علي الحسيني: عين حزب الله على القنيطرة لإبعاد شبح الداخل/جانا حويس: علي بركات «منشد» حزب الله يُرشد نصرالله

386

عين «حزب الله».. على القنيطرة لإبعاد شبح الداخل
علي الحسيني/المستقبل/03 آب/15
منذ أن استهدفت إسرائيل موكبا تابعا لـ«حزب الله» والحرس «الثوري الإيراني» في ريف القنيطرة منذ نحو ستة أشهر والذي قضى فيه العضو في الحزب جهاد مغنية مع عنصرين آخرين بالإضافة إلى ضابط إيراني، دخلت هذه المنطقة ضمن بقعة ضوء الأحداث السورية بحيث بدأت تتكشّف أكثر فأكثر أهميّتها بالنسبة إلى طرفي النزاع، النظام السوري والحرس «الثوري الإيراني» و«حزب الله» من جهة، والفصائل السورية المسلحة من جهة أخرى. مع تمدد «حزب الله» ضمن المناطق السورية، تحوّلت القنيطرة إلى نقطة بالغة الأهميّة بالنسبة إلى الحزب كونها تقع على تماس مع المناطق التي تحتلها إسرائيل في الجولان إضافة إلى التصاقها بالجنوب السوري كـ«درعا» حيث معقل الفصائل السورية المسلحة وبالجنوب اللبناني لجهة سفوح جبل الشيخ. لكن أهميّتها الكبرى تكمن في وجود أكثر من عشرين فصيلاً سوريّاً فيها تجمعهم غرفة عمليات واحدة لا تُلهيهم المعارك الجانبية عن معركتهم الأساس مع جيش النظام السوري والحزب إضافة إلى أنها تتصل جغرافيّاً بالعاصمة دمشق وتحديدا الغوطة الغربية وهو ما استدعى ايران منذ فترة تكليف قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني وقائد عمليات الحزب مصطفى بدر الدين قيادة المعركة هناك لصد الزحف الذي كانت بدأت الفصائل تنفيذه لإحتلال دمشق قبل أن توقف عملياتها لأسباب قيل أنها تتعلق باللعبة الدولية.
منتصف الاسبوع الماضي، استهدف الطيران الإسرائيلي سيارة في بلدة حضر الواقعة بمحاذاة الجزء الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان، كان يتواجد بداخلها عناصر تنتمي إلى «الدفاع الوطني» التابعة للنظام، وسط معلومات تحدثت أيضاً عن سقوط عنصرين من «حزب الله» في العملية نفسها من دون ان يؤكد الحزب الخبر لكي لا يضطر إلى فتح جبهة مع إسرائيل في الوقت الحالي، ليعود وينعاهما لاحقاً على أنهما سقطا في الزبداني.تحركات «حزب الله» عند أطراف القنيطرة وبالقرب من الحدود مع الجولان، تشي بنوايا قد تكون مرتبطة بفتح جبهة جديدة في المستقبل، خصوصاً في ظل المعلومات التي تتسرب بين الحين والآخر عن نيّة الحزب بفتح جبهة شبعا لإبعاد الضغط العسكري الذي تمارسه الفصائل السورية المسلحة على العاصمة دمشق وتحسباً من سقوط بلدة حضر السورية والقرى الملاصقة لها بيد المعارضة مما سُيسهل عليها فتح طريق باتجاه الحدود اللبنانية -السورية ودائماً بحسب تسريبات مُنظرين عسكريين وإستراتيجيين مؤيدين لـ«حزب الله».
في علم العسكر عند «حزب الله»، فان أي ضربة تستهدفه خارج حدود أرضه، يعتبرها مصدر قوّة لا ضعفاً، فحصول أمر كهذا في القنيطرة يُحرّره من الضوابط الدولية المفروضة عليه في الداخل اللبناني بموجب القرار 1701. هذا التصور يؤيده المُحلّل العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد نزار عبد القادر، لا بل يزيد عليه بقوله «القنيطرة إلى جانب رمزيتها، فإن إعادة إحتلالها من قبل النظام السوري أو «حزب الله» من شأنها أن توجد جبهة جديدة بين إسرائيل والحزب، جبهة لا تخضع لإعتبارات كتلك التي تخضع لها الحدود اللبنانية- الاسرائيلية وتحديدا مزارع شبعا، وهي جبهة ستكون متحررة من كل الضوابط بشكل يُمكن ان يجعل منها لاحقاً نقطة إحتكاك مباشر بين إسرائيل والممانعة». أهمية القنيطرة بنظر عبد القادر أنها «موقع إستراتيجي بالغ الأهمية وإسم تاريخي في الصراع بين إسرائيل وسوريا، إضافة إلى أنها عاصمة الجولان كما أنها تطل على بداية طريق رئيسي باتجاه دمشق». وعن اهميّتها بالنسبة إلى «حزب الله» يوضح « أهميّتها في هذه النقطة أنها تقع عند كعب الجنوب الشرقي لجبل الشيخ وتحديدا من المقلب الشرقي السوري. هي ليست متاخمة مباشرة لمزارع شبعا اذ تفصل بينهما سفوح وجبال، ولكن في ظل التطورات الأخيرة في الجولان ودخول الحرس الثوري الايراني إلى بعض أطرافها وبعد سيطرة الفصائل السورية على أجزاء واسعة منها، وخصوصاً جبهة النصرة وبعد الغارة الاسرائيلية التي كان سقط فيها ضابط إيراني وجهاد مغنية، كل هذا يؤشر الى أهمية جبهة الجولان في الفترة القادمة والتي يُمكن أن تختصر بحيثياتها واهميتها مجمل الحرب في سوريا».
