شارل الياس شرتوني: النوايا الانقلابية ومشروع الحرب الاهلية يكملون مسيرتهم

77

النوايا الانقلابية ومشروع الحرب الاهلية يكملون مسيرتهم
شارل الياس شرتوني/فايسبوك/13 آذار/2023

الهتافات التي صدف أن عاينتها مباشرة في ملعب فؤاد شهاب في جونيه، صدرت عشية الاتفاق الايراني-السعودي للتأكيد أن المشروع الانقلابي يتابع مسيرته، ولا تعديلات في المناخات والاداءات، وما سوف تستدعيه من ردود فعل في الوسط المسيحي المستهدف بشكل مبرح من قبل هذا الجمهور، الذي يجمع “بيئة حزب الله” والسوريين القاطنين في المنطقة وسواهم. إن الانطباع الخاطىء الناشىء عن إعلانات الاتفاق المزمع قد تبددت بالنسبة لنا كلبنانيين بسرعة قياسية، وهي نذير لما يمكن أن يجري في النطاقات النزاعية الاقليمية الأخرى. سياسة النظام الاسلامي الايراني، كما هو مألوف، قائمة على قاعدة الالتباسات السلبية التي سرعان ما تتبدد عندما تعبر من الاعلانات الكلامية الى السياسات الفعلية، كما جرى مع اتفاقية ڤيينا، وسائر الملفات النزاعية في اليمن والعراق والاراضي الفلسطينية ولبنان، وهذا ما يفسر تصريح حسن نصرالله الموازي لصدور الاتفاق. الفاشيات الشيعية مصممة على متابعة مسارها الانقلابي على قاعدة جديدة، مبنية على تخريج اجماع شيعي-سني ترفده السياسة الجديدة، والتوطاءات السنية المتمثلة بنجيب الميقاتي والأحباش وجمعية العلماء المسلمين، وسرايا المقاومة المزروعة في المناطق السنية بنسب متفاوتة، واستخدام المهجرين السوريين الذين جرت تعبئتهم بمنطوياتها النفسية والعدوانية.

نحن أمام مرحلة جديدة تملي علينا التبصر والتمييز في طبيعة الاستعدادت السعودية الخاصة بهذه المرحلة الانتقالية حيث يقع لبنان في أدنى سلم الاولويات، في وقت يتابع حزب الله سياسته الانقلابية مدغما بمظلة الابهامات الملازمة لتطبيق هذا الإتفاق. تملي طبيعة المرحلة الحاضرة المحاذرة وعدم التوسع في الاستنتاج، خاصة وأن إعلانات الفاشيات الشيعية لم تترك مجالا للاعتقاد بتبدل في النهج والاداءات. نحن في وضعية مقفلة يسعى فيها حزب الله وشركاؤه الى تثبيت توجهاتهم في ظل مناخات يعتبرونها مؤاتية لانتخاب مرشحهم، سليمان فرنجية واصنائه، وتعيين رئيس للحكومة بالتوافق مع السعوديين، تمهيدا لمتابعة سياسة وضع اليد على البلاد على قاعدة تفاهمات جيو-پيوليتكية، ومحاصصات مع الاوليغارشية السنية المتحالفة والمطوعة. هذا يملي على المعارضة توحيدا في قراءة المشهد السياسي القادم، وديناميكية جديدة، وائتلافات متحركة، من أجل الحؤول دون إنتخاب فرنجية وتطويع التمثيل السني والتحسب للاسوأ. إن الحركة الاحتوائية السريعة باتجاه السعودية تخالف تماما سذاجة وتبعية بعض الاطراف السياسية المتحالفة معها إزاء سياسة الاستباحة التي يديرها حزب الله على كل المحاور.

إن أي تسليم باملاءات يمكن ان تصدر عن الاجواء الملتبسة حتى الساعة، يأتي من باب المراهقة السياسية، والانتهازية الرخيصة، وسوء النية، التي سوف تستثمر في عملية انقضاض مبيتة على كل مواقع الممانعة القائمة. لا تسوية دون مفاوضات سياسية متكافئة حول انتخابات توافقية وصيغة حكومية وبرنامج إصلاحي واضح المعالم، يضع البلاد على خط الاستقرار السياسي، والتعافي المالي والاقتصادي والاجتماعي. إن أية حركة سياسية تخرج عن نطاق التسوية الائتلافية والإصلاحية، تصب باتجاه نسف المرتكزات السيادية والديموقراطية والليبرالية التي حكمت التعددية اللبنانية وقواعد الاجتماع السياسي في بلادنا. شعارات المبايعة لبشار الأسد واوليائه الخمينيين، ليست من تقاليدنا السياسية وعلينا أن نحول دون تماديها، عبر الالتزام الضنين بالموجبات السيادية والارث الديموقراطي، وتمتين المواجهة إزاء هذه الديناميكية الانقلابية.