سلوى فاضل: رجال الأعمال اللبنانيين الشيعة في مواجهة العالم//أحمد الأسعد: تحرير لبنان من النفوذ الإيراني بالتحالف مع ركيزته//علي سبيتي: حزب الله وصناعة العدو//حنان الصباغ: حزب الله في لبنان وهذه النتائج

559

تحرير لبنان من النفوذ الإيراني” بالتحالف مع…ركيزته!
أحمد الأسعد/المستشار العام لحزب الإنتماء اللبناني/18 حزيران/15

تعب اللبنانيون الذين صنعوا ثورة الأرز قبل عشر سنوات، من أخطاء قيادات 14  آذار التي أطاحت تنازلاتها بزخم هذه اللحظة التاريخية، وأفقدتها بريقها. مشكلة 14 آذار أن قياداتها تكرر الخطأ نفسه مرة واثنتين وثلاثاً وأكثر، ولا تتعظ من الإخفاقات، ولا تتعلم من الفشل. ومراكمة هذه الأخطاء المكررة تصيب ناس 14 آذار بالإحباط، لأنهم يرون أن خيارات قياداتهم وممارستها السياسية تبدد الحلم الذي ولد في ربيع 2005 في ساحة الحرية. منذ اليوم الأوّل لثورة الأرز، راهنت قيادات 14 آذار، يا للأسف، على نبيه برّي كشريك شيعيّ، وعولّت على وَهم إخراجه من فلك سياسة النظام الإيراني وحزب الله. ورغم مرور عشر سنوات من الدلائل اليومية على عدم صحة هذا الرهان، لا تزال قيادات 14 آذار تتمسك به، وتصرّ على المضيّ فيه. غريب أمر قيادات 14 آذار. أقفل بري أبواب مجلس النوّاب تنفيذاً لأوامر حزب الله، فأعادت 14 آذار انتخابه رئيساً للبرلمان. ساهم برّي في تعطيل أكثر من حكومة، فكرّسته 14 آذار رئيساً لا يتزحزح للسلطة التشريعية. علّق بري عشرات مشاريع القوانين المهمة والحيوية كونها أحيلت على المجلس في عهد حكومة الرئيس السنيورة، فجعلت 14 آذار رئاسته لمجلس النواب قانوناً مقدّساً لا يقبل التعديل! رغم كلّ ذلك، وغيره الكثير، لم تتعلم قيادات 14 آذار، بل ها هي توغل في الخطأ، وتراهن على ما تسميه تمايزاً لبري عن حزب الله، وهو في الواقع مجرّد توزيع أدوار، وتنفيذ للسياسة نفسها ولكن باسلوب ملطّف قليلاً. وآخر ما طلعت به علينا 14 آذار في هذا السياق اجتماع بين الهيئات الطلابيّة لحركة أمل و حزب الوطنيين الأحرار والقوات اللبنانيّة وتيار المستقبل! وطبعاً مثل هذا الإجتماع لم يكن ليعقد من دون إيعاز من قيادات أحزاب هذه الهيئات. العبرة من الموضوع والعبرة من التاريخ، أن أيّ ثورة في العالم إذا لم تكن صادقة مئة في المئة مع شعاراتها، تخسر صدقيّتها وتالياً زخمها وقوة تأثيرها. ثمة تناقض فاضح بين خطاب 14 آذار القائم على السعي إلى تحرير لبنان من نفوذ المحور الإيراني، وبين التحالف مع برّي، ركيزة من الركائز الاساسية للمحور الإيراني. وهذا التناقض هو جزء من التناقضات والتنازلات الكثيرة التي جعلت 14 آذار، ببساطة، تفقد صدقيّتها، وبطبيعة الحال قدرتها على تحريك الناس في الشارع. هذا هو نتاج تصرّف قيادات قوى 14 آذار. لا يمكنهم أن يلوموا أحداً إلا أنفسهم على فشل ثورة الأرز. لا يمكنهم أن يلوموا إلا أنفسهم لعدم اتّخاذهم القرارات الصائبة خلال السنوات العشر الأخيرة بهدف تحرير لبنان من النفوذ الإيراني.

رجال الأعمال اللبنانيين الشيعة في مواجهة العالم
 سلوى فاضل/جنوبية/الخميس، 18 يونيو 2015  

