فاطة حوحو: دروز سورية… النظام يخدعهم وداعش يتوعّدهم والمعارضة تشترط عليهم الحياد// سلام حرب: دروز سوريا من اسرائيل الى سمير القنطار: أدوار وأقنعة

312

دروز سوريا من اسرائيل الى سمير القنطار: أدوار وأقنعة
 سلام حرب/موقع 14 آذار/28 حزيران/15

وضعت الجغرافيا السياسية الدروز وسط تشابك وتقاطع وتنازع لمصالح قوى اقليمية ومحلية، حين فرقتهم حدود سايكس بيكو من حيث ولاءاتهم الدولتية منذ أكثر من قرن غير أنّ الروابط القائمة بينهم لم تفلح اي من القوى المتناوبة على المنطقة أن تنال منها. ويتجاوز عدد الدروز المليون نسمة على المستوى الاقليمي في وقت تمثل سوريا أكبر تجمّع للدروز حيث يقدّرون بـ٧٠٠ ألف نسمة يعيشون بغالبيتهم في محافظة السويداء – جنوب سوري، في حين يقدر تعداد دروز لبنان بـ250 ألفاً ودروز فلسطين المحتلة بـ100 ألف.

حزب الله، الذي بات باعتراف الجميع لاعباً اقليمياً بالإنابة عن الولي الفقيه، لن يقبل بطبيعة الحال أنّ لا يجر جميع المكونات الاجتماعية في سوريا والمنطقة الى نيران الحرب السورية وعلى رأسها المكون الدرزي الذي يريد أن يلبسه قناع الولاء للأسد ولطهران. وقد لجأ الحزب منذ العام 2013 إلى تزوير أسماء وبذلات قتالية تشير زوراً أن بعض العناصر الذي زجّ بهم في المعركة ضد ثوار سوريا واضعاً المزيد من الأقناعة لتصويرهم على أنهم “دروز”. الغاية واضحة لأقنعة الحزب وهي توريط الدروز في مستنقع الدماء والنار. في حينه، رفض الدروز القتال في درعا وأصروا على حفظ أمن مناطقهم حصراً. لم يتستسغ الحزب والنظام هذا القرار وسكتوا على مضض تحيناً للفرصة المناسبة. وهنا كان على الحزب الدفع بكل ما يملكه من اوراق وعلى رأسها سمير القنطار ، وهو المحسوب على الدروز، ليضع قناع الدرزي على وجهه وهو المعروف بولائه الشديد لحزب الله باعتبار أنه من حرره من سجون اسرائيل. عاد القنطار بخفيّ حنين وباءت محاولاته بالفشل حينها حالت حكمة مشايخ الدروز السوريين دون التشجيع على القتال الى جانب النظام.

لم تتوقف المحاولات عند هذا الحدّ بل لاحت الفرصة المزدوجة للحزب عبر استغلال الدور الاسرائيلي في الجنوب السوري بالاضافة الى الواقع الدرزي في فلسطين المحتلة. وكان الموقف الاسرائيلي منذ أن فقد النظام سيطرته على جنوب سوريا يتلخص بالحفاظ على الحياد الظاهري في وسط الصراع الدموي على أن تحافظ اسرائيل عملياً على موقعها كلاعب خفي؛ فباتت منذ تدخل جرحى سوريين الى مستشفياتها، وتضرب صواريخ الحزب والجيش النظام جواً حين ترى ذلك مناسباً، وتغير على قوافل الولي الفقيه في سوريا بحسب ما يردها من معلومات استخبارية كما تغض الطرف عن الغارات السورية على مقاتلي الثورة. لقد اتقنت اسرائيل حتى اللحظة فن اللعب على الحبال المشدودة وهي بذلك تراعي مصالحها بشكل دقيق في سوريا ولا تكشف عن دورها الحقيقي، لكن الوضع الدرزي بات الآن تهديداً جدياً عليها التعامل معه بحذر. فالروابط الدرزية – الدرزية على جانبي الحدود أقوى من أن تتجاهلها الدولة العبرية خصوصاً أنّ الأصوات تتعالى بين الدروز لدعم أهاليهم في المقلب الآخر والتي تترافق مع اتهامات لاسرائيل أنها تدعم “قتلة” الدروز من جبهة النصرة وغيرها. أولى ارهاصات هذا الاحتقان الدرزي تجاه جيش اسرائيل تجلى في ما الهجوم الذي قام به شبان دروز على سيارة اسعاف عسكرية اسرائيلية تحمل جرحى سوريين، وما أسفر عن مقتل جريح كان في طريقه لمشفى صفد. وفي ذلك قال جابر حمود، رئيس المجلس المحلي في المنطقة والذي شغل منصب مسؤول المجالس المحلية الخاصة بالدروز، حين أعلن أنّ “من يقف خلف الحادثة ويؤجج المواقف هو سمير القنطار، وعلينا بالتالي القيام بما هو لازم بالنسبة لهذا الوضع”.

