علي رباح: من هو الداعشي يا جنرال/ربى كبّارة: مخاطر تمدّد الشلل تتهدّد الدستور/سابين عويس: أزمة النفايات انعكاس للاهتراء السياسي سلام لن يُطيل فترة التريّث

356

من هو «الداعشي» يا جنرال؟
علي رباح/المستقبل/20 آب/15
لا يجد الإعلام البرتقالي حرجاً في ممارسة «تكفيره السياسي« وفي مواصلة حملته على من يصفهم بـ«دواعش الحريري«. لماذا؟ لأن رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون يستسهل رمي هذه الشتيمة على كلّ من يغلب على ظنّه انه من الطائفة او الفريق الذي ساق في حقّهما الكلام البذيء المنشور في موقع «ويكيليكس«! هكذا يتكلم عون وجماعته في السياسة. الآخر بالنسبة إليه «فريق داعشي«، لأنه، بحسب الجنرال، يأكل «حقوق المسيحيين« كما يأكل «داعش« الأكباد. فمن هو هذا «الداعشي« الذي يهدّد الوجود المسيحي في لبنان؟
عون، الذي وصل إلى حد غير مسبوق في إثارة النعرات والتحريض الطائفي باسم «حقوق المسيحيين«، لا يرى على الاطلاق مشكلة في التنازل عن الأسس والثوابت التي تحفظ الوجود المسيحي في التركيبة اللبنانية منذ أكثر من نصف قرن. تنازل الجنرال عمّا لم يجرؤ مسيحي من قبله على التنازل عنه. نادى بانتخاب الرئيس الماروني من الشعب، أي بصريح العبارة، من الأكثرية العددية المسلمة. لماذا؟ لأنه يُهيّأ له أن بإمكانه الاستقواء بأعداد جمهور حزب الله. أعطى الجنرال للطوائف المسلمة حق «الفيتو« على انتخاب أي ماروني لا يعجبها لرئاسة الجمهورية، من خلال بدعة تعطيل نصاب الانتخاب من قبل أي طائفة تجد أنها لا تستطيع إيصال رئيس ماروني على هواها. هكذا فضّل الزعيم المسيحي «الأعظم في تاريخ المسيحيين(!)» شغور الرئاسة المسيحية مرتين على انتخاب غيره. لماذا؟ لأنه يُهيّأ له أنه قوي بعضلات حزب الله. جملة مقولات ساقها عون منذ عودته من المنفى عام 2005، وخاض تحت ستارها حربه وحرب حلفائه على «الطائف«. ألم يقل الجنرال إن تيار المستقبل يأتي بنوابٍ مسيحيين، الأمر الذي اعتبره منافياً لأصول «المناصفة«؟ ألم يعتبر الجنرال أن الأغلبية الشيعية تأتي برئيس للبرلمان وبأن الأغلبية السنية تأتي برئيس للحكومة، وبالتالي يحق للمسيحيين أن يأتوا برئيسهم كما تفعل الطوائف الأخرى؟ الجنرال الذي تحدّث عن كلّ ذلك، هو نفسه الذي يطالب اليوم بانتخابه من الشعب ليأتي بصوت حليفه الشيعي. كيف يرضى، مَن يطالب بحق المسيحيين في انتخاب رئيسهم ونوابهم، أن يأتي بالصوت المسلم؟ في آخر تصريح له، لم يجد «الجنرال« غضاضة بالقول «إنه مع الطرف المنتصر«. ما يعني أنه ليس منتصراً، بل هو بذمة المنتصر! الذميّة السياسية تجوز مع نوع آخر من أصحاب اللحى طالما أنهم يعدونه بمنصب متصرف جبل لبنان وسائر المشرق، فيما هو يقسم بشرفه السياسي أن الداعشي يمكن أن يكون حليق الذقن ومرتدياً ربطة عنق ويحب اللون الأزرق! صحيح أن تنظيم داعش الإرهابي هجّر مسيحيي الموصل، كما قال الجنرال سابقاً، لكن هناك «دواعش« لبنانيون يقامرون بـ«حقوق المسيحيين«، ويضحّون بثوابت الموارنة الاساسية حفاظاً على «حقوق العائلة«. هي نفسها الجهة التي تعطّل انتخاب الرئيس وتوقف اصدار قرارات في الحكومة وتُجمّد التشريع، تقوم بإيهام شارعها بأن التاريخ المسيحي والماروني في لبنان مرهون بحقوق الجنرال وأصهرته! الجنرال يحلم بوطن فيه قانون، كما يدّعي، أم أنه يحلم بدولة تستوعب أصهرته وعائلته على حساب الوجود المسيحي؟

 