لا يُعطي عبد القادر أهمية زائدة لمكانة سمير القنطار العسكرية أو الأمنية في ما يحصل في الجولان والقنيطرة رغم احترامه لتاريخه المقاوم وكونه اسيرا سابقا لدى إسرائيل التي افرجت عنه «بصفقة مع حزب الله». ويقول: «وجود القنطار أو عدم وجوده هو أمر عادي خصوصا وأنه لا يمتلك كفاءات أو صفات قيادية لا في الحزب ولا في الحرب بحد ذاتها، وقد يكون دوره مقتصراً على إيجاد فئة تؤيّد العمل المسلح تحت عنوان محاربة إسرائيل ضمن مناطق وبيئة محددة هو ينتمي اليها وإن بأسماء مختلفة كالدفاع الوطني او المقاومة السورية لتحرير الجولان». لكن ماذا عن مستقبل جبهة القنيطرة؟ يُجيب: «هي جزء من الحرب القائمة ومصيرها مرتبط بمسارها، لكن أوّلاً وأخيراً علينا أن ننظر إلى مدى تقبل إسرائيل على المدى البعيد بوجود قوة متعاظمة على حدودها هي حزب الله والحرس الثوري الايراني».
الجميع متفق على أن «حزب الله» بغنىً عن فتح أي معركة مع إسرائيل في ظل الحرب التي يخوضها في سوريا، وقد تُرجم ذلك أكثر من مرّة عندما كانت الطائرات الإسرائيلية تستهدف مواكبه وقافلاته العسكرية والأمنية في الداخل السوري. أمّا في ما يتعلق برد الحزب على إغتيال إسرائيل مغنية الإبن في مزرعة الأمل بالقرب من الجولان، فجميع المؤشرات تؤكد أن الرد جاء من منطلق حفظ مياه الوجه أمام جمهور الحزب الذي لم يقتنع بحجم الرد على إغتيال مغنية لما يمثله على الصعيد المعنوي والوجداني بالنسبة اليهم.

 

علي بركات «منشد» حزب الله.. يُرشد نصرالله
جانا حويس/المستقبل/03 آب/15
لم تعد صرخات الحزن والعتب الخفية لأمهات قتلى «حزب الله« في سوريا وحدها التي تقف في وجه ممارساته. وليس فقط خبر هروب عدد لا بأس به من عناصر الحزب تفاديا لاستجرارهم الى المشاركة في القتال الدائر في سوريا مما اضطر الحزب الى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الموضوع، هو الدليل الوحيد على التململ الجدي الحاصل داخل أروقته. فما كان يحصل في السر خرج اليوم الى العلن. علي بركات، «المنشد السياسي الاول في لبنان والعالم العربي« كما يعرف عن نفسه على صفحته الخاصة على موقع «فايسبوك«، هو نفسه الذي اشتهر بمناصرته للحزب وافعاله، متغنياً بتدخل الحزب في سوريا من خلال اطلاقه اناشيد لم تخلُ من النفحة «الحزبية« ومن اشهرها «احسم نصرك في يبرود«. بركات اليوم ينتقد تصرفات «حزب الله«، والاعمال الشاذة لبعض عناصره.
فما كان منه الا ان استغل هاشتاغ «#رسالتي_للسيد« الذي اطلقه جواد نصرالله نجل الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يوم 28 تموز، ليشكو فيها الحال المزرية التي وصل اليها انصار الحزب ومقاتلوه، واصفا القياديين فيه بالاستغلاليين الذين يستخدمون سلطاتهم للهجوم على المختلفين عنهم فيخونونهم ويكفرونهم. وكتب حرفيا« اشرف الناس يا سيد عم يتوجعوا عالسكت عم يقدمو ولادن واحباؤن بس مذلولين بهالبلد كان بعد ناقص الزبالة تطمرن، ايمتا يا سيد بدنا نصير نستفيد من انتصاراتنا العسكرية بالسياسة يلي هي جزء من المعركة..الارهاب والصهيونية اعدائنا يا سيد بس كمان الجهل والفقر والمرض والرشوة والفساد والظلم والمحسوبية والمذهبية والطائفية والغلا والجوع… كمان اعدائنا واعداء الانسانية.. بال 2000 انتصرنا وما عملنا شي وبال 2006 انتصرنا وما عملنا شي وب 7 ايار انتصرنا وما عملنا شي وبسوريا عم ننتصر وما عم نعمل شي«.
