علي رباح: عندما يرتدي قاسم «عباءة».. مورفي//علي نون: طريق دمشق

273

 عندما يرتدي قاسم «عباءة».. مورفي
علي رباح/المستقبل 10 حزيران/15

خلع نائب الأمين العام لـ»حزب الله« الشيخ نعيم قاسم عباءته الشرعية، هذه المرة وارتدى مكانها «بدلة» المساعد الاسبق لوزير الخارجية الاميركية ريتشارد مورفي، واستبدل مقولة «مخايل الضاهر او الفوضى» بمقولة «عون رئيساً او لا انتخابات»! كلام الشيخ قاسم لم يذكّر اللبنانيين بمعادلة مورفي فحسب، بل اعاد الى الاذهان تهديدات الاسد للرئيس الشهيد رفيق الحريري، يوم خيّره بين «التمديد للحود او بتكسير البلد على رؤوسكم»، وذكّر ايضاً بمقولة الفرقة الرابعة في الجيش السوري: «الاسد او نحرق البلد». الشيخ قاسم أراد «اللعب على المكشوف». كشف بوضوح حقيقة الجهة المُعطّلة للانتخابات الرئاسية. جاهر برفض حزبه منطق الانتخاب القانوني والدستوري وسار بمنطق التعيين (عون او لا انتخابات). نسف الشق الرئاسي من خطابات الامين العام لـ»حزب الله السيّد« نصرالله وبيانات قيادات ونواب ووزراء الحزب. لا اهمية بعد اليوم لاتهامات نصرالله للسعودية وللرئيس سعد الحريري بتعطيل الانتخابات. لم يعد هناك اي قيمة لكلام الشيخ قاووق ومسؤولي «حزب الله« وتأكيداتهم بأن «الحزب حريص، اليوم وغدا وبعد غد، على اولوية انتخاب رئيس للجمهورية». حتى ان قاسم لم يُقِم وزناً لكلامه السابق عن ان «الطريق الوحيد لانتخاب رئيس هو بالاتفاق والتوافق».
هذا ليس كلّ شيء. فالشيخ قاسم غرّد في لبنان، وتمايل وزير الخارجية جبران باسيل على انغام هذه التغريدات في كندا. وتأكيدا على شعار «الحزب والتيار جسد واحد»، أطل باسيل في احتفال اقامه القنصل اللبناني في مونتريال ليُكمل ما بدأه قاسم، وقال :»من لا يحترم خيارنا سنفرض عليه خيارنا، ولدينا فرصة حقيقية اذا اردنا الاتفاق مع بعضنا، تقوم على اجراء استفتاء لمعرفة ارادة المسيحيين وخيارهم الرئاسي، لأن نصاب الثلثين لا يمكن أن يتوفّر»! ماذا يقصد باسيل بـ»سنفرض خيارنا»؟ من يعني بـ»ن» الجماعة؟ وسيفرض ماذا على من؟ الفرض يأخذ عادة أشكالا عنفية؟ لماذا جزم باسيل بأن نصاب الثلثين الدستوري لن يتوفّر، ولماذا صدرت سلة مواقف «حزب الله« والتيار «الوطني الحر» التصعيدية دفعة واحدة ؟ في اعتقاد مصادر مواكبة لتطورات المنطقة والمتغيّرات الاقليمية، فإن تسويق محور «الممانعة» لانتقال الاسد وحلفائه الى الخطة «ب»، والعمل على دويلة ممانعة تمتد من دمشق الى الساحل، بعد ان فقد الامل بالسيطرة على كامل الاراضي السورية، يقابله الانتقال الى الخطة نفسها على الضفة اللبنانية.
وتقوم هذه الخطة، بحسب المصادر، على تقويض اركان النظام اللبناني الحالي، الذي يشكّل اتفاق الطائف عماده، واستبداله بنظام جديد يتماشى مع المصالح المذهبية- الاقليمية لمحور الممانعة، ويؤمّن امتداداً سياسياً لدويلة الاسد المأمولة. ما يعني السير في مخطط يوصل الى مؤتمر تأسيسي، يُغيّر النظام اللبناني والمعادلات الداخلية. كل المؤشّرات تؤكّد ان الجنرال عون ذاهب في خياراته الى جانب «حزب الله« حتى النهاية. يظهر ذلك جلياً بأدبيات «العونيين« السياسية، التي لم تعد تدافع عن «لبنانية» حزب الله، بل تجاهر بالرهان على انتصار ايران (بصفقة مع الاميركيين) على العرب، ليعطوا الجنرال شيئاً من «مظاهر» السلطة وأشلاء كراسيها. هي حاجة عون الى تعطيل دولة لا يكون رئيساً لها، وحاجة حزب الله الى إفراغ مؤسسات دولة لا تكون القاعدة الايرانية الاكبر والكاملة في المنطقة. التعطيل يجمع الطرفين. لكنهما نسيا او تناسيا أن مشروع مورفي عام 1988 لـ»تعيين» رئيس سقط بفعل رفض المسيحيين، وبأن لبنان «كُسّر» على رأس الاسد الذي خرج منه مذلولاً بفعل التضحيات الجسام. وها هو يلقى اليوم المصير نفسه على يد الشعب السوري. وبأن «حزب الله« الذي يدعو الى حلول سياسية في سوريا واليمن الملتهبين، سيعمد في نهاية المطاف الى الدخول في تسويات وحلول سياسية في لبنان، حتى وإن أتت بعد المدافع ومحاولات الانقلاب. لكن التسويات في حينها لن تأتي برئيس قرّر أن يسير بالمشروع الايراني حتى النهاية!

