أحمد الأسعد/لكي تهوي حجارة الدومينو/طوني عطية/كيف يتحول الحراك المدني من الغوغائية الى الواقعية؟

313

لكي تهوي حجارة الدومينو
أحمد الأسعد/المستشار العام لحزب الإنتماء اللبناني/03 أيلول/15
لا شك في أن من المذهل رؤية الشعب اللبناني يندفع مجدداً، وبحماسة كبيرة، إلى محاولة طموحة للتغيير، رغم كل ما مرّ به وما عاناه من ظروف وإحباطات منهكة.
ولا شكّ في أن من الإيجابي أن يتحرك الشعب اللبناني مجدداً من أجل قضايا محقّة، لا كرمى لعيني ما يسمّى “بهذا الزعيم”، أو تلبية لنداء “ذاك الحزب”.
ولكن، مع ذلك، نحن في “الإنتماء اللبناني”، كنا نودّ لو رأينا هذا النوع من التفاعل الإيجابي من الشعب اللبناني بعد أن استشهد بطلنا الحبيب هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية .
نعم، كنا نودّ لو أن هؤلاء الذين يتحدثون اليوم عن قمع حرية الرأي ويدينون العنف المفرط كلما دفعهم شرطي إلى الوراء، وقفوا معنا في التظاهرة الثانية أمام السفارة الإيرانية لإدانة الإجرام والقتل غدراً لمنع حرية الرأي.
نحن في “الإنتماء اللبناني”، كنا نود لو رأينا هذا القدر من التغطية الإعلامية المتواصلة من كل وسائل الإعلام في لبنان تقريباً، عندما تظاهرنا رفضاً لاغتيال رفيقنا هاشم.
هاشم السلمان قُتِل علناً وأمام عيون ملايين الناس، ولم يُضرَب بهراوة، ولا تلقى رصاصة مطاطية، ومع ذلك لم نرَ اي تفاعل يومها كما نرى اليوم.
لا نقول ذلك عتابا”، فنحن نعلم جيدا” أنّه لا مجال للمقارنة بين خطورة الاحتجاج أمام وزارة البيئة و التظاهر أمام السفارة الإيرانية.
أمام وزارة البيئة، عناصرالشرطة لديهم هامش معيّن مسموح به من العنف لردع المتظاهرين، وسقف محدد لا يمكن أن يتخطوه. أما السفارة الإيرانية، فهي محمية من قبل بلطجية و شبيحة “حزب الله”. فهؤلاء ليس لديهم سقف على الإطلاق، بل يمكن أن يقتلوا ويضربوا الناس، وحتى النساء الحوامل، بالسلاسل، ومع ذلك يفلتون من العقاب لمجرد أنهم ينتمون إلى حزب فوق القانون، وفوق كل مساءلة وكل محاسبة، هو “حزب الله”.
أما وسائل الإعلام المختلفة، وخصوصاً محطات التلفزيون، فليس بينها من يجرؤ على أن يُتهم من قبل “حزب الله” أنّه يتحدّاه على خلفية تغطيتها لكل ما يتعلق بإغتيال الشهيد هاشم السلمان بشكل واضح و واسع.
نعم. القائمون بالحراك المدني محقّون في اعتبارهم أن المؤسسة السياسية بلغت درجة الإنحطاط، وأن الطبقة السياسية عفنة، تآكلها الفساد، وتفتقر إلى الكفاءة.
ولكن، من المؤكد أن اللبنانيين لن يستطيعوا تغيير الوضع الراهن ما لم تتم معالجة المشكلة الرئيسية والكبرى في لبنان، ألا وهي جيش “حزب الله”.
نعم. هذه هي المشكلة الرئيسية، التي ستصطدم بها كل محاولات التغيير، لأن “حزب الله” هو الذي يمنع الدولة من أن تصبح دولة حقيقية، ولأن عدم الثقة بلبنان بسبب “حزب الله”، هي التي تحول دون النمو الاقتصادي وتمكين الشباب من إيجاد فرص العمل.
كما إن الخوف من “حزب الله” يخلق رد فعل لدى قسم كبير من اللبنانيين، إذ يدفعهم للجوء الى الطائفة أو المذهب، و بالتالي إلى حضن أحزاب وحركات سياسية معظمها فاسد أو يفتقر إلى الكفاءة، مما يجعل مؤسسة الفساد راسخة ومتجذرة في السياسة اللبنانية.
وخلاصة القول، إن لا أمل بأي تغيير حقيقي للوضع السياسي الراهن في لبنان، ما دام “حزب الله” يتحكم بالبلد.
وفقط عندما يصبح “حزب الله” حزباً سياسياً لبنانياً طبيعياً كغيره من الأحزاب، ستتهاوى مكوّنات المشهد السياسي اللبناني تباعاً، كما تتهاوى حجارة الدومينو.
عندئذ فقط سنشهد تغييراً فعلياً في كل أوجه المؤسسة السياسية التي تتحكم بهذا البلد منذ عقود. وعندها فقط، ستنشأ قوى سياسية تضخّ دماً جديداً في شرايين السياسة اللبنانية.
أما إذا بقي “حزب الله” حزباً مسلّحاً بديلاً من الدولة ومانعاً لقيامها، فستبقى تلك الشرايين مسدودة، ولن يخفق قلب التغيير.
لقد انطلق الحراك المدني تحت شعارات متواضعة. وربما كان القائمون بهذا الحراك على حق، وقد تكون هذه هي الاستراتيجية الصحيحة لإجتذاب اكبر عدد من الناس في هذا الحراك وإضفاء المزيد من الزخم عليه.
لكنّ هذه الشعارات يجب أن تتدرج شيئا فشيئا لتصل إلى سقف أعلى من ذلك بكثير. وفي وقت معين، يجب أن تؤول هذه الشعارات إلى مطالبة حزب الله بتسليم سلاحه للجيش اللبناني.
وعندها، سأكون أول من ينضمّ إلى هذا الحراك، وكذلك سيفعل كثر غيري.

