الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/سنزيّن الساحات بأجسادكم المعلّقة على المشانق

300

سنزيّن الساحات بأجسادكم المعلّقة على المشانق.
الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/03 نيسان/2023

ويسألونني ممتعضين حانقين “أين ثورتكم!؟”
يا للعجب العجيب!
هؤلاء أنفسهم كانوا بالأمس القريب يتّهمون الثوّار بأنّهم خرّبوا البلد، ولا يزال بعضهم يعتقد بأنّه لولا الثورة لكان لبنان يرسل رحلات مكوكيّة إلى كوكب زُحَل لدرس إمكانيّة العيش فيه.

عملاء سفارات اتّهمونا، قطّاع طرق سمّونا، بالسحاقيات والمثليين عيّرونا، وأوزار اجرامهم طيلة ثلاثين سنة حمّلونا.
يُصرّون على أنّنا أخفقنا وانتهت ثورتنا، لكن هل منهم مَن سأل نفسه “إذا كانت الثورة قد انتهت فمَن هزمها؟” يكفيكم أن تسألوا عمَّن هزمها لتُدركوا أنّها لم تندثر بعد! ولعمري، لن تجرئوا على السؤال لأنّ أمثالكم يخشون الحقيقة.

نستخلص من مطالعاتنا لقيام وأفول الثورات عبر التاريخ، أنّ الثورة تفشل حين تُدحض بالكامل، أي حين يُقتل أو يودع أتباعها السجون. وأنّ الثورة تنجح حين تسطو على السلطة بالكامل، وتستأثر بالحكم وتعلّق مشانق الحكّام المستبدّين، شرط ألّا تقع في الديماغوجية.

يكفي أيّ مراقب أن يحكّم عقله قليلًا، وأن يتجرّد من تحزّباته، ليُدرك أنّ في لبنان، ومنذ العام 2019، لا الثورة نجّحت واستولت على الحكم، ولا الحكّام أُزيلوا عن كراسيهم. وتبيّن الوقائع أنّ الثوّرة هامدة، بينما المنظومة الكليبتوقراطيّة الحاكمة عاجزة، لا بل هي في انحدار سريع نحو أجَلِها المحتوم، وسنشهد عمّا قريب على دويّ ارتطامها. وإذا لم يُستَتبع الارتطام الكبير بتزيين الساحات بأجساد الكليبتوقراطيين معلّقة على حبال المشانق، فحينها قُل “فشلت الثورة”.
إذًا النتيجة لغاية الآن هي التعادل السلبي، كي لا نقول محسومة لصالح الثورة بحسب الـ Status quo الظاهر.

إذا كنتم لا تؤمنون بثورتنا “الفاشلة”، فلماذا تفتقدونها وتسألون “أين هي” كلّما اشتدّت عليكم الأزمات!؟ حريّ بكم أن تنسونا وتنسوا الثورة عوض التلهّي بالسخرية بنا، فأنتم ليس لكم علينا ولا على ثورتنا، بل لكم على هؤلاء الذين انتخبتموهم، وعلى الحكومة التي عوّلتم عليها بخوضكم الانتخابات النيابيّة، لذا اسألوا وزراءكم ونوّابكم ماذا فعلوا لكم وللبنان، وليس الثوّار!

تسخرون منّا كيف انتفضنا بسبب وضع تعرفة على تطبيق الواتساب، ولم نحرّك ساكنًا على جنون سعر الصرف وغلاء المعيشة… الخ. عيبٌ عليكم تشويه المفاهيم والكذب على أنفسكم قبل الكذب على الناس وتضليل الرأي العام. فالثائر لا يثور من أجل حفنة من الدولارات زيادة على تعرفة، وانّما يثور لأنّ قطاع الاتصالات هو الأسوأ في العالم، وفي الوقت نفسه هو الأغلى. إليكم بعض ما حققته لكم الثورة في هذا المجال يا متخاذلين:
– كانت أقلّ فاتورة هاتف خليوي 100$، أصبحت اليوم بين 10 و15$، بفضل الثورة.
– كانت رسوم ساعة الكهرباء (30 أمبير، 3 فاز) تعادل بالدولار 41.9$، أصبحت اليوم 26.6$، بفضل الثورة.
– كان الشخص الواحد، في مطعم سمك، يكلّف حوالي 110$ مع مشروب، اليوم صار يكلّف 18$، بفضل الثورة.
– وكان اشتراك عداد متر المياه الواحد يُعادل 232$، أصبح اليوم 40$، وبفضل الثورة.
وقس على ذلك.

سيأتيني الآن مَن يقول أنّ سابقًا كان بين أيدينا دولارات وكنّا في بحبوحة، ولهذا أقول ليست العبرة في تبدّل الأسعار وفي أنّك ما عدت تعيش في بحبوحة، وإنّما العبرة في أنّ الذين اغتصبوك لتُعيد انتخابهم كانوا يسرقونك، ولا يزالون! الثورة أوقفت سرقاتهم، باقٍ عليك وعلى مَن انتخبتهم، يا أيّها الساخر من الثورة، أن توقفوا السرقات وتتحوّلوا إلى الإصلاح، وإلّا افسحوا مجالًا للتجدّد، وكفّوا عن عرقلة الثورة أنتم والمحتل والسفارات. نعم، السفارات التي تتهموننا بالعمالة لها، هي الأخرى في صفّكم وضدنا.

وقد يتساءل البعض عن أيّ ثورة أتكلّم، سأوضح لإزالة كلّ لغط حول حركتنا، ولتصويب البوصلة حول بعض المفاهيم الثوريّة؛ الثورة تنتزع السلطة ولا تسعى للتغيير من الداخل. الثورة لا تشارك في انتخابات نيابيّة تحت الاحتلال. الثورة لا تطالب باسترجاع أموال الشعب المسروقة، بل تحاسب السارقين وتتركهم يتعفّنون في السجون، وتلاحق أولاد أولادهم حتّى استرجاع الحق. الثورة تطرد الذين ركبوها ليركبوا على الكراسي. الثورة تملأ الفراغات في غياب الدولة. الثورة هي في الوجدان وليس في الحشد على الطرقات. الثورة هي ثقافة انتماء وليست ثقافة حياة.

وإن كنتم تُعيّروننا بأنّ بيننا سحاقيات ومثليين، فاعلموا أنّ هؤلاء، هنّ وهم، لهم حقوقنا نفسها في الانتماء، وحسابهم مع الله إن أراد الله محاسبتهم، وليس معكم. واعلموا أيضًا انّ أعظم الفتوحات كان على رأسها مثليّ، وأكبر الخروقات الثورية في التاريخ تمّت على أيدي نساء عهرت بأجسادها وليس في روحها وقضيّتها. ولا تستهينوا بهذه الثورة التي تسمّونها “سوغة” للسخرية وللإيحاء بأنّ فوفو ومومو وأبناء الصالونات لا يُشعلون ثورات، إذ الثورات الحقيقيّة كان دومًا يُشعلها هؤلاء وليس الفقراء.

ثورتي هي ثورة الجبهة اللبنانيّة التي يوم تخلّت الدولة عن مسؤولياتها، ولحقت القضية الفلسطينيّة على حساب الشعب اللبناني، وصار الخطر على باب كلّ لبناني، وقفت وقاومت وملأت الفراغ. شعبي اليوم يجوع والدولة مخدّرة، فأين ثورتكم تملأ الفراغ أيّها الساخرون. أنا الآن أسال وليس أنتم يا سخفاء.
#صار_بدها_جبهة_لبنانية
#hezbollah_delendum
#systema_delendum_est