علي حماده: عون: شعارات كبيرة ومطالب صغيرة//راشد فايد: الجنرال يدري أم لا يدري؟

286

عون : شعارات كبيرة ومطالب صغيرة
علي حماده/النهار/2 حزيران 2015

لا يختلف اثنان على ان احدى اهم ميزات العماد ميشال عون تتلخص في انه صاحب شعارات كبيرة ومطالب صغيرة في آن واحد . ففيما يطلق كلاما كبيرا يتعلق بالنظام والكيان وحقوق المسيحيين وشرعية مجلس النواب، نراه يخوض حربا طاحنة تارة للوصول الى سدة رئاسة الجمهورية، وطورا لإيصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة الجيش. وكما في حمل الشعارات الكبيرة وطرح المطالب الصغيرة ذات البعد الشخصي، ففي مساراته تناقضات لا تخفى على المراقب. ففي حين ان مجلس النواب الممددة ولايته غير شرعي في عرف عون، نراه يطالبه (على الرغم من عدم شرعيته) بتشريع تأسيسي كتعديل الدستور في ما يتعلق بآليات انتخاب رئيس الجمهورية، هو اقرب الى تعديل في النظام اللبناني برمته. وفي حين يشن عون حملات المزايدة في تأييد الجيش، يعتبر ان قيادته غير شرعية، فيما ينتظر الجيش من الطبقة السياسية كل جهد لحماية معنوياته. وفي الوقت الذي يخوض معركة صهره شامل روكز للوصول الى قيادة الجيش، وبدلا من ان يشيع اجواء من الطمأنينة والثقة حول مرشحه الذي يبقى في نهاية المطاف جزءا من تركيبة عائلة – سياسية عونية، نراه يتصدر حملات التحريض على اقتحام بلدة عرسال، وتوريط الجيش في حروب “حزب الله” القلمونية والعرسالية بما يشيع مخاوف كبيرة حول نتائج وصول روكز الى الموقع العسكري الاول والاكثر حساسية في البلاد. فلماذا يطلق عون بنفسه النار على ترشيح شامل روكز؟

لقد قيل لعون قبل اكثر من عام ان ثمة مسارين لا ثالث لهما يفتحان له ابواب قصر بعبدا كمرشح يجمع عليه اللبنانيون. المسار الاول، ان ينفتح على نصف المسيحيين الذين لا يؤيدونه، وهم مسيحيو ١٤ آذار  ومعهم المستقلون من اجل انتزاع تأييدهم عبر الحوار والاقناع والخطوات السياسية الجدية. والمسار الثاني ان يثبت للنصف الآخر من اللبنانيين انه مرشح تسوية ، ويمكن ان يكون رئيسا وسطيا بين التيارين الكبيرين في البلد، ٨ و ١٤ آذار. بمعنى آخر ان يعيد تموضعه السياسي بخطوات فيخرج من ٨ آذار ولا يدخل 14 آذار، بل يقف في الوسط حكماً نزيها. لكن الواضح ان عون افترض ان ايقاف حملاته التحريضية ضد ١٤ آذار، و”تيار المستقبل”، ومسايرات الصالونات يمكن ان تعفيه من المهمّتين، فيبقى جزءا عضويا من ٨ آذار، وحليفا تاما لـ”حزب الله” ونظام بشار الاسد في لحظة اشتباك اقليمي كبير بين المنظومة العربية، والمشروع الايراني، وفي الوقت عينه يعلق خطابه المتوتر، ويكتفي بـ”تسهيلات” موضعية في الحكومة كثمن يدفعه للوصول الى الرئاسة.

شعارات كبيرة ومطالب صغيرة، ويتصدر عون وصهره الآخر الوزير جبران باسيل حملات التحريض ضد عرسال مواكبة لتحريض “حزب الله” وتهديدات امينه العام، والاعلان عن تشكيل ميليشيا مذهبية – عشائرية على غرار ميليشيا “الحشد الشعبي” السيئة الذكر في العراق …  بعد ذلك، كيف يزعم انه مرشح توفيقي، او انه حقيقة يسهل وصول صهره الى قيادة الجيش؟ عجبا!

