علي حماده: سيدة فاطيما إلى بيت عون//اميل خوري: هل يدري المستمرّون في التعطيل إلى أين يذهبون بلبنان وخدمة لمَن؟

338

سيدة فاطيما” إلى بيت عون
 علي حماده/النهار/18 حزيران 2015

كان حرياً بمجموعة النواب التابعين للجنرال ميشال عون، وكذلك بعض كهنة الكنيسة أن يحملوا على أكتافهم تمثال “سيدة فاطيما” الى منزل الجنرال ميشال عون، ويدخلوها هناك علّ وجودها في بيته يلهمه أن يغادر مربع تعطيل مؤسسات الدولة مع “حزب الله”، وذلك بدل النزول بها الى وسط بيروت وإدخالها مجلس النواب بمبادرة لا يفيد منها سوى رئيسه نبيه بري الذي يكسب هنا “ضربة” علاقات عامة. “برافو”… فنبيه بري لا يدفع من كيسه. هو الكاسب الوحيد في هذه العملية الغريبة التي جرى إقحام الكنيسة المارونية بها مرة جديدة. لكن المخجل، لا بل المشين أن نرى نواباً من كتلة عون النيابية التعطيلية يمشون في موكب “سيدة فاطيما” الى مجلس النواب من أجل “استسقاء” انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حين أن المطلوب أن تحل بركة السيدة العذراء وإلهامها على ميشال عون ليقتنع مرة أخيرة بأن لا أمل يرتجى من تعطيل انتخابات الرئاسة، ولا من تعطيل أعمال مجلس الوزراء. في كلتا الحالتين لن يؤدي ذلك سوى الى مزيد من الاهتراء في مؤسسات الدولة. أما هو فلن يخرج بمكسب بحجم أحلامه.

ولنكن صرحاء: ان عون لن يصل الى سدة الرئاسة، لا اليوم ولا غداً. هذه حقيقة يجب أن يدركها الجنرال. فهو لن يحظى بأصوات كافية في مجلس النواب للوصول الى بعبدا. وكلما أمعن في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، وفتح معارك جانبية تارة ضد الحكومة التي يفيد من وجوده فيها، أو ضد قيادة الجيش الحالية بذريعة الإصرار على تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش فسوف لا يبتعد عن منصب الرئاسة فحسب، لا بل إنه سيقضي على كل بارقة أمل لوصول روكز الى قيادة الجيش. ولا نبالغ إذا قلنا إن روكز المشهود له بأنه واحداً من بين الضباط الجديرين بتولي القيادة، يعاني اليوم سلبيات سياسات عون في ما يتعلق بقيادة الجيش. وربما جاز القول إن وضع روكز العائلي قد يكون أصبح عبئاً عليه في ما يتعلق بطموحاته، أقلها في مؤسسة الجيش.

لقد أحسن صديقنا الوزير أشرف ريفي حين بادر بمبادرة شخصية منه الى مغادرة مربع التشاطر والتكاذب الذي استقرت فيه العلاقات السياسية بين القوى الكبرى بعد تشكيل الحكومة الحالية. فبقوله إن عون لن يكون رئيساً، كشف ريفي واقعاً لطالما جرى تنبيه عون إليه، وهو ان من أراد الفوز بتأييد جميع الأطراف للوصول الى منصب الرئاسة، وجب عليه أن يثبت انه رجل التوفيق والتوافق والوسط، وأنه يجمع ولا يفرّق، والأهم أنه خارج أي اصطفاف سياسي. قيل هذا الكلام للجنرال ميشال عون مراراً وتكراراً، وكانت أمامه فرصة لكي يخرج من تحت عباءة حسن نصرالله، فلم يبادر وظل واقفاً عند مربع حسن نصرالله وبشار الأسد والايرانيين في لحظة اشتباك إقليمي حاسمة بين العرب والإيرانيين. فطارت الرئاسة. وطارت قيادة الجيش.

خلاصة القول: لا يظنّن الجنرال عون ان خياراته السياسية ستحقق له أحلامه، فقد انتهى زمن صعود “حزب الله”.

 

هل يدري المستمرّون في التعطيل إلى أين يذهبون بلبنان وخدمة لمَن؟
 اميل خوري/18 حزيران 2015