كيف يتحول الحراك المدني من الغوغائية الى الواقعية؟
طوني عطية/لبنان الرسالة/03 أيلول/15
النضال هو من أهم السمات البشرية، كونه يرتبط بمبدأ الدفاع عن حقوق الافراد والجماعات، في إطار فعل حضاري يرجى من ورائه تغيير الواقع السيء لارساء مجتمعات متعافية ترتكز على قواعد الديمقراطية بأبعادها السياسية والاجتماعية وفق شرعة حقوق الانسان والقيم الانسانية. الى هنا يكون النضال عملا إنقاذياً نبيلاً، لكن ماذا لو تحوّر عن مساره الحقيقي الى حركة تشوبها الضبابية في المواقف والمفاهيم والرؤية في مجتمع معقد، متعدّد الانتماءات يقوم على التوازنات؟
أين الخلل؟
إن أخطر ما يتعرض له أي حراك هو السقوط في عدوى “الغوغائية” وهذه الحالة (أي الغوغائية) هي من صفات الشعوب أكانت متحضرة أم رجعية مع اختلاف نسبي مرتبط بمؤشرات الوعي والتثقيف والظروف الحياتية والحالة الاقتصادية. ومن الطبيعي أن يطلق الناس شعارات لا يفهمون معناها ولا يحسبون أبعادها ونتائجها. هذا أمر طبيعي خصوصا عندما يكون الشعب مقهوراً ورازحاً تحت نير البطالة والفقر والعوز.
و”الغوغائية” هي مصطلح يُستخدم في وصف شريحة من المواطنين ينظرون الى الأحداث ويفسرونها بطريقة تغلب فيها الجوانب العاطفية والانفعالية على المنطق والتحليل العلمي الواقعي. وتعتقد هذه الجماعة انّ لها الحق في التدخل وابداء الرأي في كل شيء حتى لو كان خارج امكانياتها واختصاصها.
ما الحلّ؟
أمام هذه المعضلة، سنتطرق الى أبرز أدوار السياسي أو المسؤول أكان رسميا أو حزبيا أو نقابيا أو مدنيا. من المفترض ان من مهام القيادي أن يغربل الشعارات ويقلبها ويقطرها كي يحوّلها الى سياسات واقعية عقلانية، وأن يحوّل العنف الشعبي المعنوي والمادي الى سياسة تمنع تكرار العنف. فالمطلوب هو حلّ أفقي، أي المشاركة في تحمل المسؤولية عبر طاولة حوار تجمع السلطة السياسية والمسؤولين عن الحراك المدني ليحولوا صراخ الساحات إلى قرارات سياسية تعالج الازمات حسب أولوياتها بدءا من ازمة النفايات ، فيمكن لجمعيات المجتمع المدني انتداب متخصصين من قبلها لمراقبة أعمال وزارة البيئة ومساعدتها في اجتراح الحلول الناجعة والواقعية، وأن ينتقل الحراك من الشارع الى مرحلة التنظيم الذاتي عبر هيئة مدنية تجمع كل النقابات والجمعيات لتشكل حالة تسمى “جماعات الضغط” متخصصة، تكون مهامها مراقبة الحكومات ومحاسبتها معنويا من خلال تشكيل رأي عام محلي قادر على المحاسبة انتخابياً.