وسام سعادة: الشراهة الإيرانية للأسلحة ما تحت النووي تعقّد الساعات الأخيرة/خليل فليحان: ماذا سيقول سلام وباسيل لوزير خارجية إيطاليا/روزانا بومنصف: فرنجيه لعبها بإتقان ولو ضمن الانسداد

240

الشراهة الإيرانية للأسلحة «ما تحت النووي» تعقّد الساعات الأخيرة
وسام سعادة/المستقبل/13 تموز/15

تأجيل المؤجّل سيّد الوقائع صغيرة أم كبيرة، محلية أو اقليمية في هذه المنطقة من العالم. ايران التي تستثمر في تأجيل المؤجل أكثر من سواها، في بلدان المشرق العربي وشبه الجزيرة، استطاعت تأجيل الموعد المقرر لبت الاتفاق النووي النهائي من عدمه، مع مجموعة الدول الست، اقل قليلاً من اسبوعين، لكن الدول الست تتقدمها الولايات المتحدة كانت واضحة بأنّ الموضوع لا يحتمل مزيداً من تسليف الوقت لايران، وهكذا فالمفاوضات ستنتهي في الساعات المقبلة، ايجاباً أو سلباً، وأرجحة الايجابي على السلبي تستمد قوتها من الانعكاسات الخطيرة لفشل هكذا اتفاق، لكن فشله هذا ليس احتمالاً ضئيلاً، بل هو احتمال قائم منذ اتفاق الاطار، وليس بحاجة لأجواء التشاؤم التي راجت في الساعات الماضية، ليزيد هذا الاحتمال او ينقص. قول المفاوضين بأنهم انجزوا ثمانية وتسعين من المسودة يذكرنا، عرضاً، بأقوال مماثلة عشية فشل مفاوضات «الوضع النهائي» بين اسرائيل والفلسطينيين. لكنه تذكير عرضي، يرتبط بسياق انتقلت فيه قضية السلم في الشرق الاوسط من كونها قضية تسوية الصراع العربي الاسرائيلي الى قضية تسوية الملف النووي الايراني، في حين تزدهر فيها اعتراضات من مصادر مختلفة تماماً على أفق الاتفاق النووي الايراني الاميركي، اقله بالخطوط العامة كما ظهرت في اتفاق الاطار، ومنها اعتراضات على اساس الخصومة مع ايران، واعتراضات من داخل، بل من اعلى المنظومة «الثورية الاسلامية» الحاكمة في ايران.

يريد التشبه لا من قريب ولا من بعيد بالمسار الانفتاحي الصيني الاميركي في ايام ريتشارد نيكسون. ليس هذا في المفاوضات مراده. والمرشد علي خامنئي، وان ظل يؤجل كلمته الاخيرة في اصل هذه المفاوضات وفصلها حتى اليوم، فانه لم يكن خطابياً فقط فيما قاله مؤخراً، هو يريد اتفاقاً يضمن لايران احتفاظها بعدة مقاومة الامبريالية في المنطقة، بل يريد عبر الاتفاق حتى يوافق عليه، من الامبريالية الاميركية ان تجيز له ذلك، فتقرن الاتفاق ليس فقط برفع العقوبات المالية والاقتصادية، بل رفع الحظر على استيراد الأسلحة وتبادل الخبرات التكنولوجية العسكرية «ما دون فلك النووي»، اي تريد بكل وضوح ان تطلق يدها اكثر في البلدان العربية التي تتدخل فيها.

والحق انه لا يمكن الاتكال كثيراً على المفاوض الاميركي في هذا الجانب، مع انه ما زال جانباً يحول دون التوقيع النهائي. لكن المشكلة الاساسية لا تزال تكمن في مسألة المراقبة الدولية للمنشآت النووية الايرانية، ولايران ككل، خصوصاً مع الآفاق التكنولوجية لتطور «العمل السري» النووي بعيداً عن متناول المفتشين في السنوات المقبلة (لا يزال بعض بلدياتنا يخمنون بسذاجة ان الاقمار الاصطناعية تلتقط كل دابة تسير على وجه الارض، وكل ما يسير تحتها). ويستتبع ذلك الاشكال حول كيفية اعادة زجر ايران جديا ان هي اخلت ببنود الاتفاق.