ربما يعكس ما كتبه غاي بيخور المحلل الاسرائيلي منذ أيام الواقع الاسرائيلي الذي يحلل اللحظة الراهنة من وجهة نظر تاريخية. فالتقرير الذي نشره بيخور يوم 22 حزيران يبدأ به في الاعتراف أنّ الجيش الاسرائيلي يولي الاهمية الأكبر للجبهة اللبنانية والسورية، وأن مصلحة تل ابيب تقتضي ان لا يكون هناك أي نوع من السلطة الفعلية والفاعلة في الداخل السوري. ويبين خيبور وجهة النظر الاسرائيلية والتي ترى أنّ “دروز سوريا أحد دعائم نظام الأسد” على حدّ زعمه في حين أن الواقع لا يشير الى ذلك. من هنا، يستبعد الكاتب الاسرائيلي أنّ تتدخل اسرائيل عسكرياً لصالح الدروز ولانقاذهم من جماعات داعش وأشباههم ومن النظام الأسدي في آن. ويقدم بيخور التجربة الاسرائيلية مع مسيحيي لبنان كدرس لتل أبيب لعدم التدخل دفاعاً عن أي من الأقليات الدينية في الشرق لأنّ ذلك سينعكس عليها سلبياً وسيورطها في حروب استنزاف مكلفة. من هنا، وبغض النظر عن الرؤيا للدور الاسرائيلي الذي لن يتعدى في حالة الدروز والسوريين الدعم الانساني، تظهر بشكل أوضح سياسة حزب الله في سوريا والتي تعمل لتوريط اسرائيل في سوريا لا لشيء سوى منح الولي الفقيه مزيداً من الذرائع للتدخل العسكري وخصوصاً الذريعة المفضلة لديه: مقاومة الاحتلال. وقد فسرت بعض المصادر المتابعة أنّ تعيين مصطفى عماد مغنية كخلف لشقيقه جهاد الذي قتل منذ أسابيع، لهو دليل على الإصرار لدى الحزب أن دوره لم ولن ينتهي بل ستكون له أدوار إضافية إن لم تتدخل اسرائيل عسكرياً وهي دور المدافع عن الأقليات وبالتحديد الدرزية منها، على غرار ما يحاول أن يلعبه في لبنان تجاه المسيحيين وفي سوريا مع العلويين.

دروز سورية… النظام يخدعهم و«داعش» يتوعّدهم والمعارضة تشترط عليهم الحياد/أكدوا لـ«الراي» أن لا بديل عن توحد كل الأطياف لدحر جيش الأسد

