سامي خليفة: حزب الله – إسرائيل: صراع وجودي رغم الهدنة/محسن السقال: ميقاتي يبادر وقد يصل الى السعودية/محمد سعيد الحايك: عبدالرحيم مراد نحو السعودية

270

عبدالرحيم مراد… نحو السعودية؟
محمد سعيد الحايك/جنوبية/ 23 نوفمبر، 2015

منذ إعلانه تأييد تدخل المملكة العربية السعودية العسكري في اليمن، وما ترددّ قبل أيام من زيارة له الى الرياض، بدا للبعض وكأن النائب والوزير السابق عبدالرحيم مراد، يحاول أن يسلك طريقاً آخر لا يشبه ذاك الذي سار عليه الرجل منذ قرابة عقدين من الزمن. رسم “بو حسين” من خلال تصريحه الشهير لصحفية “الحياة” مطلع شهر أبريل نيسان الماضي، ملامح مرحلة جديدة في مشواره السياسي، بعيداً عن التبعية العمياء لحلفائه في قوى الثامن من آذار والنظام السوري. ولعل ما يترجم الكثير من بوادر هذا التحوّل على ما يذهب إليه متابعون، هو ما كشفته صحيفة “الجمهورية” الأسبوع الماضي، بشأن زيارة مراد للمملكة، ولقائه مؤخراً عدداً من المسؤولين (كبار جداً) بحسب ما ورد في خبر الصحيفة. قد يرى البعض أن رئيس حزب الاتحاد أخذ ولو متأخراً، بنصيحة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ونستون تشرشل، الذي قال يوماً “في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم، وإنما هناك مصالح دائمة”، ولكن من يتابع مسيرة الرجل طوال السنوات العشر الماضية، يدرك أن تغيير موقفه وانتقاله من ضفة إلى أخرى ليس بالأمر البسيط على الإطلاق. دفع “بو حسين” (كما يناديه أنصاره)، ولا يزال أثماناً باهظة، نتيجة تمسكه وتشبثه بمواقفه وخياراته السياسية، التي لا تحتمل الرمادية أو التأويل. سار وزير التربية والدفاع الأسبق، عكس تيار الشارع السنّي في الكثير من المحطات، ليس آخرها زلزال اغتيال رفيق الحريري يوم قرر الوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد المتهم بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، على اعتبار أن المستهدف من الجريمة هي سوريا “قلب العروبة النابض”. خسر الرجل “العروبي حتى الثمالة” في العام 2005 معركة رئاسة الحكومة أمام منافسه نجيب ميقاتي، قبل أن يعود ويخسر في العام نفسه عضويته في البرلمان، وهو الذي لم يغب عن ساحة النجمة منذ دخوله إليها أول مرة في العام 1992. بالطبع، لم يكن سهلاً على “البقاعي العنيد”، أن يخسر معركتين نيابيتين في العامين 2005 و2009، أمام شخوص صورية حديثة العهد في العمل السياسي. لم يكن سهلاً عليه أن يخسر نزالاً من دون أن يواجه