الجنرال يدري أم لا يدري؟
راشد فايد/النهار/2 حزيران 2015

يعرف النائب ميشال عون ان ما يريده لن يتحقق: لن يكون رئيساً توافقياً أو وفاقياً، ولن يكون نسيبه قائدا للجيش بالاسلوب الذي يتبعه، وبنوده الاربعة للالتفاف على مجلس النواب وتزكية نفسه لا تقنع حتى متصحف الدستور، لا الفقيه به. اذاً، لمَ الاصرار والاستعجال فيما قيادة الجيش تشغر بعد 3 أشهر، وتسمية القائد تترك عادة لرئيس الجمهورية، الذي ينادي بتعزيز صلاحياته؟

يوضح الجواب ان لبنان ليس خارج الاضطراب الذي يجتاح المنطقة، وناره تحت رماد القلق. فاستقراره هش، وليس وليد ارادة داخلية جدية، بل سليل ضغوط قوى كبرى واقليمية. وما طاولات الحوار الثنائية إلا تعبير عن تدعيم لطاولة مجلس الوزراء، المهددة في كل جلسة. لن تسمح الدول راعية هذه الطاولة، بتحطيمها، وهي حاضرة لإنقاذ استقرارها، إذا هدده اعتكاف وزراء الجنرال، مثلاً، ولوّحوا بالاستقالة. عندها ستجد طهران موطئا على حلبة النقاش في وضع المنطقة عموماً، لتترجم سيطرتها على 4 عواصم عربية، منها بيروت، حيث تقف خلف الحزب، وتقرر له وعنه، والحزب يقف خلف الجنرال ويرعى توجهاته.

لن تستجدي طهران واشنطن لتدعوها الى البحث في خريطة النفوذ، بل هي تريد أن تستدعيها “تطورات ما” في المنطقة لـ” تجني” ثمرات زرعها. كادت المحاولة ان تنجح في آذار الفائت حين تدفق الحوثيون على عدن، وهددوا بالسيطرة على باب المندب، بالتوازي مع تقدم المفاوضات في الملف النووي الايراني. لكن “عاصفة الحزم” قلبت الموقف، وفيما ارجئ بت الملف النووي، سارت الأمور ميدانيا على عكس اشتهاء ايران، وفشلت محاولاتها للعب دور الناصح، كما فشلت في لعب دور المتحدي، بدليل تحويل سفنها إلى جيبوتي بعد ادعاء التمرد.

اليوم، وعلى وقع عودة المتفاوضين، واقتراب نهاية حزيران كموعد لانجاز الاتفاق النهائي، تحضر ايران لسيناريو تحريك النقاش في نفوذ تأمله يعطيها ما كان للشاه في ايام سطوته.

لن يكون حزب الامين العام هو أداة تفجير الازمة المخبوءة، بل سيكتفي بالمساندة، يقدمها الى اثنين: “لواء القلعة” الذي ابتدعه، وأحقية الجنرال المزعومة. وما اللافتات التي رفعت في البقاع لإعلان تلبية ندائه لاستيلاد “حشد شعبي لبناني” إلا نسخة سخيفة عن لافتات برع فيها “المكتب الثاني” في ستينات القرن الفائت، وانفضحت. فيما جولة الصهر الوزير في البقاع إشارة الى شعبية مدعاة قد تسمح بـ”لواء قلعة” مسيحي، يحضر الجنرال ما يشبهه في استدعاء وفود شعبية إلى دارته، في استعراض ممل للقوة. واذا كانت المراوحة الدموية الدولية – الاقليمية مستقرة على ما هي في سوريا والعراق واليمن، فما الذي يحرك النقاش سوى هز الاستقرار الهش في لبنان، بحيث يكون الحزب قريبا منها على بعد، وبعيداً على قرب؟

والجنرال يدري أم لا يدري؟