باسمة عطوي: روائح الاحتمالات التصعيدية تسابق جلسة الحكومة/روزانا بومنصف: تطوّرات اليمن ناقضت التوقّعات المتسّرعة تمرير النووي يرفع سقوف حلفاء أميركا

263

روائح الاحتمالات التصعيدية تسابق جلسة الحكومة
باسمة عطوي/المستقبل/25 تموز/15

منذ أن تم تحديد يوم الثلاثاء المقبل كفرصة أخيرة لاستعادة إنتاجية الحكومة، ليكون بعدها «لكل حادث حديث»على حد تعبير رئيس الحكومة تمام سلام، حتى قفزت إلى الواجهة احتمالات تصعيدية قد تواجه البلاد والعباد الاسبوع المقبل وحكومة «المصلحة الوطنية»، نتيجة الازمة التي تعصف بها على خلفية بند التعيينات الامنية وآلية العمل الحكومي وآخرها أزمة النفايات. لكن ما يمكن تسجيله على هامش هذه الازمة التي يصر فيها الرئيس سلام، على الحصول على ضمانات واضحة لعدم التعطيل من قبل وزراء 8 آذار في حال تم الإتفاق على آلية العمل الحكومي، هو الإشادة التي تبديها قوى 8 آذار بالرئيس سلام وتمسكها بحكومته، وعلى رأس هؤلاء حليفَا التيار «الوطني الحر« أي «حزب الله« و«تيار المردة«، في الوقت الذي تحضر ملائكة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لرأب الصدع الحكومي وتجنيب البلاد كأس الفراغ المرة كما قالت مصادر وزارية لـ«المستقبل». لكن الصورة الاجمالية للمشهد الحكومي هي على الشكل التالي، رئيس الحكومة متمسك بصلاحياته وتسيير أمور الناس، يسانده في ذلك وزراء قوى 14 آذار ووزراء اللقاء التشاوري واللقاء الديمقراطي، في المقابل يتمسك وزراء التيار الوطني الحر بالبت بآلية العمل الحكومي ومن ثم بند التعيينات، ويساندهم في ذلك وزراء كل من حزب الله والمردة، في الوقت الذي ينبه فيه وزراء حركة أمل من الفاتورة الكبيرة التي ستدفعها البلاد نتيجة التعطيل الحكومي، فما الذي ينتظر الحكومة الاسبوع المقبل؟ جيب عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون «المستقبل» بالقول: «سنتابع يوم الثلاثاء المقبل النقاش حول الالية، لكن المساعي الحاصلة اليوم للوصول إلى النتائج المرجوة والتي يقوم بجزء منها حزب الله، وموقفنا واضح وهو كالتالي لن نناقش أي بند إلا بعد حسم وتحديد آلية العمل الحكومي». ويشدد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«المستقبل»، على أن «الكرة في ملعب تيار المستقبل الذي عليه إعادة الحوار مع التيار الوطني من النقطة التي إتفقوا عليها، لكي نتمكن بعدها أخذ البلد إلى التفاهمات التي يمكن أن تخرج البلد من أزمته». لى الضفة الاخرى لمجلس الوزراء يؤكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«المستقبل»، على أن «الرئيس سلام لن يرضخ للإملاءات وليس مستعداً للتنازل شعرة عن صلاحياته، وبالرغم من أن لا جديد إيجابياً على صعيد الاتصالات الجارية لاحتواء الازمة الحكومية، بالتالي ما ننتظره هو «أن يقذف الله نوراً في الصدور».

ويشدد وزير الزراعة أكرم شهيب لـ«المستقبل»، على «أن المشكلة ليست في الحكومة وأداء الرئيس سلام، بل بالخلاف السياسي العمودي الحاصل في البلاد، وإلى الآن لا جديد على صعيد الاتصالات ولا خروج من الازمة إذا لم يصر إلى تفاهم خارج مجلس الوزراء، يقوده الحكماء والعقلاء في البلد للتوصل إلى تسوية تحفظ دور وموقع رئيس الوزراء وتحافظ على إنتاجية الحكومة وتأخذ في الاعتبار وجهات نظر القوى السياسية الاخرى». من جهته يرى وزير الاعلام رمزي جريج لـ«المستقبل»، «أنه لا يمكن لوزير أو أكثر عرقلة مجلس الوزراء لأسباب مزاجية، كما لا يمكن للرئيس سلام الوقوف متفرجاً على نزاعات ليس المجلس مكاناً لحلها». وتشدد وزيرة المهجرين أليس شبطيني لـ«المستقبل»، «أن لبنان يحتاج لوجود الحكومة واستمرارها وعلى الجميع معاونة الرئيس سلام كي لا يضطر لأخذ خطوات تصعيدية».

