شارل الياس شرتوني/الفصل النهائي من تدمير الكيان الوطني اللبناني وسقوط الأوهام…أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه، فعلى كل فريق لبناني إعلان موقفه تجاه هذه العملية الانقلابية، إذ لا مجال للتسوية في الشؤون السيادية ولا مكان للمواقف الرمادية والملتبسة

71

الفصل النهائي من تدمير الكيان الوطني اللبناني وسقوط الأوهام
أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه، فعلى كل فريق لبناني إعلان موقفه تجاه هذه العملية الانقلابية، إذ لا مجال للتسوية في الشؤون السيادية ولا مكان للمواقف الرمادية والملتبسة.

شارل الياس شرتوني/05 أيلول/2021

لقد وصلنا الى الفصل الختامي في عملية التدمير المنهجي للكيان الوطني اللبناني كما تعبر عنه هذه الصورة التي تجمع زينة عكر (وزيرة خارجية الاحتلال) بفيصل المقداد (وزير خارجية نظام الاسد) مظللين بالعلمين السوريين للتأكيد أنه من الآن وصاعدا لم يعد هنالك من وجود للجمهورية اللبنانية، التي أصبحت في مرحلة التصفية الفعلية. هذه الصورة تعبر عن الواقع الجديد بكل التباساته التي تؤشر الى ولادة الكيان الجغرافي-السياسي الجديد بين جبل عامل وجبال العلويين كتظهير فعلي لتقاسم النفوذ بين إيران وتركيا في ظل غياب روسي عن المشهد السياسي العام، متلازم مع تعبير معلن عن التململ من بقاء القوات الاميركية في شمال شرق سوريا. هذه الصورة هي التظهير الفعلي لحلف الافاعي (الفاشيات الشيعية والنظام العلوي) مع كل ما يتضمنه من التباسات حول مندرجات لعبة النفوذ ومشاريع السيطرة والتطويع المتبادل، وانطلاقًا من الواقع المستجد في لبنان الممثل بحكومة الاحتلال التي يرأسها حسان دياب حاليا، او التي سوف يرأسها نجيب الميقاتي لاحقًا. هذه الصورة هي الاعلان الأولي عن المشروع السياسي الآخذ بالتبلور تحت اشراف المنظومة الشيعية ووكلائها ميشال عون وحسان دياب، بالتكافل مع الشريك الشيعي نبيه بري.

هذه الصورة تشرح باسهاب حيثية الأزمات الحكومية المتوالية، والطابع الصوري للعمل المؤسسي في البلاد، والتمديد المفتوح للأزمات المالية والحياتية، وسقوط كل السمات السيادية التي تؤشر الى الوجود الفعلي للدولة اللبنانية: الرئاسة الصورية، الحكومات التابعة، السياسة الخارجية الأسمية، القضاء المستخدم، الجيش المفخخ، الادارات العامة الفاسدة…،. نحن أمام نقلة نوعية في الأزمة اللبنانية تضعنا أمام واقع النهاية العملية للجمهورية اللبنانية بتواطؤ كلي من قبل اوليغارشيات الطائف على توزع انتماءاتها الطوائفية والسياسية، تظللها مناخات الصمت والتضليل. هذا الواقع يستدعي نشوء معارضة تعلن رفضها لهذا المسار السياسي، وتربط نزاعا مع كل أطرافه، وتبلغ موقفها الى الامم المتحدة من خلال أعضاء مجلس ألأمن، والدول الغربية، وتدعو كافة اللبنانيين المعارضين الى المقاومة المدنية، وصولا الى انشاء حكومة مضادة تعلن من الخارج المواجهة مع سياسة الاحتلال الآخذة بالتبلور.

إن حدة الازمات الحياتية المفتعلة، بدءا من إسقاط المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والحؤول دون التحقيق الجنائي المالي والاصلاحات المالية، وعملية المرفأ الارهابية، والتدمير المنهجي للذخر الاجتماعي اللبناني الذي بني على مدى المئوية المنصرمة، وسياسة الانهيارات المبرمجة للقطاعات، وتمدد التهجير السوري، هي المراحل المتتالية لسياسة تفكيك أوصال الدولة اللبنانية وإحالتها الى الموت التدريجي، في الوقت الذي تجري فيه عملية تبديل الديناميكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسكانية والمدينية تمهيدا لعملية الابتلاع الختامية، نحن عمليا أمام سياق تفتيتي انسيابي مديد. عند مشاهدتي لأحد فيديوهات الصلاة في المحطات لاستمطار البنزين على رؤوس المصلين، سمعت رجل دين سني يهدد بإنه مع عدم إيجاد حل للمشاكل الحياتية، لن يبقى لبنان بعد اليوم، مختصرا بشكل غير موارب مؤدى هذه الأزمات وغايتها، إنهاء الكيان اللبناني. أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه، فعلى كل فريق لبناني إعلان موقفه تجاه هذه العملية الانقلابية، إذ لا مجال للتسوية في الشؤون السيادية ولا مكان للمواقف الرمادية والملتبسة.