داود البصري:البلطجة الروسية في المصيدة/أحمد ياسين: محسن كديور منتقداً نظرية ولاية الفقيه/نديم قطيش: هل قرأ الرئيس بري نص نصر الله/ايران -روسيا: تحالف ام وراثة

452

هل قرأ الرئيس بري نص نصر الله؟
نديم قطيش/الشرق الأوسط/09 تشرين الأول/15
لم يعد مجديًا انتظار أي فضيلة من الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله. ما يتفاداه في خطاباته العلنية يقوله في اللقاءات الخاصة التي توزّع محاضرها على الأذرع الإعلامية للحزب.. يقوله بصدق وبحدة من دون المجاملات التي يمليها عليه المنبر. لم يعد مجديًا الرهان على تصريح تسووي هنا، أو انحناءة خطابية هناك، أو مواربة شفهية في نصه. نصه الحقيقي هو ما قرأناه قبل أيام. الأهم أن يكون رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قرأ كلام شريكه في الثنائي الشيعي الحاكم للطائفة. هل تمعنت يا دولة الرئيس في نص «إعلان الحرب» المتجدد على السعودية بحجج قديمة وذرائع واهية واتهامات لا يسندها الدليل بقدر ما تنهض بها طاقة الحقد على السعودية وعلى كل عربي يرفض الاستكبار الإيراني؟ اتهم نصر الله، خلال لقائه السنوي مع المبلّغين وقارئي العزاء، يوم الاثنين الماضي، السعودية بأنها «هي التي قتلتنا في حرب عام 2006»، و«المسؤولة عن كل القتل في المنطقة». هل هي السعودية نفسها التي راهنتَ عليها، في خطاب إحياء ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر قبل أقل من شهرين، لإطلاق «الحوار العربي وجواره، وإغلاق الملفات الدموية، وبناء محور (مصر – السعودية – إيران – سوريا)»؟ لك أسبابك في إدراج سوريا في هذا المحور، وأنت أبرز العارفين أن هذه الـ«سوريا» انتهت. ولك فضيلة إبقاء شيعة حركة أمل خارج نارها ودمارها وجرائمها حتى حين حاول حزب الله إحراجك. ألم تسمِّ أنت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حكومة المقاومة السياسية في «حرب» 2006؟ لماذا خذلت نصر الله بهذا التوصيف، في حين أن تصريحاته اليوم ينبغي أن تعني أن السنيورة أسهم، «كعميل سعودي»، في الذبح الذي رعته وترعاه الرياض؟ إما أنك تخونه؛ وإما أن ما يقوله اليوم هراء هراء! هل هي السعودية نفسها التي يعبئ نصر الله أنصاف الأميين والجهلة ضدها باعتبار أن «الخطر الوجودي في المنطقة هو الخطر الوهابي»، وأن دورها «منذ تأسيسها هي وإسرائيل خدمة مصالح الأميركيين في المنطقة.. فهي التي موّلت الحروب منذ حرب صدام على إيران، ومن ثم في أفغانستان وباكستان والعراق.. والمخابرات السعودية أدارت المجموعات التكفيرية في العراق منذ عام 2003»؟! هدئ من روعه يا دولة الرئيس. من المفيد تذكيره بأن إيران كانت رأس حربة في حرب جورج بوش على كل من أفغانستان والعراق، وباعتراف عدد من المسؤولين الإيرانيين من فريق الرئيس محمد خاتمي، وأنها تحولت بعد سقوط طالبان إلى أكبر مأوى لـ«القاعديين» الذين ليس أقلهم صهر بن لادن نفسه، فيما أفرجت مؤخرًا عن عدد من كبار قياديي «القاعدة» ليعيدوا بناء التنظيم الإرهابي على الحدود بين أفغانستان وباكستان، وأبرزهم المصري سيف العدل المتورط في الاعتداءين على السفارتين الأميركيتين في شرق أفريقيا