نديم قطيش: سيدة فاطيما في المجلس..هللويا//فايزة دياب: معترضون مسيحيون ومسلمون على دخول تمثال «فاطيما» إلى البرلمان//نوفل ضو: أسوأ الناس

391

سيدة فاطيما في المجلس..هللويا
نديم قطيش/المدن/الخميس 18/06/2015

في شباط الفائت كاد تطبيق فصل من فصول الخطة الامنية، المتعلق بازالة الشعارات الحزبية والسياسية من الشوارع ان يعيد طرابلس الى بؤرة التوتر، وربما الاقتتال. من بين ما اريد ازالته، او استبداله يومها، هو مجسم اسم الجلالة “الله” من ساحة عبد الحميد كرامي، التي صارت ساحة الله منذ ان فجرت مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عبوة ناسفة تمثال الزعيم الشمالي، واستبدلته حركة التوحيد الاسلامية بنصب الجلالة عام 1984. كان النصب يعلن عن تحولات عميقة في الاجتماع المديني لطرابلس ويمثل محاولة لتغليب الهوية الاسلامية عليها، وتأبيد الصعود الاسلامي على حساب هويات سياسية أخرى، مثّل آل كرامي وجهاً بارزاً من وجوهها. بهذا المعنى ارتبط نصب الجلالة بهوية المدينة او بهوية للمدينة على نحو أدق. وصار الاحتجاج على ازالته ينطوي على مضمون صراعي ودفاعي عن هذه الهوية، بمثل ما كان الامر يوم التنصيب وأشد. قبل أكثر من عقدين كانت الهوية التي ينوب عنها النصب ويمثلها، محصورة في طرابلس، أما اليوم فهذه الهوية الاسلامية السنية تنفجر بتعبيرات كثيرة في عموم المنطقة، وبكل الوان الطيف الاسلامي من الاخوان الى النصرة وداعش والقاعدة والسلفيين والمعتدلين وغيرهم!! غلبة الديني على السياسي ليست صفة حصرية للسنّة اليوم، او لشرائح كبيرة في مجتمع الطائفة. هي نتيجة منطقية للإصطدام المتنامي مع خصوم، لا سيما حزب الله وايران، أبكروا في تلبس هوية مذهبية، وتغليب هيئة الدين على السياسة.

لم تدم طويلاً حفلة التكاذب بين السنة والشيعة في لبنان. ولم تسعف الالتباسات التي احاط بها حزب الله مشروعه ولغته وهويته، أكانت المقاومة أو الوحدة الاسلامية، في منع الانكشاف المذهبي حين حانت لحظة التصادم. بسرعة غادر الحزب لغة الحذر ولعبة الاقنعة. ذهب مباشرة الى جنون اللغة التي لا تستثير الا جنون المدافعين عن ساحة الله في طرابلس، هم الذين كانت التباسات زمن السلم الاهلي البارد تعطل قدرتهم على التعبير عن أنفسهم ومشروعهم و”حقوقهم” المادية والمعنوية! دخل حزب الله في الحرب السورية مدافعاً عن لبنانيين، يقيمون على الحدود بين لبنان سوريا. لم تدم هذه النكتة طويلاً. سرعان ما صار الحديث عن المقامات والغيب وزينب التي لن تسبى مرتين، والثبات في صفين، والشيعة الذين لن يقبلوا بأن يهيموا في الارض، يُقتل رجالهم وتُسبى نساؤهم، وغيرها من كوابيس حروب المذاهب!! لم يوحِ شيء أن السنة والشيعة عازمون، او قادرون، على كبح الانزلاق نحو استئناف حروب يتجاوز عمرها ١٤٠٠ عام، يخوضونها عبر اغتصاب الحيز العام أكان ساحة ام وطناً ام حدوداً، وعبر تديين شامل للسياسة واغراقها في لغة الغيب.

