صالح القلاب: بعد اتفاقية النووي هل تُغيِّر إيران اتجاهاتها/هدى الحسيني: القوة العسكرية شرط إيران للسلام

365

بعد اتفاقية النووي هل تُغيِّر إيران اتجاهاتها؟!
صالح القلاب/الشرق الأوسط/27 آب/15

كاتب اردني وزير اعلام ووزير ثقافة ووزير دولة سابق وعضو مجلس امناء المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق
ذهب الظن، بل الاعتقاد، بذوي النوايا الطيبة والحسنة إلى أن إيران بعد التوصل إلى هذه الاتفاقية، اتفاقية النووي، ستبادر، إنْ ليس فورًا فبعد مرحلة انتقالية، إلى سياسة تغيير الاتجاهات ووقف عمليات التأزيم، التي كانت قد بدأت بها بعد انتصار ثورتها في عام 1979 تجاه العرب بغالبيتهم إنْ ليس كلهم، ما دامت تنازلت عن العديد من مواقفها للتفاهم مع مجموعة «5+1» التي تقودها دولة «الشيطان الأكبر»!!.. الولايات المتحدة الأميركية.
كان اعتقاد هؤلاء (الطيبين أكثر من اللزوم بل الساذجين أكثر من اللزوم) أن خرائط هذه المنطقة السياسية والعسكرية سوف تشهد تغيُّرات «استراتيجية» وأساسية في هذا المجال، وأنَّ «الأشقاء الإيرانيين» سيتخلون عن أطماعهم وعن تمددهم في هذه المنطقة العربية وعن سعيهم الدؤوب للهيمنة عليها، وسيضعون أيديهم في أيدي «أشقائهم» العرب لمواجهة التحديات الحقيقية والفعلية المشتركة، وأولها تحدي الإرهاب وتحدي التنمية المطلوبة وتصحيح الأوضاع الاقتصادية المتردية وتطوير التعليم و«خلق» أجيال عربية وإيرانية لديها الرغبة في التعاون والعيش المشترك والذهاب في مسيرة تكاملية نحو المستقبل الذي تريده وتتطلع إليه هذه الأجيال. وحقيقة فإن هؤلاء الحالمين والطيبين حتى حدود السذاجة اعتقدوا، وربما أنهم ما زالوا يعتقدون، أنَّ هذه التطلعات الغارقة في التفاؤل أكثر من اللزوم من الممكن بل يجب أن تشمل تركيا، وأن تضعها في نفس الدائرة العربية – الإيرانية المنشودة، وعلى اعتبار أن ما يجمع الإيرانيين والعرب يجمع هذين الطرفين بالأتراك الذين هم أشقاء أيضًا ويجمعهم بهؤلاء في عهد الإمبراطورية العثمانية وقبل ذلك تاريخ مشترك طويل لا يزال صالحًا لانطلاق مسيرة إخاء وتعاون ومصالح متبادلة ناجحة وواعدة، وبخاصة أن العالم كله بشعوبه كلها ودوله كلها أيضًا قد تحول مع بدايات الألفية الثالثة إلى كتل ومجموعات على أساس تطلعاتها الاقتصادية ومواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بالإضافة إلى التعاون السياسي وفي مجالات كثيرة.
ولعل ما يشير إلى هذا أن توقيع إيران على اتفاقية النووي إلى جانب توقيع «الشيطان الأكبر» قد جعل بعضنا، بعض كتّابنا وبعض سياسيينا، يحلقون عاليًا في أحلامهم الوردية، ويذهبون فورًا إلى المطالبة بالانفتاح على إيران وكل التحاور معها، وهذا رغم أن مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي قد بادر فورًا، بعد التوقيع على هذه الاتفاقية، إلى التأكيد على أنه لا تغيير في المواقف والسياسات الإيرانية، وأن بلاده، دولة الولي الفقيه، ستواصل مساندتها لـ«المستضعفين» في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين!!