الباشا: محسوبون على الثورة يغيّبون الحراك الثوري في السويداء

الجاري: خطر «داعش» حقيقي وتحرير الثعلة انتصار للسويداء

ملاك: لا توزيع سلاح كما ادّعى وهاب… موقفنا ضد النظام ونعمل بهدوء

الشامي: الوقوف ضد الأسد يضمن سلامة أهل جبل العرب

الحمد: النظام يتهاوى ومَنْ يراهن عليه خاسر

بيروت – من فاطمة حوحو/ الراي/28 حزيرن/15

قفز واقع دروز سورية إلى الواجهة بعد الأحداث الدموية في بلدة قلب لوزة في ريف ادلب ومع مظاهر وضع السويداء جنوباً في «عين العاصفة» ولا سيما في أعقاب تحرير اللواء 52 وسط مخاوف من ترْك نظام الرئيس بشار الأسد تنظيم «داعش» يتقدم في اتجاه هذه المحافظة من ريفها الشمالي الشرقي في إطار دفْع أهلها إلى الالتفاف حوله والدخول في صدام مع درعا.

ولم يتأخر صدى المخاطر على دروز سورية، سواء في الشمال أو الجنوب في التردد في لبنان حيث انبرت فاعليات درزية موالية لنظام الأسد إلى الدعوة إلى التسلح في مواجهة المعارضة، فيما أطلق الزعيم الدرزي اللبناني الأبرز النائب وليد جنبلاط حركة في اتجاه الدول الإقليمية والعربية المؤثرة ولا سيما تركيا والسعودية والأردن في محاولة لمنع تكرار أحداث قلب لوزة وتشكيل شبكة أمان تقي الدروز تداعيات أي التصاق بالأسد وجيشه داعياً إلى تحكيم العقل والحكمة.

والمعروف أن مدينة السويداء، لعبت دوراً مهماً في فترات تاريخية تم خلالها اتخاذ قرارات فاصلة في حياة سورية السياسية، فهي مفصل العقد والربط، وطبيعة جغرافيتها جعلتها حاكمة لمنطقة المثلث القابضة على تقاطعات الحدود السورية – الأردنية – العراقية.

«الراي» تابعت مع ناشطين سياسيين وإعلاميين في داخل السويداء ومع مسؤولين عسكريين في المعارضة ما يجري في منطقة جبل العرب أو جبل الدروز وآفاق المرحلة المقبلة، ومستقبل علاقة أهل السويداء مع أهالي درعا وحوران المجاورة.

ترى الناشطة الميدانية في مدينة السويداء نورا الباشا أن «حال الطائفة الدرزية في سورية كحال كل الطوائف»، مشيرة إلى أن «سورية اليوم في حالة مخاض نحو الحرية، والدروز ليسوا استثناء، وموقفهم كان واضحاً منذ اليوم الأول للثورة، لكن يؤسفني القول إنه نتيجة استخدام نظام الأسد وبعض فصائل الثورة للورقة الطائفية ونجاحهم بعض الشيء باللعب بها، اختلفت نوعية الحراك الثوري لأبناء السويداء قليلاً عن إخوتهم في بقية أنحاء سورية».

وإذ تؤكد أن «غالبية الطائفة الدرزية مع الحراك الثوري»، لفتت إلى قيام «النظام السوري بتصوير بعض العمليات التي قام بها في محافظة السويداء، على أنهم غالبية ساحقة في السويداء وهذا خطأ، لكننا نجد أيضا أن هناك محسوبين على الثورة يغيّبون حراك السويداء عن قصد لأنهم يرون مستقبل سورية برؤية مختلفة عن مشروع سورية الحرة التي هي وطن للجميع»، معربة عن اعتقادها أن «لا وجود في السويداء لمَن هو مؤيّد لنظام الأسد لأنه حامي الأقليات، لكن هناك مَن يتخوف من المستقبل المجهول مع وجود قوى متطرفة لها ثقلها على الأرض السورية. أما الغالبية فترى أن ماضي سورية وديموقراطيتها الرائعة في الخمسينات هي الضمان الأهم لسورية المقبلة».