لم يكن ينقص هذا المشهد التصحري للسياسة الا إعلان المسيحيين انتسابهم لحفلة جنون المذاهب والطوائف الاسلامية. بل إن التحاقهم المريع بهذا المشهد كان محل ترحيب من المتكاذبين السنة والشيعة، في الاعلام والتصريحات السياسية التي رحبت بمشهد دخول تمثال سيدة فاطيما الى البرلمان اللبناني، بعد جولات رافقتها منذ وصولها الى المطار وحتى حين مغادرتها. الامر لا علاقة له هنا بمناقشة المؤمنين في إيمانهم. فليأتوا بكل تماثيل السيدة مريم من كل أصقاع الكون، وليتعبدوا ويبخروا ويغنوا ويرقصوا بما يمليه عليهم ايمانهم ووجدانهم. هذا شأن المؤمنين لا شأن هذه المقالة او كاتب سطورها. أما إدخال التمثال الى البرلمان في مشهدية بائسة، يتقدمها نواب لا يحضرون جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية، ويملؤون الفضاء الاعلامي والسياسي بأعلى درجات الاسفاف المذهبي، والضحوية المزيفة، ثم يتوسلون السيدة العذراء أن تنقذ استحقاقهم الدستوري، فهو تعبير مقذع عن هستيريا جماعية غير مسبوقة في تاريخ البلد. هستيريا شارك فيها من نظم زيارة المجلس ومن رافقها ومن أجازها ومن سكت عنها بحجة المجاملات المذهبية العفنة. ولئن كانت هذه المشهدية، تعبر ضمناً عن خوف المسيحيين المشروع على دورهم ومكانتهم في لبنان، فإن المخيف ان هذا الخوف لا ترافقه صحوة سياسية واجتماعية مسيحية جادة لكيفية الذود عن الدور والمكانة، بغير لغة الغيب والابتهال. ملاقاة المسيحيين للسنة والشيعة في حفلة جنونهم هي الوجه الاخر لإنتهازية القوى السياسية المسيحية التي انتقلت من التمترس خلف السنة والشيعة الى الانفصال السياسي عنهم، بأوراق نوايا وتفاهم باهتة، والانفصال عن حروبهم، وحصر المشتركات معهم في نبش تاريخ المقدسات والغيبيات. هللويا.

معترضون مسيحيون ومسلمون على دخول تمثال «فاطيما» إلى البرلمان
 فايزة دياب/جنوبية/الخميس، 18 يونيو 2015  

زيارة قصيرة للقديسة والشفيعة سيدة البرتغال إلى لبنان، الزيارة الدينية التي ترافقت مع الصلوات وطلب النجاة انتهت بإدخال «فاطيما» إلى البرلمان. إلاّ أنّ هذا التصرف وصفه كثيرون بأنّه تصرف غير مسؤول لما يدلّ على الخلط بين الدين والدولة. ومن بين المعترضين النائب عماد الحوت، الأب جورج مسوح، والصحافي كمال ريشة الذين شرحوا وجهة نظرهم في اتصال مع «جنوبية». غادرت السيدة فاطيما الأراضي اللبنانية بعد زيارة كان من المفضّل أن تبقى ضمن إطارها الديني، إلاّ أنّ إختتام رحلتها جاء بإدخال تمثال سيّدة البرتغال الى المجلس النيابي. ميشال موسى، أنطوان زهرا، ابراهيم كنعان وحكمت ديب أربعة نواب استقبلوا العذراء في البرلمان المهجور من نوابه المسيحيين منذ أكثر من عام، طالبين منها التضرع من أجل موقع رئاسة الجمهورية الفارغ، مؤمنين أنّ العذراء هي خشبة الخلاص لإنهاء أزمة لبنان. هذه الخطوة الشعبوية لاقت اعتراضاً واسعاً شعبياً وسياسياً من قلب البيت المسيحي، استناداً إلى مقولة يسوع المسيح في الإنجيل «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله»

ولكن هل نسي النواب المسيحيون تحديداً أنّهم مسؤولون عن الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، وهم أنفسهم من يعطلون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بعدم حضورهم البرلمان؟ هذا الخلط بين الدين والسياسة الذي وقع به المسيحيون، ما هو إلاّ دليل على الإحباط الذي وصل إليه مسيحيو لبنان برمي أخطائهم إلى السيدة العذراء طالبين منها أعجوبة لملئ الفراغ الرئاسي، على الرغم من أنّ انتخاب رئيس لا يتطلب أعجوبة بل حوار وإتفاق ونزول الى المجلس النيابي فقط. هذه الخطوة الشعبوية لاقت اعتراضاً واسعاً شعبي وسياسي من قلب البيت المسيحي، استناداً إلى مقولة يسوع المسيح في الإنجيل «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله». ومن بين المعترضين على الخلط بين الدين والسياسة مدير مركز الدراسات المسيحية -الاسلامية في جامعة البلمند الاب جورج مسوح، الذي علّق على الحدث في اتصال مع «جنوبية» بالقول أنّ «المسيحيين جنّوا» لأنّ «السيدة العذراء لا تصلي من أجل قيصر روما أو رئيس جمهورية لبنان، بل تصلي من أجل السلام والمضطهدين والفقراء… ومن المعيب الإنحدار إلى هذا المستوى واستغلال رمز الطهارة من أجل تحقيق مآرب سياسية».