ويقينًا، ورغم هذا الموقف القاطع المانع الذي أعلنه السيد علي خامنئي، فإنه بالإمكان التنازل عن الكثير من الأمور والقفز من فوق الكثير من الحواجز، والذهاب إلى طهران من الأبواب العريضة، وفتح حوار الأشقاء مع الأشقاء معها، لو أنه قد صدر عن الذين يصنعون القرارات الحاسمة في الحوزة السياسية الإيرانية ولو بصيص ضوء خافت بأنه لدى إيران نية فعلية وتوجه حقيقي للتحول عن هذه السياسات التدميرية التي دأبت على انتهاجها ضد العرب والتدخل في شؤونهم الداخلية واحتقار حاضرهم وتاريخهم وإنكار أي دور حضاري لهم كأمة.
والغريب والمستغرب أنه في حين تتمسك «الشقيقة» إيران كل هذا التمسك بمواقفها العدائية تجاه العرب، وتواصل التدخل في شؤونهم الداخلية بحجة دعم المستضعفين في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، كما قال خامنئي بعد تأكيده على أنه لا تغيير إطلاقًا في سياسات بلاده، فإن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قد قال، بعد آخر لقاءٍ جمعه في طهران مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: «إن موقف الجمهورية الإسلامية من إسرائيل قد اختلف قليلاً»، والمعروف في السياسة أن هذا القليل يعني كثيرًا، وأن زعيم الصين الكبير ماو تسي تونغ كان قد قال بعد المسيرة الشيوعية الطويلة: «إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة».
وبالطبع فإن هاموند قد اعتبر طهران، من أجل استدراج إيران لتغيير مواقفها إنْ في اتجاه الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة وإنْ في اتجاه إسرائيل «لاعبًا كبيرًا في الشرق الأوسط بحيث يجب ألا تظل في عزلة»، وكل هذا مع أنه أردف قائلاً، ربما من أجل عدم إخافة العرب، عرب الخليج تحديدًا، وعدم تعزيز الشكوك التي ساورتهم وراودتهم بعد توقيع الاتفاقية النووية، إنه يجب التعامل بحذر مع الإيرانيين.. فهناك تركة من انعدام الثقة (المتبادل) بين الجانبين.
إنَّ هذا هو واقع الحال بين معظم العرب إنْ ليس كلهم وبين «الشقيقة» إيران، ولعل ما لا يعرفه الذين يطالبون بمبادرةٍ للحوار مع دولة الولي الفقيه، وهي على ما هي عليه وهي ماضية في التمدد في المنطقة ومصرة على مواصلة التدخل في الشؤون العربية الداخلية، هو أنَّ ما يُعلِّمهُ الإيرانيون لأطفالهم وما يلقنونه لأجيالهم، التي من المفترض أن تتوافر لها ومنذ الآن مساحة للتعاون والتفاهم مع الأجيال العربية، هو أن: هناك ثلاث أمم إسلامية هي الأمة الفارسية التي هي أمة الحضارة والتفوق والتميز والثقافة والإبداع، والأمة التركية (العثمانية) التي هي أمة «جندرمة» عسكرية، والأمة العربية التي هي أمة بداوة لم يكن لها دور في الماضي وليس لها دور في الحاضر ولن يكون لها أي دور في المستقبل.
ثم والملاحظ أنَّ إيران، بعدما استندت إلى تركيا اقتصاديًا واتكأت عليها سياسيًا عندما اشتد ضغط العقوبات الدولية عليها، أي على إيران، وأُغلقت في وجهها أبواب الدول الغربية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، قد بادرت، بمجرد إحراز مفاوضات النووي تقدمًا فعليًا أدى إلى توقيع الاتفاقية الأخيرة، إلى اللعب في الساحة التركية واستخدام حزب العمال الكردستاني (PKK) كمخلب قط لإشغال تركيا بأوضاعها الداخلية ومنعها من لعب أي دور إقليمي تتطلبه مكانتها في المنطقة وبخاصة بالنسبة للأزمة السورية الخطيرة والمصيرية والمتفاقمة. وهنا فإن المفترض أنه معروف أن طهران قد ورثت هذا الحزب من نظام بشار الأسد، الذي كان ورثه عن والده، الذي لم يتردد في تسليم عبد الله أوجلان في نهايات تسعينات القرن الماضي تسليم اليد إلى المخابرات التركية استجابة للضغوطات التي مارستها أنقرة عليه. ولهذا فإن الواضح أن إيران تتجه، حتى بعد توقيع اتفاقية النووي، إلى أن تلعب مع تركيا نفس ما تلعبه مع العرب، وأنها عازمة على إغراق هذه الدولة «الشقيقة» فعلا في الفوضى نفسها التي يغرق فيها العراق وتغرق فيها سوريا واليمن ويغرق فيها لبنان. فطهران تريد أن تثبت للغرب أنها هي الرقم الصعب في المعادلة الشرق أوسطية وليس غيرها، وأن بوابة هذه المنطقة هي بوابتها. وحقيقة فإن هذا هو ما عناه وزير الخارجية البريطاني عندما اعتبر أن الجمهورية الإسلامية لاعب رئيسي في الشرق الأوسط ويجب ألا تظل في عزلة.
