أمير طاهري: ما حلم به الخميني حققه أوباما/إيلي ليك: إيباك تناقض في الخيارات/وليد شقير: ضمانة بوتين الناقصة للحل السوري

459

ما حلم به الخميني.. حققه أوباما
أمير طاهري/الشرق الأوسط/23 تشرين الأول/15
كان حلمًا لدى الخميني، ذلك الذي يحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما جاهدًا تحقيقه: نهاية السلام الأميركي. كان الموضوع محل ندوة نقاشية امتدت ليوم واحد بالأسبوع الماضي في طهران تلك التي شهدها سفراء من دول بوليفيا وكوبا والإكوادور ونيكاراغوا وفنزويلا، إلى جانب عدد من المسؤولين الإيرانيين وعلماء المسلمين. تمثل دول أميركا اللاتينية الخمس الحضور، مع أنظمة حكمها ذات النزعة اليسارية، واحدة من «التكتلات» التي حاول الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد استقطابها كمراكز مناوئة و«مقاومة» لنفوذ الولايات المتحدة حول العالم. أما «التكتل» الآخر فيتألف من لبنان، التي تسيطر إيران عليها عبر وكيلها الأمين حزب الله، ثم سوريا، تحت حكم بشار الأسد، وأجزاء من العراق الذي تسيطر عليه الجماعات المسلحة الموالية لطهران. وكانت الخطة تقضي بإقامة «تكتل» جديد عن طريق تفتيت كتلة دول مجلس التعاون الخليجي عبر «فنلدة» بعض من أعضاء المجلس في حين بسط السيطرة على اليمن من خلال جماعات الوكالة الشيعية المحلية. من المقرر لطهران، خلال الشهر المقبل، أن تستضيف مؤتمر «نهاية أميركا» في دورته الخامسة، في وجود عدد من الشخصيات البارزة المعادية للولايات المتحدة من أوروبا، ويتوقع حضور شخصيات من الولايات المتحدة ذاتها. مع ذلك، فإن توقيت تلك الممارسات يثير شيئًا من الحيرة. لأول مرة منذ ما يقرب من عشر سنوات، كانت مؤسسة الرئاسة الإيرانية، إلى جانب جزء من الحكومة ذاتها بما في ذلك وزارة الخارجية التي تبدو من الخارج قابعة تحت هيمنة الفصيل الموالي لرفسنجاني، تحاول جاهدة إبرام اتفاق مع الجانب الأميركي منذ أواخر الثمانينات.
يتساءل كثيرون في طهران الآن عما إذا كان مؤتمر «نهاية أميركا» سوف يُعقد هذا العام على الإطلاق. لقد وجهت الدعوة بالفعل إلى «عائلات الضحايا الأميركيين من أصول سوداء ممن تعرضوا لوحشية الشرطة الأميركية»، إلى جانب الزعماء الدينيين الأوروبيين والعلماء المعارضين لـ«الشيطان الأكبر».
يجادل بعض المعلقين الموالين لرفسنجاني في طهران، وبعض منهم ضالعون في ركب الرئيس روحاني، ضد عقد مؤتمر آخر حول «نهاية أميركا» ويصفون الحدث بأنه لا داعي له في أحسن الأحوال وسوف يسبب الكثير من الاستفزازات في أسوأها.
يقول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الولايات المتحدة، أعربت عن حسن نياتها عن طريق التراجع للوراء لاسترضاء إيران ومطالبها أثناء المفاوضات النووية الأخيرة. ومن الحمق في ظروف كتلك استفزاز الولايات المتحدة في الوقت الذي تحتاج إيران فيه لدعم واشنطن في إزالة صرح العقوبات الاقتصادية الضخم ودفع الملحمة النووية بأكملها في طريق التجاهل أو النسيان. قبل أكثر من 30 عاما مضت، أدى تعنت الخميني إلى تدمير رئاسة جيمي كارتر، وحرمان إيران من صديق لها داخل واشنطن. ومن الحمق الشديد تكرار ذات الخطأ عبر إهانة باراك أوباما والحزب الديمقراطي بأكمله، وبالتالي مساعدة الجمهوريين في العودة إلى السلطة وهم الملتزمون للغاية بتحويل حياة نظام إيران الحاكم إلى جحيم.