وحول موقف الزعيم الدرزي اللبناني النائب وليد جنبلاط ودعوته للوقوف إلى جانب الثوار، لفتت الباشا إلى «وجود تأثير كبير للزعيم جنبلاط في السويداء، فهو سياسي له ثقله. وصحيح أن مجزرة قلب لوزة أوجدت حالة من التردد مع موقف واضح يعارض كلياً أي وجود لجبهة النصرة، الا أن الاقتصاص من المعتدين وإحقاق الحق يبقى أفضل حل لطي الصفحة لاسيما بعد الوعود التي قدمت بمحاسبة المجرمين وعدم تكرار الحادثة».

وأوضحت الباشا أن لا شعبية في جبل العرب للوزير اللبناني السابق وئام وهاب «الذي يتباهى بتسليح النظام للدروز للدفاع عن أنفسهم»، فهو بحسب قولها «شخصية مكروهة ومرفوضة بالمطلق، حتى أنه لا يجرؤ على دخول السويداء، ولذلك فإن كلامه هو فقط تسويق إعلامي، كما أن الزعيم الدرزي طلال أرسلان ليس بموقع قرار في أرض الجبل الذي فيه من المثقفين والواعين الكثر ممن يرجعون لوطنهم سورية الحرة في قراراتهم من دون أن يكون لهم أي مرجعية سياسية عربية أو إقليمية، ولذلك فإن قرار الدروز نابع من وطنيتهم وانتمائهم لوطنهم بشكل أساسي وهم لا يخضعون لأي تأثير خارجي».

وتفيد علا الجاري وهي إعلامية سورية من السويداء، أن السويداء شهدت خلال الأشهر الأخيرة تطورات لافتة «إذ ظهر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بوضوح في مناطق متاخمة لريفيْها الشرقي والشمالي، واقترب خطر هذا التنظيم الإرهابي من قراها، حيث دارت بالفعل اشتباكات بين أهالي قرى في الريفين الشمالي والشرقي للسويداء، مع مجموعات من البدو بايعت التنظيم وتعمل تحت رايته، وسقط خلالها قتلى للطرفين. أما في الريف الغربي، فنشهد تقدماً للجيش الحر باتجاه مطار الثعلة العسكري والحواجز والقرى المحيطة به».

وتضيف: «بالطبع (داعش) خطر لا بد من التعامل معه بجدية، ولا بد من حشد القوى في المحافظة للتصدي له ومنعه من اجتياحها، ولا سيما في ظل التحركات المشبوهة لقوات النظام التي بدأت تحاول إخلاء المحافظة من الأسلحة الثقيلة، ما يجعلنا نعتقد أنها ستنسحب من السويداء وتتركها لـ(داعش)، كنوع من العقوبة لأبناء المحافظة بعد رفضهم دعم جيش النظام أو الخدمة في صفوفه، في حين لا مشكلة لدى أبناء السويداء الأحرار مع الجيش الحر، وهم يعلمون أن انتصاره على قوات النظام في مطار الثعلة انتصار للسويداء أيضاً».

وأوضحت انه «بالتوازي مع هذه الأحداث، شهدت المحافظة انقساماً على مستويات عدة، ويبدو أن التيار الأكبر اليوم في السويداء هو ممن يطالبون بالالتزام بحماية المحافظة وأهلها وضيوفها من بقية المحافظات، ورفْض القتال خارجها لمصلحة أي طرف، وربما يمثل (رجال الكرامة) أو (مشايخ الكرامة) هؤلاء. وفي الوقت ذاته، هناك تشكيلات عدة قامت تحت عباءة النظام، من لجان شعبية أو جيش الدفاع الوطني وأخيراً (درع الوطن) وغيرها، وكل هذه محاولات من قوات النظام لاسترجاع عدد من أبناء السويداء الرافضين للخدمة في جيشه، علماً أن البعض التحق بهدف حماية الجبل والبعض لا يزال موالياً لقوات النظام».

