علي الحسيني: حزب الله يُداوي الناس وهو العلّة/طارق السيد: هبوط في مؤشر حزب الله يُقابله إرتفاع في بورصة بري/رندة حيدر: الاتفاق مع إيران والحرب المستقبلية ضد “حزب الله”

315

«حزب الله» يُداوي الناس وهو.. العلّة
علي الحسيني/المستقبل/07 آب/15
لم يعد «حزب الله» يمتلك القدرة ولا التركيز على توزيع إهتماماته ونشاطاته بين الداخل والخارج، ففي ظل الأزمات التي تعصف به من كل حدب وصوب والتي تُلاحقه في الأمن والسياسة والعسكر، أصبح التشتت الذهني السمة الأبرز لديه وباتت تختلط الأمور عليه في كثير من مواقفه لدرجة جعلته ينسى أو يتناسى الويلات والمآسي التي أغرق فيها لبنان واللبنانيين، فباتوا ينتظرون منه في كل عام «هدية» جديدة.
يبرع الحزب في تبديل الأدوار المُسندة اليه وفي اللعب على مخارج الحلول لأزماته بقدر ما يُجيد قلب الحقائق وحرفها، ويبرع أكثر في تقمص شخصية الضحية وفي تنصله من واجباته وإرتكاباته على حد سواء. فهذا ما يبرز بشكل جليّ في كل مرّة تُطالع فيها كتلة «الوفاء للمقاومة» اللبنانيين ببيانات لا تستوفي الحد الأدنى من المصداقية ومن دون أن ترتكز إلى الإجراءات والشروط المرعية في علم السياسة النظيفة. وإنطلاقاً من كل هذا التشتت والأزمات والتخبط على أنواعه، خرجت كتلة الحزب بالأمس لتتهم تيار «المستقبل» بتعطيل المؤسسات وتهديده بشكل مُبطن تحت عنوان «تجنباً لتفاقم المعضلات»، الى فتح الأبواب، عوض المضي في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الأزمة وتزيد الأوضاع سوءاً«.
من مركز دويلتهم وقلب مربعهم الأمني «النابض» في حارة حريك، أعلن نواب «حزب الله» وبالفم الملآن أن «الأولوية الراهنة هي ملء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية». والسؤال هنا، كيف يُمكن لهذه الدعوة ان تُترجم وسط دعوة كل من السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم السياسيين في لبنان الى أن يعلموا بأن «المخرج الوحيد للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي لا يكون إلا من خلال الإتفاق مع النائب ميشال عون» و»إما عون رئيساً أو لا إنتخابات؟».
من برجه العالي ومن موقعه كمرشد روحي، يتبرّع «حزب الله» كعادته من جيب اللبنانيين ليدعو هذه المرّة إلى فتح حوار بين عون و«المستقبل»، لكن ومن خلال الغوص في أعماق الحزب وفكره إلى جانب التجارب السابقة واللاحقة معه، يتبيّن أن أكثر من ثلثي الشعب اللبناني هم على خصام فعلي معه ومع نهجه وسياسته الكيدية التي يُمارسها بحقهم وحق وطنهم في سبيل المصلحة الإيرانية، وهذا ما ثبت لدى كل اللبنانيين بالأمس بعد فضح المفاوضات التي كانت قائمة بين إيران والفصائل السورية المسلحة، والتي كشفت أن دور الحزب في هذه الحرب يُشبه لعبة «الشطرنج» التي يُمكن تحريك حجارتها بحسب الخطة التي تُديرها إيران. يتبع «حزب الله» مقولة تغطية «السموات بالقبوات» من خلال تصويره الوضع وكأن هناك حرباً كونية تُخاض ضده، فيستغل قلب الحقائق لشد عصب جمهوره وبيئته في مواجهة خصومه السياسيين وتحديداً تيار «المستقبل» وحلفائه وتقليب اللبنانيين ضدهم في حال تمكنه، قاصداً بذلك تعميتهم عن الأذى والضرر الذي يُلحقه بهم من جراء تدخله في الحرب السورية والتي تحوّلت إلى مصيدة لعناصره وبالتالي كشفت عن حالة الوهن التي يُعاني منها في كافة أنحاء جسده والتي بدأت تنعكس في الفترة الأخيرة على خطاباته المركزية والفرعية. جميل أن يتغنى اليوم «حزب الله» بمؤسسات الدولة وجميل أيضاً أن يُبدي حرصه على قيامها وتسيير أعمالها بإنتظام وعلى النحو الذي يُريده، لكن الأجمل من هذا وذاك، إستعادة لمحة موجزة من التاريخ تُظهر كيف همّش ودمّر الحزب دور هذه المؤسسات على مدى عشرات السنين لصالح مؤسساته الخاصة، وكيف حاصرها واستباح الموانئ والمرافق وكيف حوّل مناطق نفوذه إلى ملاذ آمن للمطلوبين إلى العدالة، وإستئثاره بقرار الحرب ومحاولته إنشاء حشود شعبية… وبعد كل هذا، هل يحق لـ»حزب الله» أن يُحاضر في العفّة أو أن يرمي الناس بالحجارة؟