هذا من ناحية القضايا التي لا تزال حتى الساعة جوهرية في تفشيلها الاتفاق، وان شكلت اثنين في المئة من ديباجته. لكن هناك ايضاً مشكلة النطاق المعطى للديبلوماسي هنا. الديبلوماسي الايراني يفاوض وتتطلب منه قيادته تحصيل افضل صفقة ممكنة، لكن قيادته ما زالت تحسب ان كانت هي بحاجة للاتفاق من اساسه، ما لم يؤمن لها المن والسلوى من اموال واسلحة نافعة في الامد المنظور، ويعقد المسألة ان هذه القيادة باتت واثقة بأنه في حال فشل الاتفاق فالحرب غير واردة، بل ان الوضع الاقليمي يغريها بالتصلب، لان اميركا تحتاج للتقاطع معها، في العراق او افغانستان، وربما في اماكن اخرى. اما الديبلوماسي الاميركي، وفي بلد بنظام رئاسي، فهو يعلم انه يفاوض لأجل التوقيع على اتفاق، انه يمثل الطرف السيادي الاميركي بعكس المفاوض الايراني الذي هو بالاحرى وسيط مع الولي الفقيه. لكن الكونغرس الذي افتى برجعة الاتفاق اليه للمعاينة ليس عتبة يمكن تجاوزها بسهولة ان كان الاتفاق يفتح المجال لـ»التسيب الايراني«. الساعات المقبلة فاصلة، كما يقول الجميع. لكن العالم «لا يحبس أنفاسه» ابداً. يبدو العالم كما لو انه اكتفى باتفاق الاطار، ولا تهمه كثيراً حكاية الاتفاق الحقيقي، الاتفاق النهائي.