خصماً أو منافساً حقيقا لا يختبئ خلف صورة وتاريخ ودم رفيق الحريري. ورغم عدم وجود أي شخصية قادرة على مقارعة أو تغييب عبدالرحيم مراد عن المشهد، قرّر الرجل بملء إرادته أن يتجرّع كأس السم أكثر من مرة، في وقت كان باستطاعته أن يغيّر هذا الواقع بمناورة سياسية بعيداً عن الاصطفافات الحادة مع هذا الفريق أو ذاك. وعليه، فإن زيارة “حليف دمشق” للرياض، ترسم العديد من علامات الاستفهام حول توقيتها ومضمونها وأهدافها، لاسيما وأن المرحلة الحالية لا تحتمل المجازفة في ظل الحرب الضروس بين محوري الرياض وطهران وما بينهما، والتي تنبئ بأن القادم سيكون أسوأ. في هذا السياق، ثمة رواية “غير مؤكدة” يتناقلها البقاعيون، مفادها أن “بو حسين” لا يتودّد للسعودية في هذه اللحظة الحرجة والمفصلية طمعاً بلعب دور سياسي في المستقبل القريب والبعيد، وهو الواثق على ما يقول أنصاره من العودة إلى ساحة النجمة بمجرد حصول الانتخابات، وإنما خوفاً على مؤسساته (مؤسسات الغد الأفضل الغنية عن التعريف)، التي تضم العديد من المدارس والجامعات ودور الرعاية الاجتماعية وغيرها. الرواية نفسها، تقول إن انشقاقاً حصل قبل فترة ليست قصيرة داخل حزب الاتحاد، قاده أحد أبرز المقربين من الوزير السابق. وبحسب ما تزعم الرواية، فإن الرجل (المنشق) على دراية تامة بملفات وخبايا المؤسسات المذكورة والتابعة لوقف النهضة الخيرية الإسلامية في البقاع، وهو يسعى بمساعدة مستترة من تيار المستقبل لوضع اليد عليها، ما دفع مراد لزيارة المملكة على أمل تسوية هذا الملف بأقل الأضرار وقبل فوات الأوان. بيد أن اللعبة التي يلعبها “المستقبل” والمتحالفون معه (طبعاً في حال صحت الرواية)، تنطوي على نتائج خطيرة وكارثية ستطال تداعياتها آلاف الطلاب ومئات الموظفين والأسر والأيتام والمسنين، الذين سيصبحون بلا عمل وبلا مأوى في حال طرقت التجاذبات السياسية أبواب هذه المؤسسات العريقة. ربما كان الأجدر بالتيار الأزرق أن يبادر بحسب ما يرى خصومه إلى إنشاء مدارسه وملاعبه وجامعاته ومستشفياته الخاصة لتقديم الخدمات للبقاعيين، لا أن يعتمد أساليب كيدية وملتوية للسيطرة على مؤسسات لم يبن فيها حجراً واحداً. على أي حال، ستبقى زيارة “بو حسين” للمملكة رهن التحليلات والتأويلات إلى أن تتضح الصورة النهائية، وحتى ذلك الحين لاشك أن الشارع السنّي يأمل بأن تكون خطوة أولى نحو مستقبل أفضل، يحقق المصالحة المستعصية بين الحريري ومراد ومختلف أبناء البيت الذي يكاد ينهار فوق رؤوس الجميع .

