لبنان بين نزاع مع اليونيفيل أو حرب أهلية محمد سلام/هنا لبنان/29 آب/2024 ما هو مستقبل الصراع مع محور إيران، خصوصاً بعد توسع ضربات إسرائيل للحزب في لبنان واغتيال المتحالفين معه على الرغم من أنّ أمين عام “الحزب” كان قد أعلن انتهاء رده على إسرائيل ودعا المهجرين إلى العودة إلى بيوتهم واستئناف حياتهم الطبيعية، فهل سيعودون إلى بيوتهم ليزاولوا حياتهم الطبيعية أم أنّ توسّع الحرب وتصعيد عمليات الإغتيال سيبقي الحرب مستمرة وفق قواعد غير محددة؟ الحرب هي مشكلة ثنائية، سواء أكانت بين طرفين مباشرين أو بين محورين، لذلك فإن نهايتها تتطلب توفّر أحد شرطين: إما أن تنتهي بمنتصر ومهزوم، ما يفرض على المهزوم توقيع وثيقة الهزيمة والقبول بشروط المنتصر. أو أن تنتهي بتسوية تتحقق فقط إذا تساوى المحوران بالهزيمة، فيقبلان بصيغة تنظم مسلسل هزائم كلٍ منهما، بحيث لا يستطيع أي منهما الزعم بأنه إنتصر كما لا يستطيع أن يتهم الطرف الآخر بالهزيمةالمطلقة. الصراعات العربية-الإسرائيلية عموماً إنتهت بتسويات أنتجت تفاهمات وصولاً إلى إتفاقيات سلام وتطبيع مع الدولة العبرية، ما يطرح سيلاً من التساؤلات حيال مستقبل النزاع الإيراني-الإسرائيلي في غزة ودول الهلال الأخضر (لبنان-سوريا-العراق) واليمن. التساؤل بإختصار وبصيغة أكثر وضوحاً هو التالي: هل ستنتهي الحرب بتسوية تسمح بموجبها “المؤسسة الأميركية” (Establishment) بمنح إيران حقوقاَ في البحر الأبيض المتوسط تلغي الدور المعطى لإسرائيل كحارس حصري للمصالح الأميركية في المنطقة سياسياً وإقتصادياً وجغرافيا؟ المؤسسة في أميركا هي التي تهتم بالمحافظة على جوهر دور نظام الحزبين لجهة إستمرار دعمهما لمبدأ الليبرالية الجديدة المتوحشة الداعمة للفدرالية والمناهضة للإشتراكية العمالية والمدافعة عن مصالح الشركات. وهي، عملياً التي تشرف على إلتزام سياسة الدولة بهذه الأولويات بغض النظر عن هوية الإدارة أكانت ديمقراطية أم جمهورية. في ضوء هذا المفهوم لرعاية أميركا لمصالحها يصير بديهياً التساؤل كيف سينتهي الصراع بين محور دولة الولي الفقيه الشيعي وبقية العالم الغربي والعربي، من دون إغفال مصالح الإتحاد الروسي والصين كقوتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن الدولي وقوة إقليمية علمانية غير عربية غالبية سكانها مسلمين سنة هي تركيا. تركيا يعنيها جداً أن لا تراكم إيران نفوذاً، خصوصا بعد تعيين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان السياسي السني الكردي عبدالكريم حسين زادة نائباً له لشؤون التنمية الريفية والمناطق المحرومة. من البديهي التقدير بأن تعيين حسين زاده يستفز أنقره، خصوصاً لجهة صراعها مع حزب العمال الكردستاني (PKK) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بغض النظر عن موقف تركيا من إسرائيل وعلاقاتها بحركة حماس، ما يتابعه العرب بكثير من الدقة، خصوصاً مصر كون حماس مصنفة أحد فروع الأخوان المسلمين الذين ترفض القاهرة أي تعاون معهم، علماً بأن مصر هي أحد المفاوضين الرئيسيين لمحاولة ترتيب وقف إطلاق نار وتبادل رهائن في غزة في محاولة لإنقاذ أهل غزة من بؤسهم وليس حفاظاً على دور لحماس. في هذا الصدد بدا لافتا جداً رفض مصر الحاسم والحازم دعوة أطلقها نائب مرشد حركة الإخوان المسلمين حلمي الجزار لصلح مع القاهرة لقاء “العودة إلى الدعوة وإعتزال العمل السياسي ل 15 عاماً . ” مصر ترفض أي مبادرات صلح مع جماعة الأخوان المسلمين التي تعتبرها “إرهابية ومنحلَة” . ونقلت فضائية العربية عن مسؤول ملف الأخوان الأسبق بجهاز الأمن الوطني المصري اللواء عادل عزب قوله إن “الإخوان ليست جماعة دعوية حتى يقول الجزار إن التنظيم سيعود للدعوة ويعتزل السياسة، ولا يصح أبداً وبعد 96 عاما من التعاطي مع هذه الجماعة ورصد مواقفها وجرائمها وعلاقاتها المريبة والاستخباراتية مع جهات أجنبية وأجهزة معادية …أن تتحدث عن صلح مع مصر أو تنتظر قبولا رسميا أو شعبيا لها من جديد.” ونعود إلى السؤال المركزي: ما هو مستقبل الصراع مع محور إيران، خصوصاً بعد تمدد النزاع بين إسرائيل وحركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى الضفة