، لكن صعوبات معوقات هائلة انتصبت في وجه ترشيحه. “حرب كونية” حقيقية بلغة الجنرال، تعذّر معها حتى ترفيع العميد شامل روكز إلى رتبة أعلى وإبقاؤه في المؤسسة العسكرية بدل تسريحه، فكيف بترئيس عون على الجمهورية؟ وقد يعرض الحزب أيضاً ترضيات جمّة على حليفه الكبير من قانون للإنتخابات النيابية يرضيه إلى مواقع وزارية ومراكز في الدولة وما حول الدولة وضمانات أخرى يفترض أن تطمئنه إلى بقائه القوة السياسية والشعبية الأكبر في البيئة المسيحية. باختصار سيقول إن الرئاسة وصلت إلى سليمان فرنجيه من الباب المريح، فما الذي يفترض بالحزب فعله، هل يترك فرنجيه في مقابل مجهول؟

المنطق يقول بأن عون لا بد أن يلين. ومقولة ان احتمال تأييد الطرف الآخر في “ورقة النيات” الدكتور سمير جعجع لترشيحه من أجل قطع طريق قصر بعبدا على فرنجيه لا تجدي. صحيح أنهما اتفقا ضمناً على قطع طريق الرئاسة على جدّه الرئيس الراحل سليمان فرنجيه عام 1988 لكن الظروف تغيرت منذ ذلك الوقت ولم يعد شيء كما كان. فلا عون يتحمل عداوة مع حليفه الشيعي ومَن خلفه، ولا جعجع يتحمل عداوة مع حليفه السنّي ومَن خلفه. سيترجمان ذلك في الموقف من جلسة الإنتخاب التي أعلن نائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان مسبقاً أن كتلة حزبه ستحضرها ولن تقاطع، أما وجهة تصويت نوابها الثمانية فموضوع آخر لم يقرره جعجع بعد. بالنسبة إلى كتلة “التيار الوطني الحر” التي سينفصل عن “التكتل” معها نواب “المردة” والطاشناق وآخرون فيحتمل جداً أن تقاطع الجلسة ويقف معها نواب “حزب الله”، على سبيل مؤاساة، أو “جبر خاطر”.

لكن رئيس “المستقبل” سعد الحريري، العائد إلى بيروت ليبقى فيها ويقود تياره والعملية السياسية في المرحلة المقبلة، وكذلك معاونوه، لا يريدون انتخاب رئيس للجمهورية قبل تفاهم مع الدكتور جعجع، الحليف الذي يقرّون بحقه في الشعور بالإستياء وأكثر حيال ما جرى. لكنهم يعوّلون على دور سعودي في تقديم ضمانات إليه تتعلق بمستقبل إدارة البلاد وموقع “القوات” الذي يتوجّب عدم تجاوزه. في سبيل ذلك لا يرى المصدر الوزاري أي بأس في انتظار أن يزور الدكتور جعجع المملكة بناء على دعوة رسمية من مستوى عالٍ، وأيضاً في انتظار التفاهم معه على مرحلة ما بعد انتخاب فرنجيه. وإن لم يُنتخب في 16 من هذا الشهر ففي الأيام والأسابيع التي تليه، أين المشكلة؟ في النهاية لا بديل لدى الحريري من جعجع، ولا بديل لدى جعجع من الحريري. محكومان بالتفاهم والتحالف كزوجين يمران بخلافات يمكن أن تحصل في كل البيوت.

يبدي المصدر الوزاري ثقة مبنية على معطيات بأن فرنجيه اذا انتخب سيسعى إلى طمأنة الذين يخالفونه الرأي بخطاب قسمه والأداء والحكومة وقانون الانتخابات. ولكن ماذا إذا حصل خلل في التفاهمات بعد وقت كما حصل لاتفاقي الطائف والدوحة؟ “عند ذلك سنواجه كما فعلنا سابقاً في عهد الرئيس إميل لحود. كان خلفه 30 ألف جندي سوري واستخباراتهم وانسحبوا نهاية المطاف”، يقول المصدر ويسأل: “ما هو البديل؟ الحكومة اهترأت والبلد أيضاً. الزعماء الموارنة لم يقدموا مرشحاً توافقياً و”حزب الله” يمنع اكتمال النصاب إلا لانتخاب عون أو فرنجيه. ماذا كان في إمكاننا أن نفعل؟ ننتظر ماذا؟”

 

جعجع لوّح بتأييد ترشيح عون قبل أن يعلن الحريري دعمه فرنجية
 وليد شقير/الحياة 08 كانون الأول/15

تقول مصادر قيادات تؤيد خيار رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية أن واحداً من أسباب تأجيل عودة زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى بيروت، التي كان مخططاً لها أن تتم الأسبوع الماضي، ثم تأخرت الى اليوم الثلثاء، هو أن الخلاف بين «المستقبل» وحليفه حزب «القوات اللبنانية» بلغ مرحلة متقدمة، بسبب تأييد الأول لخيار فرنجية ورفض رئيس «القوات» سمير جعجع له في شكل مطلق، الى درجة أن أوساط الحزبين أخذت تتحدث بلهجة غير مسبوقة عن تدهور العلاقة بينهما.