تتضح من طهران النتيجة المثالية للانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية من حيث ترشح وفوز إما نائب الرئيس جوزيف بايدن أو وزير الخارجية جون كيري. وكلا الرجلين يملك تاريخًا طويلاً من الدعم للثورة الخمينية والجمهورية الإسلامية ويحملون التزامًا جادًا بتعزيز العلاقات الثنائية الأكيدة مع طهران تحت حكم الملالي. سوف تتزامن أربع أو ربما حتى ثماني سنوات أخر من سياسات أوباما بشكل لطيف، مع مدة اتفاق فيينا النووي الذي ينص على «الإغلاق النهائي للملف» بحلول عام 2023 على أقصى تقدير. وحتى ذلك الحين، سوف تكون إيران على مسافة عام واحد فقط من إنتاج الترسانة النووية إذا ما قررت بناءها. وبعد ذلك التاريخ، يمكن لإيران بناء تلك الأسلحة خلال 60 يومًا فقط، كذلك، إذا ما رغبت في ذلك. الأهم من ذلك، فثماني سنوات أخر من استراتيجية أوباما سوف تجعل الأمر صعبًا للغاية إن لم يكن مستحيلاً، بالمعنى العملي، لأية إدارة أميركية قادمة أن تعمل على إيحاء «السلام الأميركي» كخيار قابل للتفعيل. تهدف استراتيجية أوباما إلى تقليص الوجود العسكري الأميركي عبر مختلف أنحاء العالم. حيث يتم إغلاق العشرات من القواعد العسكرية أو تقليص تعدادها إلى عناصر رمزية من القوات. وخلال ما تبقى من رئاسة أوباما، فإن المقرر لدى جيش الولايات المتحدة وحده أن يفصل ما يقرب من 40 ألف جندي. وشهدت الولايات المتحدة في ولاية أوباما أكبر عملية تخفيض في إنفاقاتها الدفاعية منذ أيام الحرب الباردة العنيفة و«ثمارها السلمية». وبمزيد من الأهمية، ربما، تمكن أوباما من زعزعة – إن لم يكن تدمير – تحالفات أميركا القديمة في مختلف أجزاء العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط. حتى الحليف القديم الوفي مثل المملكة المتحدة قد لعب في علانية سافرة ببطاقة العلاقات المتميزة مع الصين، مع الأخذ في الاعتبار، ضمنيًا، حالة التراجع الأميركية الواضحة.
نجح أوباما في تغيير صورة الولايات المتحدة من كونها «الفائز» إلى «الخاسر» على نحو ما يبدو واضحًا عبر سلسلة من الأزمات على شاكلة ضم الأراضي الجورجية والأوكرانية من قبل موسكو، إلى ظهور تنظيم داعش الإرهابي، وإعادة صعود حركة طالبان الأفغانية، ناهيكم عن النفوذ المتزايد لطهران في كل من لبنان وسوريا والعراق. نتج عن تحذير «الخطوط الحمراء» الذي أصدره أوباما إلى الرئيس السوري بشار الأسد، متبوعًا بالاستهلاك الدرامي لتلك الكعكة المتواضعة، إبراز صورة الولايات المتحدة بأنها «الخاسر» الوحيد في المنطقة. أدى التراجع الأميركي العالمي فعليًا إلى إثبات أكثر تأكيدًا من جانب الصين إزاء موقفها كقوة آسيوية عظمى. كما شجع كذلك التوجه القومي في اليابان إلى مستوى السعي نحو التعديل الدستوري للسماح بنشر القوات العسكرية اليابانية في الخارج، ربما في وقت لاحق، وحتى تطوير الترسانة النووية اليابانية الذاتية. أما دول أميركا اللاتينية فهي منقسمة إلى تيارين متنافسين من قوى اليمين واليسار، مع اعتبار أدنى وأدنى للولايات المتحدة بوصفها لاعبًا دوليًا كبيرًا. وفي أوروبا وأواسط آسيا، تتحرك روسيا بسرعة لاستعادة جزء من نفوذها المفقود وإظهار قوتها أينما أمكنها ذلك. وصارت كثير من الصراعات المحلية، التي أخمدت بفضل الولايات المتحدة، مشتعلة