علي حماده: أساس الترشيح بنود التسوية الرئاسية/غسان حجار: هؤلاء توافقوا على التسوية الرئاسية/اميل خوري: لا خروج من الأزمات عند كل استحقاق إلا بتحقيق مصالحة وطنية شاملة

363

أساس الترشيح بنود “التسوية الرئاسية “!
علي حماده/النهار/8 كانون الأول 2015
سواء اكتملت عناصر “التسوية الرئاسية ” حول النائب سليمان فرنجيه عاجلا أو تأخرت، فإن هذه التسوية، بصرف النظر عن الموقف منها، نجحت في تحريك الجمود الذي خيم على الاستحقاق الرئاسي خلال أكثر من عام، منذ أن طوي موضوع دعم ترشيح الجنرال ميشال عون. فالحقيقة ان جميع الاطراف المعنية بالاستحقاق الرئاسي، ولا سيما تلك المعنية مباشرة كقوى مارونية كبيرة ومؤثرة، اعتادت مع الوقت القفز عمليا فوق الاستحقاق الرئاسي نحو مواضيع اخرى اقل اهمية من معالجة مسألة الشغور الرئاسي. ولم يقتصر اعتياد الشغور وصولا الى نسيانه على ارض الواقع على القيادات المارونية، بل شمل كل القوى السياسية الكبرى التي عادت مع الوقت الى أداء أدوارها السياسية الروتينية، كما لو لم يكن ثمة شغور رئاسي. حتى الناس اعتادت لبنان بلا رئيس. في المرحلة الاخيرة، وفيما شهد لبنان شكلا من اشكال الانتفاضة المدنية على خلفية ازمة النفايات ضد الفساد في ممارسة السلطة والعمل العام بوجوهه كافة، كان لافتا تقاطع مطالب الجمعيات والهيئات الاهلية عند نقطة انزال مطلب انهاء الشغور الرئاسي من مرتبة الاولوية القصوى، الى مرتبة المطلب الذي يختم سلسلة المطالب . ففي العديد من التظاهرات بدا ان ازمة الشغور الرئاسي المعطل اساسا لحسن سير المؤسسات لم تحضر كبند متقدم على جدول اعمال الحراك المدني الضاغط.
أتت مبادرة “التسوية الرئاسية” حول اسم سليمان فرنجيه لتحرك الموضوع. وبغض النظر عما أحدثته تلك المبادرة من اضرار جانبية في العلاقات البينية على ضفتي الانقسام السياسي بين قوى 8 آذار و14 آذار، فإن ايجابية واحدة يمكن الزعم ان المبادرة انتجتها، هي نجاحها في اعادة الاهتمام الى ملف الرئاسة في ضوء مرور ما يقارب سنة ونصف سنة على الشغور، وانسداد الابواب امام الخيارات المطروحة على الطاولة. فالتوازن السلبي بين الفريقين الكبيرين في البلد طال، ووقع الجميع اسرى المواقف المبدئية من دون ان يقدر احد من الاطراف على تقديم مخارج. وتجدر الاشارة الى أن قوى 8 آذار بوقوفها خلف ترشيح عون من دون القبول بالبحث في حلول وسطية، كانت تطيل امد الشغور . ففيما كانت قوى 14 آذار مجتمعة او منفردة تطرح امكان البحث في “تسوية ” عبر مرشح توافقي او مرشح تسوية وسطي، كانت قوى 8 آذار واقفة عند “مربع ” عون دون ان تتحرك ولو خطوة واحدة نحو “تسوية ” ما .
اليوم اعيد خلط الاوراق من جديد . فمبادرة “التسوية الرئاسية ” لم تتبلور الى حد المبادرة المكتملة . وأبعد من الشخص المطروح هو التسوية نفسها . ما هي عناصرها ؟ ما هي تفاصيلها ؟ و ما هي شبكة امانها المحلية والاقليمية والدولية الفعلية؟ الاجابة عن هذه الاسئلة اهم من اعلان تأييد النائب سليمان فرنجيه. لذا، المنتظر في الايام المقبلة عمل جدي لتظهير بنود “التسوية الرئاسية ” ليكون الموقف منها اساسا في تأييد فرنجيه او معارضته . لننتظر و نر !

هؤلاء توافقوا على التسوية الرئاسية !