 يدفع المغتربون دوما ثمن أعمال السياسيين في لبنان. فمتى سيكون للسلطات اللبنانية دورها في منع هذا الضغط، كونها بحاجة لأموال المغتربين والمهاجرين لوقف انهيار الاقتصاد؟  الشيعة ظُلموا تاريخيا منذ أيام الامويين مرورا بالعباسيين وصولا الى المماليك والأتراك والفرنسيين، الى ان جاء من يحفزّهم على التحرك.. فكان موسى الصدر وكانت حركة المحرومين في لبنان في الوقت الذي كانت فيه ايران لاتزال غارقة بالاستبداد، وان كان شيعيا شاهنشاهيا هذه المرة. ومع انتصار الثورة في ايران ارتفعت وتيرة التحرك الشيعي حيث وعي لمظلوميتهم على يد السلطات اللبنانية المتعاقبة نظرا لقوة الطوائف الاخرى وأهمها المسيحيين الذين عرفوا قبيل اشتعال الحرب الاهلية اللبنانية بالسيطرة والقوة والسلطة. وكان لحركة المحرومين صدى فاعلا لدى الشيعة منذ انطلاقتها، فانتشرت كالنار في الهشيم، وانضم اليها – ولو فكريا – كافة صنوف وفعليات الشيعة نظرا لمخاطبتها المظلومية التي يعانون منها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. لا تتوقف الدول العربية عن معاقبة كل شيعي وان كان لا صلة له بالتيارات السياسية بحجة تمويل الارهاب فبعد حرب دامت 15 عاما وترنحت على اتفاق تسوويّ عربي – أميركي خرج المارد الشيعي ليطالب بحقه بعد سبات طويل الأمد. اليوم، يرفض المارد العودة الى القمقم بعد خروجه القويّ، بل انه لا ينفك يلعب ادوارا كبيرة وكبيرة جدا. وهذا الصراع الاقليمي الذي نشهده منذ خمس سنوات ليس الا صراع المارد مع الساحر علاء الدين الذي يود الاقتصاص من مارده وإعادته الى قمقمه الصغير. لكن المسألة أبعد من ذلك بكثير.. فالمواجهة أخذت أبعادا كثيرة وجديدة. وتحولت من قضية غبن الى قضية مذهبية بعد ان مرّت بمراحل استعصى فيها القضاء على هذه الطائفة الناشئة، والتي أطاحت بالمفاهيم التقليدية للصراع العربي الاسرائيلي. لم يتحمّل العرب، بما يشكلون من مجموعة أنظمة تحاكي الاستبداد والقمع، فكان الربيع العربي محاولة جديدة ومبتكرة للقضاء على الطائفة الصغيرة في عز صباها. وكانت محاربة كل من يدعم ماديا او معنويا لهذه البيئة الناشطة هو الطريق الثاني بعد زجها بحرب لا طائل منها في صراع قد يمتد لسنوات والهدف منه استنزاف هؤلاء المشاكسين الجدد. آخر هذه الحرب هي معاقبة رجال أعمال لبنانيين شيعة جنوبيين لهم تاريخ طويل في العمل الاستثماري والتجاري المشاكسون الجدد ناموا على حرير الانتصارات ضد اسرائيل واستذوقوا الشهادة، لكن هل سيسمح بهم بذلك؟ لا، طبعا والا فعلى هذه الانظمة العفى. الحرب الاقتصادية هي الاسلوب الثاني بعد الحرب العسكرية. وهنا بيت القصيد حيث لا تتوقف الدول العربية، وبالاخص الخليجية عن معاقبة كل شيعي وان كان لا صلة له بالتيارات السياسية في المنطقة بحجة تمويل الارهاب.
المطار/وآخر هذه الحرب هي معاقبة رجال أعمال لبنانيين شيعة جنوبيين لهم تاريخ طويل في العمل الاستثماري والتجاري، اضافة الى ما يُشاع عن منع توظيف اي شيعي جديد قادم من لبنان، ومحاولة استبدال الشيعة بغيرهم بشكل سريّ وتحت مسميات متنوعة.هذا التضييق على رؤوس الأموال اللبنانية وتهجيرها والسيطرة على مصالحها في بلاد الخليج ليس الا جزءا من ثمن يدفعه اللبناني لملفات سياسية ليس له اي خيار فيها… فهل ستتدخل السلطات اللبنانية من أجل وقف شد الخناق عن مواطنيها؟