مرة أخرى، من إقليم القوقاز وحتى شبه القارة الهندية الباكستانية. ويتفاقم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الفراغ الناجم عن الانهيار التام لمحادثات السلام برعاية الولايات المتحدة. إن نهاية السلام الأميركي قد تتحول إلى صالح المواطنين الأميركيين، وفي تلك الحالة، يمكن لأوباما أن يدخل التاريخ من واقع رؤاه الحكيمة للمستقبل. ومع ذلك، حتى إذا كانت تلك هي الحالة، فهناك مصالح جمة للملالي لتشجيع أوباما على المضي قدمًا في الاستراتيجية الحالية، وفي حدود إمكانياتهم المتواضعة، مساعدة خط أوباما على الاستمرار تحت حكم بايدن، أو كيري، أو حتى هيلاري كلينتون، من واقع أسوأ الخيارات المطروحة على الطاولة. قد يرى كثيرون أن عالم «نهاية أميركا» يعد أكثر خطورة مما يبدو. ولكن الملالي، رغم كل شيء، سوف يعتبرونه تحقيقًا حيًا لحلم الخميني.

إيباك.. تناقض في الخيارات
إيلي ليك/الشرق الأوسط/23 تشرين الأول/15
بعدما انبرى أعضاء مجلس الشيوخ للدفاع عن الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس أوباما مع إيران، تساءل الكثيرون في واشنطن ما إذا كان أعضاء الكونغرس المؤيدون للاتفاق سوف يدفعون الثمن الذي يدفعه اللوبي الموالي لإسرائيل، الذي حارب بكل قوة لعدم إتمام الاتفاق. المؤشرات الأولى التي خرجت عن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «إيباك» تقول: إن الغالبية لن تفعل. واستضافت «إيباك» الاثنين كريس كونز، السيناتور الديمقراطي عن ولاية ديلوير الذي دعم الاتفاق الإيراني رغم مغازلة لجنة أيباك له لحثه على معارضة الاتفاق، في حفل غداء أعده أعضاء اللجنة من العاملين في مجال العقارات. وأكد المتحدث باسم كونز، سين كويت، حضور السيناتور حفل الغداء الذي أعدته «إيباك»، مضيفا: «أعتقد أنه حتى هؤلاء الذين يرفضون قرار السيناتور بشأن الاتفاق النووي، يدركون أنه يجب أن يبقى صديقا قويا لإسرائيل وللجالية الموالية لها». فموائد الغداء كتلك التي حضرها كونز الاثنين في نيويورك، تعتبر إحدى تلك الفوائد التي يجنيها أعضاء الكونغرس الموالون لإسرائيل، إذ أن لأعضاء لجنة «إيباك» الذين يحضرون تلك الولائم، جيوبا عميقة وصلات بكلا الطرفين. وتعني دعوة كونز كي يكون متحدثا أثناء حفل الغداء أن «إيباك» مستعدة في بعض الأحيان أن تنسى التصويت لاتفاق إيران وتركز على الاحتفاظ بأصدقائها في الحزب الديمقراطي بدلا من محاربتهم. وأخبرني ستيف رابينويتز، عضو ديمقراطي سياسي نشط وموظف بالبيت الأبيض في عهد كلينتون، أنه سعد بدعوة «إيباك» لكونز كي يتحدث. وأضاف ستيف «ننتظر جميعا لنرى ما ستفضي إليه تلك الديناميكية بعد التصويت للاتفاق الإيراني، وإلى أي مدى سوف تصل تنازلات «إيباك» والجمهوريين بالكونغرس ووزارة الخارجية الإسرائيلية». وحسب مصادر قريبة من اللجنة طلبت عدم ذكر اسمها، في أعقاب هزيمة لجنة «إيباك» في معركة الاتفاق الإيراني الشهر الماضي، أجرت اللجنة نقاشا داخليا حول ما إذا كان بمقدور أعضائها بالكونغرس استعادة قدرتهم على الردع. فقد انتهى الحال باثنين وأربعين عضوا ديمقراطيا بالحزب معارضين لـ«إيباك» في مجلس الشيوخ، وهو عدد يكفي لمنع التصويت لقرار ضد الاتفاق الإيراني. وحتى الآن لم تشر «إيباك» إلى الانعكاسات السياسية