طريق دمشق
علي نون/المستقبل 10 حزيران/15
لم تبقَ سوى مدينة درعا حائلاً ميدانياً وحيداً بين المعارضة المسلحة والوصول إلى دمشق من جهة الجنوب.. وبسيناريو لا يقلّل من وطأته المدمّرة على السلطة الأسدية، «الانتصارات» التلالية التي يحقّقها «حزب الله» في القلمون وجوارها في الجرود الشمالية للبقاع اللبناني! والضربة التي تلقتها بقايا سلطة بشار الأسد بسقوط اللواء 52، الذي يقال إنه ثاني أهم لواء في كل الجيش السوري، ولا يفوقه أهمية سوى ألوية «الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد وتعتبر العمود الفقري للجسم السلطوي من أوله إلى آخره.. هذه الضربة تسدل، على ما يقول العارفون، الستار الأخير على محاولات جرّ طائفة الموحدين الدروز الى التورط في الحرب دفاعاً عن بشار وسلطته، من جهة، وتُتمم «الانطباع» الذي ولّدته معركتا إدلب وجسر الشغور، من أن مرحلة الانكسار الأخير للسلطة بدأت فعلياً وميدانياً.
«المعطى الدرزي» في سقوط ذلك اللواء، لا ينفصل عن المعطى العام القائل بأن الجنوب السوري على خطى الشمال لجهة اندحار السلطة وتراجعها الى مربعها الأخير في مناطق الساحل.. لكن سقوط درعا وحده الذي يفتح الطريق إلى دمشق، وهذه على ما يبدو تترنّح، خصوصاً بعد قتل رستم غزالي، والحملة التي تلت ذلك واستهدفت عصبته العائلية والمناطقية من قبل سلطة بشار.. أي أنها تترنّح من داخلها بقدر ترنّحها نتيجة المواجهات المستمرة مع المعارضة على مدى السنوات الأربع الماضية! ودرعا أعلنت انطلاق الثورة. ومنها على ما يبدو، ستُعلن بدايات المرحلة الأخيرة من عمر السلطة الأسدية.. كأنها الرمز الأبرز لهذه الثورة وكأن حمزة الخطيب أيقونتها المقدسة، وسقوطها يحمل دلالة حاسمة على سقوط آخر رهانات المحور الإيراني الأسدي على تشويه التضحيات الأسطورية للسوريين من خلال دمغهم بوباء «داعش»، أو من خلال الادعاء بأنه (المحور) حامي حمى الأقليات في المنطقة: بضاعة «داعش» لا تباع ولا تُشرى في كل الجنوب السوري. ومسعى الأسد (الأخير) لتجنيد 7 آلاف مسلّح من الموحدين في السويداء وجبل العرب، اصطدم بإرادة أهل المنطقة وبوعيهم الدقيق لعبث هدر نقطة دم واحدة إضافية دفاعاً عن السلطة، خصوصاً وأنه سقط من أبنائها بالفعل، ما يقارب الـ3500 مجند؟! وتعرضت في الآونة الأخيرة خصوصاً لحملة تهويل مخزية تحت لافتة: الأسد أو «داعش».