علي حماده: عدوان روسي/طارق الحميد: نصر الله ونتنياهو في نفس الغرفة/حـازم الأميـن: شربل نحاس

258

عدوان روسي؟
علي حماده/النهار/1 تشرين الأول 2015
في بدء التدخل الروسي في سوريا، وبدلا من “داعش”، استهدفت غارات المقاتلات الروسية مناطق ومواقع تحت سيطرة الفصائل السورية المعارضة بما يتناقض مع الذريعة التي قدمها الرئيس فلاديمير بوتين لتدخله العسكري المباشر. ومن الواضح ان المعركة التي يخوضها بوتين هناك تستهدف اول ما تستهدف انقاذ نظام بشار الاسد من الانهيار، وخصوصا بعدما حقق الثوار نجاحات في مناطق الشمال السوري، اهمها في محافظة ادلب على تخوم الساحل السوري حيث نقطة ارتكاز النظام، ومحافظة حماه التي تربط بين الساحل وحمص ودمشق. من الواضح ان التدخل الروسي يأتي في محاولة روسية لملء الفراغ الذي خلفته سياسة الادارة الاميركية الحالية وقلب المعادلة لمصلحة “الحلف الرباعي” الذي يضم الى روسيا كلا من ايران، العراق ونظام بشار في سوريا. ومن المتوقع ان يحقق بوتين نجاحات، وان موقتة، ما دام اوباما يكتفي بمواقف لفظية معارضة لبقاء الاسد، ورفضه المستمر لرفع مستوى تسليح الفصائل المعارضة برفع الحظر عن تزويدها سلاحاً متطوراً مضاداً للطائرات بهدف تحييد سلاح الطيران الاسدي. والان وبعدما دخل سلاح الطيران الروسي مباشرة على الخط لمحاربة الثورة السورية، سيكون من شبه المستحيل ان يغير اوباما قراره برفع الحظر عن الصواريخ المضادة للطائرات، مخافة ان يعتبر الروس ان اميركا تدخل على خط مواجهة مباشرة. لم يكن لبوتين ان يقدم على خطوته الحالية لو لم يدرك ان ادارة اوباما محجمة عن اي تدخل جدي يسرع في انهاء الصراع في سوريا بإسقاط بشار الاسد، وادخال البلاد في مرحلة ما بعد النظام والاحتلال الايراني. اننا نقف اليوم بإزاء عدوانين ايراني وروسي على سوريا، فيما تعلن الكنيسة الروسية ان روسيا تخوض اليوم حربا مقدسة بما يذكر ويا للاسف بنداءات الحملات الصليبية قبل ألف عام، والتي أدخلت المشرق في قرنين من الحروب الدموية. ان التدخل الروسي هو بنظر ملايين من المسلمين والعرب في المنطقة عدوان موصوف، ولا يجوز التقليل من اهميته وخطورته على مستقبل المنطقة. و كما ادخل الاتحاد السوفياتي السابق منطقة وسط اسيا في عهد حروب لم تنته حتى اليوم بغزوه افغانستان، فإن التدخل المباشر في سوريا تحت شعارات “الحرب المقدسة” سيطيل عمر الصراع في سوريا، من دون ان يقضي على “داعش”، الذريعة التي يقدمها الرئيس بوتين، ومحاولة حسم الصراع في سوريا لمصلحة محور “الحلف الرباعي”.
ان الثورة السورية بفصائلها كافة مدعوة الى الاتحاد في مواجهة “الحلف الرباعي”، كما ان الدول الداعمة للثورة مدعوة الى تكثيف دعمها لها، وكسر الحظر الاميركي المفروض على السلاح النوعي، ولا سيما أن سياسة الرئيس الاميركي الرخوة والمتخبطة والمتواطئة ضد حلم السوريين بالحرية هي السبب الاول لاطالة عمر المجزرة الحاصلة في بلاد الشام. ان مسؤولية اوباما عن حمام الدم السوري اكبر واعمق من احلام بوتين وخامنئي الامبراطورية.

