الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/أنا لا أنزلق إلى ترّهات البَسابِس، وما ردّي اليوم على ضفادع التيّار والقوّات الالكترونيّة إلّا رسالة لسيدَيْهما ومبرمِجَيْهما، مفادها: قل لي بمَن تُحيط نفسك، أقول لك إن كنتَ مستحقًّا لتترشح إلى رئاسة الجمهوريّة

475

لن أنزلِق إلى تُرّهات البَسابِس.
الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/02 أيلول/2022

نشرتُ الجزء الثاني من مقالتي الأخيرة “لو كنتُ بشير الجميّل”، محذوفًا منها المقطع الأوّل التالي:
“ليس جميع الناس موضوعيين حين يقرأون مقالاتك، إنّما هناك مِن بينهم مَن يتابعون كتاباتك بحثًا عمّا يُرضيهم أو يشيد بزعيمهم، وفي حال لم يجدوا ضالتهم في موضوعك، يُعلّقون عليه حاشرين أفكارهم المسبقة، بغضّ النظر عَمّا إذا كانت ذات صلة بالموضوع أو لا”.

قصدتُ بهذا الكلام المنشور في مطلع مقالتي على صفحات “الكلمة أونلاين” (أنظر الرابط)، بعض قرّائي من “القوّات والتيّار” الذين لم أفهم يومًا ما الذي يوحي لهم بأنّني من “الزقّيفِه”، أو ممّن ينبهرون بسهولة بالزعامات الحزبيّة والإقطاعيّة.

كتبتُ الجزء الأوّل من المقالة المشار إليها ولم آتِ على ذكر ميشال عون ولا سمير جعجع، وكانت غايتي ببساطة الإشارة إلى أنّ أيّ مرشّح إلى رئاسة الجمهوريّة، في الظروف الراهنة، عليه أن يكون قد أنجز ما يوحي للشعب بالأمل وبأنّ لديه القدرة على الإنقاذ.

“من الباب إلى الطاقة” اندفع حزبي قوّاتي أو مناصر، لا أعرف، إلى اقحام سمير جعجع في الموضوع بنيّة الإساءة إلى ميشال عون من جهة، ومن جهة ثانيّة بنيّة الإيحاء أنّ “أيقونته” جعجع “كان فيه وبدّو” لكن وجود عون في السلطة أواخر الثمانينيّات “ما خلّاه”، فسأل سؤالًا تحريضيًّا بليدًا: “لو كان ميشال عون قائد الجيش بأول الثمانينات، هل كان نجح الشيخ بشير بالوصول للرئاسة؟”. بالرغم من نوايا السؤال المبطّنة، واحترامًا لقرّاء صفحتي، ردّيتُ بلطف بأنّي سأجيب في الجزء الثاني على هذا السؤال، فالأمر يتطلب قليلًا من إنعاش الذاكرة كونه يرتبط بشخصيّة وأداء وتاريخ كلّ إنسان.

لحسم الموضوع، ولأدلّ على الفارق بين شخصيّتي بشير وسمير، قلتُ بما معناه إنّ بشير “يحسم” وسمير “يحسب” ولا يخوض إلّا المعارك الرابحة، على غرار ما حصل وقت معركة زحلة عام 1981. قامت القيامة عليّ ولم أفهم أين الإساءة لسمير جعجع في هذا الكلام لتُشنّ عليّ حملات طابعها “روبوطي” (robotic) مبرمج على عبادة وتأليه الزعيم!!؟ أَوَليس هو “الحكيم”؟ ما الجدوى من حكيم لا يحسب خطواته؟ ألَم يكن بمستطاعكم أخذ الموضوع من هذه الزاوية والنظر بإيجابيّة إلى ما أقوله عن “ملهمكم وحكيمكم” جعجع!!؟ لكنّكم سيّئو النيّة، عميان، مثلكم مثل المبَرمَجين عند جبران، وما غايتكم إلّا التشويش على القارئ لِحَرفِه عن جوهر موضوعي لأنّ التعليمات هكذا أتّتكم، أو ربّما شعرتم بأنّني ضدّ سمير جعجع لأنّ المواصفات التي أطلبها في شخصيّة الرئيس قد تكون لا تنطبق عليه. وهل هو ترشّح رسميًّا لرئاسة الجمهوريّة لتشكّوا في نواياي تجاهه، أم أنّه لا يزال يحسبها بانتظار أن يتّفق التغييريون والسياديون والمستقلّون على اسم مرشّح؟

واعتقدَ “القواتيّون” أنّ بإمكانهم أن يلعبوا بي “طابِه”، ونسوا أن ركل الدببة قد يُكلّف الراكل كسر رجله. ادّعوا أنّ فؤاد أبو ناضر في كتابه “Liban: les défis de la liberté” ذكر أنّ القيادة استدعت جعجع ليعود من زحلة لأن السوريين حرّكوا جبهة الشمال، أجبتهم بالبرهان أن أبو ناضر لم يأتِ في كتابه على هذا الموضوع، وعوض أن يأخذوا الأمر بروح رياضية، وسّعوا دائرة حملتهم عليّ ولم تعد عنترياتهم لتنتهي، من “كلام جعجع مُنزل” إلى “ألله قوات وبس” مرورًا بـ “القوّات كالإنجيل (لا سمح الله) ممنوع المسّ بها”، وكالعادة راح الشباب يُسيئون إليّ بالشخصي، ويتناسون كلّ مواقفي المناصرة للقوّات حتّى لمّا كانت القوات على خطأ أو متلكئة. فليسامحهم الله.

