مشاري الذايدي: التدخل الروسي ومناخ التطرف/سلمان الدوسري: مواجهة روسيا بمناطق آمنة

402

التدخل الروسي ومناخ التطرف
مشاري الذايدي/الشرق الأوسط/05 تشرين الأول/15
كثر حذروا من مغبة التدخل الروسي في سوريا، وأنه سيزيد المشكلة ولن يحلها، مشكلة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها «داعش»، ذريعة التدخل الروسي أصلاً. وكثر حذروا من أن هذا التدخل الروسي لسوريا ربما سيوفر مناخًا متفاعلاً للتطرف والإرهاب، وتفشي الفكر «المتطرف» بأكثر نسخه تطرفًا، حتى الرئيس «المنظر» باراك أوباما قال ذلك. لذلك لم يكن غريبًا صدور بيانات التجييش والتعبئة من قبل بعض الجماعات والأسماء الأصولية، والدعوة لمواجهة التدخل الروسي في سوريا. قبل أيام حرض 52 ممن يسمون بالدعاة في السعودية على «النفير» في سوريا لقتال القوات الروسية، ودعوة – حسب نص البيان – «القادرين جميعًا من خارج السعودية إلى تلبية نداء الجهاد» في سوريا والقتال إلى جانب الفصائل المتطرفة في سوريا لمواجهة القوات الروسية. ومثل ذلك فعل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يتزعمه فقيه جماعة الإخوان يوسف القرضاوي. هذا بالضبط هو المتوقع من طريقة وأسلوب وخطاب التدخل الروسي في سوريا، فهو بطبيعته مستفز ومهيج. لماذا؟ لأنه ليس لمحاربة «داعش» فقط، فـ«داعش» ثمة تحالف دولي يحاربها بالفعل، ولو كان لدى الروس نقد لفعالية هذا التحالف، فلتدخل فيه وتقويه، كما قال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون. تدخل الروس هو لنصرة بشار الأسد، وكل «محور الممانعة»، هكذا يفهم الناس الأمور في منطقتنا تجاه التدخل الروسي. بعض ساسة الغرب يدرك ذلك، ولكن ما جدوى ذلك؟ قال روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية: «روسيا مهتمة بتعزيز جهود نظام بشار الأسد، أكثر من محاولة ضربها لـ(داعش)». أما رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون فاعتبر في مقابلة مع «بي بي سي» أن الروس «يدعمون الجزار الأسد.. ذلك سيجعل المنطقة أكثر اضطرابًا، وسيقود إلى مزيد من التطرف وتصاعد الإرهاب». وسائل الإعلام المناصرة لإيران وعملاء إيران في المنطقة، صارت تطلق على الرئيس الروسي بوتين لقب أبو علي، تحببًا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ذكرت وكالة «سحام نيوز» الإيرانية، أن القوات الإيرانية وعناصر حزب الله اللبناني يحضّرون لتنفيذ عمليات برية تحت إمرة القيادة الروسية. شئنا أم أبينا، نخشى أن يكون التدخل الروسي في سوريا بوابة لفصل دام من الحروب، وإنعاش كل الثقافة المتصلة بهذه الحروب. هل تفجير هذه الحروب من مصلحة السلم العالمي؟ قدرنا مواجهة هذا، في ظل غيبوبة أميركا، قائدة العالم.