وتوافق علا أيضاً على ما قالته زميلتها نورا من أن «وئام وهاب مرفوض تماماً في السويداء حتى ان دمه مهدور من المشايخ، وهم صرّحوا علناً أنه إذا دخل السويداء لن يكون آمناً على حياته، وقاعدته الشعبية في السويداء تساوي صفراً، وربما تمكّن خلال الأعوام الماضية من شراء البعض بالمال أو السلاح ولكن أعداد هؤلاء لا تُذكر»، مقدّرة انه «قد يكون طلال أرسلان يتمتع بشعبية أفضل من وئام وهاب لكن خطابه غير مؤثر أبداً، في حين يتمتع وليد جنبلاط بالشعبية الأكبر والتأثير الأوسع، فهو بالنسبة لأحداث قلب لوزة لعب دوراً مهدئاً للنفوس، كي لا تمرّ مخططات النظام لإثارة الفتنة عبر تحريك المتطرفين في أوقات الأزمات بهدف إيجاد حالة من الذعر تدفع الناس الى قول ان لا بديل للنظام لحماية الأقليات. وهنا لا بد أن ألفت إلى توقيت ارتكاب (جبهة النصرة) لهذه المجزرة في الوقت الذي تغلي فيه السويداء ضد النظام، وهذا لا يمكن أن يكون مصادفة فأيدي النظام واضحة في ما جرى».

وتابعت: «هنا أختلف قليلاً مع وليد جنبلاط، فالسويداء لم تكن يوماً على خلاف مع الثورة حتى تتصالح معها اليوم، فقد شهدت منذ أول يوم في الثورة اعتصامات وتظاهرات، وفتحت أبوابها لأهلنا النازحين من المحافظات الأخرى، وهي وترفض إلاّ أن تسميهم الضيوف، وحتى اليوم لم يتعرض أي من الضيوف لأذى في السويداء حتى من غير المتعاطفين مع الثورة».

ويرد الناشط السياسي من السويداء محمد ملاك على ما أورده وهاب عن توزيع النظام 25000 قطعة سلاح في السويداء للدفاع عن نفسها، بالقول: «القول إن للسويداء حقاً في الدفاع عن نفسها كلمة حق يراد بها باطل، ولطالما كان حضور وئام وهاب في السويداء مصدر فتنة لأنه يمثل مصالح النظام. ونحن كمتابعين للتطورات بدقة، متأكدون من عدم صدق المعلومات حول توزيع النظام السلاح على أهالي السويداء، لأن النظام يسعى لإبقاء السويداء في حاجته وتابعة له. واذا كان قد وزع مئات البنادق خلال أعوام الثورة، فقد وزعها على جهات أمنية وشبيحة تتبع له وتأتمر بأمره. فيما رفض غالبية أهالي السويداء السلاح الذي عُرض عليهم من النظام ومن حزب الله، عن طريق وهاب».

واضاف: «أن شبان السويداء وأهلها الذين حاصروا واقتحموا فروع أمن النظام دون سلاح ليمنعوا سوْق رفاقهم وأبنائهم للخدمة في جيش النظام، قدموا الدليل الكافي على موقف السويداء من النظام وأمثال وئام وهاب ووزْنهما اليوم في السويداء».

أما عما حصل في قرية قلب لوزة بإدلب، فيقول: «إنها جريمة بكل المقاييس، ومجزرة يجب أن يُحاسب المسؤولون عنها، وسيعمل الجميع لضمان عدم تكرارها، وهذا موقف شارك فيه الجميع عبر بيانات لقوى وفصائل الجيش الحر والكتائب الإسلامية، وكذلك مواقف أهل السويداء. وما حصل يشكل أحد الأدلة على عجز نظام آل الأسد عن حماية السوريين، وكذبه حول حماية الأقليات حيث بات يسلّم المناطق دون أن يقاتل (داعش). وهنا لا بد من القول، إن محاولات النظام كافة فشلت حتى اليوم بزرع الفتنة بين السهل والجبل بفضل جهود العقلاء والوطنيين، وهذا هو موقف الدروز في سورية دائماً، عبّرت عنه مفردات خطابهم، وتصرفاتهم، وتضحياتهم، وهو ما نراه مستمراً حتى اليوم في كلام وتصريحات (مشايخ الكرامة) الذين نظن أنهم يمثلون اعتدال موقف الناس في السويداء».

