علي الحسيني: لبنانيون حراك في وجه داعش وحزب الله//علي رباح: نعيم قاسم ونوبل الصراخ المضاد

259

«لبنانيون».. حراك في وجه «داعش» و«حزب الله»
علي الحسيني/المستقبل/16 حزيران/15

تحت شعار «عملاً للوحدة ورفضاً للانشقاق المذهبي وخطاب التخوين والحفاظ على الهويّة الوطنيّة الجامعة بوجه الهويّات العابرة للحدود«، دعت مجموعة من الشُبّان العاملين في المجال الإعلامي والمجتمع المدني تحت اسم «لبنانيّون» بصفتهم الشخصيّة، إلى وقفة حرّة ومسؤولة لتحييد لبنان عن خط الزلازل في المنطقة وذلك عند الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم غد الاربعاء في ساحة رياض الصلح وسط بيروت.

هو تحرّك جديد يُضاف إلى الحركات الإعتراضية التي بدأت تخرج في لبنان في الآونة الاخيرة للتعبير عن حال القلق الذي يعيشه الشعب اللبناني بكل أطيافه وتلاوينه المذهبيّة والسياسيّة من جرّاء إنغماس «حزب الله» المتواصل في الحرب السوريّة والإنعكاسات السلبيّة التي نتجت من مشاركته هذه والتي حوّلت لبنان من ساحة صدى للصراعات الإقليميّة إلى أرض معركة فعليّة بعدما استجرّ اليها الحزب الإرهاب، من كل حدب وصوب.

الصحافي محمد بركات هو احد اعضاء اللجنة التحضيرية لمجموعة «لبنانيّون» التي تنوي التحرّك يوم غد ضمن الإطار الفردي البعيد عن تنميق الأحزاب السياسيّة وإن غلبت الهويّة المذهبيّة على معظم أسماء الأشخاص الذين يقفون وراء التحرّك هذا. يقول بركات « منذ شهرين تقريباً وهناك إجتماعات ولقاءات تحضيريّة للقيام بحركة تُعبّر عن الخوف والخطر المذهبي الذي يتهدّد لبنان من جرّاء تدخل حزب الله في الحرب السوريّة»، نافياً بشكل مُطلق وجود اي رابط بين إطلاق تسمية شيعة السفارة الاميركية وبين التحرّك بحد ذاته أو ولادته، فهذه الحركة تربطهاعلاقة فقط بعدد من شخصيّات المُجتمع المدني المعنية بمصلحة الوطن بعيداً عن الإنشقاقات والإصطفافات المذهبيّة والحزبية«. وبرأي بركات أن توقيت التحرّك والدعوة إلى وقفة تضامنية جاء نتيجة الشعور باللحظات التاريخية التي يمر بها لبنان والمنطقة، في ظل تفتت أنظمة وتبدّد أخرى وهناك فتنة تبدو وكأنّها تلوح في الأفق في محاولة من البعض لتسعير حرب مذهبية بين السُنّة والشيعة علما، أنها ليست حرباً حقيقية لكن هناك من يستعمل الفقراء ويستغلّ حالاتهم وبعض المغرّر بهم من الجهتين ليكونوا أشبه بوقود تستعمله جهات اقليمية في سبيل مصالحها مثل ايران أو غيرها من الدول الاخرى«.

وما إذا كانت توجد ضمن التحرّك بعض الشخصيّات من خارج الطائفة الشيعيّة يقول «نحن بإنتماءاتنا المختلفة ورغم أن معظمنا ولد شيعيًّا على الهوية كون انتمائنا للوطن فقط، نشعر بخطر مذهبي فعلي يتهدّد الحياة اللبنانية. نعم هناك من هم من غير الشيعة موجودون ضمن الحراك للقول بأننا لسنا مذهبيين بل نحن وطنيون ولبنانيون بالدرجة الاولى ونريد تثبيت موقف عنوانه العريض «لسنا مع مشروع تنظيم داعش ولا مع مشروع السيد حسن نصرالله، بل مع دولتنا ومؤسّساتها والتمسّك بصيغة العيش المشترك. نريد مواجهة المشروعين ونحن كلبنانيين نرفض هيمنة المذهبيين، كما أن جزءاً كبيراً منا علمانيون رغم وجود احد رجال الدين المعروفين وهو الشيخ عباس الجوهري«.