وهكذا فإنه لا بد من التأكيد، رغم هذا كله، على أن إيران بحاجة إلى إعادة بناء كامل ومن الصفر، وهذا يقتضي أن تبادر إلى وقف عمليات عسكرة الدولة، ووقف التمدد الخارجي والتدخل في شؤون الدول المجاورة والبعيدة، فالشعب الإيراني أولى بكل هذه الأموال التي تنفق على هذه المشاريع العبثية، والشعب الإيراني من مصلحته أن تكون علاقات بلاده مع العرب والأتراك علاقات تعاون ومصالح مشتركة.

القوة العسكرية شرط إيران للسلام!
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/27 آب/15
قبل التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يقول إن احتمال التوقيع على الاتفاق هو بنسبة 50 في المائة، بعد التوقيع قال خامنئي المرشد الأعلى لإيران: «ليس واضحًا ما إذا كان هذا الاتفاق سيمر في إيران أو في أميركا».
يستند الاتفاق إلى أن يظهر الملالي في إيران حسن النية تجاه الغرب، لكنه بنظرهم يشكل خطرًا من احتمال أن يجذب الناس بعيدًا عن مسار الثورة الإسلامية. كذلك هناك سباق وصراع داخل إيران بين القيادة الإيرانية «الموحدة» وما تتوقعه في المستقبل، وبين 80 مليون إيراني؛ إذ إن هناك ثورة يجب أن تستمر ويتم تصديرها لتنتشر أكثر. وبمواقف استباقية، «هدد» المرشد النفوذ الأميركي في إيران؛ حيث قال يوم الثلاثاء قبل الماضي إنه حتى مع الاتفاق النووي الجديد «فسنمنع كل محاولات أميركا لاختراق إيران». يبدو أن كثيرا من القلق يدور حول «تسرب الثقافة الأميركية»، خصوصًا أن مطاعم الوجبات السريعة انتشرت فجأة، الأمر الذي دفع محمد رضا نقدي، قائد قوات التعبئة في الحرس الثوري، إلى القول: «اعتقدنا أنهم سيجلبون لنا تكنولوجيا الـ(بوينغ)، لكنهم يرغبون في أن يأتونا بـ(ماكدونالدز)».
الاتفاق، لا «يحظر على إيران بشكل دائم الحصول على السلاح النووي»، كما يقول الرئيس باراك أوباما، «ولا يقطع كل المسارات في وجه حصولها على القنبلة»، بل يعني أن الولايات المتحدة وافقت على أنه بعد 15 سنة أو ربما أقل، تستطيع إيران تصنيع القنابل النووية. ورغم أن الاتفاق يناسب إيران؛ حيث يضفي الشرعية على أبحاثها النووية، ويؤكد عودتها إلى برنامجها النووي في المستقبل، ويساعد اقتصادها، ويعزز أهدافها العدوانية، فإن له أثرًا على طول عمر النظام، فهو يحتوي على مشكلتين؛ الأولى: يخون رؤية الخميني (مؤسس الجمهورية الإسلامية) بالنسبة إلى العداء لأميركا، وهو المبدأ الأساسي الذي قاد الجمهورية الإسلامية منذ تأسست عام 1979. الثانية: يخشى المعارضون للاتفاق أن تجذب النزعة الاستهلاكية، والفردية، والنسوية، والتعدد الثقافي، رجال الأعمال، والطلاب، والفنانين، والشباب بشكل عام، فيقفزون من سفينة المقاومة و«الاستشهاد» التي يعمل النظام على حمايتها من الغرق.