مخاطر تمدّد الشلل تتهدّد الدستور
ربى كبّارة/المستقبل/20 آب/15
يصبّ تمدّد التعطيل زمنياً ومؤسساتياً في خانة واحدة، خانة إعادة توزيع السلطة على الطوائف عبر مؤتمر تأسيسي يقوم على أنقاض «اتفاق الطائف». وسبق للبنانيين أن دفعوا أثماناً باهظة بالأرواح والممتلكات والاقتصاد للوصول الى هذا الاتفاق الذي شكل مدماكاً لدستور الجمهورية الثانية. فبغض النظر عن موازين القوى، الفعلية أو الخيالية، التي بات الاعتماد عليها يهدد الدستور، وبرغم اعتبار فريق سياسي، يمثله أساساً «حزب الله»، بأنه سيكون الرابح الأكبر في هذه الحالة، فإن لبنان سيكون حينها «الخاسر الأول». وهذا يعني عملياً خسارة لجميع الأطراف وفق سياسي سيادي متابع عن كثب لمجمل التطورات المحلية الإقليمية والدولية. ومما يسهل عمل الساعين للتخلص من «اتفاق الطائف» هذا الكم غير المسبوق من استنفار المشاعر الدينية. وقد تجلى ذلك، وهو ما يؤثر سلباً على متانة الوحدة الداخلية، خصوصاً في تظاهرة أنصار «التيار الوطني الحر» الأخيرة التي رفعت أعلاماً لـ«تيار المستقبل» تحمل شعارات «داعش» أو روجت صوراً لمريم العذراء وهي تحمل صورة ميشال عون في قلبها.
وقد طاول التجييش الطائفي ملفات المواطن الحياتية من أزمة النفايات، الى مشاكل الكهرباء، الى خشية العجز عن دفع الرواتب… وكان مسلسل التعطيل قد انطلق مع الفراغ الرئاسي المتواصل منذ أكثر من عام. وقد بات هذا المنصب، وفق المصدر نفسه، عالقاً بين إيران والولايات المتحدة رغم نجاحهما في إنجاز الاتفاق على الملف النووي. فالإدارة الأميركية، رغم شبه انسحاب من ملفات المنطقة، ستحول دون نجاح إيران باستخدام هذه الورقة التي تحتجزها لتقايض فيها مع المملكة العربية السعودية عندما يحين الوقت.
كما بات التعطيل شبه صفة لازمة للحكومة بعد الخلاف المستشري على آلية عملها في ظل الفراغ الرئاسي. فالتوافق الذي طالما نادى به رئيسها تمام سلام منذ قيامها صبّ في التعطيل من جراء الشروط العونية التي ساوت ما بين التوافق والإجماع. أما التصويت وفق الآلية الدستورية المعروفة فلا يبدو أنه سيتحقق لعدم حصوله على عدد الأصوات اللازمة. وفي ظل موافقة «قوى 14 آذار« ومعها قوى «اللقاء الديموقراطي« تبدو ورقة العبور بآلية التصويت بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري طالما أن سلام يرفض اعتماد التصويت الدستوري في ظل غياب تام للتمثيل الشيعي. ومجلس النواب مشلول عملياً، إما لاعتبار البعض أن عمله التشريعي مجمّد حكماً باعتباره تحول منذ الفراغ الرئاسي الى مجرد هيئة ناخبة، أو بسبب اشتراط البعض، ممن وافقوا على تشريع الضرورة، الانطلاق من إقرار بندين: قانون الانتخاب واستعادة الجنسية. ويلفت المصدر الى أن الجهود الخيّرة كانت منصبّة على تأمين استعادة الحكومة حداً أدنى من الفعالية مقابل فتح دورة استثنائية لإقرار أمور مهمة للمواطن، لكن حتى هذه الصفقة سقطت. ويبدو أن اقتراب موعد العقد العادي أفسح في المجال أمام بري لعدم دفع الأثمان مقابل فتح دورة استثنائية. فحينها يسهل تأمين الأصوات الضرورية لإقرار المشاريع المدرجة أصلاً على جدول الأعمال، فيما تكون الميثاقية، التي يتمسك بها بري، مؤمنة عبر حضور مسيحي ولو بدون الأحزاب الوازنة. وكاد التعطيل يطاول مؤسسة الجيش لولا النجاح في الحؤول دون تعديل قانون الدفاع إرضاء لفريق سياسي. بالمقابل يلفت المصدر الى أهمية التنبه لحديث الأمين العام لـ»حزب الله« حسن نصر الله عن الدولة في خطابه الأخير، ويقول إن نصر الله يستنسخ مطالبة «قوى 14 آذار» منذ سبع سنوات بالعبور الى الدولة، لافتاً الى أهمية التمييز بين الاثنين: فقوى 14 آذار لطالما كانت دعوتها العبور الى الدولة من داخل مؤسساتها في حين دعوة نصر الله، وفق المعطيات الفعلية، هي دعوة لها من خارجها بما يشبه الانقلاب. ويذكّر المصدر بأن «الطائفة القائدة» التي نفى نصر الله وجودها كلامياً كانت تتجسد في الجمهورية الأولى بالموارنة لكن اتفاق الطائف «ألغى التمييز بين الطوائف وأدخل الشيعة في المعادلة التي كانت تقتصر على ثنائية سنية – مسيحية». ويضيف «هم الآن الطائفة القائدة لأنهم بفعل فائض القوة وبدون سند دستوري يمارسون هذه المهمة».