حزب الله – إسرائيل: صراع وجودي رغم الهدنة!
سامي خليفة /المدن/الإثنين 23/11/2015

على الرغم من الهدنة المستترة بين “حزب الله” واسرائيل والتي فرضتها عوامل سياسية ولوجستية وعسكرية فإن هذا الهدوء لا يبدو أن من الممكن أن يستمر طويلاً بسبب صراع الأفكار الدينية العميق بين الطرفين، والذي يتعدى الإطار النزاعي بين لبنان واسرائيل، ويرتبط ارتباطاً أساسياً بعقيدة كل طرف.عوامل عديدة تفرض الهدنة اليوم بين الأعداء. “حزب الله” المستنزف والمنشغل في أكثر من مكان عسكرياً، لا يضع في حساباته إشعال حرب جديدة مع اسرائيل على الرغم من اتهامه لها بأنها المخطط الأول لكل ما جرى ويجري في المنطقة. وعلى الجانب الأخر فإن اسرائيل عاجزة عن مواجهة أزماتها الداخلية، من كساد اقتصادي وبطالة وضعف الجبهة الداخلية وفشل السياسة الخارجية، ولذللك تكتفي بتعزيز قدراتها العسكرية استعداداً للمستقبل. لكن استمرار هذه الهدنة يعتبر مستحيلاً نظراَ للصراع العقائدي العميق بين الطرفين، وهو الأمر الذي يتجنب عادة “حزب الله” الحديث عنه. وتصف مصادر “حزب الله” عبر “المدن” المعركة بأنها حرب مفتوحة ممزوجة بطابع ديني ووجودي لن تنتهي، خصوصاً أن المصادر تعتبر أن الحزب يقف سداً منيعاً أمام محاولات إنشاء الدولة العنصرية ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن، ولذلك وعلى الرغم من انشغالاته في سوريا إلا أنه يرفع الصوت دوماً للتحذير من الأهداف الاستيطانية المدروسة في القدس، وتبعاتها على المنطقة من خلال السيطرة على أملاك المقدسيين في البلدة القديمة ومحيطهاـ ومخططات نسف مقدسات الآخر وبناء الهيكل المزعوم. يستند “حزب الله” في نظرته الى الصراع مع إسرائيل، إلى ما كتبه رئيس الكنيست السابق أبراهام بورغ في صحيفة “هآرتس” منذ فترة، اذ أكد أن عصب الاتئلاف الحكومي الحالي هو ديني عقائدي، سينتهي بصراع ديني يشمل المنطقة ومنها لبنان، ولذلك تبرز نظرة “حزب الله” الى اسرائيل بوصفها خطراً دائماً ومصدر المؤامرات التي تحاك ضده، ومن بينها ما يحصل في سوريا، اذ يرى الحزب أن إسرائيل عبر بعض الجماعات المتطرفة نجحت في تدمير سوريا وانهت دورها كلاعب اقليمي يحمي المقاومة، عدا عن استنزاف إيران مادياً وعسكرياً بحرب لم تكن تشاء التدخل بها. الموقف العقائدي الحازم لـ”حزب الله” يتعارض مع نظرة إيران البراغماتية لطبيعة الصراع مع اسرائيل الذي يبقى على مستوى الخطاب المتشدد، وتبرير عدم الإنزلاق إلى المواجهة المسلحة، بتقديم الدعم، والتخفيف من الضرر، ومع توقيع الإتفاق النووي اصبحت مواقف إيران تجاه اسرائيل أقل حدة ما أحدث ارتباكاً في صفوف الحزب، تزامناً مع رضوخ بنيامين نتنياهو للواقع النووي الجديد وإفصاح جزء من المؤرخين الإسرائيليين عن تقديرهم لبلاد فارس، التي خرج منها الملك قورش وحرر اليهود من السبي البابلي، وأعاد بناء الهيكل و منحهم في منطقة القدس نوعاً من الاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسية. ويحتل مستقبل الصراع مع اسرائيل جانباً أكثر أهمية عند الحزب لارتباطه بالرؤية الدينية التي تقول أن إنهاء دولة إسرائيل سيتبعه زوال حلفائها من الغرب بالضرورة قبل أن تظهر خلافة المهدي الذي يجهز جيشاً كبيراً يطمح الحزب ليكون جزءاً منه ليخوض مواجهات عديدة بين الحق والباطل تُدمر فيها دولة اسرائيل لتندلع بعدها حروب أخرى أهمها مع جيش يتشكل في شرق أوروبا قوامه قرابة المليون نفر ليخرج بعدها الدجال الذي يستمد منه الإسرائيليون قوتهم مجدداً للعودة إلى القدس لتقوم المعركة النهائية التي ستكون نتيجتها الحتمية انتصار الحق. وكما يصف حزب الله صراعه مع اسرائيل بالأبدي فإن تل أبيب تشاطره الرأي حول المواجهة الحتمية مستقبلاً لأسباب دينية حيث أشار الكاتب الإسرائيلي نوعام أمير في عدد من الدراسات حول الصراع مع “حزب الله”، والتي نشرتها صحيفة “معاريف” بأن النظرة الدينية في الدولة العبرية، تفيد بأن سكان لبنان كانوا يتمركزون في مملكة فينيقيا القديمة وهي الحدود التي اقرها الله لإسرائيل عندما وعد الرب يوشع بالأرض التي تمتد من الصحراء إلى لبنان، وبناءَ على ذلك فإن الحروب مع “حزب الله” ستستمر مهما طال زمن الهدنة، والجيش الإسرائيلي يستعد بإستمرار لهذه الحرب من خلال إقامة العديد من الحواجز، والخنادق الاصطناعية قرب شلومي، القريبة من الحدود الشمالية لمنع دخول مقاتلي الحزب إلى الجليل، وقد تم بالفعل إعداد خطط الإخلاء في ما تم تسميته بخطة الجيش الشاملة والاستراتيجية الجديدة التي تم الكشف عنها مؤخراً من قبل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت، الذي قال أن اي حرب جديدة مع “حزب الله” لن تنتهي الا برفع الحزب لرايات الاستسلام البيضاء.