 

نصر الله ونتنياهو في نفس الغرفة
طارق الحميد/الشرق الأوسط/01 تشرين الأول/15
يبدو أن أول من استعجل، وتورط، في تقديم موقف سياسي إثر التدخل الروسي العسكري بسوريا هو حسن نصر الله الذي سارع إلى تأييد التدخل الروسي معتبرا إياه عاملا إيجابيا يساهم «بإبعاد الأخطار الكبرى التي تهدد سوريا والمنطقة»! تصريحات نصر الله تلك أظهرت تخبطا، وتناقضات كثيرة، حيث يقول إن التدخل الروسي جاء نتيجة فشل الأميركيين بمحاربة «داعش»، ومذكرا أن روسيا تطالب منذ شهور بتحالف جديد لقتال التنظيم المتطرف مع ضرورة ضم سوريا والعراق وإيران للقتال إلى جانب أميركا وحلفائها، مما يعني أن نصر الله كان ينتظر من واشنطن الانضمام للجهود الإيرانية بسوريا، والوقوف جنبا إلى جنب مع حزب الله! فهل هذا عجز في الفهم السياسي بالنسبة لنصر الله، أم أنه التفاؤل المفرط نتيجة الاتفاق النووي الإيراني الغربي؟ ومن يدري فقد يكون نصر الله غاضبا الآن بسبب استبعاد إيران من قمة مكافحة الإرهاب التي تعقد بنيويورك بمشاركة 100 دولة! قراءة نصر الله المرتبكة هذه لم تقف عند هذا الحد، حيث سارع بتأييد التدخل الروسي بسوريا في الوقت الذي كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطمئن فيه أولا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، حيث بادر بوتين بدعوته إلى موسكو شارحا له أسباب التدخل، واتفقا على إقامة لجنة تنسيق عسكري بين البلدين برئاسة نائب رئيس أركان الجيش الروسي والإسرائيلي، ومن المفترض أن تعقد هذه اللجنة أولى جلساتها بإسرائيل الأسبوع المقبل، فهل لا يزال نصر الله مقتنعا بإيجابية التدخل الروسي، ومرحبا به؟ إذا كان كذلك فهذا يعني أن نصر الله ونتنياهو باتا في شبه غرفة واحدة، وهي غرفة عمليات التدخل الروسي بسوريا، وهذا موقف متطور جدا بالنسبة لزعيم حزب الله أحد أكثر مستغلي شعار «المقاومة والممانعة» الكاذب! وهل هذا هو التحالف الذي يرحب به نصر الله، خصوصا وأنه بعد لقاء بوتين نتنياهو قامت إسرائيل بقصف مواقع تابعة لنظام الأسد في الجولان؟ الأغرب من كل ذلك أن الرئيس الروسي هو من أعرب عن قلق بلاده جراء هذا القصف، لكنه عبر بذات السياق عن «ضرورة احترام المصالح الإسرائيلية» المتعلقة بسوريا، فهل يشارك نصر الله الروس هذا الرأي، خصوصا وهو يقول بمعرض تأييده للتدخل الروسي: «قلنا قبل أعوام عندما قالوا إن سوريا ستسقط إن حلفاءها لن يتخلوا عنها»؟ فهل يتفهم نصر الله أيضا، ومثل الروس «ضرورة احترام المصالح الإسرائيلية» في سوريا؟ التساؤلات كثيرة بالطبع، لكن أهمها هو: لماذا تخبط نصر الله حتى بات يبدو في غرفة واحدة مع نتنياهو؟ الإجابة بسيطة، فترحيب نصر الله بالتدخل الروسي لم يكن موقفا سياسيا، بقدر ما أنه محاولة لحفظ ماء الوجه، وتبرير أسباب فشل حزب الله في سوريا، وتحديدا للأتباع في الضاحية الجنوبية، بعد كل هذا الدم، والخراب، والمخاطر. لذلك تورط نصر الله، وورطته مستمرة.