 

أزمة النفايات انعكاس للاهتراء السياسي سلام لن يُطيل فترة التريّث
سابين عويس/النهار/20 آب 2015
كلما رفع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جرعة دعمه لرئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون، تضاءلت فرص انجاز الاستحقاق الرئاسي، وتراجعت حظوظ تفعيل العمل الحكومي المعطل على خلفية المطالب العونية. لا تغير التفسيرات التي أعطيت لوصف نصر الله لعون بأنه “الممر الالزامي للرئاسة” الجمود المسيطر على الواقع الرئاسي، ولا تحدث خرقاً في المشهد الحكومي المأزوم، بل ربما تزيده تأزما، بما ان هذا الكلام لا يلاقي مناخ التهدئة الذي يجري العمل عليه تمهيدا لانضاج تسوية تنقذ الحكومة والمجلس النيابي من التعطيل، وتبعد بالتالي شبح الفراغ عن سائر المؤسسات الدستورية العاملة. وترى مصادر سياسية متابعة أنه على الرغم من المشهد المتشنج الذي لا يترك بارقة أمل في امكان وقف انزلاق البلاد نحو الفراغ التام، فان المعطيات الخارجية التي يجري تداولها مع دوائر القرار المحلية تشي بأن المساعي لا تزال قائمة من اجل كسر حلقة الجمود، وخصوصا وأن دخول التعطيل الحكومي اسبوعه الثاني ينذر بتداعيات خطرة على البلاد ليس فقط على مستوى تعطيل اتخاذ القرارات الحكومية – وهو أمر حاصل من أسابيع – وانما على مستوى تعطيل الحوار السياسي بين كل القوى السياسية، بحيث تسيطر ثنائية الحوار الاسلامي من جهة على ضفتي “المستقبل”- “حزب الله”، والمسيحي من جهة أخرى على ضفة “القوات اللبنانية”- “التيار الوطني الحر”، بما يعزز اصطفافا طائفياً يزيد حدة الاصطفافات السياسية القائمة ويعقد البحث عن مخارج للملفات المطروحة. قد يكون ملف النفايات الدليل الصارخ على مستوى الانهيار الذي بلغته البلاد. فارجاء فض عروض المناقصة حتى الثلثاء المقبل، يعني عمليا ان النفايات ستعود مجددا الى الشارع، في غياب التصور الواضح للحلول المطلوب اعتمادها، فضلا عن غياب الثقة في القرارات المتعلقة بالخيارات الصحيحة الكفيلة بمعالجة الازمة. واذا كانت معالجة هذا الملف ترتبط بخلفيات مالية لأصحاب المصالح المعنيين، فان الحديث عن مخارج لأزمتي الحكومة والمجلس النيابي لا تزال تدور في حلقة مفرغة. فاشتراط عون القبول بجلسة تشريعية لاقرار ترقية 12 ضابطاً الى رتبة لواء يصطدم برفض “تيار المستقبل” في المقام الاول، فيما يتعذر فتح الدورة الاستثنائية اذا لم تحظ بتوقيع الوزراء المسيحيين. وهذا ما يجعل رئيس المجلس نبيه بري يتريث في الدعوة الى جلسة على رغم حصول المرسوم على عدد كبير من التواقيع، بما فيها توقيع وزيري “حزب الله”. وعليه، فان مصير الجلسة التشريعية لا يزال عالقاً في شرك الشروط والشروط المضادة. اما حكوميا، فالوضع لا يبدو أفضل حالا. لكن الجديد أن رئيس الحكومة لن يطيل فترة التريث التي قررها لحكومته أكثر من اسبوع. وعلى رغم ان لا معلومات اكيدة عن عزم سلام على توجيه الدعوة الى جلسة الاسبوع المقبل، تشير كل المعطيات الى ان رئيس الحكومة لن يطيل فترة الانتظار، وأن عودة الحكومة الى الاجتماع سيكون تحت وطأة الملفات الضاغطة التي بدأت تتفاقم وتهدد بتداعيات مالية واقتصادية واجتماعية خطيرة، سيتعذر على القوى السياسية المعطلة تجاهلها أو تجاوزها. وفي الانتظار، يجري العمل على إيجاد المخرج لمسألة ترقية الضباط والجلسة التشريعية من باب “تشريع الضرورة”، تمهيدا لتهيئة المناخ لجلسة حكومية قريبة.