ميقاتي يبادر..وقد يصل الى السعودية!
محسن السقال/المدن/الإثنين 23/11/2015

بدا لافتاً الأسبوع الماضي الدعوة التي قدمها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، إلى الأطراف السنية في لبنان الى الحوار والتلاقي والتفاهم والتعاون، خلال حفل تكريم الدكتور محمد بركات، وفي حضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات رفيعة. حضور ميقاتي وحشد من المشايخ والمفتين والشخصيات السياسية، ساهم في تأمين غطاء سني لمبادرة ميقاتي، كما تأمين غطاء سياسي له شخصياً، بعد المعركة الأخيرة المستمرة بينه وبين تيار “المستقبل”، منذ الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة. في شكل المبادرة، بدا ميقاتي في موقع القوة، بعد شبه حصار مارسه “المستقبل” ضده، على الرغم من أن هذه المبادرة لم تلق بعد أي اذان صاغية لرأب الصدع على طريقة الحوار المسيحي – المسيحي. استند ميقاتي في مبادرته هذه، بحسب ما تقول مصادر “المدن” إلى نجاحه في بناء حاضنة شعبية له عبر الخدمات الشخصية التي قدمها، مستنداً الى الأزمة المالية التي تعصف بتيار “المستقبل”، والتي مكنته من العودة بقوة الى الساحة الطرابلسية من بوابة الخدمات. وما يعزز منطق القوة هذا، أن ميقاتي نجح مؤخراً في نسج تحالفاته الطرابلسية، استعداداً للحوار أو اكمال المعركة مع “المستقبل”، وذلك بعد أن نجح في كسر الجليد مع النائب محمد الصفدي، والوزير السابق فيصل كرامي. ما عد حينها رسالة حازمة لـ”المستقبل”، خصوصاً أن الحلف هذا قادر على مواجهة الشعبية الكبيرة لـ”المستقبل”، والتي تتعرض لضربات متتالية مؤخراً، وقد ظهر ذلك في انتخابات نقابة المحامين حيث تمكن حلف ميقاتي من انتزاع مقعد في الانتخابات الفرعية على حساب تيار “المستقبل”. ويؤكد مصدر مقرب من ميقاتي لـ”المدن” ان ميقاتي يهدف عبر تفعيل شبكة العلاقات الطرابلسية إلى جعلها أمراً واقعاً بمواجهة التيار، وتحصين وضعه في اي محطة او مناسبة قد تطرأ على الساحة السياسية في البلد. ويضيف ان ميقاتي والصفدي – مع الوزيرين احمد وفيصل كرامي – يسعيان لتثبيت حضورهما والدفاع عن قناعتهما وتحقيق امرين اساسيين، الاول ان طرابلس لا يحكمها سوى ابنائها، والثاني أن ثمة قوة فعلية سنية طرابلسية تستطيع ان تلعب دورا ريادياً في لبنان وفي انماء المدينة واتخاذ القرارات الملائمة لمصلحة ابنائها، من دون وصاية احد. لم تقتصر العوامل التي أمنت عودة ميقاتي هذه، ومد يده، على الأمور المحلية الطرابلسية. ثمة أكثر من عامل أقليمي دفعت ميقاتي الى مد اليد، أهمها عودة خطوط التواصل مع المملكة العربية السعودية. وتؤكد مصادر ميقاتي لـ”المدن” أن الأخير تمكن من تحسين العلاقة مع السعودية، وباتت اليوم جيدة، وثمة قنوات عدة مفتوحة، ومن الممكن الاعلان عن حدث قريب يترجم هذا الانفتاح، في إشارة الى أمكانية زيارة ميقاتي الى الرياض. ويشرح المصدر خلفيات الإنفتاح المستجد، بالإشارة إلى ان “المملكة تعاملت في السابق مع فئة واحدة في لبنان، مما أوجد شرخاً على صعيد الطائفة، وعلى صعيد العلاقة معها، مما اضطرها مؤخراً الى التراجع عن خطواتها وفتح ابوابها امام الجميع، مع الحفاظ على خصوصية الحريري، وحفظ موقعه المتقدم في اللعبة السياسية اللبنانية بالنسبة اليهم، اخذين بالاعتبار ان كل القيادات السنية في لبنان تتمنى ان تكون لها علاقات متينة وجيدة مع القيادة السياسية في المملكة، لتتمكن من تكريس موقعها في العمل السياسي داخل الطائفة السنية”. في الجانب الاخر، تؤكد أحدى الشخصيات المتحالفة مع الحريري لـ”المدن” ان “السعودية بدأت فعليا بالانفتاح على القيادات السنية”، مشيراً، في الوقت عينه، الى ان “اي مرجعية سنية تريد ان توطد العلاقة مع المملكة عليها اولا ان تأخذ بالاعتبار ان ارتباطها العضوي بالمحور السوري الايراني يجب ان يفك، قبل ان تفتح المملكة ابوابها”، ويؤكد المصدر ان “الشارع الطرابلسي وان كان تقبل خدمات ميقاتي وحلفائه، سيبقى متأثرا بنسبة كبيرة بخياره السياسي ازاء المحور السوري الايراني”.