ياواش…ياواش/يا سيّد، الله يحفظك ويكرمك، طول بالك علينا “ياواش ياواش”…
بول ناصيف عكاري/05 أيلول/2024
ما هو الفرق بين منظمة التحرير الفلسطينيّة وحزب الله؟ الأولى، فرقة شرّيرة غريبة عن لبنان، استعملت بعضًا من العملاء اللبنانيّين غير المسيحيّين والخونة من أجل إخضاع المسيحيّين واللبنانيّين الشرفاء، وبالتالي، إنشاء وطن بديل يحكمه عرفات “المقاوم السنيّ”. الثاني، شرّير وفاسد ومخادع، غريب عن لبنان وعن العادات الموروثة والكرامة الوطنيّة، والذي فرّخ من صلب الأولى، استعمل بعضًا من العملاء المسيحيين الذميّين ومن اللبنانيّين الخونة لإخضاع المسيحيّين واللبنانيّين الشرفاء، وبالتالي إقامة أوّل دولة إسلاميّة خاضعة للولي الفقيه يحكمها الرعد “المقاوم الشيعيّ”.
الاثنان هدفا، كذبًا ونفاقًا وتقيّةً، إلى تحرير القدس والصلاة فيها. بالنسبة لهما، لا يستوي تحريرها إلّا بالمرور على الموارنة! الأوّل، بعد أن باع قضيّته في سوق النجاسة، صلّى في جهنّم على ظهر الآلاف المؤلّفة من القتلى والمشرّدين والمهاجرين. أمّا الثاني، الذي باع وطن الأرز وكرامته في السوق الشرق-أوسطية، فسيلتحق حتمًا بسلفه بعد أن يكون قد حَبَك حبكًا سجادته الحمراء والمصنوعة من قِطب ضحاياه…الأيّام المقبلة كفيلة بإظهار الخواتيم. ستون سنة مرّت، ما يعادل ثلاثة أجيال، وما زال الشرفاء من المسيحيّين خصوصًا واللبنانيّين الشرفاء عمومًا يتذوّقون العلقم نفسه.
من أدبيّات وسلوكيّات الصراع العرفاتيّ ومن ثمّ الملاويّ مع الصهاينة أنّ كل من خالف رأي الشرّ والحزن والبؤس والألم هو “عميل صهيوني”. أمّا العملاء خمسة نجوم فهم من الموارنة تحديدًا لأنّهم يطالبون بالكرامة الوطنيّة والسيادة والاستقلال. ومن أهداف الشرّ أنه يجب تطهير الداخل من هؤلاء العملاء قبل المعركة الفاصلة مع عدوّ الأمة وعدوّ الله. المضحك المبكي أنّ الحزب حاليًّا، كما المنظمة سابقًا، محشو ومخترق بالعملاء القديسين والمخبرين الأتقياء وهم من قاموا ويقومون بالوشاية عن أماكن تواجد القيادات والمواقع الحزبيّة ليتمّ تصفيتهم وتدميرهم الواحد تلو الآخر.
الحركات الجماهيريّة، بحسب إيريك هوفر، تعتمد على “الكراهيّة كأكثر العوامل الموحّدة وشمولًا ووضوحًا…ولا تستطيع الحركة الجماهيريّة أن تبدأ وتنتشر دون الإيمان في إيجاد شيطانها وتجسيده”. تلك “الكراهية غير المنطقيّة تنبع من احتقار النفس وهي تعبير عن محاولة يائسة لإخفاء الشعور بالنقص، أو بقلّة الأهمية، أو بالذنب، أو بأيّ عيوب أخرى تنبع من الداخل”. اخترع الولي الفقيه شيطانين: أمريكا، بمثابة الشيطان الأكبر، وإسرائيل الأخ الأصغر. من ثمّ، تمّ إسقاط المفهوم نفسه على الحزب لتُستنبط إسرائيل كالأكبر والموارنة كالأصغر بهيئة القوّات اللبنانيّة، علمًا أنّ معظم الموارنة لا يؤيّدون القوّات. ولشدّ عصب الأتباع، فقد تمّ تحليل دم الشيطان الأصغر من خلال البروباغندا الفاشيّة المنظمة وبث سموم الكراهية والأحقاد والأفتراء عبر الكذب على طريقة غوبلز، ولكن بنكهة ظلاميّة ملّاويّة. أمّا إسرائيل فصنعت شياطينها أيضًا، وبالمفهوم نفسه، من البرنامج النووي لإيران والإرهاب بمكوناته السنّية والشيعيّة وعلى رأسها الحزب.
بفضل الجهود المضنية “للثنائي الشيعي”، ومن لفّ لفّه، تم القضاء أوّلًا على جبهة المقاومة الوطنية اللبنانيّة (جمول) لتحل محلها “مقاومة إسلاميّة”، بعد ذلك، بدأ الإمعان في إقصاء المسيحيّين من الدولة ومن مركز القرار الوطنيّ وليتمّ استنباط #المنظومة_المافياوية الشرّيرة بقيادة #عصابة_الستة. أمّا عرّابها فهو، بلا منازع، رجل أمريكا الأوّل في لبنان. هذا المكوّن المذهبيّ، غير الوطنيّ، ساهم، مع عملاء الداخل وأزلامه وذميّيه، في تمكين القوّة “الممانعة” من السيطرة على مفاصل الدولة وقرارها واستباحة السيادة الوطنيّة ودمار البلد على رأس شعوبه الغشيمة. أمّا حركة “المتخومين”، فقد تكفلت بدمار الدولة وإفلاسها، وإدارة وتنسيق عملية الفساد والنهب بفعّاليّة واحترافيّة غير مسبوقتين، كما لم تفعله أيّة منظمة إجراميّة في المعمورة. ناهيك عن الدور الشهواني لفرقة 14 آذار المتعطشة آنذاك للسلطة والمال والنفوذ، والتي قامت بتسليم الدولة والبلد “للثنائي” والخنوع له. حيثما حلّ هذا المكوّن دمّر ونهب، واستفاض!