ومع ذلك، لا ينفي ملاك «وجود قلق كبير بين سكان السويداء من الجماعات المتطرفة والتكفيرية، كما هو القلق من انتقام النظام عندما سيشعر بأنه خسر المدينة التي حاول استمالتها حتى اليوم وفشل بذلك، وهو أمر يجب أن يكون مفهوماً للجميع، حيث نرى أن موقف الدروز العام هو ضد النظام، وإن كانت تقلقهم ما آلت اليه الأوضاع في سورية ووقوع أجزاء كبيرة منها بيد الجهاديين».

ويرى ان «موقف الدروز في لبنان يعكس الخلافات اللبنانية عموماً والتنافس بين مراكز القوى هناك، كما يعكس رهان البعض على نظام الأسد وحلفائه. وهذا ينعكس على الناس في السويداء، بل على الدروز في سورية عموماً ويصنع شقاقاً بينهم، وإن كنا نرى أن موقف النائب جنبلاط يصبّ في مصلحة دروز سورية، لأنه ينحاز إلى موقف ثورة السوريين عموماً باعتبارهم المحيط الذي عاش وسيعيش فيه الدروز، ناهيك عن أن الثورة السورية مطلب للدروز كما هي مطلب لكل سوري، من حيث إن آل الأسد لم يكونوا إلا عصابة مستبدين وظالمين لسورية وكل أبنائها سنّةً ودروزاً وإسماعيليين وعلويين ومسيحيين وكرداً وعرباً وسرياناً وتركماناً وغيرهم. وفي هذا السياق نحن متأكدون من أن الناس في نهاية المطاف سيدركون مصلحتهم، ويتخذون الخطوات الصحيحة للتخلص من الاستبداد وحماية أنفسهم من القتل ومن العداوات».

وعن موقف جنبلاط الداعي للالتحاق بالثورة والمصالحة بعد أحداث قلب لوزة، يشير إلى أنه «كما قلنا، فإن مجزرة قلب لوزة جريمة يجب أن يُحاسب مرتكبوها دون مماطلة في حال كانت تصرفاً فردياً، ويجب أن تُتخذ كل الإجراءات لمنع تكرارها، بدءاً من الضمانات والوعود التي أطلقتها الفصائل كافة الموجودة في شمال سورية، وكذلك من خلال استعداد الناس لحماية أنفسهم من المغالين والمتشددين. لكن في ظروف سورية والفوضى التي تعتريها اليوم، لا بد من التحرك بعقلانية وهدوء، والعمل على لمّ شمل الناس. وهناك مواقف غير مسؤولة صدرت عن وهاب وعن أرسلان تدفع الناس للموت أو الانتقام، كما صدرت مواقف كهذه عن شيخ العقل حكمت الهجري المرتبط بأمن النظام وهذه المواقف تسعى لتوريط شبان السويداء ودفعهم للالتحاق بجيش النظام بحجة الدفاع عن السويداء، ما يضعهم في الاتجاه الخطأ، لكن هذه المحاولات فشلت إلا لدى البعض، الذين يكتشفون سريعاً أنه قد غُرر بهم، فيسارعون لترك النظام وجيشه، وقد تكرر ذلك في الأيام السابقة».

من جهته، يقيّم المنسق العام لألوية وكتائب توحيد العاصمة أبو كنان الشامي، وهي إحدى كبرى فصائل الثورة العسكرية في جنوب سورية، الوضع العسكري وتأثيره على محافظة السويداء ومحيطها بعد تحرير مطار الثعلة، لافتاً «الى استمرار المعارك على مطار الثعلة العسكري بعد تحرير اللواء52»، مضيفاً: «مطار الثعلة يقع في غرب محافظة السويداء ويفصل بينها وبين محافظة درعا، ويُعتبر نقطة ارتكاز قوية لنظام الأسد في المنطقة الجنوبية لما يحتويه من مدافع وراجمات صواريخ بالإضافة طبعاً للطائرات التي تقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة. وحماية المدنيين من هذا الخطر هو ما دفع الثوار لبدء معركة تحرير مطار الثعلة الذي هو الآن محاصَر بشكل كامل، وتستمر محاولات اقتحامه من الثوار ونأمل سقوطه بأيدينا خلال الأيام القليلة المقبلة».