في 1998، والكويتي سليمان أبو غيث، الناطق السابق باسم «القاعدة» عند وقوع جريمة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وأبو الخير المصري القريب من زعيم التنظيم الحالي أيمن الظواهري، وثلاثة من أفراد عائلة زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن. ومن المفيد أن تحضه، يا دولة الرئيس، في المرة المقبلة التي يلتقي فيها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، على سؤاله لماذا طالب ذات يوم بمحكمة دولية تحاسب نظام بشار الأسد عن جرائم التفجيرات القاعدية في بغداد. ليس حضه من باب العلم، بل من باب رد الأذى عن شيعة لبنانيين عرب يغامر، عبر غضبه، بمستقبلهم ومعيشتهم وشروط الاستقرار في مهاجرهم التي دفعهم إليها حين لم يبقِ لهم بلدًا أو وطنًا أو اقتصادًا!! يكفي أن تراجع عدد الذين عادوا إلى لبنان بين عامي 1992 و2005، ومن غادروه بعد حرب «لو كنت أعلم» عام 2006، ليظهر لك ذلك. حبذا لو تذكره بأن ما ذبحنا هو غروره وزهوه وعنجهيته التي تدفعه للظن، بحسب ما نقلت وثائق «ويكيليكس» عن وزير من وزرائك، بأنه «أكبر من صلاح الدين، وأكبر منّا كلّنا». علّك يا دولة الرئيس تقرأ نصه بتمعن لتحدّث الشيعة اللبنانيين أن حملة نصر الله على السعودية في موضوع حادثة الحج جزء من حملة إيران عليها، وأن ما اتهم به السعودية من «سلوك داعشي» وتعمد القتل عبر إغلاق «أحد المسارب مع العلم بأن الحجاج من جنسية معينة يسلكون هذا الطريق!»، خالفه مسؤولون إيرانيون من الشيخ رفسنجاني إلى وزير الصحة الإيراني!! لا تفعل ذلك حرصًا على سمعة السعودية، فهي لا تحتاج إلى ذلك، بل دفاعًا عن مصالح شيعة يدفعهم نصر الله إلى الجنون والحقد الأعمى.أتوجه إليك، مدركًا كمّ الماء في فمك.. لكن المساحة الآخذة في الاتساع بين نصك العربي ونصه ما عاد مسموحًا أن تبقى تحت مظلة التمايز الحميد. أنت مسؤول ومطالب، باسم الحرص على الشيعة اللبنانيين، بأن يصير هذا التمايز شاهدًا على الحق والحقيقة، وترياقًا لسموم التحريض والتعمية والأحقاد. ما عادت مقبولة ولا كافية الاستعاضة عن الشجاعة الوطنية والسياسية بنصوص موسمية في الحذلقة والتمايز.
دولة الرئيس نبيه بري، الساكت عن الشيطان.. شيطان آخر!

محسن كديور… منتقداً نظرية ولاية الفقيه
أحمد ياسين/جنوبية/ 8 أكتوبر، 2015
ترجم الباحث والكاتب اللبناني، السيد مهدي محمد حسن الأمين، كتاب “الحكومة الولائيّة” الذي هو كتاب جديد، للباحث والكاتب الإيراني، الشيخ الدكتور محسن كديور.
“الحكومة الولائية” هو حلقة من سلسلة “كتاب الاجتهاد والتّجديد”، ولقد صُدِّر بكلمة للشيخ حيدر حبّ الله. وهذا الكتاب الصادر بترجمته العربيّة، (عن “مركز البحوث المعاصرة”)، هو من منشورات “مؤسسة الانتشار العربي” في بيروت، في طبعة أولى عام 2015″.
ولقد جاء متنُ هذا الكتاب مسبوقاً (إضافة إلى الكلمة التصديرية)، بالتّعريف بالمؤلِّف، وبمقدمة المؤلِّف للترجمة العربية للكتاب، وبملاحظات عامة حول الكتاب، وبمقدمة المؤلِّف الأساسية للكتاب (وهي باللغة العربية أيضاً)، وبالدِّيباجة التي استند إليها كديور في اشتغاليّته البحثيّة لموضوع هذا الكتاب.
