إيلـي فــواز/شو صاير عليك؟

282

شو صاير عليك؟
إيلـي فــواز/لبنان الآن/22 نيسان/15

كلّ الصفات التي أُطلِقت على السيد حسن نصرالله بعد إطلالاته الخطابية الأخيرة صحيحة. متناقض، نعم. خطابه مليء بالكراهية والحقد، أيضاً. كلامه محرِّض على الفتنة المذهبية، أكيد. ومضرٌّ لمصلحة لبنان وللشيعة في الخليج، حتمًا.

ماذا يفعل السيد نصرالله؟ “شو صاير عليه”، كما قال بيك المختارة؟

ثم من يهتف له، ومن يناصره ويوافق على كلامه. على ماذا يرتكز إلى غير منطق “عنزة ولو طارت”؟ هل يسأل هؤلاء أين مصلحة لبنان في التهجم على المملكة العربية السعودية؟

ما للسعودية من نظام حكم ومن معتقدات ومن توجهات دينية ومن عادات اجتماعية، يخصّ المملكة وحدها وشعبها، خاصةً وأن هذا النظام وهذه المعتقدات وهذه التوجهات الدينية لدى علمائها، لا تمسّ لبنان بسوء بل على العكس تماماً.

ثم كيف للاختلاف العقائدي أن يتقدم على المصلحة الوطنية الكبرى؟

هل عندما تتعامل إيران مع روسيا تأخذ في عين الاعتبار عقيدتها الشيوعية “الكافرة”؟ وهل ستترفع عن استلام صواريخ “أس 300″، بحجة أن الدب الروسي يقتل المسلمين في الشيشان؟ طبعاً لا. فمن تعامل مع إسرائيل ماضيًا في قضية “إيران غيت” يسعى قبل كل شيء لتأمين مصالحه السياسية والاستراتيجية ولو على حساب العقيدة التي يدّعي التمسك بها. لماذا ما ينطبق على إيران لا ينطبق على لبنان؟

ثم للعودة إلى المملكة العربية السعودية، فبماذا أضرّت اللبنانيين؟

هل تلطخت أيدي من تدعمهم في لبنان بالدماء والحروب والقتل، كحزب الله مثلاً؟ هل من دعمتهم سعوا إلى ميثاق جديد أو مؤتمر تأسيسي، أو تكلموا يوماً عن المثالثة عندما شعروا بضعف المسيحيين عدداً؟

فصائب بك سلام، الذي كان مدعوماً سعودياً، كان يعمل أيام الاقتتال الأهلي بين “المسلمين” و”المسيحيين” بمنطق لا غالب ولا مغلوب. الرئيس رفيق الحريري، وعندما عيَّر نصرالله المسيحيين بقلّة عديدهم، قام وقال “وقّفنا العد”. الرئيس سعد الحريري ذهب أبعد في سعيه المحافظة على ميثاق العيش المشترك من خلال طرحه الإبقاء على المناصفة في مجلس النواب حتى لو تم إنشاء مجلس للشيوخ.

هؤلاء الرجالات التي دعمتهم المملكة، تمتّعوا بالانفتاح والاعتدال وقبول الآخر، ونادوا دائمًا بالعيش المشترك. هؤلاء سعوا ولا يزالون لإعمار البلد واقتصاده.

في عزّ الإقتتال الأهلي اللبناني، استقبلت المملكة اللبنانيين الهاربين من الحرب اللبنانية على مختلف طوائفهم، ومكّنتهم من جمع ثروات ارتدّت خيراً على لبنان واللبنانيين. هل يعلم السيد حسن نصرالله أن أكثر من أربعين بالمئة من التحويلات المالية للبنانيّي الخارج تأتي من الخليج الذي يهاجمه ويعاديه؟

وبعدها ساهمت المملكة في وقف الحرب الأهلية من خلال جمع اللبنانيين حول وثيقة الطائف. هذا ناهيك عن الهبات والمساعدات التي قدّمتها للدولة اللبنانية من أجل إعمار ما هدّمته مغامرات إيران كما في حرب تموز أو من أجل حماية لبنان من الإرهاب، وآخرها هبة الثلاث مليارات للجيش اللبناني، وهبة المليار للرئيس سعد الحريري من أجل دعم القوى الامنية.

سيّاح المملكة ينعشون الاقتصاد اللبناني. ودائع المملكة النقدية في البنوك اللبنانية تساهم في دعمها، وفي دعم استقرار صرف الليرة اللبنانية.

فما مصلحة لبنان بمهاجمة ومعاداة النظام السعودي، وهو لم يسعَ يوماً إلى تغيير وجه البلد أو تركيبته التعددية، أو وجهه الثقافي؟ بل دعم هذا الوجه وسعى للحفاظ عليه.

الظاهر أن أمين عام حزب الله لا يعترف بالكيان اللبناني، ولا بحدوده، ولا بقدراته، ولا بمؤسساته، ولا بارتباطه بمحيطه. هو ببساطة ليس لبنانيًا، وإلا كيف نستطيع فهم كل ما يقوم به من بيروت وصولاً إلى اليمن؟

أخيراً عندما ذهب ميشال عون إلى مار مخايل للقاء السيد حسن، كان همّ الوثيقة الموقّعة بين الرجلين كما أُعلن، شرعنة سلاح حزب الله في الداخل كأداة لمحاربة اسرائيل. اليوم هذا السلاح يُشهَر بوجه المملكة العربية السعودية، بعد أن قاتل السوريين والعراقيين وقبلهم اللبنانيين. فما موقف العماد عون من هذا السلاح ودوره المستجد؟ وما قيمة ورقة تفاهم مار مخايل بعد اليوم؟

حزب الله لن يعود إلى لبنان، ولكن ألم يحن الوقت أن يعود عون من إيران؟