ويؤكد أن «الثورة السورية ليست حكراً على أهل السنّة فقط، فهي ثورة شعبيّة كاملة للوقوف بوجه الطغيان»، لافتاً إلى «أن الشعب السوري مكوّن من طوائف عديدة، والثورة ليست حكراً على المسلمين لأننا نفسح المجال لأبناء الديانة المسيحية للوقوف معنا أيضاً بوجه نظام الأسد، وأهل جبل العرب مرحّب بهم في قطار الثورة ولهم ما لنا وعليهم ما علينا»، مذكّراً بان الحياة المشتركة بين «أهل جبل العرب وبيننا قديمة جداً وعمرها مئات الأعوام، ومسألة استمرار وجودهم لا تتعلق أبداً باستمرار نظام الأسد فليس هو الذي يضمن حمايتهم، ونظام الأسد إلى زوال، والباقي هو الشعب السوري، ولذلك ندعو أهلنا في جبل العرب للالتحاق بركب ثورة الشعب أو الوقوف على حياد بشكل كامل ونحن نضمن حمايتهم، ومَن يرفع السلاح منهم في وجهنا فسيدخل تلقائياً بحكم جنود الأسد وسيُعامل مثلهم».

وحول سعي النظام لنشر الفتنة بين اهل السهل وجبل العرب، يؤكد ان «مساعي نظام الأسد لنشر الفتنة والتفرقة بين أطياف الشعب السوري قديمة وباتت واضحة للعيان بالفترة الأخيرة، وفي الأيام الماضية عمد النظام إلى ضرب مدينة السويداء بقذائف الهاون لاتهام الثوار بذلك الفعل، ولكن خاب سعيه وانكشفت فعلته وظهرت الحقيقة لأهل جبل العرب بأن الأسد ونظامه هو من يزرع الفتنة وبأنه ليس الحامي الحقيقي لهم، وننتظر منهم الآن ردة فعل تجاه هذا النظام المجرم».

وفي لقاء مع قائد المجلس العسكري في السويداء العقيد المظلي مروان حمد الحمد من الدورة 37 حربية اختصاص مشاة، انشقّ عن جيش النظام وهو على رأس عمله كرئيس قسم الشيفرة وأمن الوثائق في قيادة الفيلق الأول بتاريخ، دان ما حصل في قرية قلب لوزة في ادلب جملة وتفصيلاً، مشيراً ألى أن «جيش الفتح في ادلب استنكر ما حدث وأعلن أنّ كل السوريين هم أهل وكلهم تحت حماية رجال الثورة وطالب بتقديم المتورّطين إلى محكمة عادلة، وعلى الأثر صرّحت النصرة بأنّ المتورّطين في العملية هم من عناصرها لكنّهم قاموا بذلك دون الرجوع إلى أمرائهم وشدّدت على أنها ستحاكمهم، كما قالت ان أهالي تلك القرى تحت حمايتها».

وبرر ما حصل من اعتداء بأن «الوطن يمرّ بمرحلة فوضى ويجب العمل جاهداً لمحاسبة كل مَن يعتدي على حقوق المواطنين في أي بقعة من سورية من أجل ضبط الفوضى والحد من هكذا حوادث».

وعن خطر هذه الممارسات على وضع الأقليات يقول: «سورية جسم واحد، ومن غير المعقول أن نجتزئ الواقع، وما يحصل في الشرق له آثاره على الغرب وما يحصل في الشمال له آثاره على الجنوب والعكس صحيح، وعلى كل أبناء سورية أن ينتموا لأرضها وهويتها لأنها تشرّف حامليها وعليهم ألّا ينساقوا لما يروّجه النظام المجرم من فتنٍ طائفيّة وغيرها».