ومما جاء من قولٍ لكديور، في المقدِّمة الأساسية: الأسئلة الأساسية التالية ومن ثم توضيحه لها: ما المراد من الولاية؟ وبأيّ معنى استُعملت في القرآن والسُّنّة؟ وماذا أراد المتكلّمون والمفسِّرون، وخاصّة الفقهاء من معناها؟ وما هي الحكومة التي يطلق عليها “الحكومة الولائيّة”؟ وبماذا تتميّز الحكومة الولائيّة عن غيرها من الحكومات؟ وهل يراد “بالولاية” ولاية الفقيه؟ وهل الحكومة الولائية هي الولاية العرفانية، أم المقصود منها الولاية العقائديّة وولاية أهل البيت؟ وهل تُعَدّ ولاية الفقيه من أصول الدِّين الاعتقادية وأركان المذهب، أم هي مجرّد مسألة كلاميّة بحتة؟ وهل تُعَدُّ ولاية الفقيه من الأوليات والبديهيات العقلية؟ وهل هي ضرورة من ضروريات الدّين أم من ضروريات المذهب؟ ثم هل تُعَدُّ هذه الولاية ضرورة فقهيّة أم مسألة من المسائل المتّفق عليها ومحلّ إجماع فقهاء الإماميّة؟ وما هو المراد من “أصل عدم الولاية”؟
وهل تُسانخ الولاية العامة للفقيه في أصل الولاية، الولايات الشّرعية الأخرى في الفقه أم تختلف عنها؟ وأساساً ما هو المراد من الولاية الشرعيّة؟ وهل تُعتبر الولاية الشرعيّة ممكنة من دون أولياء ومولَّى عليهم؟ وما هي مقوّمات المُولَّى عليه وخصائصه؟ وهل للفقهاء ولاية شرعيّة على الأمّة في شؤونها العامة؟ وما هو الدّليل على تعيين الفقهاء ولاةً؟ وما هي الأدلّة القرآنية والرِّوائية لولاية الفقيه على الأمّة؟ وهل هناك دليل عقليّ “مستقلّ أو غير مستقلّ” عليها؟ وهل للأمّة حق التصرّف في شؤونها العامّة – سواء أكان هذا التصرّف قبل إذن سابق من الفقيه أم بعد إمضائه – أم أنها غير مؤهّلة لذلك؟
وما هو الفرق بين الولاية على الأمّة والوكالة عنها؟ وهي يمكن الجمع بينهما؟ وما هو الفَرْق بين ولاية الفقيه على الأمّة وإشرافه عليها؟ وما الفرق بين ولاية الفقيه وجواز التصرُّف من باب القدر المتيقَّن؟ وهل يمكن للأمّة انتخاب الوليّ والفقيه وعزْله في الحكومة الولائيّة؟ وهل يُعتبر الفقيه مسؤولاً أمام الأمّة وممثِّليها في الحكومة الولائيّة؟ وهل للأمّة حق في الإشراف القانونيّ على أعمال الوليّ الفقيه؟ وهل يُقيَّدُ الوليّ الفقيه بالدستور أم أنّ شرعيّة الدستور مستمدَّة منه؟ وهل يمكن اعتبار الولاية عقداً بين الأمة والحاكم أم أنها حُكْمٌ إلهيّ؟ وما هو دور الأمّة، وما هي وظيفتها في الحكومة الولائية؟ ومتى طُرحت الولاية العامّة للفقيه في الفقه الشّيعي؟ ومتى كان طرحُها في الشارع الإيراني، من خلال شعارات الثورة وبيانات السيد الخميني العامّة؟ وهل كانت مسألة الحكومة الولائيّة في فكر السيد الخميني ثابتة أم متغيرة؟ وما هو الفرق بين الجمهورية الإسلامية وبين نظام الملكيّة الدستورية والملكية المطلقة؟ ومتى وكيف تمّ تعريف الشعب الإيراني على نظام الجمهورية الإسلامية من قِبَلِ مؤسِّس هذا النظام، أي السيِّد الخميني؟ وما هي النسبة بين ولاية الفقيه والنظام الجمهوري؟ وكيف تمّ إدخال أصل ولاية الفقيه في دستور الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية؟ وكيف تم تكييف ولاية الفقيه والحكومة الولائية مع نظام الجمهورية الإسلامية؟
فلقد تم تأليف كتاب “الحكومة الولائية” في إطار الإجابة عن الأسئلة المتقدِّمة وما كان على شاكلتها. ويتكفّل هذا الكتاب (وهو مجلد ضخم يربو على 537 صفحة من القطع الكبير) بالحديث عن محور “الولاية”، وذلك عبر متنه المكوّن من قسمين اثنين: (وقوامها أربعة وعشرون فصلاً)، والقسم الأول يدور حول “المبادئ التصوّرية للولاية”، والقسم الثاني، يستعرض “المباني التصديقية للولاية”، والحكومة الولائية هي – وعلى ما يعرِّفها المؤلف – الحكومة القائمة على “نظرية (ولاية الفقيه)”. وهذا الكتاب يتضمّن نقد نظرية ولاية الفقيه في إطار الفقه التقليديّ، وذلك على أساس المباني الكلاميّة والأصولية السائدة في الحوزات العلمية. كما أنه يمثل تحليلاً نقدياً للنظرية الرسمية على أساس الضوابط الدينية المتبعة. هذا ويجزم كديور قائلاً في مقدمته للترجمة العربية للكتاب، وبتأكيد جلي وواضح: إن “الحكومة الولائية” القائمة على نظرية “ولاية الفقيه”، هي حكومة تتعارض مع الحكومات المنتخبة، أي الحكومات التي يتم فيها توكيل الدولة من قبل أبناء الشعب والأُمّة.