وأشارت المصادر الى أن هذا التدهور هو أحد مظاهر خلخلة التحالفات التي ظهرت بين قوى 14 آذار، مثلما بدا واضحاً أيضاً ضمن قوى 8 آذار، لا سيما بين زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وفرنجية، على رغم حرص فرقاء الخلاف في كل من المعسكرين على إصدار المواقف عن وحدة كل منهما وعن ان الخلاف لن يصل الى حد الفراق، نظراً الى عدم اتضاح المواقف النهائية حتى الآن.

ويلغط الوسط السياسي اللبناني من كل الجهات بمعطيات عن الخلاف بين «القوات» و «المستقبل» مثلما هو حاصل بين عون وفرنجية، وسط غياب الأجوبة عن حقيقة موقف «حزب الله» من ترشيح فرنجية، بعد أن كان الأخير أبلغ الحريري في اجتماعهما قبل أسبوعين في باريس ان الحزب أبلغه تأييده خياره إذا وافق زعيم «المستقبل» عليه وأن قيادة الحزب شجعت فرنجية على انتزاع تأييد الحريري له وهي ستمشي بخياره. بل أن بعض القياديين يتساءلون عن سبب تردد الحزب بعد أن بلغته معلومات عن أن توافقاً سعودياً – إيرانياً حصل على خيار فرنجية في اجتماعات بين الجانبين.

وإذ يعترف مؤيدو خيار فرنجية من قوى 8 آذار بأن الحزب محرج بين عون وفرنجية بعد رفض الأول لاتفاق الثاني مع الحريري، فإن لائحة تبادل الانتقادات بين «المستقبل» و «القوات» تتوالد كل يوم.

فمن جهة «القوات»، ينقل عن قياداتها ان الحريري ذهب بعيداً في تجاهل حلفائه في محطات عدة، أبرزها حين بدأ اتصالاته السرية مع العماد عون، أوائل العام 2014 وفي تأييده للرئاسة الأولى من دون التنسيق مع قوى 14 آذار و «القوات» كقوة مسيحية رئيسة معنية بالإستحقاق الرئاسي. كما تنتقد «القوات» عدم أخذ «المستقبل» بمصالح حلفائه المسيحيين في قانون الانتخاب قبل أكثر من سنة، عبر ميله الى الإبقاء على قانون الستين الحالي، والنظام الأكثري، ما اضطر جعجع الى القبول مع القيادات المسيحية الأخرى والخصوم، بمشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي (قبل أكثر من عام) الذي يقول بانتخاب كل مذهب لنوابه على أساس نسبي، وهو ما فرض التوصل الى حل وسط يدمج بين النظامين النسبي والأكثري من خلال اتفاق بينه وبين «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، كما يذكّر حزب «القوات» بالتنازلات التي قدمها «المستقبل» عند تشكيل الحكومة الحالية، بالاتفاق مع عون و «حزب الله» على تركيبة هذه الحكومة بعدما كانا توافقا على قيام حكومة من الحياديين، ما اضطر جعجع الى رفض المشاركة في الحكومة.

ولا تقف لائحة اعتراضات «القوات» على مواقف حليفه عند اختلاف الرؤية حيال العودة الى طاولة الحوار الوطني التي رفضت هي المشاركة فيها طالما ان «حزب الله» لا يطبق ما يتفق عليه من قرارات تأخذها، مروراً بالخلاف على عقد الجلسة التشريعية الأخيرة التي اشترط جعجع ان تشمل قانون الجنسية وقانون الانتخاب، اضافة الى القوانين المالية الملحة المطلوبة، بعد تعطيل عمل الحكومة ومجلس النواب… وصولاً الى قيام الحريري باتصالاته مع فرنجية من دون أدنى تنسيق مع حليفه، واتفاقه معه على دعمه للرئاسة في وقت يعرف أن هذا الخيار ضده، إن كان على مستوى التنافس والتناحر في منطقة الشمال، أو على الصعيد الوطني.