أمّا سبب التسليط على فئة مذهبيّة مُحدّدة داخل التحرّك، فهذا برأي بركات له علاقة بالأزمة الفعلية التي يعاني منها البلد ككل من جراء ما يقوم به «حزب الله» في سوريا أو غيرها، في الوقت الذي لا نجد فيه لتيّار «المُستقبل» أي ميليشيا عسكرية لا في سوريا ولا في غيرها وكذلك الامر بالنسبة إلى النائب وليد جنبلاط الذي يُصرّ على عدم انجرار ابناء طائفته وراء حرب الفتن المذهبيّة وحمل والسلاح. كل اللبنانيين على خلاف مع «حزب الله» في حربه السورية حتى داخل الحزب هناك مجموعات تعارض هذا التدخل، ولذلك لا يجوز حصر هذا الرفض بنا أو بأي مجموعة مُستقلّة تخرج للاعتراض على هذا التدخل، وإلا فليحاسبوا رئيس مجلس النوّاب نبيه بري الذي يرفض التدخل بهذه الحرب«. برأي بركات أن «اللحظة هي التي تحكم وليست الأهواء المُسبقة، ولذلك نحن نقوم بردّ فعل على تدخّل «حزب الله» في الحرب السورية، وهناك لبنانيون كُثر سواء كانوا سياسيين أو اجتماعيين أو حتّى رجال دين اعادوا تموضعهم بناء على الحرب هذه. مع الإشارة إلى أنه لم تتم دعوة سياسيين ومحازبين لحضور اللقاء، بل تركّزت الدعوات على الجهات المستقلة والافراد، كما لا توجد على الاطلاق أي قوى سياسية ترعى أو تدعم هذا اللقاء، فكل شخص يشعر بمواطنيته وبأنه لبناني مرحب به خرج عن الإنضواء تحت اي علم حزبي وسياسي. والتحرّك هذا قد ينتج منه في مرحلة لاحقة أطر أو تطوير ما«.

نعيم قاسم و«نوبل».. الصراخ المضاد
علي رباح/المستقبل/16 حزيران/15

بات نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من الثوابت اليومية في نشرات الأخبار. يبحث عن مناسبات ويبتكر أخرى ويزور مجالس عزاء، ليواسي أهالٍ فقدوا أبناءهم في حروب إيران، وللتحدث والتهجّم على كل مَن يعارض مشروعه. يهاجم 14 آذار ويتّهمها بتعطيل مجلس النواب ويدعوها للتوافق مع 8 آذار، ومن ثم يفرض معادلاته عليها. يدعوها لعدم مقاطعة جلسات البرلمان ولعدم تعطيل البلد، ومن ثم لا يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية إلا بشروطه وبمرشحه. يتحدث عن تنظيم «داعش» الإرهابي، «الذي لا يقبل إلا مَن هو على شاكلته ويذبح كل مَن يخالفه». ومن ثم يمعن حزبه بقتل كل مَن يعارضه على مساحة الوطن العربي. يُسخّف كل ما يقوله الكُتّاب والصحافيون والصحف، في ردودهم على تصريحات مسؤولي «حزب الله»، ويصف كل ذلك بـ»الصراخ»، ومن ثم يخرج هو وأمينه العام السيد حسن نصرالله ومسؤولو حزبه للردّ على هذا «الصراخ»! إذا كان كل ما يقوله الطرف الآخر هو مجرد «صراخ»، فلماذا يبتكر الشيخ قاسم وغيره المناسبات للردّ على هذا الصراخ؟!