فرنجيه لعبها بإتقان ولو ضمن الانسداد هل من “خطة – ب” بعد طيّ الشارع؟
روزانا بومنصف/النهار/13 تموز 2015
حين أخرج حلفاء زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون انتقاداتهم الى العلن على اثر التظاهرة التي أرادها ضغطاً سياسياً وشعبياً داعماً لمطالبه جنبا الى جنب مع توجيه رسالة الى خصومه بانهم لا يزالون يدعمونه ولم يتخلوا عنه ما لا يسمح باستهدافه ويساعده على الخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، طفت على سطح الأزمة العلاقة بين مكونات 8 آذار على نحو نادر اذا صح التعبير استناداً الى ان المطروح دوماً على مشرحة التحليل والبحث هو العلاقة بين مكونات 14 آذار التي كانت تدافع عن نفسها بانها مجموعة أفرقاء وليس كما خصمهم في المقلب الآخر. فالنائب سليمان فرنجيه سدد سهاماً قاسية حيث سقط زعيم التيار وصهره وزير الخارجية جبران باسيل في اخطاء تكاد تكون مميتة في ما سمي معركة استرداد “حقوق المسيحيين” بحيث حظي منطقه الرافض للكثير مما ساقه زعيم التيار مضموناً وأسلوباً باستحسان وتأييد على المستوى السياسي. ووصف البعض تصويبه الموقف المسيحي في قوى 8 آذار من رئاسة الحكومة ومن طبيعة المطالب المطروحة بأنها خطوة ذكية التقطها النائب فرنجيه في الوقت المناسب استناداً الى جملة أمور من بينها حرق العماد عون أي جسور محتملة لوصوله الى رئاسة الجمهورية فيما وراثة رئاسة التيار التي خاض الوزير باسيل المعركة الأخيرة لكسبها في وزارة الخارجية وفي مجلس الوزراء والشارع من أجل استحقاقها فتحت الباب على الغارب أمام وراثة شعبية التيارالمفتوحة أصلاً منذ بعض الوقت والتي لم تسقط من الاعتبارات التي أملت وتملي اعلان النوايا بين التيار الوطني والقوات اللبنانية مثلاً. ووراثة شعبية التيار أمر مهم انطلاقاً من أن الاستعداد للمرحلة المقبلة مسيحيا على الأقل لا يستند فقط على التنافس على موقع رئاسة الجمهورية الذي تتحكم فيه اعتبارات خارجية وداخلية على عكس ما هو عليه واقع الحال بالنسبة الى الصراع على المسيحيين، بل على محاولة كسب غالبية الرأي العام المسيحي خصوصاً مع النية لتخلي العماد عون عن رئاسة التيار الوطني وسط كلام عن معارضات داخلية من المرجح أنها ستفتح الباب على توقعات بانقسامات كبيرة. وبغض النظر عن حظوظ النائب فرنجيه في الرئاسة الاولى باعتباره أحد المرشحين الاربعة الذين جمعهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على انهم الأبرز لهذا المنصب والتي لا يراها كثر قوية استناداً الى الاقتناع بأنه أياً تكن اتجاهات الأمور الاقليمية والدولية فان رئيساً غير توافقي لن يكون محتملا في لبنان وهناك اسماء عدة معروفة لا تزال متداولة ولا تذكر لعدم حرقها غالباً، وهو لا يقع في هذا الموقع، الا انه ووفق المعادلة التي يقول بها فرنجيه نفسه أي لا رئيس إلا من فريق معين بناء على اقتناعه بانه لن يكون هناك رئيس إلا بفوز محور اقليمي على آخر، فانه قدم نفسه أكثر الى الواجهة من خلال مواقف انتقادية لحليفه وفي جملة مواقف توافقية.
الآن وعلى رغم استمرار نواب ومسؤولي التيار الوطني الحر بالقول بإن ما حصل الاسبوع الماضي لم يكن سوى البداية وان هناك تصعيدا متوقعا في المدى المنظور، فان مصادر سياسية لا تتوقع ذلك اذ ان حركة التيار في الشارع أخذت مداها وليس مرجحاً ان تتطور او ان تعيد نفسها أقله في سياق الأزمة الراهنة لأن موضوع الشارع كان مخيباً جداً وارتد سلباً بكل ما للكلمة من معنى. لكن ليس من المرجح بالنسبة الى هذه المصادر ان تتراجع الحدة في استمرار اللهجة السياسية المرتفعة والخطاب الحاد ولو تراجع عون عن الدعوة الى الفيديرالية أو الى الدعوة الى انتخابات نيابية تسبق انتخابات الرئاسة لمصلحة القول بان لا شرعية مجلس النواب الممدد له تقضي بانتخابات رئاسية بتسوية وطنية يكون له فيها حق ترجيح الانتخاب الرئاسي. هل لهذا الكلام عن تسوية وطنية معنى او مضمون يسمح بالقول إن مجمل التطورات الأخيرة تدفع الى “الخطة ب” بعدما فشلت “الخطة أ” المبنية على اعتبار انتخاب عون او لا أحد الى موقع الرئاسة الاولى؟ لا مؤشرات على ذلك لأن موضوع الرئاسة ليس على المجهر راهناً. لكن عودة الأخير الى استهداف قيادة الجيش تفيد وفق هذه المصادر بانه سيركز على وتر التعيينات الامنية مباشرة خصوصاً انه حظي بدعم معنوي من السيد حسن نصرالله بقول الأخير عن وعود تلقاها عون من تيار المستقبل في هذا الاطار وضرورة الحوار بين الجانبين في هذا الموضوع علماً ان الحوار سابقاً بين التيار العوني وتيار المستقبل أحدث نقزة لدى الحزب قبل عام. يبقى بالنسبة الى المعنيين المدى الذي يمكن ان يضغط به الحزب دعماً للتيار العوني في موضوع التعيينات الامنية من أجل إلا يمنى بخسارة اضافية قياساً على طبيعة المعركة السياسية التي بدأها وحجم هذه المعركة خصوصاً ان الأوراق الضاغطة المباشرة التي كان يهدد بها التيار قد تراجعت اهميتها وضعفت بعد التطورات الاخيرة فيما كرّر الأمين العام للحزب انه لن يترك عون وحيداً في مطالبه. لكن الحد الممكن كما تقول هذه المصادر هو صيغة على طريقة المخرج الذي تأمن للجميع في مجلس الوزراء أخيراً ما لم يحصل أي حفظ ماء الوجه للجميع وما لم تتأمن عناصر التسوية التي تعطي وتأخذ في الوقت نفسه.