غسان حجار/النهار/8 كانون الأول 2015
ثمة اسئلة كثيرة تطرح عن المتغيرات او التطورات التي دفعت في اتجاه اختيار النائب سليمان فرنجيه مرشحا رئاسيا. بعض الاجابات نجدها في متابعة مسار التسوية التي انطلقت من زعيم المختارة مدعوما من الرئيس نبيه بري لتبلغ الرياض وباريس والفاتيكان. العقل المدبر للتسوية هو النائب وليد جنبلاط الذي يعمل جاهدا لاستعادة دوره كبيضة قبان، بعدما خرج من اصطفاف 14 و8 اذار، وقد فعلها في الحكومة، وفي ملف العسكريين المخطوفين لدى النصرة، وها هو يلعب “صولد” في الملف الرئاسي. اما الاسباب التي دفعته لاختيار فرنجيه فأبرزها: ان فرنجيه يشبهه في كونه اقطاعيا وابن بيت سياسي، وانه زعيم مناطقي محدود الانتشار وليس له امتداد او طموح يصل الى عمق الجبل، ولا يشكل بالتالي خطرا كعون وسمير جعجع، بالاضافة الى كونه من الاربعة الذين تم التوافق عليهم، او توافقوا على انفسهم. اضف الى كل ذلك ان جنبلاط يحتاج مجددا الى التقرب من “حزب الله” وربما من النظام السوري اذا ما تحسنت ظروفه واستمر في الحكم، وهذه امور لا يمكن الا لشخص بمواصفات فرنجيه ان يوفرها له وان يضمن له أمنه واولاده على هذا الصعيد. اما الرئيس بري، فيضمن، كما جنبلاط، التخلص من الثنائي عون – جعجع، ويعيد تركيب ترويكا رئاسية قادرة على الحكم، وتمنع اي تغيير في النظام، شكلا ومضمونا، ويصيب عون بالضربة القاتلة انتقاما لماض خلافي لم يتمكن “حزب الله” من محوه. وفي حسابات الرئيس سعد الحريري الذي صار في حاجة ماسة للعودة الى لبنان، ان تعايشه مع فرنجيه اكثر سهولة منه مع عون الذي يمكن ان ينقلب على الاتفاق، وهو مرفوض سعوديا لانه تعرض مرات للمملكة بعكس فرنجيه الذي كان يركز على الحريري الاب والابن. وقد استطاع الحريري اقناع مسؤولين في الرياض، قبل فرنسا التي تفتش عن اي اتفاق ترعاه، يعيد احياء دور فقدته. ماذا عن موقف الفاتيكان؟ تصب حركة السفير البابوي المونسنيور غابريالي كاتشا في دعم المبادرة التسوية بدفع من رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري، وتربط هذا الاخير صداقة كبيرة برجل الاعمال اللبناني جلبير شاغوري الذي ساهم في وصول المطران بشارة الراعي الى السدة البطريركية. ونذكر كيف حضر ساندري الى لبنان وحرك سفيره واتصل بكل مطارنة الانتشار آنذاك. شاغوري الذي ساءت علاقته بعون، لا يبتعد كثيرا عن الخط باختياره فرنجيه، ويفتح الباب امامه على مروحة من المنافع النفطية صار الكل بحاجة اليها. هل اجتماع كل هذه الحسابات المصالح يؤكد اتمام التسوية؟ ليس بعد، اذ ثمة حسابات مختلفة لدى فرقاء آخرين ينبغي اخذها في الاعتبار، وقدرة على التعطيل لم يعمل احد لتجاوزها.

