النهار: واضعو الطائف لتداعي النواب إلى الانتخاب دون دعوة من بري والنصاب الدستوري للانعقاد 64 من أصل 127 نائبا

223

واضعو الطائف لتداعي النواب إلى الانتخاب دون دعوة من بري والنصاب الدستوري للانعقاد 64 من أصل 127 نائبا
النهار/4 تموز 2015

سنة ونيف مرت على الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومسرحية الدعوة الى الانتخاب تتوالى فصولاً، مستخفة بعقول الناس ومصير البلد ومصالح المواطنين. تتقاطع الادوار بين القوى السياسية، والنتيجة واحدة باهتراء سياسي-اقتصادي- اجتماعي – معيشي وتعطيل تتحمل جميعها مسؤوليته بالتكافل والتضامن. يتجاوزون الدستور ويقفزون فوق وثيقة الطائف، ويبتكرون بدعا جديدة، من حكومات رؤساء الجمهورية، الى تشريع الضرورة، الى فتح دورة استثنائية، فيما البلاد تنهار، والمؤسسات الدستورية تسقط الواحدة تلو الاخرى، والحل واضح وحاضر: انتخاب رئيس جمهورية، فتنتظم الامور وتعود دورة الحياة السياسية ومعها دورة الحياة الطبيعية. يتلطون باتفاق الطائف، ولا ينفذون شيئا منه، يجتمع فريقا 8 و 14 آذار ويبتدعون نصوصا وقواعد تحفظ مصالحهم ومناصبهم، بذريعة الوفاق والتوافق، رغم وجود نصوص دستورية واضحة لا تحتمل التأويل. نصاب الثلثين، والحق الدستوري في التغيب عن الجلسات، وضرورة التوافق على الرئيس قبل النزول الى الجلسة، واستطلاعات الرأي، ونغمة الرئيس القوي وممثل المسيحيين والوفاقي والتوافقي، وغيرها من الحجج الواهية والشعارات الفارغة، يطرحها الافرقاء لتعطيل الدستور وتخريب البلاد، الى حين تحقيق اهداف ومآرب لا تمت الى مصلحة لبنان واللبنانيين.

يتفق “الكبار” ويفتي الرئيس نبيه بري فتصبح فتواه هي الدستور، في تجاهل واضح لآراء الاختصاصيين بالدستور والقانون وأهل الطائف انفسهم. وفي ظل “تغييب” محاضر وثيقة الطائف وتسجيلاتها لدى الرئيس حسين الحسيني، وهي التي تعطي تفاصيل الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل اليها، تبقى الكلمة الفصل في تفسير النصوص للنواب الذين كانوا حاضرين، ويستعاض عن هذا الاخفاء المتعمد من الرئيس الحسيني، الذي لم يكن رئيسا للمجلس النيابي في الطائف بل اوكلت اليه ادارة الجلسات، باللجوء الى هذه المصادر الحية التي وضعت هذه الوثيقة، وهم النواب السابقون والحاليون الذين شكلت آراؤهم مادة محاضرها، وصاغوها مادة مادة على مدى شهر كامل، وفي مقدمهم ادمون رزق وميشال معلولي الذي يرأس اليوم “رابطة النواب السابقين” التي تضم نحو 170 نائبا سابقاً يجتمعون دوريا ويصدرون بيانات “تفسيرية”، لكن لا حياة لمن تنادي.

يلفت معلولي الى ان “الفراغ الرئاسي لم تشهده الساحة السياسية اللبنانية يوما، وانتخبنا 5 رؤساء جمهورية في أوج الحروب والاوضاع الامنية السيئة والظروف السياسية الضاغطة اقليميا ودوليا، هم: الياس سركيس وبشير الجميل وأمين الجميل ورينه معوض والياس الهراوي، وانتخبوا جميعا خارج مقر مجلس النواب في ساحة النجمة، اذ كان المهم بالنسبة الينا تطبيق الدستور وانتخاب رئيس جمهورية، ايا كان الوضع”.

أمام النص الدستوري لا مكان للاجتهاد، ونص المادة 49 واضح ولا يحتمل اي تأويل :” ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي”. يشرح معلولي ان الدستور لم يتحدث عن نصاب الحضور بل عن نصاب الانتخاب، واتفقنا في الطائف على وجوب نيل نصاب الثلثين للفوز في الجلسة الاولى، وبالنصف زائد واحد في الجلسة الثانية وما يليها. وبالتالي كل كلام عن ضرورة تأمين وانتظار اكتمال حضور ثلثي النواب، في غير محله.

وبالاستناد الى المادة 73 التي تقول انه “قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الاقل، او شهرين على الاكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، واذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس”، يكون على النواب التداعي الى عقد جلسة لانتخاب الرئيس، وحتى من دون دعوة من رئيس المجلس النيابي، والبقاء في المجلس حتى حصول الانتخاب”. ويشير الى المادة 75 التي تنص على ان ” المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة او اي عمل آخر”.

يجمع النواب الذين صاغوا وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، ومن بينهم النائب عبد اللطيف الزين عضو “كتلة التنمية والتحرير” التي يترأسها الرئيس بري، وفي بيانات عدة اصدروها تباعا، على ان ” النصوص المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا المواد 49 و73 و74 و75 من الدستور توضح بما لا يقبل الشك ان المجلس النيابي، منذ 15 أيار 2014 ، اي قبل 10 أيام من نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، بات في حالة الاجتماع حكما، وعليه ان يجتمع فورا، وبدون دعوة، في جلسة مستمرة حتى انتخاب رئيس للجمهورية”، بل يعتبرون ان ” عدم اجتماع المجلس حكما لانتخاب رئيس هو مخالفة صريحة للدستور، كما ان الفراغ هو تعطيل لمؤسسات الدولة وبالتالي تهديد لوحدة لبنان وأمنه ومصيره”. ويأملون أن “يبادر النواب الى الاجتماع بدون ابطاء، بحكم الدستور، في جلسة حتى انتخاب رئيس للجمهورية بالاكثرية المطلقة، اي 64 صوتا من اصل 127 يؤلفون المجلس حاليا، وهذه الاكثرية هي النصاب الكافي للانعقاد، بحسب النص الواضح للمادة 49 معطوفة على المادة 34 من الدستور، ولا تحتمل اي اجتهاد او تأويل”.

فإذا كان واضعو الدستور اجمعوا على حق النواب التداعي تلقائيا لانتخاب رئيس، بالنصف زائد واحد، بعدما سبق عقد جلسة اولى بنصاب الثلثين، فما الذي يمنع الحرصاء على تطبيق الدستور والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، من القيام بواجباتهم لانقاذ البلاد والعباد من السقوط والاهتراء، بانتخاب رئيس للجمهورية؟ 13 شهرا مدة كافية، أظهرت لمن لم يقتنع بعد، اهمية وجود رأس واحد للدولة، واكدت انه رغم تقليص صلاحياته، يبقى رئيس الجمهورية السدّ المنيع امام الانهيار الذي يطال البلاد على كل المستويات.