الغربية وتوسع ضربات إسرائيل لحزب إيران في لبنان وإغتيال المتحالفين معه على الرغم من أن أمين عام الحزب الإيراني المسلح كان قد أعلن إنتهاء رده على إسرائيل ودعا المهجرين إلى العودة إلى بيوتهم وإستئناف حياتهم الطبيعية. وبما يتناقض مع تصريحات أمين عام حزب إيران حيال إنتهاء الرد على إسرائيل، قصفت مسيرة إسرائيلية سيارة على طريق دمشق- بيروت قرب جسر الزبداني، ما أسفر عن سقوط 4 قتلى بينهم عنصر من حزب إيران هو محمد طه وثلاثة عناصر من حركة الجهاد الإسلامي. الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قال إن طائرة إسرائيلية إستهدفت العضو في القسم المركزي في مديرية العمليات التابعة لـ”الجهاد الإسلامي” فراس قاسم، الذي “كان مسؤولًا عن تطوير الخطط العملياتية للجهاد الإسلامي في سوريا وفي لبنان، وكان يلعب دورًا مركزيًا في تجنيد مقاتلين فلسطينيين لصالح “حزب الله” بهدف تنفيذ عمليات ضدّ أهداف إسرائيلية … تمّ استهداف عناصر من “الجهاد الإسلامي” كانوا في طريقهم من سوريا إلى لبنان بهدف تنفيذ عمليات لصالح “حزب الله”. يذكر أن حركة الجهاد الإسلامي تتجاوز تحالف حماس مع إيران بأنها تبايع المرشد “ولياً لأمر المسلمين.” وسط هذا التصعيد على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية، وسّعت إسرائيل حربها ضد حماس والجهاد الإسلامي إلى الضفة الغربية، ما يوحي بأن رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو لا يريد إبقاء إي دور لحليفي إيران في فلسطين بعد توقف الحرب. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن بدء عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية تم خلالها قتل 9 فلسطينيين في جنين وطوباس ومخيم الفارعة في غور الأردن. فهل سيعود المهجرون اللبنانيون إلى بيوتهم ليزاولوا حياتهم الطبيعية كما دعاهم أمين عام حزب إيران، أم أن توسّع الحرب وتصعيد عمليات الإغتيال سيبقي الحرب مستمرة وفق قواعد غير محددة، ليس أقلها تعهد الحكومة اللبنانية بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي يحظر تواجد قوات غير نظامية جنوبي نهر الليطاني، ولم تتمكن من تطبيقه منذ إقراره في العام 2006 لأنها لا تسيطر على منطقة إنتشار حزب إيران جنوبي نهر الليطاني الواقعة تحت سيطرة ميليشيات المحور الإيراني. في هذا الصدد، كشف دبلوماسييون تشارك دولهم في قوة اليونيفل عن إهتمام كبير بمعرفة ما إذا كانت قوى ميليشيا محور إيران ستستمر في التواجد جنوبي نهر الليطاني بعد التجديد المتوقع لإنتداب القوة الدولية لمدة عام من دون أي تعديل على مهامها، أي على حقها بالحصول على مؤازرة من الجيش اللبناني لتفتيش منشآت خاصة مصنفة على أنها محميات بيئية أو مزارع دواجن ومصانع منتجات محلية ويشتبه في أنها تحوي مقاتلين ومخازن أسلحة لقوات محور إيران. يبلغ عديد اليونيفل حالياً 10،031 جندياً من 49 دولة، إضافة إلى ألف مدني لبناني وغير لبناني يمارسون مهماماً إدارية في مقر القيادة بالناقورة ومقرات الكتائب القتالية، أبرزها مهام الترجمة بين الجنود الأجانب والسكان المحليين. وذكر دبلوماسي واكبت دولته اليونيفل بتقطع منذ تأسيسها الأول في آذار العام 1978 بموجب قراري مجلس الأمن الدولي 425 و 426 أنه سأل السلطات اللبنانية عن إمكان إنسحاب ميليشيات إيران من منطقة عمليات اليونيفل جنوبي نهر الليطاني فحصل على جواب “ملتبس”. وأضاف: “قيل لي إن سحب الميليشيات من جنوبي نهر الليطاني سيخلق مشكلة جديدة مع البلدات التي سينشرون فيها حتى نهر الأولي، شمالي مدينة صيدا،” على بعد قرابة 100 كيلومتر عن الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل. وتساءل: “هل يعني الجواب الملتبس أن السلطات اللبنانية تفضّل أن يبقى سوء التفاهم بين اليونيفل وميليشيات المحور الإيراني على أن يتحول إلى نزاع أهلي بين مكونات لبنانية؟” وخلص إلى التأكيد على أنه “إذا بقي الوضع ملتبساً حسب الأسلوب اللبناني الذي يحمل عدة تفاسير أرجّح أن نسحب كتيبتنا من المستنقع، ولن نكون الوحيدين الذين سنعتمد هذا الخيار.” !!! هل ينفخ لبنان على الخلاف مع اليونيفل لأن لهيب حليب الحرب الأهلية قد كواه”؟؟؟؟