رندة تقي الدين: سياسة أوباما المبهمة في سورية والعراق//طوني بدران: اوباما يدافع عن معاداة السامية لإبرام صفقة نهائية مع إيران

267

سياسة أوباما المبهمة في سورية والعراق
 رندة تقي الدين/الحياة/03 حزيران/15

هل يعرف أحد ماذا يريد الرئيس أوباما من نظام بشار الأسد في سورية؟ سؤال يطرح لشدة غموض سياسة وموقف أوباما مما يحدث في سورية. ينقل موقع the daily beast الأميركي عن أحد الثوار مصطفى سيجاري الذي يشارك في برنامج التدريب الأميركي للثوار المعارضين السوريين انه مع ألف من اعضاء فريقه من المقاتلين على وشك الانسحاب من برنامج التدريب بعد ان اشترطت الادارة الاميركية عليهم ان السلاح الذي تقدمه لهم لا يمكن استخدامه ضد جيش بشار الأسد أو أي من حلفائه على الارض في سورية، بمن فيهم «حزب الله» وان على المقاتلين ان يكتفوا بقتال «داعش». غريب هذا الشرط من ادارة أميركية تدّعي انها تريد انتقالاً سياسياً في سورية من دون الاسد. فكيف يقاتل الثوار السوريون «داعش» الذي يجتاح تدمر ويتقدم في حلب من دون محاربة نظام الاسد الذي ساهم بشكل كبير في فتح سجونه والافراج عن عناصر «داعش» العراقيين؟ لا شك انه لا ينبغي باستمرار إلقاء اللوم على الادارة الاميركية والغرب في ما يتعلق بفشل الحكومة العراقية او المعارضة السورية في التصدي لتقدم «داعش» أو التخلص من النظام السوري الاستبدادي. ولكن ترك حلفاء النظام، روسيا وايران و»حزب الله»، يضاعفون مساعداتهم ودعمهم لنظام يتراجع وضعه هو نتيجة سياسة اميركا في سورية وفي العراق وتسامح كبير او بالاحرى جذب للحليف الايراني التاريخي للولايات المتحدة. فادارة الرئيس بوش فشلت في دخولها العراق عندما قلبت نظام صدام حسين واوباما فشل في اخراج قواته. فسلم اوباما العراق الى ايران. اما بالنسبة الى سورية فأوباما يتحمل مسؤولية عدم وقف الصراع في مهده وضرب النظام في عام ٢٠١١ بدل الاعتقاد انه حل الامور في سورية عبر صفقة حول السلاح الكيمياوي السوري مع حليفه الروسي السابق فلاديمير بوتين الذي سرعان ما تحول الى خصم بسبب اوكرانيا ووقع تحت عقوبات اميركية ودولية. ان اجتماع باريس امس حول «داعش» في العراق وسورية لن يؤدي الى اي نتيجة طالما انه ليس هناك مسار سياسي حقيقي في البلدين. ففي العراق مطلوب من حكومة حيدر العبادي ان تنقض كلياً سياسة سلفه الطائفية وان تنتهج الاصلاحات المطلوبة للمصالحة كي لا تتمكن مجموعات «داعش» من الاستفادة من استياء السنًة في العراق. اما بالنسبة الى سورية فعلى الادارة الاميركية ان تعمل بسرعة قبل فوات الاوان على دفع التحالف الدولي الى فرض مسار سياسي يبعد بشار الاسد عن الساحة السورية كونه المسؤول الاول عن القتل والدمار وظهور قوات «داعش» الارهابية وتوسع نفوذ ايران في سورية ولبنان والعراق. ان مؤتمر باريس الذي تغيب عنه صاحب الدعوة جون كيري وحضره نائبه انطوني بلينكن لن يعطي اي نتيجة طالما لم تمارس الادارة الاميركية ضغطها السياسي من اجل حل حقيقي في سورية من دون الاسد وفي العراق لاخراجه من النفوذ الايراني المهيمن فيه عسكرياً وسياسياً.بعد اربع سنوات من حرب بشار الاسد الوحشية على شعبه حان الوقت قبل خراب كل المنطقة بدءاً بالبلد العريق سورية والعراق ولبنان للتعاطي الملح بضرورة اخراج الاسد من السلطة ووضع مسار سياسي انتقالي قبل فوات الاوان وتخريب سورية مثلما حدث في ليبيا. واذا اهتمت ادارة اوباما بالدفع الى مسار انتقالي من دون بشار الاسد بقدر ما تهتم بالتوصل الى اتفاق نووي مع ايران، بامكانها ان تضافر الجهود مع حلفاء ملتزمين بذلك مثل فرنسا. اما اذا اكتفت بالتصريحات ولم تعمل على دعم فعلي للمعارضة السورية لمقاومة «داعش» والنظام السوري فستذهب سورية الى مصير مجهول يهدد المنطقة بأسرها مع توسع النفوذ الايراني وتفاقم الصراع المذهبي السنّي – الشيعي اينما كان، وهو يشكل ارضاً خصبة لنمو ظاهرة «داعش» وغيره من التنظيمات الارهابية التي تدّعي التدين في حين ان مبدأها الوحيد هو الإجرام.