ايران -روسيا: تحالف ام وراثة؟
نديم قطيش/المدن/الخميس 08/10/2015
لعله سؤال المليون دولار كما يقال في برامج الالعاب التلفزيونية. هل دخلت روسيا الى سوريا لرفد الدور الايراني ضمن مشروع المحور الواحد أم دخلت في لحظة مناسبة لوراثة نفوذ إيران؟
من جهة لا مؤشرات عملانية حتى الآن لإلقاء الشك حول تماسك التحالف “الروسي الايراني”، أقله مدفوعاً بالحاجات المتبادلة. ومن جهة أخرى، وبخصوص التصورات المشتركة الروسية الايرانية للأزمة السورية ومستقبلها وطبيعة الصراع الذي تعنيه، فهذا ما بات يحاط بشكوك كبيرة لا سيما في ظل التنسيق الروسي الاسرائيلي والضمانات والتطمينات التي يفترض أنها تعاكس اساس مشروع محور المقاومة والممانعة.
اذذاك من الصعب الاطمئنان الى إجابة حاسمة عن سؤال المليون دولار، الذي يزداد إلحاحاً. فالتدقيق في بعض المعطيات المتداولة في الساعات الماضية يفيد أن الحقيقة هي، على الأقل، في منزلة بين المنزلتين!
في تقرير لوكالة رويترز مسند الى عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في المنطقة، تكشف الوكالة أن خطة التدخل العسكري الروسي في سوريا ضمن تحالف روسي ايراني ولدت من فكرة إيرانية سوقها في موسكو قائد الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني. وهي أعقبت إتصالات جرت بين المرشد الإيراني علي خامنئي وموفدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
اللافت في التقرير ليس التنسيق البديهي بين حليفين في أزمة بعمق الازمة السورية.اللافت هي دوافع التنسيق نفسه التي يُرجعها التقرير الى الذعر “من الإنتصارات المتتالية للمتمردين” ، وقناعة الحليفين بحقيقة “الوضع المتردي في سوريا وتقدم الثوار بإتجاه الساحل وتهديدهم بالتالي قلب الاقليم العلوي الذي يحتضن القاعدة البحرية الروسية الوحيدة على ضفاف المتوسط”. ما يعنيه ذلك أن حكاية التحالف هي عملياً حكاية الفشل المريع للمشروع الايراني في سوريا وفشل طهران والمليشيات التابعة لها، كحزب الله، في تحقيق أهداف التدخل في سوريا رغم الكلفة الدموية الهائلة والاضطرار للإستعانة “بالصديق” الروسي.
المصادر التي تحدثت اليها رويترز قالت إن “شروحات سليماني أججت إحساس المسؤولين الروس بسرعة تردي الاوضاع  على نحو وضع نظام الاسد في دائرة التهديد” على الرغم من أهازيج الإنتصارات التي تتردد في بيروت وإعلام الممانعة وخطابات قادتها.
وبالتالي فإن الشراكة الروسية الإيرانية هي شراكة بين غريق ومنقذ، وليس شراكة بين متساويين، وهو ما يشجع على الاستنتاج أن موسكو لا تستثمر كل هذا الاستعراض العسكري بما يحمله من أثمان سياسية وديبلوماسية فقط لاعادة سوريا الى ايران.
وكأنه التاريخ يعيد نفسه في سوريا.
إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢ أوفد الخميني لحافظ الاسد يعرض عليه المساعدة عبر إرسال كتائب تابعة للحرس الثوري الإيراني الى جنوب لبنان. رفض الاسد عرض الخميني، مطمئناً من جهة لحدود الإجتياح الاسرائيلي “المتفاهم عليه“ مع تل ابيب لإخراج منظمة التحرير من لبنان، وحَذِراً من جهة أن لا تدخل إيران الى ساحته وميدانه. غير أن تجاوز إسرائيل للخطوط الحمر وعبور دباباتها منطقة جزين دفعت الاسد لتغيير سياسته والترحيب المر بالحرس الثوري. ثم ما لبث ان اصطدم الحرس بحركة أمل وإستحوذت ايران خلال سنوات قليلة على كامل الدور السوري في جنوب لبنان.