لذلك. وأخبرني أحد زعماء اليهود بالولايات المتحدة أنه قد يكون هناك عضو أو عضوان ديمقراطيان مكلفان إرسال رسالة، غير أن أغلب الديمقراطيين الذين صوتوا للاتفاق، سوف يكونون موضع ترحيب في الجبهة الموالية لإسرائيل مجددا. وأبلغني ستيف روسين، مدير سابق لإدارة السياسة الخارجية بلجنة «إيباك»، أن اللجنة سوف تميل للعمل مع الديمقراطيين بدلا من تحويلهم لأعداء، مضيفا: «ما من شك في أن قادة إيباك غير المحنكين سوف يقومون بجمع التبرعات في المستقبل لأعضاء الحزب الديمقراطي، الذين صوتوا للاتفاق الإيراني». وأضاف أنه لم يكن عمليا أن تقاطع «إيباك» 42 عضوا ديمقراطيا بمجلس الشيوخ ممن أيدوا الاتفاق الإيراني الذي أبرمه الرئيس أوباما. وحسب روزين: «عندما يكون عندك رجال مثل كونز، ممن لهم سجل طويل من التصويت في صالح إسرائيل، فسوف تستمر أيباك في العمل معهم». بيد أن هناك سببا آخر لعدم قدرة لجنة «إيباك» على معاقبة الكثير من أعضاء الحزب الديمقراطي على أصواتهم التي منحوها للاتفاق الإيراني: بالنظر إلى المهمة الأساسية لذلك اللوبي، وهي حماية وتعزيز العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فلن تستطيع أن تحقق ذلك إذا كان كل أصدقائك في واشنطن ينتمون إلى حزب سياسي واحد، خاصة إذا كان الرئيس ينتمي للحزب المقابل.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

 

 

ضمانة بوتين الناقصة للحل السوري
وليد شقير/الحياة/23 تشرين الأول/15
استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعه مع بشار الأسد بذكاء، حين جعل الأخير يردد كلامه عن أن روسيا مستعدة ليس فقط للمساهمة في العمليات الحربية ضد الإرهاب، بل وفي العملية السياسية. فالأسد قال وأنظاره تشخص الى بوتين: «الجميع يفهم أن أي عمل عسكري يفترض خطوات سياسية لاحقة».
قال الأسد هذه العبارة بعد الاجتماع الثنائي مع بوتين، حيث جرى بحث الأمور الجوهرية. بدا الأسد وهو ينظر الى مضيفه كأن نظراته تسأل عما إذا كان كرر في شكل مرضٍ ما لقنه إياه سيد الكرملين عن أهمية الحل السياسي. فالأسد دأب في الأشهر الماضية، قبل التدخل العسكري الروسي في سورية على القول إن لا حل سياسياً قبل القضاء على الإرهاب. لكنه في زيارته موسكو وشكره مرتين روسيا لتدخلها، ظهر مثل زعيم أحد الأحزاب أو الأحياء اللبنانية، اعتاد أن يكرر ما يطلبه منه ضباط المخابرات السوريون، بأن يشكر الأسد والقيادة السورية على التدخل في لبنان في حقبة الوصاية السورية.
وعلى رغم أن زيارة الأسد موسكو تعطيه دفعاً في الشكل، يستمد زخمه من اشتراك الدب الروسي في القصف الوحشي لقوات المعارضة السورية، لا سيما تلك غير المنتمية الى «داعش» أو «النصرة»، لأن نصيب هذين التنظيمين من الحمم الروسية لا يتعدى الـ25 في المئة، فإن هذا الدفع لا يلغي الحقيقة القائلة بأن الانغماس الروسي في الحرب السورية، هو نوع من «الإلغاء»، أو «الإزاحة» للأسد عن تصدر المواجهة في حرب النفوذ الدولي الدائرة على الأرض السورية. فالرئيس السوري والدعم الإيراني له لم ينجحا في ضمان صموده في هذه الحرب، ما دفع موسكو الى التدخل المباشر، مسقطة بذلك حجتها القائلة بأن الأسد يتمتع بالدعم الشعبي والعسكري الداخلي، لتبرير دعمها إياه. فلو صح ذلك لما اضطرت للتدخل المباشر.