من المعيب الإنحدار إلى هذا المستوى واستغلال رمز الطهارة من أجل تحقيق مآرب سياسية
وتابع مسوح: «تمثال العذراء مكانه الكنائس والمعابد وليس في الطرقات والمظاهرات والبرلمان، فنحن نسعى إلى فصل الدين عن الدولة فصلاً تاماً وتحقيق العدالة والمواطنة، وهناك مجموعة من اللبنانيين مصرّين على إقحام الدين بالسياسة». كثير من المحللين والمراقبين ربطوا إدخال تمثال العذراء إلى مجلس النواب بالإحباط وخيبة الأمل التي تسيطر على الشارع المسيحي، إلاّ أنّ الأب جورج مسوح رأى أنّ «الوضع الطائفي الذي يسيطر على لبنان، وعلى المسيحيين منذ مئة عام جعلهم يعتقدون أنّ الطائفة والدين هو من يحميهم». ورأى مسوح أنّ «الإحباط الحقيقي هو في سقوط الدولة المدنية»، وقال «أنا كمسيحي مؤمن بالله والكنيسة أدعو إلى المواطنة واحترام حقوق المرأة والطفل والنازحين… ولا يهمني إن كان رئيس الجمهورية ماروني أم لا، ولا أريد وزير أو نائب مسيحي، أريد رئيساً ووزيراً ونائباً يؤمّن لي حياة كريمة، ينهي الفساد المستشري في الدولة، يؤمّن الكهرباء والماء والطبابة وضمان الشيخوخة.. لذلك على المسيحيين أن يعودوا إلى صوابهم».

الإحباط الحقيقي هو في سقوط الدولة المدنية، وأنا كمسيحي مؤمن بالله والكنيسة أدعوا إلى المواطنة واحترام حقوق المرأة والطفل والنازحين
أمّا النائب عماد الحوت فقد رأى في اتصال مع «جنوبية» أنّ «الخلط بين الدين والسياسة في لبنان يتجه في مسار خاطئ» وأضاف «مع احترامي وتقديري للتمثال وما يمثل، إلا أنّ ما حدث في مجلس النواب من الممكن أن يفتح باب عند طوائف أخرى يصعب قفله بعد ذلك، لذلك كان الأمثل على المسيحيين أن يمارسوا معتقداتهم في الكنائس والمعابد وليس في مجلس النواب». وفي السياق نفسه رأى الصحافي كمال ريشة في حديث لـ «جنوبية» أنّ «مجلس النواب هو مكان مدني وليس صرح ديني، لذلك فإن القيّمين على هذا العمل هم غير مسؤولين حتّى عن تصرفاتهم» وتابع «كان من المفترض على رئيس مجلس النواب أن لا يسمح بإدخال التمثال إلى مجلس. لأنّ هذه السابقة ممكن أن تفسح المجال أمام ظواهر دينية أخرى في المجلس، فبدل أن نعلمن الدولة أكثر بفعلهم هذا نتجه إلى دولة دينية». لو صلّوا من أجل “قدرة عجائبية” تقنع ميشال عون بانتخاب رئيس للجمهورية، يكونون بذلك قد حققوا الهدف أكثر وختم ريشة «لو أخذوا التمثال وجالوا به على الجهات المعطلة في الرابية وحارة حريك، وصلّوا من أجل “قدرة عجائبية” تقنع ميشال عون بانتخاب رئيس للجمهورية، يكونوا بذلك قد حققوا الهدف أكثر».

خاطرة من صفحة نوفل ضو على الفايسبوك
18 حزيران/15
أسوأ الناس:
إنسان يحاضر في الصدق وهو كاذب
في الشفافية وهو خبيث
في الوفاء وهو خائن
في الإستقامة وهو وصولي
في المبادىء وهو انتهازي
في القيم وهو بلا أخلاق
في التضحية وهو استغلالي
في الكرامة وهو مصلحي
في الواقعية لتبرير تقلباته
اللهم نجنا من هذا الصنف من الناس … وقد أصبح بكل أسف واسع الإنتشار في مجتمعاتنا…