إيران اليوم هي سوريا حافظ الاسد “وساحة” سوريا هي ساحة جنوب ذلك الزمن.
ما يرفد هدا السياق، الذي سيأخذ وقتاً قبل تبلوره، ما كشفته بالتزامن مع تقرير رويترز، مجلة “درشبيغل” عن عمق التنافس الايراني الروسي في سوريا.
تكشف المجلة الألمانية في تقريرها أن التدخل الروسي الأخير في سوريا أتى بعد لجوء الأسد إلى موسكو بحثًا عن الدعم، لا بوجه أعدائه من الثوار والمسلحين، ولكن بوجه حليفه الرئيسي كما يُفتَرَض، وهو النظام الإيراني. معلومات التقرير يؤكدها للمجلة مصدر مسؤول روسي عمل طويلًا في سفارة روسيا بدمشق قال إن الأسد ومعاونيه يتخوفون من إيران، وإنهم غاضبون من عجرفتها في التعامل مع نظام الأسد وسوريا بأكملها كمستعمرة خاصة بهم، ولا يثقون بأهدافها والتي قد لا يكون بقاء الأسد مهمًا لها هذه الأيام، وهو ما لجأ بهم إلى جذب موسكو إلى الساحة.
تستعرض المجلة حزمة وقائع مهمة حول العلاقة الايرانية الروسية في السنوات الفائتة أبرزها الخلاف بين الاسد وطهران حول مكانة جيش الاسد النظامي الذي تتضاؤل أهميته على الأرض مقابل تزايد دور المليشيات التابعة لايران. ويشير التقرير الى محاولات ايران مد نفوذها الشيعي مباشرة، في بلد لا يمثل المذهب الجعفري فيه سوى نسبة ضئيلة، عبر الضغط لفرض تدريس المناهج الشيعية وبناء الحسينيات في اللاذقية ودمشق لنشر المذهب الشيعي بشكل أثار حفيظة العلويين أنفسهم. والى “التمدد الثقافي” تشير المجلة الى التمدد الاقتصادي المباشر ”حيث انتشرت مؤخرًا مجموعات من رجال الأعمال الإيرانيين تستحوذ على أراض وأبنية في دمشق” وهو ما كان مثار اعتراض في بعض مقالات كتبها “ممانعون” في منابر حليفة “لمحور المقاومة” قبل اسابيع معترضين على الرهونات التي تطلبها السلطات الايرانية مقابل استحقاقات ديون لا يبدو الاسد قادراً على الوفاء بها.
يحشد تقرير “در شبيغل” وقائع كثيرة تشير الى واقع الهيمنة الايرانية على النظام في سوريا كواقعة الزبداني ورعاية طهران لهدنة ومفاوضات هناك بين المتمردين وحزب الله بشكل مستقل عن الادارة السورية في دمشق. كما يضع التقرير مقتل رئيس إدارة الأمن السياسي رستم غزالة وإعفاء ذو الهمة شاليش قائد الحرس الرئاسي من منصبه في سياق التخلص من الشخصيات التابعة للاسد والمتحسسة من تنامي النفوذ الايراني على قرار دمشق.
تزامن تقرير رويترز و “درشبيغل” وتقاطعهما يعطي مؤشرات حول الاجابة عن سؤال المليون دولار، وإن كان من المبكر الجزم في أي إتجاه ستذهب المغامرة الروسية.
المؤكد أن الاسد كاد أن يسقط. أن إيران بكل ثقلها المالي والاستخباراتي والعسكري والميليشياوي هزمت في سوريا الاسد.