ما يمكن إستنتاجه مما سبق أن جميع القوى السياسية لا تزال على موقفها وفي الوقت نفسه تعمل على تجنب الفراغ الحكومي وإعطاء فرصة للاتصالات، بعدما شاعت أنباء عن أن استقالة الرئيس سلام خلال الجلسة المقبلة غير مستبعدة نتيجة قرفه من شلل الحكومة، وهذا ما يوافق عليه فنيش بالقول: «لا أعرف بالتحديد ما هي توجهات رئيس الحكومة، لكن إذا لم يحصل تفاهم بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر فالأكيد أن الأزمة الحكومية ستستمر، وبالتالي المشكلة ليست بالآلية بل بين التيار والمستقبل وفي بند التعيينات تحديداً والتمديد في المراكز الشاغرة الذي هو إجراء غير دستوري، وقد بذلنا كحزب الله جهداً كبيراً للتوصل إلى حل في هذا الموضوع ولم نوفق إلى الان، لكن في المواضيع السياسية هناك دائماً حلول والكرة هي في ملعب تيار المستقبل الذي عليه إعادة الحوار من النقطة التي تم الاتفاق عليها مع التيار الوطني، لكي نستطيع بعدها أن نأخذ البلد إلى تفاهمات تخرجه من أزمته». من جهته يؤكد عون «أن وزراء التيار سيتابعون النقاش في جلسة الثلاثاء حول آلية الحكومية، وإن كانت المساعي الحاصلة لم تأت بجديد والتي يقود جزء منها حزب الله، وبالتالي فوزراء التيار لن يقبلوا بالتطرق إلى أي بند على جدول الاعمال سواء التعيينات أو أي بند آخر إلا بعد حسم وتحدي آلية العمل الحكومي».

يطلق درباس على الحالة التي تعيشها الحكومة حالياً بأنها «تعطيل الحكومة»، ويقول: «الرئيس سلام أعطى فرصة ثانية لتجنب هذا التعطيل، لكنه لن يرضى أن يرضخ للإملاءات وليس مستعداً للتنازل عن شعرة من صلاحياته ولن يفرط بالدستور وهذا كان سلوكه منذ تشكيل الحكومة وإلى الآن، ولن يرد على الافتراءات التي تقول إنه يسرق صلاحيات رئيس الجمهورية، علماً أني سمعت كلاماً واضحاً من أحد وزراء حزب الله قال فيه: «إن مصير لبنان متعلق ببقاء الرئيس سلام في الحكومة وهذا رأي وزير تيار المردة أيضاً«. ويضيف: «يحاول الرئيس سلام امتصاص الأزمة لكن حلها ليس داخل الحكومة، إذ لا يمكن إلزام كل أطراف الحكومة بالنزاع الحاصل بين مكونين من مكوناتها، ومن الخطر أن نزج طلباتنا الشخصية في أتون الصراع الطائفي وحقوق المسيحيين، الحكومة هي بمثابة حارس الهيكل الذي يمكنه من السقوط، وبالرغم من ذلك لا جديد على صعيد الاتصالات الجارية لمنع سقوط الهيكل إلى أن يقذف الله نوراً في الصدور».