 

هبوط في مؤشر “حزب الله” يُقابله إرتفاع في بورصة بري
طارق السيد/موقع 14 آذار/06 آب/15
تعاطف كبير يلقاه اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري داخل الطائفة الشيعية وخارجها وتحديدا من الذين يعولون على دور الدولة ومؤسساتها في وجه التعطيل والهجمة الشرسة الذي يُمارسه رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون وتعطيله العمل الدستوري بكل انواعه بدءاً من ازمة الرئاسة مروراً بالتعيينات وصولاً إلى أزمتي النفايات والكهرباء.
منذ الإعلان عن وثيقة التفاهم بين “حزب الله” و”الوطني الحر” بتاريخ 6 شباط 2006، والحزب يحاول تسويق عون داخل الطائفة الشيعية على أنه رجل إنقاذ وبأنه المسيحي الوحيد القادر على إحداث تغيير في التركيبة البنانية لصالح الخط “الممانع” وكثيراً ما كان ينعكس هذا الترويج على حساب العلاقة بين الحزب والرئيس بري وإن بشكل غير معلن، منها تسريبات “ويكيليكس” التي نشرتها إحدى الصحف التابعة لحزب الله بأمر منه والتي اتهمت بري بمهاجمة الحزب واعتراضه على سياسته وامتعاضه من مصادرته لقرار الدولة.
جزء لا يُستهان به من جمهور حزب الله اصبح ينظر اليوم الى بري على انه منقذ الطائفة الشيعية أقله من بين السياسيين الفاعلين في الحياة السياسية والذين ينتمون الى المذهب نفسه. فعلى سبيل المثال هناك من يتحدث عن الجرب التي شنها حزب الله في بداياته ضد حركة امل الشريك الشيعي الاخر وعمليات اغتيال بحق مجموعات من المقاومين السابقين علمانيين ويساريين وغيرهم وجر لبنان الى حرب تدميرية في تموز العام 2006 وبعدها اجتياح بيروت ومناطق الجبل في ايار العام 2008 إضافة الى المجازر التي يرتكبها اليوم بحق الشعب السوري واغراقه الشيعة بهذه الحرب، كل ذلك قد لا يكون محبة بالرئيس بري لكن من المؤكد أنها نكاية بعون بوسياساته الكيدية وبالحزب الذي يُغطي أفعاله. قد تكون حسنة بري عند أبناء طائفته انه لم يشارك بالحرب السورية ولم يؤيدها أو حتى يدعمها وهو الذي اخذ العبرة من حرب المخيمات التي خاضها في الثمانينات مع منظمة التحرير الفلسطينية بأمر من حافظ الأسد، بينما يؤخذ على حزب الله تدميره الطائفة وأخذها الى مكان لا يتناسب مع تاريخها الوطني الذي ترسخ بفضل كل من السيد موسى الصدر والراحلين السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين، وبهذا يكون الحزب قد وضع شيعة لبنان في عداء تاريخي مع الشعب السوري اولاً ومع العالم العربي الُسني الداعم بأغلبيته الساحقة لهذا الشعب حتى أصبحت الامور اكثر تعقيداً وباتت تتطلب عقد مؤتمرات وندوات ولقاءات مصالحة ومكاشفة بين هذه الاغلبية وبين بيئة كانت عنواناً للمقاومة في وجه العدو الإسرائيلي قبل أن يحرفها الحزب عن مسارها الحقيقي. يقول البعض من داخل الطائفة الشيعية أن الرئيس بري عرف كيف يستغل الوضع القائم داخل طائفته لصالحه ولصالح خط “الاعتدال” الذي يمثله في ظل هبوط شعبية حزب الله نتيجة تدخله في الحرب السورية وما ينتج عنه من قتلى بشكل يومي، وإنطلاقاً من هذه الرؤية كان إصرار بري على خلق حوار بين تيار “المستقبل” والحزب لعلمه أن مثل هذه الاجواء يمكن ان تنعطس بشكل إيجابي على الشارع اللبناني عموماً والمسلم خصوصاً. ويؤكد هذا البعض أن مجمل تحركات بري تصب في خدمة الدولة ومؤسساتها رغم المحاصصات التي يقتسمها مع بقية الأفرقاء في البلد، وأن سياسته هذه تنعكس إيجاباً على جماعة بري ومؤيديه على عكس حزب الله الذي اختار لأبناء طائفه بشكل عام، طريق الموت والقتل، ولذلك ما زالت أسهم بري في إرتفاع مستمر مقابل هبوط في مؤشرات بورصة حزب الله.