«في الحقيقة إذا أردنا أن نعطي جائزة نوبل للتعطيل، فإنّ «14 آذار» أكثر مَن يستحقها، لأنّها عطّلت الدولة في كل مراحلها، وبدأت بالأصل بتعطيل مجلس النواب من خلال امتناعها عن حضور جلسات سلسلة الرتب والرواتب»، يقول الشيخ قاسم خلال إحياء ذكرى أسبوع مقتل أحد أبناء بلدة الحلوسية الجنوبية. ينفصل قاسم عن الواقع، فيتّهم «14 آذار» بتهم «لابستو لبس»! هل فعلاً يستطيع قاسم أن يقنع نفسه وجمهوره بكلامه؟ الاقتناع والإقناع هنا يختلفان عن التأييد. يمكن أن يؤيّد جمهور «حزب الله» سياسته في ظل خطاب مذهبي مستعر في لبنان والمنطقة. لكن الإقناع هو أمر يقتحم اللاوعي عند كل فرد. كل فرد من هذا الجمهور بات يتابع ويعلم جيداً ما يجري من حوله. يعلم أن «حزب الله» عطّل ويعطّل الانتخابات، بانتظار معطيات إقليمية جديدة، يفرض من خلالها أجندته على اللبنانيين. يعلم أن قاسم، الذي خيّر 14 آذار الأسبوع الماضي بين «انتخاب عون رئيساً» أو لا انتخابات، هو الذي يعطّل البلد، ربما للوصول إلى دولة فاشلة تُسهّل تطبيق المؤتمر التأسيسي. يعلم أنّ مَن انقلب على طاولة الحوار اللبنانية لفرض منطقه بالسياسة والعسكر لا يحق له التحدث عن معنى الشراكة.

يفاجئنا الشيخ قاسم عندما يتباكى على الشراكة ويتهم 14 آذار باحتكار الوطن. ينسى الشيخ أو يتناسى بأن الشراكة الحقيقية تعني التوافق بين مختلف الأطراف على القضايا الوطنية. فأين هو وميليشياته وسلاح حزبه من هذه الشراكة؟ أين الشراكة في قرار الحرب والسلم، ومَن يحتكر ذلك؟ أين الشركة في زجّ آلاف اللبنانيين في حروب المنطقة؟ أين الشراكة في قرار الدفاع عن نظام الكيماوي في دمشق؟ أين الشراكة في فرض مرشحه الرئاسي على قوى 14 آذار؟ أما قوله بفشل قوى 14 آذار في بناء الدولة، فإنّ الفضل في هذا الأمر يعود للشيخ قاسم ولحزبه وللسلاح الذي يحاول فرض منطق الدويلة على الدولة.

أما اتهام 14 آذار بالمراهنة على المتغيرات الإقليمية والدولية، فلطالما راهنت هذه القوى على الشعب السوري وعلى نجاح ثورته في تغيير نظام «البراميل»، وفي إقامة دولة مدنية تعددية، على الرغم من وجود جماعات تكفيرية معروفة المصدر والأهداف. والحقيقة أن الشيخ قاسم هو مَن يراهن على بقاء النظام السوري الذي فَقَدَ حتى الآن أكثر من 70% من الأراضي. وبات هو ومحوره في وضع حرج، استدعى على أثره قاسم سليماني آلاف «الشيعة العرب» للتضحية بهم في الدفاع عمّا تبقى من مدن في يد نظام البراميل، وربما في الدفاع عن «دويلة» مذهبية تفقد أبسط مقومات الحياة.

ويختم قاسم «أمره اليومي» بدعوة «14 آذار» للقبول بـ»الأيادي الممدودة للسير معاً»، وإلا فستتخلّف هذه القوى عن الركب، لأنّ «حزب الله» هو اليوم أقوى من أي وقت مضى! ربما يتوجّب على الشيخ قاسم القبول بأيادي 14 آذار الممدودة منذ سنوات، ولكن بمنطق الدولة والشراكة الحقيقية، بأن يحضر حزبه جلسة انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، حفاظاً على الوجود المسيحي الذي يتباكى عليه قاسم ومحوره، وبأن يتوقف عن «الصراخ»، حتى وإن حاز على جائزة نوبل فيه!