حزب الله في لبنان ..وهذه النتائج
 حنان الصباغ/لبنان الجديد/18 حزيران/15

 “ماذا لو لم يكن هناك حزب الله في لبنان؟”.سؤال أثار إنتباهي وانطبع في ذهني وحاولت مرارا وتكرارا أن أركز في خلفياته وماورائياته، والغريب في الأمر أن الإجابة تخدم مصالح المحور المؤيد حيث تم تصوير المشهد أن لولا “حزب الله” لكان وجودنا مهددا.  ومن قال أن وجوده سيحمي البلدات والقرى اللبنانية؟ فإننا نقول أن وجود الجيش اللبناني الذي يحمي ويصون كرامتنا كاف لتأمين الحماية ليس فقط للبلدات البقاعية التي تقع على الحدود السورية والمهددة لخطر دخول “داعش إلى لبنان”، إنما كاف ايضا لحماية كل لبنان، ومن يقول أن وجود هؤلاء المسلحين كفيل بأن نصبح عبيدا كما في بعض البلدات السورية فإننا نقول إن لدينا جيش يكفي لدحرهم. نعم..لو لم يكن هناك “حزب الله في لبنان” لكان هناك وحدة وطنية وتكافل إذ ان الإختلاف الذي يجمع عليه كافة اللبنانيين هو السلاح غير الشرعي ووجود الدويلة ضمن الدولة وبمجرد فرض الدولة سيطرتها والتخلص من كل ما هو غير قانوني وشرعي تكتمل الوحدة. هل نستطيع أن ننسى ان “حزب الله” الذي يقول أنه يدافع عن اطفال لبنان إنما هو قاتل لأطفال سوريا وشريكا مع النظام الديكتاتوري وهل يمكن تجاهل ان لولا عدم “حشر حزب الله انفه” في سوريا لما نشأت هذه الجماعات التي تهدد اليوم امن لبنان؟   كيف ننسى ايضا ان وجود حزب الله في لبنان هو سببا لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية إذ أن التمسك والتفرد بالرأي “عون او لا أحد” هو مشكلة أساسها وجود هذا الحزب فبدونه ودون فرضه لآرائه لكان الرئيس الآن متربعا على عرشه. وأهم من هذا كله لو لم يكن الحزب في لبنان لما تزينت الشوارع بصور شباب لم يعرفوا في حياتهم سوى كلمات عن الموت ولم يكن هناك مئات البيوت في البقاع والجنوب والضاحية مزدانة بالأسود والاحزان. وبعد هذا كله هل لا زلنا نسأل دعما لهم ماذا لو لم يكن هناك حزب الله في لبنان”؟

حزب الله وصناعة العدو
 علي سبيتي/لبنان الجديد/18 حزيران/15

 لماذا العدو؟ ما الدور الإجتماعي والسياسي الذي يؤديه في المجتمعات المعاصرة ؟ هل يجب على الهوية أن تُبنى ضدّ ” الآخر” ؟ يعتبر كارل شميت أنّ هذه هي وظيفة السياسي بذاتها ، فالعدو اذاً هو الآخر ، الشرّ ، التهديد  ، ولا يمكن فصله عن الحياة كما المرضى .. وهو يقدم خدمات كثيرة ، ويعمل مهدئاً ، خصوصاً عبر المسؤولية التي يمثلها سواء الحقيقية منها أو المُتخيلة في قلقنا الجماعي . ويمكن لصناعة العدو أن تُرسّخ الأواصر الجماعية ، ويمكنها أن تكون مخرجاً بالنسبة إلى سلطةٍ تواجه مصاعب على الصعيد الداخلي . ويغيب العدو في الكتب التعليمية الأساسية للإستراتيجية العسكرية ، وتشغل الحرب ، التي تقدم منذ البداية بوصفها ، معطى  التحليلات والأفكار . ويدرس المؤرخون إستدلاليّاً العوامل التي سببت الحروب ، والتي لم يكن الناس واعين لها بالضرورة . لكن يجب أيضاً العمل على فهم كيف تنشأ تخيلات العدوان ، وتحديد العناصر الإجتماعية التي يتشكل منها الرأي العام . من يصنع العدو؟ لم يعد الفقيه أو الزعيم أو الرئيس هو من يقرر الحرب أو السلم بمفرده إذ يستلزم توفير أسباب موافقة للرأي العام ، وتمرّ صناعة العدو بمراحل شتى ومنها : أيديولوجيا إستراتيجية محددة يبشر بها خطباء مهمتهم صنع رأي عام ، وأليات صعود نحو العنف المبرر . يقول هنري ميشو لقد كانت الحرب أسوأ الحلول لكن الناس خضعوا لها ، ومن المنطقي أن نحاول فهم كيفية إنتاج العجرفة الحربية التي تدفع الناس إلى أن يقتل بعضهم بعضاً بطريقة شرعية .

إنّ الحرب هي ، قبل كل شيء ، ترخيص ممنوح شرعيّاً لقتل أناس لا نعرفهم ، أو أحياناً نعرفهم حق المعرفة على غرار الحروب الأهلية ، لكنّهم يتحولون فجأة الى طرائد يجب تعقبها والقضاء عليها . إنّ الحرب هي اللحظة ” غير الطبيعية ” ، إذ يمكن معاقبة من يرفض قتل العدو بالموت ،  لذا يتعين علينا القيام بذلك عن طيب خاطر والإقتناع بما نفعل . إنّ ما قاله كارل شميت وهنري ميشو يعكس بصورة واضحة هويات المتقاتلين الجُدد من أحزاب الله ودعواتهم إلى الحروب وصناعتهم المستمرة لأشكال متعددة من العدوات وتوفيرهم للأسباب الموجبة لها لخلق رأي عام على الصورة التي عليها الآن المسلمون من إنقسام سياسي وقومي ومذهبي وطائفي مُثقل بدماء تصرخ جميعها الله أكبر ، وفي لحظة واحدة من سقوط أبدانها على طريق الجنة  .