اوباما يدافع عن معاداة السامية لإبرام صفقة نهائية مع إيران
طوني بدران/السياسة/03 حزيران/15
ليس من عادة الرئيس الاميركي باراك اوباما التحدث باسلوب دال على التعصب الاعمى, الا انه في لقاء صحافي اخير ابدى ما يدل على ذلك.

قال “أوباما” مخاطبا المسؤولين بجمهورية ايران الاسلامية: “ان معاداتكم للسامية لا تعني انكم بعيدون عن المنطق او التفكير العقلاني الصحيح”, وهذه العبارة جعلت البعض يتساءل عما اذا كان الرئيس الاميركي يدرك بالضبط معنى “معاداة السامية” بالتحديد إلا ان هذا التعليق منه يكشف عن مدى اصراره على ان يكون شريكا لايران في الاتفاق النووي النهائي المزمع التوصل اليه اخر الامر مع طهران.ان تعليقات اوباما تكمل سلسلة من البيانات والقرارات السياسية التي تكذب ادعاء البيت الابيض ان سياسته تجاه طهران تهدف الى تمكين المعتدلين هناك من تسلم السلطة في البلاد.

لنبدأ اولا بالعراق حيث اسقطت الادارة الاميركية القناع عن رغبتها في تقاسم السلطة مع الميليشيات الشيعية هناك, وهذه الميليشيات تخضع في واقع الامر لسيطرة ايران, ومنذ نحو شهر واحد خلال العملية العسكرية واسترداد مدينة تكريت ظلت قوات الادارة الاميركية تتظاهر على المستوى العام بعدم الرغبة في تنسيق عملياتها مع الميليشيات المسلحة, وركزت على القول بدلا من ذلك على رغبتها في العمل مع قوات الامن العراقي, اما اليوم وفي اعقاب سقوط الرمادي فقد اعلنت الادارة الاميركية رسميا انها راغبة في العمل مع الميليشيات المسلحة في الحملة الهادفة الى استعادة المدينة والاسبوع الماضي صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية “البنتاغون” في لقائه مع مراسلي الصحف ووكالات الانباء ان للميليشيات دورا تؤديه في تلك العملية.

لوحظ ان وسيلة تعامل البيت الابيض مع العراق تعكس سياسته في لبنان وهذا لا يعني ان الادارة الاميركية تتعاون بصورة مباشرة وظاهرة مع “حزب الله”, الا ان هذا هو ما يحدث في الباطن وبطريقة غير مباشرة, وذلك بالتخفي تحت غطاء القوات المسلحة اللبنانية ولوحظ ان الولايات المتحدة تستفيد من عمليات الاستطلاع والانشطة الاستخباراتية لاجهزة القوات المسلحة اللبنانية لانها تعلم ان القوات المسلحة اللبنانية تعمل بالتعاون الوثيق مع المجموعة.