يشير جريج إلى أن «جلسة الثلاثاء ستكون حاسمة، إما الاتفاق على مقاربة جديدة للعمل وإما سيأخذ الرئيس سلام موقفاً حاسماً في هذا الموضوع، علماً أن حل الملفات السياسية ليس في مجلس الوزراء الذي عليه تسيير أمور الناس، وبالرغم من أن مواقف وزراء 8 آذار لم تكن عنيفة لكنها كانت متصلبة ولا تتفق مع وثيقة الوفاق الوطني والمادة 62 من الدستور، وبالتالي لا يمكن لوزير أو أكثر أن يعرقل عمل الحكومة لأسباب مزاجية ولا يمكن أن نكمل على هذا المنوال وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية، إذ لا يمكن للرئيس سلام الوقوف متفرجاً على نزاعات ليس مجلس الوزراء مكانها». يشيد شهيب بمناقبية وإدارة الرئيس سلام لجلسات مجلس الوزراء، ويقول: «ليس هناك رجل سياسي أعقل وأكثر صبراً من الرئيس سلام، للحفاظ على ما تبقى من البلد علينا الحفاظ عليه وعلى حكومته واستنباط الحل لإدارة الازمة التي تعيشها البلاد، لكن المشكلة ليست بالحكومة بل بالخلاف السياسي العمودي الحاصل في البلاد، رئيس الحكومة متمسك بصلاحيات موقعه وما منحه إياه الدستور وهو على استعداد للتوافق شرط ضمان عدم التعطيل تحت شعار الحقوق المسيحية والتعيينات وأخيراً آلية عمل الحكومة، وحتى ولو كانت هذه المطالب محقة إلا أن الكلام عن الميثاقية والوفاق الوطني وحماية الدستور يمكن أن يترجم في مجلس النواب من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ونحن حريصون على حكمة ومسؤولية العقلاء في هذا البلد للوصول إلى الحل المنشود، والتفاهم خارج مجلس الوزراء من أجل الوصول إلى تسوية تحفظ دور وموقع الرئاسة الثالثة وتحافظ على إنتاجية الحكومة وتأخذ في الاعتبار وجهات نظر القوى السياسية الاخرى». تتمنى شبطيني ألا يضطر رئيس سلام أن يتخذ مواقف تصعيدية يوم الثلاثاء المقبل، بالرغم من التشنج الحاصل في الوضع الحكومي، ومهمة السياسيين هو إيجاد الحلول المناسبة لكل الازمات، معتبرة «أن لبنان يحتاج لوجود الحكومة واستمرارها وعلى الجميع معاونة الرئيس سلام كي لا يضطر لأخذ خطوات تصعيدية».

تطوّرات اليمن ناقضت التوقّعات المتسّرعة تمرير النووي يرفع سقوف حلفاء أميركا
 روزانا بومنصف/النهار/25 تموز 2015