مواجهة روسيا بمناطق آمنة
سلمان الدوسري/الشرق الأوسط/05 تشرين الأول/15
عقّدت روسيا المشهد السوري تمامًا أكثر من كل تعقيداته السابقة، تدخّلت بريًا صراحة وعلانية، وبلا مبرر منطقي. طوال أربع سنوات ونصف، ظلت موسكو تقول إن وجودها على الأراضي السورية، هو فقط في صورة خبراء عسكريين، ثم تحولت إلى إمداده عسكريًا، وخلال هذه الفترة كان حليفها نظام بشار الأسد يخسر على الأرض أكثر مما يكسبه، حتى أصبح ما يسيطر عليه حقيقة، أقل من ربع مساحة الدولة، فكان القرار الروسي بالدخول صراحة في حرب لصالح نظام بشار، وليس فقط ضد «داعش» والجماعات المتطرفة، بل، وهنا المفاجأة الكبرى، الحرب طالت المعارضة المعتدلة والمدنيين، في مواجهة مكشوفة أمام العالم أجمع.
هل تم التدخل الروسي بهذه الطريقة السينمائية بإخراج أميركي؟ لا يمكن الجزم بإجابة قاطعة، ربما الأيام القادمة كفيلة بمعرفة ما إذا كان الرد الأميركي يوازي موقفها المعلن، أم سيكون على الطريقة الأوكرانية، التي سمعنا فيها جعجعة أميركية وصل صداها للعالم بأسره، ولم نرَ من جرائها طِحنًا. الأهم في ظني هنا: ما هو موقف الدول العربية الكبرى؟ على اعتبار أنه لا يمكن التعويل على الجامعة العربية، التي لا تمتلك الأدوات التي تواجه بها المواقف المعقدة دوليًا. بالنسبة لدولة مثل مصر فهي لا تخفي ترحيبها بالتدخل الروسي الذي تعتبره جزءا متوافقًا مع سياستها في سوريا التي كانت ضد النظام، ثم تحولت محايدة ثم مالت لصالح النظام تحت ذريعة الحفاظ على مؤسسات الدولة، ولا شك أن هذا الموقف يسجل كنقطة سوداء في السياسة الخارجية المصرية التي لا يناسبها مثل هذا الدور أبدًا. أما السعودية فمع تصدرها للدول الداعمة للشعب السوري ضد نظام بشار الأسد، ومع سعيها لدعم المعارضة السورية المعتدلة واستمرارها في ذلك، فإن موقفها لم يتغير منذ اندلاع الأزمة السورية، بالحفاظ على وحدة سوريا الوطنية والإقليمية، والحفاظ على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وتشكيل مجلس انتقالي للحكم، لا مكان فيه لبشار الأسد أو من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري، في حين أن تركيا ومع توفر ميزة لا تملكها كل من مصر والسعودية، وهي حدودها الجغرافية البرية المتاخمة لسوريا والتي تساعدها في حال رغبت بتحرك عسكري، وكذلك كونها عضوًا في الناتو، فإن مجرد التفكير في مواجهة روسيا عسكريًا على الأراضي السورية، سيكون نوعًا من الانتحار السياسي، للأسف الحقيقة المرة أنه لا أميركا ولا دول الغرب «فكرت» في المواجهة العسكرية المباشرة، فكيف تفعلها دولة مثل تركيا وهي لا تقارن أبدًا لا سياسيًا ولا عسكريا، لا بأميركا ولا ببريطانيا أو فرنسا. هل هذا يعني أن يتفرج العالم على التدخل الروسي؟ بالطبع لا، مواجهة هذا التدخل الذي صبّ المزيد من الزيت على النار، يجب أن لا يعقّد المشهد أكثر مما هو عليه، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الساحة السورية أصبحت قنبلة موقوتة لما يمكن تسميته الحرب الدولية التي لا تبقي ولا تذر، بغض النظر عن اجتماع وزيري الخارجية الروسي والأميركي مؤخرًا، والذي ضمن أن لا يكون هناك تصادم عسكري بين البلدين. الحل الوحيد في تصوري لمواجهة التصعيد الروسي، يكمن في التحرك نحو إنشاء مناطق آمنة خالية من القصف في المناطق المحررة أصلاً، تحمي السوريين من إرهاب نظام بشار الأسد من جهة، وإرهاب «داعش» من جهة أخرى، وفي نفس الوقت توقف موجات الهجرة التي ستزداد بفعل التدخل الروسي الإيراني، هذه المناطق ستكون على الأقل حلاً مؤقتًا يحمي السوريين من ضربات روسية محتملة في ظل الاختلاف الدولي البائس بشأن تعريف المنظمات الإرهابية على الأرض في سوريا، كما ستمكن هذه المناطق الآمنة من عودة 7 ملايين لاجئ ومهاجر سوري، وستوفر فعلاً البيئة الآمنة للسوريين على الأرض. الكرة في ملعب واشنطن وحلفائها لاتخاذ خطوة عملية تساهم في التقليل من أثر التدخل الروسي بإنشاء المناطق الآمنة، هذا هو الحد الأدنى الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة لحفظ القلة القليلة الباقية من ماء وجه من كانت أقوى دولة في العالم.