هل يدري المستمرون في مقاطعة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيما منهم المسيحيون، ماذا يفعلون والى أين يذهبون بلبنان؟ يقول نائب ووزير سابق مخضرم من الطائفة السنيّة إنه يحمّل النواب المسيحيين المقاطعين مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية لأنهم يحققون من حيث يدرون او لا يدرون أهداف من يعملون لتعطيل عمل كل المؤسسات في الدولة، حتى إذا ساد الفراغ الشامل فلا يعود في الامكان الخروج منه إلا بعقد مؤتمر يوضع فيه دستور جديد للبنان وصيغة نظام جديد، وهذا ليس بالأمر السهل، لكن هذا ما يريده “حزب الله” ووراءه إيران. وما دام هذا هو الهدف فلا يلام الحزب إذا عمد الى تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية باصراره على ترشيح العماد ميشال عون من دون سواه، ويتولى عنه ذلك، ويا للأسف، فريق من المسيحيين، ولاسيما منهم الموارنة، لأنهم أُعطوا أعلى منصب في الدولة ولم يعرفوا كيف يحافظون عليه. وهذا الفريق المسيحي لا يتحمل مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية فحسب، إنما تعطيل عمل الحكومة باصراره على اجراء تعيينات عسكرية وأمنية قبل أي أمر آخر، عوض أن يصرّ على انتخاب رئيس قبل أي أمر آخر، ويتحمّل أيضاً مسؤولية تعطيل عمل مجلس النواب باصراره على بت مشروع قانون للانتخابات النيابية وقانون استعادة الجنسية، عوض أن يصر على انتخاب رئيس للبلاد قبل أي أمر آخر لأن لرئيس الجمهورية رأياً في التعيينات العسكرية وفي قانون الانتخاب. ويتحمل هذا الفريق المسيحي أيضاً وأيضاً مسؤولية اصراره على انتخاب رئيس قوي محدداً عون والدكتور سمير جعجع مرشحين قويين من دون سواهما… فيحضر مؤيدو عون جلسة الانتخاب ولا يقترعون له بل يقترعون لاوراق بيض، ثم يقرّرون عدم حضور أي جلسة بعد تلك الجلسة كي يشرّع التعطيل أبواب الفراغ الشامل في البلاد. عندما تأكد الدكتور جعجع مرشح قوى 14 آذار أن حظوظه بالفوز ضئيلة، وان المقصود هو تعطيل عمل المؤسسات بدءاً برئاسة الجمهورية، أعلن استعداده للانسحاب لمرشح توافقي بغية الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية. لكن العماد عون ظلّ مصراً على ترشيحه مع مقاطعته هو ومن يؤيدونه جلسة الانتخاب. وما إصرار “حزب الله” على ترشيحه من دون غيره سوى إمعان في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية توصلاً الى تعطيل عمل الحكومة وعمل مجلس النواب ليكون الفراغ الشامل الذي يسعى اليه الحزب تحقيقاً لأهداف باتت معروفة. وما إصرار فريق مسيحي على انتخاب رئيس قوي، وإن لم يحظَ بتأييد الأكثرية النيابية المطلوبة، سوى اسداء خدمة مجانية لايران وذلك باعطائها ورقة تضغط بها وتساوم عليها في مفاوضاتها الاقليمية والدولية، ويجعل الرئاسة الأولى في لبنان ورقة معروضة للبيع والشراء خدمة لمصالح أي خارج، أو توصلاً الى تسوية تقضي بانتخاب رئيس توافقي يكون من صنع الخارج بدل أن يكون من صنع اللبنانيين، ولا يكررون خطأ ما فرض عليهم في مؤتمر الدوحة عندما لم يتفقوا على رئيس فاتفق الخارج عليه وقبلوا به.

وتساءل النائب والوزير السابق كيف يتفق فريق مسيحي على أن يكون بتّ قانون جديد للانتخابات النيابية وقانون استعادة الجنسية شرطاً لحضور جلسات انتخاب الرئيس من دون شروط مسبقة. لقد نص النظام الداخلي لمجلس النواب في المادة 52: “ان حضور جلسات اللجان الزامي، ويعتبر مستقيلاً حكماً عضو اللجنة الذي يتغيب عن حضور ثلاث جلسات متوالية من دون عذر مشروع مقدم، وعلى رئيس اللجنة ان يبلّغ رئيس المجلس الأمر لانتخاب خلف له”. ونص في المادة 69 على انه “لا يجوز للنائب التغيب عن أكثر من جلستين في أية دورة من دورات المجلس العادية والاستثنائية إلا بعذر مشروع مسبق يسجل في قلم المجلس”. ونص الدستور في الماة 65: “ان مجلس النواب يحل اذا امتنع لغير أسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقلّ مدة كل منهما عن الشهر، أو في حال ردّه الموازنة برمتها بقصد شلّ يد الحكومة عن العمل”.

فاذا كان المشترع عاقب النائب الذي يتغيب عن أكثر من جلستين للجان وأجاز حلّ مجلس النواب إذا ردَّ الموازنة، أفلا يعني هذا ضمناً ان ليس للنائب أن يتغيب عن حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية وإلا عوقب، وإن لم يلحظ الدستور نصاً صريحاً بذلكب ل نص عليه روح الدستور؟ لذلك على النواب المسيحيين خصوصاً أن يتفقوا قبل اي أمر آخر على اعلان عزمهم على حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لأنه أهم من “اعلان النيات” حول مشاريع لا مجال لبتها في غياب رئيس للبنان الذي بانتخابه تستقيم الأمور وتستعيد المؤسسات عملها الطبيعي ولا تبقى معرّضة لتعطيل يفيد منه خارج يريد تغيير النظام والدستور وزعزعة العيش المشترك والسلم الأهلي، وإلا فان تسوية اقليمية – دولية قد تفرض عليهم رئيساً كما فرضت عليهم الحكومة الحالية بعد تسوية أيضاً.