الاتفاق مع إيران والحرب المستقبلية ضد “حزب الله”
رندة حيدر/النهار/7 آب 2015
بعد مرور أقل من عقد على المواجهة العسكرية الاخيرة الواسعة النطاق بين “حزب الله” وإسرائيل، وفي ظل التغيرات المتسارعة التي طرات في السنوات الاربع الاخيرة على المنطقة، وخصوصاً التورط العسكري للحزب في الحرب السورية، وتوصل إيران والدول العظمى الى اتفاق يحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، ويفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الديبلوماسية لطهران ويعيدها الى حضن المجتمع الدولي، ثمة سؤال أساسي: هل هذه التغيرات الاقليمية تقرّب المواجهة العسكرية المقبلة بين “حزب الله” وإسرائيل أم انها على العكس تبعدها؟
من المنظور الإسرائيلي، يسود تقدير ان تورط “حزب الله” في القتال في سوريا ودفعه باكثر من 8000 مقاتل الى الساحة السورية، والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدها، تجعل الحزب لا يرغب في التورط في حرب أخرى وفتح جبهة جنوب لبنان ضد إسرائيل. لكن هذا التقدير لم يمنع الجيش الإسرائيلي من الاستمرار في الاستعداد للمواجهة المقبلة ورسم سيناريوات عدة لها تستند الى دروس حرب تموز 2006 ضد لبنان، والمواجهات العسكرية ضد حركة “حماس” خلال تلك الفترة (عمليات “الرصاص المصهور” 2008، و”عمود السحاب 2012″ و”الجرف الصامد” 2014). وفي سياق استعدادات الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة مع الحزب، هناك احتمال اقدام الحزب على عملية توغل بري مفاجىء داخل الاراضي الإسرائيلية من خلال شبكة انفاق تمر تحت الخط الأزرق ورفع علم الحزب لوقت ما عليها مما يشكل انجازاً رمزياً لا يستهان به قبل الانسحاب منها؛ وهناك ايضاَ لجوء الحزب الى استخدام طائرات من دون طيار؛ والقصف الصاروخي المكثف للمدن الكبرى ومراكز استراتيجية حساسة من أجل تعطيل الحياة الطبيعية ونشر الفوضى والذعر؛ واحتمال فتح جبهة ثانية في الجولان، وربما في غزة أيضاً. لكن هذه الاستعدادت الإسرائيلية والحديث الدائم عن تحول “حزب الله” القوة العسكرية الأساسية المعادية لإسرائيل في المنطقة وخصوصاً بعد تفكك الجيشين السوري والعراقي، لا تحجب حقيقة أساسية أخرى هي أنه من الواضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن أي مواجهة مستقبلية بين الحزب وإسرائيل لا يمكن ان تأتي خارج استراتيجية إيرانية حيال إسرائيل. تراهن إدارة أوباما على ان الاتفاق مع إيران بداية مرحلة جديدة تصالحية ستنعكس ايجاباً على مواقف طهران من المنطقة باسرها وبما فيها إسرائيل. بينما تعتقد حكومة نتنياهو العكس تماماً وان الاتفاق سيقرب خطر المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية. والتخوف من ان تلجأ إسرائيل الى افتعال مواجهة عسكرية مع “حزب الله” كي تصفي حساباتها مع إيران.