 

شربل نحاس
حـازم الأميـن/لبنان الآن/01 تشرين الأول/15
يتحفّظ كثيرٌ من المتحمّسين لحركة الاحتجاج اللبنانية على تصدّر شربل نحاس مؤتمراتٍ صحافية لبعض مجموعات الشباب المتظاهر. فيُورِدون أنّ نحاس كان وزيراً في حكومة القمصان السود، وقبل ذلك عمل مستشاراً اقتصادياً للطاغية السوري بشار الأسد، وربطته علاقات وثيقة مع وجوه النظام المخابراتي السوري – اللبناني إبّان عهد الرئيس إميل لحود. ومن كانت هذه حاله لن يكون أحد الوجوه الناصعة للحراك. قد تكون التحفّظات في مكانها إذا ما اعتبرنا أن حركة الاحتجاج جزء من مشروع متكامل ومنسجم للتغيير. لكن شروط نجاح الوثبة اللبنانية تفترض قدراً من التواضع. فأهمية ما جرى يكمن في مستويين، الأول أنه يُمثّل انفعالاً جماعياً على وقعٍ أقلّ طائفية ومذهبية ممّا دأبنا عليه من انفعالات في السنوات العشر الأخيرة، والثاني بأنه دعوة للذهاب في السياسة إلى سوية إدارة مصالح الناس المباشرة، وفي هذا حرف للسياسة عن المهمة التي أولاها إيّاها النظام الفاسد والمرتهن، والتي تتمثل بتوظيف كل شيء في خدمة المهمة الإقليمية. فليأتِ شربل نحاس إلى هنا إذاً. ليس مطلوباً أن نحبّه أو أن نؤمن به، وهو على كل حال لن يكون “قائداً”، وحين يجتمع خلفه بعض متظاهرين في مهمة فولكلورية كالتي شهدتها الـ”زيتونة باي” لن يجد مصفقين أكثر من بعض أيتام الحزب الشيوعي الحالي (وهو غير الحزب الشيوعي السابق). لا يملك نحاس تاريخاً ناصعاً لكي يكون وجهاً في الحراك، لكن من منّا يملك تاريخاً ناصعاً. الانقسام الذي يغذّي النظام الفاسد والمرتهن لم يُبقِ نصاعة على أي وجه تجاوز صاحبه الأربعين من العمر. في مقابل ذلك لا يملك واحدنا الحق في دعوة أحد لـ”العودة إلى الصفوف الخلفية”. فهذا أمر مرتبط بمروءة صاحبه. شربل نحاس لا يريد أن يعود إلى الصفوف الخلفية ولا يريد أن يُخلي المكان لغيره ممن لم يلوّثهم الانقسام! ماذا يمكننا أن نفعل؟ في الأمر دعوة إلى المغادرة، والمغادرة تعني عودة إلى زمن “سوكلين”!. بالنسبة إليّ المشاركة تعني استهدافاً لنظام الفساد الإقليمي. استهداف فؤاد السنيورة بالشعارات مساوٍ لاستهداف ميشال عون ونبيه بري. إنّه النظام الذي لا وظيفة له سوى أن يحفظ التوازن الذي يؤمن لـ”حزب الله” مهماته. وبرأيي فإن “14 آذار” جزء من هذا التوازن، تماماً كما “8 آذار”، وربما أكثر. فهل يمكن لبلد طبيعي غير منقسم أن يهضم مهمة حزب فيه يقاتل خارج الحدود؟ هل يُمكن في بلد ينمّي حساسية ضد الفساد أن يُغضّ النظر عن رصيف خاص في مرفأ بحري كمرفأ بيروت مثلاً؟ فليأتِ شربل نحاس إلى وزارة المالية وإلى وزارة الطاقة، فهناك سيصطدم بحركة أمل وبالتيار العوني، مثلما اصطدم بتيار المستقبل في “الزيتونة باي”. لا بأس أيها المتذمّرون، فمثلما قطعنا مسافة عن مناطق تموضعنا السابقة، وها نحن الآن في مواجهة مع ما كنّا نمثل، سيجد الوزير العوني السابق نفسه في مواجهة مع ما كانه. ليس مطلوباً أن نحبّه أو نؤمن به