ولإظهار أن النظام لم يتأثر بالاتفاق وملحقاته، كشفت إيران يوم السبت الماضي عن صاروخ «أرض – أرض» اسمه «فاتح 313» بمناسبة «يوم الصناعة العسكرية الإيرانية»، حيث قال العميد أمير علي حاجي زاده، رئيس قسم الفضاء في «الحرس الثوري»، إن إيران ستجري مناورة بالصواريخ الباليستية قريبًا، وأضاف: «اعتقد البعض خطأ أن إيران علقت برنامجها الصاروخي في العامين الماضيين، وأنها وقعت على اتفاق حول هذا البرنامج».
حسب الاتفاق النووي، فإن نقل تكنولوجيا الصواريخ الباليستية إلى إيران في السنوات الثماني المقبلة سيكون خاضعًا لموافقة مجلس الأمن، وقد وعدت أميركا باستخدام حق النقض ضد أي طلبات من هذا القبيل. قال حاجي زادة: «سنجري في المستقبل القريب اختبارًا لصاروخ باليستي جديد، وسيكون شوكة في عيون أعدائنا». أيضًا حسب الاتفاق، يمنع على إيران استيراد أو تصدير الأسلحة التقليدية لمدة 5 سنوات، غير أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال بمناسبة الصاروخ الجديد، إنه لن يتبع أجزاء من الاتفاق النووي التي تحد من قدراته العسكرية: «سوف نشتري، ونبيع، ونطور، أي أسلحة نحتاجها، لن نطلب الإذن ولن نلتزم بأي قرار». وأضاف: «يمكننا التفاوض مع الدول الأخرى فقط عندما نكون أقوياء، وأي دولة لا تملك الاستقلال والقوة لا يمكن أن تسعى إلى السلام الحقيقي».
تريد إيران أن تثبت مرة أخرى أن القوة العسكرية شرط للسلام المسبق، وتركز الآن على «فتح حوار مع دول الخليج»! إنها تريد السلام من خلال الصواريخ، وهذه استراتيجية ترهيب الآخرين.
لإيران واحد من أكبر برامج الصواريخ في الشرق الأوسط، وهي تريد تصدير الأسلحة لـ«حلفائها» في المنطقة، واستيراد أنظمة مضادة للصواريخ لمنع أي هجوم محتمل من إسرائيل.. وأميركا.
في حديث إلى «بي بي سي» الأسبوع الماضي، سئلت معصومة ابتكار، نائبة روحاني، عما إذا كانت إيران ستستغل الـ150 مليار دولار – أموالها المستعادة – للازدهار الاقتصادي أم للاستمرار في دعم النظام السوري وحلفائها. أجابت: «هناك أكثر من مائة قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة، والدفاع عن إيران يأتي في الأولوية».
وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان قال: «سنواصل مسار تصنيع الصواريخ الباليستية بأقصى سرعة وفقًا للاحتياجات الدفاعية لدينا التي تناسب التهديدات التي تنتظرنا».