أما في الجوهر، فإن موسكو أرادت تجديد التأكيد بأنها لن تواصل تدخلها في سورية الى الأبد وأنها تسعى الى الحل السياسي وأنها تبرهن عبر استقبالها الأسد أنها مستعدة لبذل جهودها لأجل قطع طريق الألف ميل وصولاً إليه. فهي تدرك أن بين خيارات الغرب تركها تغرق في المستنقع السوري وتحضر منذ الآن للتسوية السياسية تفادياً لذلك. بعث بوتين بأكثر من رسالة مع تأكيد نيته التحضير للحل السياسي، بدءاً باتصاله بقادة السعودية ومصر وتركيا والأردن لإطلاعهم على محادثاته مع الأسد، ولإعادة طمأنتهم الى أن خوضه الحرب على الملعب السوري لا يستهدف السنّة. وأعقب تلك الرسالة بأخرى بلسان وزير خارجيته سيرغي لافروف، بأن لا بد من إشراك مصر والأردن والإمارات وإيران وقطر بالحل في سورية، وبأن الحل الذي يحتمل السعي إليه يأخذ مصالح الدول الإقليمية كلها فيه، وبالتالي لا يخضع لمصالح حليفه الإيراني وحده.
يسعى القيصر الروسي الى البناء على إيجابيات في علاقته مع معارضي تدخله العسكري في سورية، ومنها: 1 – تلميح السعودية، تحت سقف موقفها الثابت بوجوب رحيل الأسد، بأن على الأسد أن يتنحى ما أن تتشكل هيئة انتقالية وفق بيان جنيف عام 2012، والذي رأى فيه مراقبون ليونة تجاه إمكان بقائه لفترة من مراحل الحل السياسي. 2 – إعلان تركيا أنها قد تقبل بقاء الأسد 6 أشهر من المرحلة الانتقالية، في وقت تتردد أنباء عن أن بعض الدول العربية قد أسرّ بإمكان بقاء الأسد سنة (أو سنتين حتى)، لكن مع تعهد روسي واضح لهذه الدول بأن الأسد يرحل في نهاية المرحلة الانتقالية، لكن موسكو أحجمت عن إعطاء هذا التعهد. 3 – أن علاقة موسكو بواشنطن تشهد تقارباً في بعض النقاط مقابل الخلاف على التدخل في سورية، تشمل ثبات الهدنة في أوكرانيا والتوافق على مواجهة الإرهاب في أفغانستان، التي أوجبت بقاء قوات أميركية فيها. 4 – أن موسكو تنتظر مقابلاً من دول الخليج على موقفها في اليمن الذي يتمسك بتطبيق القرار الدولي 2216 الذي عاد الحوثيون فقبلوا به بعد مراوغة لأسابيع نتيجة الرفض الخليجي إشراك إيران في الحل السياسي اليمني. لكن التحضير الروسي الطويل الأمد للحل في سورية ما زال بعيد المنال، نظراً إلى أن الإصرار على اشتراك إيران في هذا الحل يصطدم بعدم اعترافها حتى الآن بقرار جنيف1 الذي ينص على المرحلة الانتقالية. فمع أن تدخل موسكو في سورية جعلها عراباً رئيساً مفترضاً للحل السياسي قياساً الى دور طهران، فإن الأخيرة ما زالت بعيدة عن أي صيغة انتقالية وفق بيان جنيف، في وقت يصعب أي حل من دون اعتماده القاعدة الرئيسة. لم يأت بوتين ولا الأسد على ذكر جنيف خلال لقائهما، فهل لأنهما ينتظران موافقة طهران عليه، أم أن الأخيرة لن تسلم به قبل القبول الخليجي بالتطبيع معها، أم أنها تنتظر أن ينسف التدخل الروسي جنيف1؟