وأوضح ان «النظام يحاول حشد أبناء السويداء في معركته حيث يروّج من خلال إعلامه بأن الثوار سيهاجمون المدنيين، وهو يعمل على حشد أبناء المحافظة بحجة الحماية الذاتية، أما في الواقع فإن الثوار في الجبهة الجنوبية يقومون بالهجوم على مواقع عسكرية للنظام تقع في المنطقة الغربية من محافظة السويداء، وأيضاً في المنطقة الشرقية من محافظة درعا يتعاملون مع مصادر النيران بما يلزم دون أن يتم إيذاء أيٍّ من المدنيين، أمّا بخصوص سؤالك عن كيفيّة استقطاب أهل السويداء فقد وُجِّهتْ رسائل عدة من الثوار يقولون فيها اننا جميعاً سوريون، وهذا أكبر ضمان لمَن يتخوّف من أي شيء. فكما تآلفنا منذ مئات الأعوام بنسيجٍ واحد، لم يتغيّر شيء الآن والهوية السورية تجمعنا»، مضيفاً: «في ما خص التخوف من الإرهاب، فإن الإرهاب يشكل خطراً على كافة أنحاء الوطن وقد تكاتف السوريون ويقومون بقتاله من أقصى الشمال إلى اقصى الجنوب، وكانت رسالة الثوار واضحة بأنهم سيحمون كل المناطق السورية من الإرهاب الأسدي أو الداعشي على حدٍّ سواء».

وأكد أن «كل مَن يتخّذ موقفاً يؤيد ثورة الشعب السوري فإنّنا نحيّيه وهو موقف مشرّف، وأهل محافظة السويداء وأهل محافظة درعا هم أخوة كما كل الشعب السوري، بينما كل مَن يقف بجانب النظام فمصيره كمصير النظام بالتأكيد أي السقوط، لكن في سورية معادلة مختلفة عن المعادلة اللبنانية، ففي لبنان هناك تعايش بين الطوائف بعد الحرب الأهلية ضمن قوانين دستورية معيّنة وُضعت في اتفاق الطائف، أمّا في سورية فنحن شعب واحد بمصيرٍ واحد ولا انقسام طائفياً بيننا، وإذا حدث انقسام في صفوف الشعب فهذا الانقسام على شكل طرفين، أحدهما الشعب الثائر والآخر هو الجزء الذي يقف مع النظام وفي كلا الطرفين يوجد من كل أطياف المجتمع».

ويوضح أن «السويداء كما كل المحافظات السورية فيها المعارض والمؤيد و«الرمادي»، فقد انطلقت الثورة في حوران الكرامة بتاريخ 18 / 3 / 2011 ومباشرة بعدها بثلاثة ايام كانت في السويداء وقفة تضامنية مع الأهل في درعا وبعدها كانت أول تظاهرة في السويداء تدعم الثورة وتؤكد ان الشعب السوري واحد. ثم انطلقت العديد من التظاهرات السلمية، لكن النظام قمعها وتم تغييبها عن الإعلام. كما شكلنا المجلس العسكري الثوري في محافظة السويداء وقمنا بعمليات عدة ناجحة ضد النظام في المحافظة وكنّا كتفاً إلى كتف بجانب إخوتنا في حوران البطولة، وكان ذلك بجهدنا الذاتي بسبب شح موارد الدعم المادي وانعدام الدعم العسكري، فقدمتُ استقالتي من المجلس احتجاجاً على انعدام الدعم وبقينا إلى جانب الأخوة الثوار حتى الآن، وسنقدّم كل ما يمكن في خدمة الوطن والثورة».

وفي الختام أكد ان «الثورة والوطن لكل السوريين، وأظن أن الانتصارات المتتالية تعطي الفرصة لمَن تخلّف عن الالتحاق بالثوار كي يلتحق بهم، فالنظام تهاوى ومَن يراهن عليه خاسر».