ماذا سيقول سلام وباسيل لجانتيلوني ؟ إجراءات استثنائية والإرهاب محور المحادثات ؟
خليل فليحان/النهار/13 تموز 2015
يبدأ وزير الخارجية الايطالي باولو جانتيلوني مساء اليوم الاثنين زيارة للبنان تنتهي غدا الثلثاء وسط اجراءات أمنية استثنائية بعد تفجير تنظيم “داعش “مبنى قنصلية إيطاليا في القاهرة السبت الماضي. وتأتي الزيارة بعد تعليق الحكومة جلساتها مدة اسبوعين نتيجة الصدام الذي جرى بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل حول صلاحيات خاصة برئيس الجمهورية. ماذا سيقول كل من الرئيس نبيه بري وسلام وباسيل للضيف الإيطالي لدى مقابلته لكل منهما اذا استفسر عن مرحلة ما بعد الصدام.؟ صحيح ان ما جرى شأن داخلي، لكنه لا يمنع من الاستفسار عنه وعن آثاره لانه تردد بشكل سيىء في بريطانيا بعد نشر صورة للنائب حكمت ديب في صحيفة ال “إندبندنت”عن تدافع بالايدي مع عناصر من الجيش وفي إيطاليا التي هي عضو في “المجموعة الدولية لدعم لبنان”التي تضم ايضا اميركا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا وألمانيا. وكانت تلك “المجموعة “قد تشكلت في نيويورك قبل سنتين ومهمتها دعم الاستقرار السياسي والامني بتسليح الجيش اللبناني بما يحتاج اليه في هذه الظروف الخطيرة التي تعيشها سوريا منذ اربع سنوات وتداعياتها السلبية على لبنان، سواء لجهة تدفق الالاف من اللاجئين الى مناطقه او احتلال مقاتلين من “داعش “و”النصرة” مساحة من جرود عرسال المتاخمة للحدود الشرقية للبلاد مع سوريا. هل يسمع جانتيلوني روايتين ومنطقين من المتصادمين الاثنين سلام وباسيل يوم غد الثلثاء، وهو الذي كان مطلعاً على ملف المحادثة الذي أعده له سفير بلاده لدى لبنان ماسيمو ماروتي عن الاوضاع في لبنان وحاجاته وفي الاولويات دعوة الافرقاء الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد شغور قصر بعبدا من رئيس اصيل منذ 415 يوما؟ وفي جدول محادثات رئيس الديبلوماسية الايطالية، كيفية مساعدة “المجموعة” للبنانيين من جراء تداعيات الازمة السورية على لبنان ومن ثم الارهاب، بعدما أصبحت المباني الدبلوماسية الايطالية في الدول العربية هدفا لـ”داعش”. وافاد مصدر ديبلوماسي ان محادثات جانتيلوني ستركز على مزيد من التنسيق الاستخباراتي بين روما وبيروت من اجل مكافحة الارهاب. واشار ايضا الى ان جانتيلوني الذي استضافت بلاده اجتماعا منذ سنتين لـ”المجموعة “بحث خلاله في تسليح الجيش اللبناني، سيتطرق مع المسؤولين الى هذا الموضوع الأساسي وما تيسر من مساعدات لوجيستية ودورات تدريب لضباط وعسكر للجيش وعلى الاخص كل ما هو مطلوب لانهاء وجود التنظيمات الارهابية في جرود عرسال وفي وقت لم يوقف مسلحوها هجماتهم على مراكز للجيش منتشرة على الطرق التي تصل البلدة بالجرود ووفقا لمصادر أمنية ان تلك الهجمات ترمي الى احداث خروق على القرى المتاخمة سواء كانت مسيحية او شيعية، وقد برهنت القوى العسكرية عن جدارة في التصدي لتلك الهجمات التي ترمي الى إشعال فتن مذهبية وارتكاب مجازر ضد سكانها ينفذها عناصر “داعش” في كل من سوريا والعراق، ويفرضون نوعا من الأحكام التي كانت تعيشها بعض المجتمعات القديمة المتعصبة. وافاد مصدر ديبلوماسي “النهار “شارك في تحضير ملف المحادثات ان جانتيلوني سيركز في محادثاته على ملف الارهاب الذي تتخوف إيطاليا من ان يمتد الى مصالحها ومؤسساتها في الداخل، سواء من لبنان او من ليبيا، وهي مستنفرة لمواجهة هذا الخطر الذي يعبر الحدود دون استئذان، وان الداعشيين برهنوا انهم قادرون على تنفيذ عمليات تفجير في ثلاث قارات كما حصل في المرة الاخيرة، واصابت واحدة منها مصنعا كيماويا في مدينة ليون الفرنسية. ولم يعرف ما اذا كان المسؤول الايطالي سيزور الجنوب لتفقد كتيبة بلادة العاملة في “اليونيفيل”، وهي الأكبر عددا وتترأس قيادتها