من المعروف أن النظام الإيراني يقوّض سيادة الدول الأخرى، وصار بعد الاتفاق أكثر ثقة بدوره ومفهومه بأن الاعتداء يؤدي إلى «مكافأة». فإذا كان هذا الاتفاق حول السلام وتثبيته، فلماذا تريد إيران مزيدًا من الأسلحة والصواريخ؟ بعد وصوله إلى السلطة عام 1979، دعا قائد الثورة آية الله الخميني الشيعة العراقيين للثورة على النظام وإقامة جمهورية إسلامية، وكان الجهد الإيراني لتصدير الثورة إلى العراق أحد الأسباب التي أدت إلى الحرب العراقية – الإيرانية. وعلى الرغم من المقاومة الشديدة من الدول العربية، فإن الخميني نجح في تصديرها إلى لبنان، وتبعه خامنئي بإيصالها إلى غزة واليمن وسوريا والآن العراق. وقال محمد رضا نقدي، من على شاشة «الميادين» (الموالية لإيران) الأسبوع الماضي: «هناك مستشارون إيرانيون يؤمنون الدعم لسوريا ولبنان والعراق (بطلب منهم)»، وإن المواجهة مع أميركا مستمرة من فلسطين إلى اليمن! وطالب بعض الدول العربية بـ«إعلان توبتها» للتعامل معها! النظام الإيراني يفعل دائمًا ما يقول إنه سيفعله. عندما أطلق صرخة «الموت لأميركا» بين عامي 1978 و1979، بسبب دعم أميركا للشاه، أتبع ذلك بعملية إرهابية قام بها عماد مغنية (حزب الله) حيث قتل 241 جنديًا أميركيًا في بيروت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1983، وتعرف واشنطن أن إيران واصلت قتل الأميركيين في العراق وأفغانستان، ولم يظهر النظام حتى الآن أي خطط حول أنه سيصبح أقل تشددًا، أو أكثر ميلاً إلى الديمقراطية أو احترام حقوق الإنسان.
يريد الرئيس أوباما أن يحافظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لكن بالسماح للنظام الإيراني القائم بالحصول على الأسلحة الحديثة والصواريخ العابرة للقارات والأسلحة النووية بعد 15 سنة، إنما يهيئ الظروف لصراع إقليمي أوسع، وإذا حدث ذلك، فهل ستكون أوروبا قادرة على استيعاب مزيد من المهاجرين الذين لا بد أن ينزحوا إليها كالجاري الآن.. وهذا من المؤكد سيحصل؟
في 10 أغسطس (آب) الحالي، قال علي سعيدي، ممثل خامنئي في الحرس الثوري: «ما دفع الغرب للتفاوض مع إيران، كان قوتها العسكرية وعمقها الاستراتيجي في المنطقة. الغرب لا يريد أن يكون لإيران عمق استراتيجي في اليمن أو نفوذ (روحاني) في اليمن، ولبنان، وغزة، والبحرين، وسوريا، والعمق الاستراتيجي هو عامل حاسم لإيران»، ثم قال: «مسألة الصواريخ الباليستية ومنشأة بارشين هما بين خطوط إيران الحمر».
أمام هذا الاتفاق وهذه المواقف الإيرانية المتشددة الصريحة، يضاف إليهما السياسة التوسعية لإيران التي تعد حزب الله في لبنان خط دفاعها الأول ضد إسرائيل، واليمن عمقها الاستراتيجي مع الدول الأخرى.. سيؤدي كل هذا إلى حرب كبرى في المنطقة؛ إذ لن يجلس السعوديون والأتراك والمصريون والإماراتيون يتفرجون. ليس هناك من دولة تريد أن تعيش تجربة سوريا أو العراق أو اليمن، كما أن إسرائيل لن تنتظر أن تمحى عن وجه الأرض.
أما بالنسبة للبنان، فالوضع أخطر؛ فتصريحات الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله التي أطلقها في طهران الأسبوع الماضي، تكشف عن كثير من الخطط المستقبلية. في طهران قدم كتابه «الولي المجدد» بنسخته الفارسية، وركز في حديثه مع صحيفة «كيهان العربي» (18 من الشهر الحالي) على أن «ولاية الفقيه هي نظرة إسلامية في القيادة والحكم وإدارة شؤون المجتمع، والولي الفقيه هو الأمين على تطبيق أحكام الإسلام (…) لقد قدمت أطروحة ولاية الفقيه تجربة رائدة في إيران تمثلت في نظام الحكم الإسلامي الذي يهتم بخيارات الشعب (…) وحماية البلد من التبعية الأجنبية، واصطفافه إلى جانب حركات التحرر والمقاومة». إذن مع الاتفاق النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، تطرح إيران أين وصل عمقها الاستراتيجي، ويُبرز نعيم قاسم أهمية نظام ولاية الفقيه، في وقت يتأرجح فيه النظام اللبناني ويقف على كف عفريت.