البلطجة الروسية في المصيدة
داود البصري/السياسة/09 تشرين الأول/15
حلف “نوروز” الإرهابي الذي يضم كل من نظامي دمشق وبغداد والنظام الإيراني وعصابة حسن نصر الله, تعزز أخيرا بمخالب وأنياب نووية وعابرة للقارات من خلال انخراط الحليف “المافيوزي” الروسي في المعركة المفتوحة في الشرق القديم, وبذريعة شنه لحرب وقائية ضد التنظيمات الإرهابية! بينما الحقيقة الساطعة والمعروفة سلفا, تتمثل في تفعيل معاهدات التحالف الستراتيجية مع النظام السوري رغم كونه أكبر نظام إرهابي, بل أنه مصنع لتفريخ الجماعات الإرهابية في العالم. القيصر المافيوزي ( بوتين ) بلجوئه للبلطجة المباشرة من أجل حماية نظام حليفه المتداعي بشار لا يكرس نصرا ولا يدعم حقا, وهو طبعا لن يغير في نهاية المطاف من المصير المظلم لحليفه الذي سينهار حتما تحت ضربات شعبه, ولن تستطيع الصواريخ الروسية العابرة للقارات من حمايته أو شد أزره. لقد بدأت بواكير معركة مفتوحة لدعم عصابات طائفية منهارة, وتشكل تحالف خبيث للأشرار إمتد اليوم ليكون عدوانا روسيا قذرا, ليس على الشعب السوري فقط وخياره الوطني المستقل, بل تحول الهجوم الروسي عنوانا واضحا للابتزاز المافيوزي, فقيام الأسطول الروسي بقصف الأراضي السورية من بوارج حربية رابضة في بحر قزوين, هو رسالة عدوانية واضحة بتوسيع إطار الصراع, بل أنه أشبه بمقدمة حقيقية لحرب كونية كبرى جديدة يريد الروس من وراء التلويح بها فرض بلطجتهم, وتسويق سياستهم, وهو تحد خطير لم يواجهه العالم من قبل, ويتطلب تنسيقا وتعاونا شاملا ومدروسا بين القوى الحرة لإجهاض البلطجة الروسية, وبناء المشروع المقاوم لها, وإفشاله بالكامل.
الروس يلوحون بالصواريخ البعيدة المدى, ويتعمدون نشر الإرهاب المعلوماتي حول قدرات كامنة. وحول نشر قوات برية كبيرة في الطريق ويواجهون حلف الأطلسي بذلك في عمق وقلب الشرق الأوسط حيث تلتقي وتتقاطع المصالح الدولية, وبأسلوب إدارة للصراع يختلف عن الأسلوب السوفياتي التقليدي في أفغانستان الذي كان محصورا في الساحة الأفغانية وحدها وقتذاك, أما اليوم فالمواجهة كونية وتحولت كسر عظم بين الدول الكواسر التي تتطاحن على مصالحها المتنقلة على خارطة الصراع الدولية, ففي نهاية المطاف الغارات الجوية والصواريخ البعيدة المدى قد تستطيع تحقيق الصدمة للوهلة الأولى لكن سرعان ما سيتم إستيعابها وتنظيم الدفاع بطريقة تتناسب مع حجم الهجوم!
لقد بذلت الآلة العسكرية الجبارة للجيش الروسي الأحمر أيام الحقبة السوفياتية جهودا جبارة للحفاظ على نظام نجيب الله أمين الشيوعي, وقدمت آلاف الضحايا من عناصرها, واستنزفت حتى الموت من دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها الستراتيجية الكبرى, واليوم يكرر بوتين المشهد باستنساخ عجيب ولكن مع جرعات هائلة من الغرور المؤدي للهزيمة بعون الله, فالكلمة الأخيرة لم تقل بعد, ثم أن وزير الخارجية الروسي لافروف وهو يتهكم على الجيش السوري الحر بقوله بـ”إن روسيا ستتفاوض معهم إن بقي منهم شيء”! هو أمر لا يعبر عن قوة بقدر تعبيره عن غرور قاتل سيودي بإصحابه لموارد الهلاك.
باب المفاجآت في سورية لم يزل مفتوحا, وخيارات مواجهة الهجمة الفاشية العدوانية الروسية أكبر من أن يتم إغلاقه, فالمواجهة أضحت كونية ومفتوحة, ودول حلف “نوروز” الثلاثة إضافة لتابعهم اللبناني (حزب الله) هي في النهاية كيانات مفلسة لا تستطيع دعم الجهد العسكري والاقتصادي الروسي إلى ما لانهاية, بل أنها عبء ثقيل عليه, وإطالة المعركة سيؤدي لاستنزاف روسي قاتل سيدفع نظام الرئيس بوتين ثمنه حين يتصاعد صراخ الشعب الروسي من حجم التكلفة الحربية الإنسانية والمادية!
البلطجة والاستهتار واستعراض القوة أمور لا تنفع أبدا في تحدي خيارات الشعوب الحرة, فالشعوب أقوى من الأسلحة الفتاكة, وقيام الروس عبر بلطجتهم بفرض الحماية على نظام حليفهم المهزوم نظام دمشق لن يستطيع توفير حماية أبدية, له بل سيشحذ جهود كل القوى من أجل دحر الهجمة الفاشية الروسية, وهو الأمر الذي سيحصل في نهاية المطاف… فمن سيضحك أخيرا يضحك كثيرا… وعجلة التاريخ لن يوقفها قياصرة الإرهاب مهما تفرعنوا.