وعلى سبيل تلطيف الجوّ؛ أضحكني مَن بدأ الهجوم على مقالتي حين قرّر أن يضع حدًّا للسجال وشَرْح حيثيّاته، متّهمًا إياي بأنّني مَن بدأ بالإساءة إلى القوّات لَمّا قُلت:
“إنّ التغيير لا يكون بإطلاق الضفادع الالكترونيّة لإيهام الناس بأنّه لا يوجد أهم من “فلان” (زعيمهم) للرئاسة كونه منظّم، ويملك كتلة نيابيّة وازنة، ويأتيه دعم وأموال من دول اقليميّة، وقادر على التعاطي مع حزب الله من الندّ للندّ في المرحلة المقبلة”.

وَمَن قال إنّي أقصد القوّات وجعجع هنا!؟؟ ألا ينطبق الكلام نفسه على جبران باسيل أيضًا؟ ضفادع “العونيين” الالكترونيّة لا يرون غيره منقذًا. يملك كتلة نيابية وازنة وتحالفاته البرلمانيّة أقوى من تحالفات القوّات. يُقال إنّ أموالًا تأتيه من ايران. ومَن أكثر منه يستطيع أن يُحاور الحزب الإلهي من الندّ للندّ؟
لو فكّر قليلًا صاحبنا الواهم بأنّي أستصوِب القوّات ورئيسهم، لَوَجد أنّ معظم هذا الكلام ينطبق أيضًا على المرشّح سليمان فرنجية. ولا أعرف كيف فهم من قولي هذا الصاحب الفايسبوكي “القوّاتي” أنّ الضفادع الالكترونيّة مقصود بها القوّات!!!؟
أنا مكان سمير جعجع لطردّت الواهمين من حولي لأنّهم يفضحون.

“العونيون”؛ ألف صلاة وصوم على “القوّاتيين”! فأيضًا لتمييع جوهر مقالتي أخذوا الموضوع إلى مكان آخر، فانبرى أحدهم لمهاجمتي وللتشويش على مقالتي من خارج سياق الموضوع، وراح يُخبّرنا أخبار من ألف ليلة وليلة؛ “ميشال عون هو أوّل مَن طرح الفدرالية. هو بطل معركة سوق الغرب… الخ”، وطبعًا ليس في مقالتي شيء من كلّ هذا، وأصلًا أنا معتاد على هذا الصاحب الفايسبوكي، “العوني”، أن يحشر رئيسه في مقالاتي حتّى لو كنتُ أتحدّث عن الصناعات النوويّة في الصين. ومع ركاكة هذا السلوك، تجدّون لدى التيّار مَن هم ألعن؛
أنظروا بربكم إلى ما قاله أحدهم، وقولوا لي بماذا أجيب على هكذا كلام: “… والأحزاب المسيحية في بيروت الشرقية هي التي كانت تتصدى للمؤامرة الصهيونية وصمودهم دفع بإسرائيل بدعم القرى المسيحية مرغمة”. “والمؤامرة أمها اسرائيل التي حضرتك تتفاخر بمواقف القائد اتيان صقر”.

بربّكم أتصدّقون أنّ هذه تعليقات بني آدم حيّ، أم تشكّون في أنّ حاسوبًا مبرمجًا علّق على موضوعي بهَبَل ليس بعده هبَل؟؟ وليُعطي صاحبنا قيمة لشخصه، نقل ردّه عليّ إلى صفحته معنونًا أنّه ممنوع من التعليق على صفحتي، وهو نايخ روس قرائي بتعليقاته “الهبّالية” منذ شهور عدّة، كما وأنّي لم أمنعه.

كان حريّ بهؤلاء “العونيين والقوّاتيين” أن يخبرنا كلّ منهما ماذا فعل سيّده ليستحقّ الترشّح إلى رئاسة الجمهورية، عوضًا عن مهاجمتي فقط لمجرّد أنّ بنيتي الدبّيّة تحتمل، ولأنهم لا يستطيعون مهاجمة أحد من أخصامهم كونهم يحتاجون أصواتهم لمعركة الرئاسة.

أنا لا أنزلق إلى ترّهات البَسابِس، وما ردّي اليوم على ضفادع التيّار والقوّات الالكترونيّة إلّا رسالة لسيدَيْهما ومبرمِجَيْهما، مفادها: “قل لي بمَن تُحيط نفسك، أقول لك إن كنتَ مستحقًّا لتترشح إلى رئاسة الجمهوريّة”.