ولـ «القوات» قراءة مغايرة لقراءة «المستقبل» عن ان الوضع الاقليمي تغيّر والوضع السوري ذاهب الى حلول يضعف معها تأثير صديق فرنجية بشار الأسد على السياسة اللبنانية، لتبرير موافقة الحريري على خيار فرنجية. وترد «القوات» على هذه القراءة بالقول أنه إذا صح أن تغييرات الوضع الاقليمي وضعف العامل الإيراني في سورية تبرر هذا التنازل، فإن هذا الواقع سبب إضافي للإمتناع عن التنازل لمصلحة مرشح من 8 آذار ومن الأفضل الانتظار حتى تتبلور الأمور، تمهيداً لاعتماد خيار تأييد مرشح توافقي لا ينتمي لا الى 8 أو 14 آذار.

وإذ ترد «القوات» على حديث «المستقبل» عن تفرد «القوات» بصوغها ورقة «إعلان النيات» بينها وبين «التيار الوطني الحر»، فإن قيادتها تقول أنها تتحدى أياً كان ان يكون إعلان النيات قد شمل الرئاسة الأولى بل على العكس بقي الموضوع الخلافي الأبرز بينهما حيث امتنع جعجع عن تقديم أي تنازل في هذا المجال لمصلحة عون.

وتقول مصادر سياسية واكبت الحملات المتبادلة بين الجانبين، ان وقوف جعجع ضد خيار فرنجية دفعه الى إبلاغ بعض الجهات بأنه إذا قرر الحريري اعلان تأييده رسمياً هذا الخيار، ففي الوقت الذي يعرف أن زعيم «المستقبل» سيفعل ذلك، سيسبقه ولو ببضع دقائق في عقد مؤتمر صحافي يعلن فيه تأييده ترشيح العماد ميشال عون، بمواجهة فرنجية، لأنه ليس من النوع الذي يتم ابلاغه باتفاق على الرئاسة وما عليه إلا أن يبصم.

وفي المقابل تطول لائحة انتقادات «المستقبل» حيال حليفه وفيها تذكير أيضاً باختلافهما حيال مبادرة جعجع الى ترشيح نفسه للرئاسة عام 2014 من دون التنسيق مع الحريري، الذي اقتصر علمه بالأمر على الإبلاغ فقط، ما اضطره الى دعم هذا الترشيح، وهذا أفقد قوى 14آذار القدرة على المناورة أو التسوية، هذا فضلاً عن موافقة جعجع على حصر الرئاسة بالأقوياء الأربعة. ومثل «القوات»، ينبش محيط «المستقبل» ماضي التموجات في العلاقة فيعود الى تفرد جعجع في الموافقة على مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي» للإنتخابات، الذي اعتبره الحريري قاتلاً، ويستهدف إنقاص الكتلة النيابية للحريري، وأن لولا ضغوطه مع «اللقاء الديموقراطي» والرئيس ميشال سليمان لما تراجع عن هذا المشروع.

وتسوق مصادر «المستقبل» أمثلة على تفرد جعجع بالإشارة الى أنه مقابل انتقاد «القوات» للمفاوضات التي خاضها الحريري مع عون، فإن جعجع لجأ الى ورقة اعلان النيات مع الجنرال، حين وصل الانفتاح عليه بهدف حلحلة العقد أمام تعطيل المؤسسات وانتخاب رئيس الجمهورية، الى طريق مسدود.

وإذ تشير الى ان التعاون بين عون وجعجع قاد الى اشتراك الثاني في عملية تعطيل المؤسسات في ظل شروطهما لعقد جلسة تشريعية لإخراج البرلمان من حالة التعطيل التي انعكست تدهوراً في أوضاع البلد الاقتصادية، تقول ان استمرار ترشح جعجع وعون للرئاسة لم ترافقه أي مبادرة أو محاولة للخروج من الفراغ الرئاسي القاتل الذي لم يعد محتملاً لا للبلد ولا لـ «المستقبل» لأنه يؤدي الى استنزافه في مناطقه أمنياً وسياسياً واجتماعياً، وبالتالي كان لا بد له للعمل من أجل الخروج من الفراغ الذي أدى التنافس المسيحي – المسيحي الى إطالته.

وتنتهي أوساط «المستقبل» الى القول ان ما تعيبه «القوات» عليه بسبب إقدامه على تسوية فرنجية، بهدف إخراج البلاد من دائرة استمرار الصراع السنّي – الشيعي يشكل فرصة لا بد من خوضها، في وقت لا يراعي الحليف القواتي هذا الهم عند الحريري على رغم انه يعطل البلد برمته. فكيف يكون الحليف حليفاً إذا كان لا يساعد على الخروج من المأزق؟