وتابع بركات قائلا «ايمتا يا سيد بدنا نحس انو النواب لبينتخبهم جمهور المقاومة حاملين همو وبيديرو بالن عا تفاصيلو المعيشية بدل منن تلاميذ صف وقاف بيوقف اعود بيقعد، ايمتا يا سيد بدنا نستفيد من سلاحنا وقوتنا تا نطهر البلد من مجرمي الحرب الاهلية لبعدن عم يمارسوا اجرامن السياسي والاقتصادي بقتل الناس عالبطيء بلباسهم السياسي والزعامي، ايمتا يا سيد بدنا نبطل نخاف من الفتنة الطائفية والمذهبية يلي من ورا هيدا الخوف لكبير والزغير راكب عا ضهرنا بهالبلد، زهقنا يا سيد وملينا، شعبنا تعود على عبادة الاشخاص وعنا افكار داعشيي صرنا اكتر من الدواعش، ابن حزب الله يا سيد اذا بتختلف معو برأي بسيط بيكفرك وبيعملك عميل وقابض وبيحط فيك الف عله، ما عنا القدرة نتقبل الرأي والنقد والتصحيح كرمال هيك اغلاطنا عم تزيد وعم نغرق بالغلط، في اشيا كتيرة يا سيد لو بتعرف فيها عم تصير لذهلت بس ما بتنحكا خليها بالقلب تجرح ولا تطلع وتفضح«. بركات صوب على التجاوزات المالية الفاضحة لبعض قياديي الحزب قائلا ان دينهم بات رانجات وشقق واراضي ومراكز ومكاتب، مناشدا نصرالله بالمبادرة لمعالجة الوضع. «صاروا كتار يا سيد لبيعبدوا السيد بدون ما يعرفوا خط ونهج السيد ويمشوا عليه، كتار يا سيد صارت الاشخاص بتعنيلن اكتر من المبادئ والمسؤوليات والمراكز والاموال والمظاهر من اولى اهتماماتن، الرنجات والشقق والاراضي والمراكز والمكاتب نست كتير ناس القضية وكتير علما يا سيد صار الدين بالنسبة الهن سيارة وعباية وشقة فخمين، صرنا قوايا عا بعض يا سيد اكتر من قويتنا عا اعدائنا، الله يصبرك يا سيد، بس انت القوي والقادر وبئيدك تغير انت صاحب السلطه الداخلية والخارجية ومسؤوليتك كبيرة، كل مشكلة مهما كبرت لا تحتاج لاكثر من قرار منك«.
هذه المطالب التي اطلقها بركات احدثت صدمة ايجابية لدى الجمهور المتابع لصفحته، فحازت في وقت لا يتعدى الساعة على 316 اعجابا، كما نقلها حرفيا 15 شخصا من «جمهور المقاومة« معتبرا انها تعبر عن رأيه، وعلق عليها اكثر من 44 متابعا ايضا، فوصفها فارس صالح بـ«الجميل جدا«، وكذلك اثنت هلا هلا على كلامه الذي يشير الى الفساد المستشري في صفوف قياديي الحزب بالقول «انا معك 100% يا ريت السيد بيعرف شو عم بيصير«، اما مظلوم حسين فعلق بدوره «صح وفي حكي كتير ما انحكى«، اليس علقت باحباط «هيدا بس بالاحلام«، وسألت حولا الصمود «شو السيد مش شايف ومش عارف هيدا كلو بس آخر همو الشعب الفقير والمذلول وكل همو سلاحو وحزبو خط احمر والباقي يلحق جهنم«، وفي تعليق يعكس سوء الاحوال الذي يعيشه جمهور الحزب قال مهدي مسلم «صبرو شوي حتفرج ما حنضل هيك«. وعلى اثر تناول بعض المواقع لتعليقاته وكل ما حازت عليه من ردود عاد علي بركات ليؤكد ان انتقاده «جاء من باب «النصح وليس الهجوم والانتقاد البناء للتصحيح والارتقاء«، كاتبا « كلامي هذا من باب النصح وليس الهجوم، كلامي هذا يمثل رأي اغلبية جمهور المقاومة بالنسبة للتعامل مع الفئة الباغية والظالمة في هذا البلد اما الانتقاد الداخلي لخط ومسيرة حزب الله فهو من باب الانتقاد البناء للتصحيح والارتقاء«. المشهد الشعبي المرتبط بـ«حزب الله« لا يبدو صحيا. وليست كل الاحتجاجات والاستنكارات من المجتمع الضيق الذي يحيط بالحزب سوى دليل حسي على الهاوية التي يمشي نحوها الحزب وبخطى ثابتة. فـ«حزب الله« بات اليوم امام مشهد مأساوي يكاد يكون الاخطر على كيانه منذ التأسيس. وبات ذلك اكيدا وواضحا بعد ان اتيح للمنتقدين والمعارضين من داخله التعبير عن هواجسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، واضعين صرخاتهم في وجه المطبلين والمهرجين الذين يحتلون الشاشات ليلا ونهارا مستفحلين في الدفاع عن الحرب التي يخوضها الحزب، وغافلين عما يعانيه جمهورهم.