تشير التقارير الواردة من لبنان الى ان الولايات المتحدة الاميركية تشاطر القوات المسلحة اللبنانية المعلومات القتالية, وهذا ما حدث عند تحرك المقاتلين السوريين الى منطقة عرسال وفي الوقت ذاته تدرك الولايات المتحدة ان المعلومات الاستخبارية المذكورة يمكن ان تنتقل الى “حزب الله” ليستفيد منها في حملته العسكرية شرق لبنان وعند تلال القلمون.

في الوقت الذي تساعد فيه الادارة الاميركية “حزب الله” نجدها تقطع المساعدات عن الشيعة المعارضين, ومما يدل على التغيير في الاولويات بلبنان لجوء وزارة الخارجية الاميركية الى وقف المنح المالية الى كانت تقدمها الى “هيا بنا” احدى جمعيات المجتمع المدني التي رأسها الناشط لقمان سليم المعروف بانتقاداته العلنية ل¯”حزب الله” ونتيجة لذلك التحول اوضحت الخارجية الاميركية ان من الضروري وقف كل اصوات الشيعة المعتدلين المستقلين فورا وبصفة نهائية.

وجاءت التعليقات من لبنان على وجه السرعة وبدقة ملحوظة تقول ان هذا التصرف خطوة فعالة نحو تقديم دفعة مالية مقدما على شكل عربون للايرانيين, وكان ذلك اشارة واضحة من ادارة اوباما, ليس فقط للتعامل والمشاركة مع المتشددين في النظام الايراني في ما يتعلق بالامن والانشطة الاستخبارية وانما ايضا مع وقف اي دعم او تأييد للايرانيين المعتدلين وهو ما يعني في الوقت ذاته تحديا لما يمكن ان يقال بصورة او باخرى عن المكانة المميزة لايران داخل لبنان. ليس هناك من شك في ان اوباما مبتكر هذه السياسة فقد اظهر اوباما اتجاها نحو الاعلان عن رغبته في ان ينجو من اللوم, وعن عدم اهتمامه باعداء ايران وهم حلفاء اميركا التقليديون.

يمكننا على سبيل المثال ان نتذكر ما حدث في قمة كامب ديفيد الاخيرة مع قادة دول الخليج العربي, لقد ظل اوباما قبل انعقاد مؤتمر القمة وخلالها وبعدها يعمل على طمأنة طهران وقال مرارا وتكرارا انه يعتقد ان ايران ليست هي التهديد الحقيقي بل انه بعد نهاية مؤتمر القمة مباشرة قال في لقاء صحافي ان الهدف من المناقشات المتعلقة بالامن مع حلفاء اميركا من دول الخليج ابعد ما يكون عن مجابهة ايران او تهميش مكانتها او دورها.

لهذا كله يمكننا القول ان اوباما لم يتراجع سنتميترا واحدا عن موقفه ازاء تأييده المواقع الاقليمية التي تشغلها ايران حاليا في المنطقة وكذلك موقفه ازاء القضية السورية كما لجأ المسؤولين في البيت الابيض ايضا الى توضيح هدفهم الاساسي من قمة كامب ديفيد وهو توجيه المسؤولين السعوديين نحو الجلوس مع المسؤولين الايرانيين والوصول معا الى حلول وسط بتقديم بعض التنازلات للايرانيين ولهذا كله يمكن وصف قمة كامب ديفيد بانها اعلان عام مؤدب عن وجود قطيعة اشبه بالطلاق بين اوباما ودول الخليج.

هذا كله بالاضافة الى ملاحظات اوباما التي تخفف كثيرا من اهمية ما يسمى معاداة السامية وتحقيره للحكومة الاسرائيلية ورئيسها ويبدو ان وراء كل مشاعر الكراهية في نفس اوباما رغبته الشخصية الاساسية في صداقة خامنئي المرشد الاعلى لجمهورية ايران الاسلامية وحديثه عن معاداة السامية يأتي في سياق مجاملة خامنئي والمتشددين.

* زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات عن موقع now.media.me

ترجمة – محمد صفوت