من أجل تمكين نفسه لإنشاء دولته تمكّن الحزب من “بافوميت الأكبر” باتفاقية ملعونة معطوفة لاحقًا على اتفاقية معرّبة مع “الفيلسوف الأكبر” التي لم ينفذ أيّ بند منهما سوى ما ضمر والمتعلق بإيصال البطل “البولانجي” إلى #هيكل_كرسي_مهترئ والذي أضحى حطباً لجهنم. لقد تمّ إيهامهما بأنّهما من خلال الاتفاقيتين سوف ينقذان لبنان من حرب أهليّة! ولكن هذين الاتفاقين المشؤومين مهّدا لغزوة المناطق المسيحية وللقضاء على الموارنة.
لتاريخه، ومن أجل تحرير كسروان والقدس، ما زال هذا الحزب، بالتكافل والتضامن، مع توأم روحه المبغوض منه، يمعن في تعطيل المؤسسات الدستورية وحماية الفساد والفاسدين وشراء الذمم القضائيّة والأمنيّة، والمساهمة في فقدان الثقة بالبلد وتخريب علاقاته الدوليّة، حتى أصبح فاجرًا وحاميًا للفجور معترفًا، بكلّ وقاحة، من مجلس الفساد، بدولة إسرائيل. وتجلّت الخيانة العظمى في التخلّي الطوعيّ عن كلّ من السيادة الوطنيّة (لا تعني شيئًا له) والثروة الوطنيّة، من خلال اتفاقية كاريش التي كان عرّاباها الضابط الصهيونيّ الشريف الأشرف وأزلام أمريكا. للتذكير، وفي التكرار إفادة، أنّه خلال حكم “الثنائي الشيعيّ”، تمّ اقتراف جريمتين موصوفتين ضدّ الإنسانيّة وهما جريمة مرفأ بيروت، ونهب أموال المودعين والأرامل والمتقاعدين. أمّا الآن، فهم يحضّرون للجريمة الثالثة؛ ألا وهي تدمير لبنان فوق رؤوس أبنائه والعودة به إلى الجاهلية.
الأجدر بهذا الحزب، لو لديه النيّة بلعب دوره كما يدّعي، استعادة آخر شبر من تراب الجنوب، والبدء في تحرير المناطق اللبنانيّة المحتلّة. حاشا! كما بات معلومًا، العرّابان نفسهما تفاوضا واتفقا على إنهاء الترسيم البريّ والذي أصبح جاهزًا للتوقيع بانتظار التسوية في غزّة.
المؤسف والأخطر هو ما وصلت إليه المؤسسة الدينيّة المارونيّة من درك جهنّميّ. لقد وضعت نفسها تحت سلطة وسيطرة الأشرار والخونة والعملاء لتصبح أسيرتهم ولتضل سواء السبيل. الكنيسة في خطر والرعيّة في خطر، وابتعدت كلّ البعد عن شعبها التائه في أحزانه ومصائبه في بلده لبنان القابع في العناية الفائقة. عندما يشرُد الراعي عن الرعيّة وينكفئ الجيش الأسود ويفشل في تحمّل مسؤولياته، يدخل الموارنة تلقائيًا في الدرك الجهنّميّ، وبالتالي لبنان.
السيّد بدأ يتكلم بالتركي، بالأحرى بالعثمانيّ، طالبًا التروّي “شوي شوي”. لا ندري ماذا يضمر. المنطقة على مفترق طرق ولبنان ليس من الأولويات. ماذا سيحلّ بالمكوّنات اللبنانيّة؟ كيف سيكون لبنان الجديد بعد أن دمّرته ال #المنظومة_المافياوية؟ كيف ستفكك المافيات ومنظمات الجريمة المنظّمة؟ من سيحكم الكيان اللبناني أو الكيانين أو الكيانات المتفرّقة؟ الحلّ في لبنان يطبخ في الخارج ولا دخل للبنايّين الشرفاء في هذا الحلّ. التفاوض سوف يكون مع من يمكنه أتخاذ القرارات وتنفيذها: الحزب أم الحكومة الدمية في يد الحزب؟ أمّ الصبيّ في غيبوبة لا يمكن أن تصحو منها لأّنّها تتعاطى الممنوعات التي يصنعها ويفرضها الحزب بتكليف من ذاك الإله. أما حان الوقت كي تصحو بكركي من غفوتها وتبادر إلى فعل ما يجب أن تفعله من أجل قيامة لبنان الجديد؟
ما شهده لبنان خلال الستين سنة الماضية من إجرام وقتل ونهب ودمار وتهجير سببه الوصول إلى السلطة المطلقة والمال والجاه والنفوذ.وكلّ هذا الشّر، ما هو إلّا نقطة في مساوئ بحر مجتمع فاقد الأخلاق الإنسانيّة والمجتمعيّة. يا سيّد، الله يحفظك ويكرمك، طول بالك علينا “ياواش ياواش”…