تبدو التطورات الاخيرة في اليمن التي مكنت تحالف الدول الخليجية من تحقيق تقدم ميداني ملموس بتحرير عدن من سيطرة الحوثيين، بالنسبة الى مصادر سياسية متابعة، عامل فرملة نسبية للتوقعات التي رسمت آفاقاً فورية متسرعة بعض الشيء للمنطقة على وقع الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران. فالمردود المباشر للاتفاق والذي ترجم او ظهر بالتزامن مع اعلانه، شكل محاولة للجم الطموحات والقدرات الحوثية ومن ورائها الطموحات الايرانية في اليمن قياساً على الاقل بالتصريحات والحملات العنيفة التي شنت على المملكة العربية السعودية لاطلاقها عاصفة الحزم ضد تمرد الحوثيين وتوقعت الفشل الذريع لها. ومعلوم ان الاتفاق لعب دوراً مباشراً في اطلاق المعركة ضد الحوثيين بالتزامن مع الاعلان عن التوصل الى اتفاق اطار للنووي الايراني كما لعب دورا في ابراز تقدم مهم لهذه المعركة مع الاعلان عن صيغته النهائية. وهذا المؤشر وحده ينبغي بالنسبة الى سياسيين متابعين ان يلجم نوعا ما التوقعات او السيناريوات التي تدفع بالامور في اتجاه واحد وحيد بالتزامن مع تجاهل جملة عوامل متداخلة في المنطقة المفتوحة على تطورات مفاجئة وغير مرتقبة في كل لحظة كما في المؤشر الذي تمثل باتاحة تركيا للولايات المتحدة استخدام قاعدة عسكرية على اراضيها وشن الطائرات التركية غارات ضد مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية على الأراضي السورية. الى هذا التطور العملاني المتصل بالوضع في اليمن، برزت مساعي الادارة الاميركية الى العمل على مسارين متوازيين في محاولة تهدئة الاعتراضات الخارجية لحلفاء الولايات المتحدة على الاتفاق اولا من اجل تخفيف التوتر في العلاقات التي اثارها الانفتاح على ايران وثانيا تمهيدا لبدء الكونغرس الاميركي مناقشة الاتفاق وبحثه من اجل عدم تأثير حدة المواقف الخارجية للحلفاء الاقليميين على الداخل الاميركي. فزار وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر اسرائيل والمملكة السعودية الى جانب الاردن واطلق مواقف حاول التأكيد فيها عدم تبدل تساهل الولايات المتحدة ازاء ما يقلق الدول الحليفة في المنطقة من ايران. فيما يستعد وزير الخارجية الاميركي جون كيري للقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الثالث من الشهر المقبل من اجل البحث في سياسة تساهم في صد ” التحركات التي تدعمها ايران في دول اخرى “استكمالا لمسعى الادارة الاميركية لتمرير الاتفاق النووي في الكونغرس الاميركي وتخفيف مفاعيل اعتراضه على الرأي العام الاميركي. وتمثل هذه المساعي فرصة بالنسبة الى الدول الحليفة لواشنطن من اجل رفع سقف مطالبها من اجل دعمها والوقوف الى جانبها والحصول على ضمانات اضافية في الصراع السياسي القائم في المنطقة في هذا التوقيت ما دام الرئيس الاميركي في موقف دفاعي عن الاتفاق وسيبقى لبعض الوقت وربما الى نهاية ولايته. ولا يبدو ان مواقف مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي الاخيرة التي القاها في مناسبة عيد الفطر معتبرا ان “الاتفاق لن يغير في سياسة بلادنا في مواجهة الادارة الاميركية المتغطرسة ولا دعمنا لاصدقائنا في المنطقة…” كان مساعداً للادارة الاميركية الراغبة في الحصول على موافقة الكونغرس او الساعية الى طمأنة حلفائها في المنطقة حتى لو انه كان لموجبات استيعاب رد فعل المتشددين في ايران. اذ بدا ذلك وعلى غير ما عبر عنه الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف محرجاً لهذه الادارة ولو ان الرئيس اوباما اكد مرارا انه عمل على اتفاق نووي وليس على أي امر اخر مع ايران. الا ان السلوك الايراني العدائي من شأنه ان يزيد الضغوط على الرئيس الاميركي من اجل التشدد في مواقفه ازاء ايران كما ازاء سلوكها في المنطقة خصوصا انه تبين له ان الاتفاق النووي لا يمكن ان يكون مستقلا عن جملة مسائل في المنطقة، ومن هنا اصراره على طمأنة حلفائه والعزم على تقويتهم. ومن هذه الزاوية ايضا يرى متابعون كثر التطورات الاخيرة في اليمن وكذلك ادراج مسؤولين في “حزب الله” على قائمة الارهاب والتذكير بوضعية الحزب كمنظمة ارهابية في بيان محدد اي ان التشدد الايراني المعلن في ظل الضغط الخارجي والداخلي على حد سواء على اوباما سيجعل الوضع صعبا امامه لتطبيع الوضع مع ايران بالسرعة التي يعتقدها البعض او للتسليم لها من خلال مزيد من انسحابه من المنطقة، وهو السبب الذي يرى كثر ان هذا الانسحاب سيكون مناسبة اضافية لايران لتأكيد توسع طموحاتها قبل وصول ادارة جديدة . وثمة دعوة الى انتظار الاشهر المقبلة قبل الجزم بدور متقدم لايران على طاولة المفاوضات في جنيف 3 او ما شابه بالنسبة الى سوريا على سبيل المثال. اذ ان الافعال المتطرفة من جانب المتشددين في ايران قد تساهم في اثارة صعوبات حقيقية امام ادارة اوباما الذي استفادت ايران من وجوده في الرئاسة الاميركية ومن سياسته بالانسحاب من المنطقة ورغبته الكبيرة في انجاز تاريخي يسجل له بانهاء العداء معها. الا ان ذلك لا ينفي الرهان في الوقت نفسه على متغيرات في الداخل الايراني لمصلحة الاعتدال الذي قال الرئيس روحاني قبل ايام قليلة في معرض دفاعه عن الاتفاق ان هذا الاخير يمثل صفحة جديدة في التاريخ فتحت لدى انتخابه العام 2013 مشيراً الى ان الايرانيين سعوا الى انهاء العقوبات وفي اتباع سياسة الاعتدال”.