لا خروج من الأزمات عند كل استحقاق إلا بتحقيق مصالحة وطنية شاملة
اميل خوري/النهار/8 كانون الأول 2015
ترى أوساط سياسية مراقبة أنه بات لا بد من تحقيق مصالحة وطنية شاملة تمهد لانتخاب رئيس للجمهورية أو تتحقق بعد انتخابه لتمهد طريق الحكم السلس في البلاد وتجنيبه انفجار الأزمات عند كل استحقاق، ولا سيما عند تشكيل الحكومات وعند اجراء انتخابات نيابية اذا لم يكن القانون يرضي كل القوى السياسية الأساسية. وقد تكون معادلة “السين – سين” (السعودية – السورية) السابقة تصلح للعودة اليها لتكون أساساً لتحقيق هذه المصالحة التي لم تكن لتسقط لولا القرار السوري الذي عطل عقد مؤتمر في الرياض يحضره كل القادة اللبنانيين الممثلين للقوى السياسية الاساسية وتعلن في ختامه أسس المصالحة الوطنية الشاملة التي تقوم خطوطها الكبرى على صدور عفو شامل عن مرتكبي جرائم الاغتيال في لبنان بما فيها جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، خصوصاً وقد اقترب موعد صدور الاحكام بحق مرتكبيها، في مقابل حصر كل سلاح بالدولة وحدها تطبيقاً لاتفاق الطائف وتوصلاً الى اقامة الدولة القوية المنشودة التي لم تقم فيه منذ عام 2005 وحتى قبله عندما كان لبنان خاضعاً لوصاية سورية والدولة فيه دولة مستعارة سياسياً وأمنياً واقتصادياً. لقد كان حسابات سوريا يومئذ وهي في موقع قوي تختلف عن حسابات السعودية فاشترطت تعطيلاً للمعادلة صدور عفو عام عن مرتكبي جرائم الاغتيال قبل أي عمل آخر، ما جعل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، يستشيط غضباً ويعلن من القاهرة حيث كان في زيارة “رفع يد المملكة عن لبنان”، وهكذا عادت المشكلة الى نقطة البداية ولا تزال الى الآن.
والسؤال المطروح هو: هل يتم التوصل الى اتفاق على “لبننة” معادلة “السين – سين” بدءاً بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بسعي إيراني وقبول سعودي باعتبار أن الوضع في سوريا اليوم بات مختلفاً عنه في الماضي والكلمة فيها باتت لإيران التي لا تريد أن يبقى السلاح في يد “حزب الله” عندما تزول أسباب بقائه. والكلمة أيضاً لروسيا التي تريد أن ينعم لبنان بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وهو ما تريده أيضاً وأيضاً الدول الشقيقة والصديقة للبنان، وهذا لا يتحقق الا أذا توقف تدخل سوريا في شؤونه الداخلية بحيث عجز اي رئيس للجمهورية عن الحكم فكان محكوماً، سواء في ظل وصاية سورية مباشرة على لبنان، أو في ظل وصاية غير مباشرة عليه. لذلك فإن اهتمام الدول الشقيقة والصديقة المعنية بوضع لبنان يجعله دولة مستقلة سيدة حرة فعلاً لا قولاً، ولكن لا سبيل الى ذلك ما دامت سوريا هي الأقوى وتتدخل في شؤونه الداخلية وتجعل أي حكم فيه محكوماً منها. ولن يزول هذا الوضع الشاذ الا بتحقيق مصالحة وطنية شاملة في لبنان تحصن وحدته الداخلية وتجعل اللبنانيين بوحدتهم قادرين على أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، خصوصاً أنه عند قيام نظام جديد في سوريا من شأنه أن يساعد على جعل العلاقات اللبنانية – السورية وطيدة وثابتة، وذلك باحترام كل منهما سيادة واستقلال كل من البلدين، كما يصير في الإمكان حماية لبنان بتحييده عن صراعات المحاور. ومعلوم أن روسيا هي مع تحييده وفقاً لما جاء في “إعلان بعبدا”، لكنها تشترط أن يلتزم كل اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم هذا الاعلان وليس طرف منهم من دون آخر. وتتفق روسيا أيضاً مع الدول المعنية بوضع لبنان على اعتبار أن تحييده عن صراعات المحاور بات ضرورة لحماية كيانه وتعزيز استقلاله وسيادته وحريته وترسيخ وحدته الوطنية التي تهتز كلما انقسم القادة في لبنان بين مؤيّد لهذا المحور أو ذاك، وهذا قد يتحقق عند قيام نظام جديد في سوريا وعهد جديد في لبنان بحيث يقوم بين الدولتين تعاون صادق يمكّن من تنفيذ القرار 1701 تنفيذاً دقيقاً كاملاً، وتنفيذ كل القرارات التي صدرت عن هيئة الحوار الوطني، ولا سيما تلك التي صدرت بالاجماع وتعذّر تنفيذها كاملة بسبب الموقف السلبي للحكم في سوريا منها لأنه لم يرَ في تنفيذها مصلحة لسوريا ولاستراتيجيتها في المنطقة. فهل تتحقق المصالحة الوطنية الشاملة بين القادة في في لبنان ويقوم في سوريا حكم جديد متعاون بصدق مع الحكم في لبنان فتتحقق عندئذ مقولة أن سوريا لا تحكم من لبنان ولا لبنان يحكم من سوريا؟