رابط فيديو تعليق للصحافي والكاتب نبيل بومنصف من موقع “النهار” تحت عنوان: الحرب حرب لا كبيرة ولا صغيرة/ومقالة جديدة للكاتب عنوانها: صاروخ المجزرة لئلّا يُفجّر لبنان
النهار/29 تموز/2024
خلاصة: لم يعد في قدرة لبنان أن يتحمّل أيّ حرب محدودة أو كبيرة لأنّ كلّ قدراته سحقت ولأنّ اللبنانيين يعرفون جيّداً معنى حرب تحمل الدمار والموت… ولكن متى وكيف سيعبّر اللبنانيون عن رفض الحرب ومنع العابثين بحياتهم ومصيرهم؟
صاروخ المجزرة… لئلّا يُفجّر لبنان!
نبيل بومنصف/النهار/29 تموز/2024
بعد حرب تموز 2006 انضم اكبر انقسام داخلي عمودي في لبنان حول ظروف انفجار تلك الحرب التي بدأت بخطف “حزب الله” وقتله جنودا إسرائيليين الى وقائع لا تمحى في تراكم الازمات العميقة الجذرية في مسار لبنان المأزوم . لم يكن اللبنانيون ليل السبت الفائت في حاجة إلى إنعاش ذاكرتهم بهذه الحقيقة حين انفجرت فجأة في “أسماعهم” الأنباء المشؤومة عن مجزرة صاروخ مجدل شمس ، وهم اما يلهون في صيف الانفصام التاريخي بين حرب الجنوب والموسم السياحي ، واما يشاهدون حفلة “انتخاب” ملكة جمال لبنان فيما تتيبس عندهم في المقابل كل انتخابات دستورية من رأس الهرم إلى أسفله وتصدأ الدولة وتهترئ وتتحلل .
الأهم في مجريات ما بعد مجزرة مجدل شمس ان لبنان الرسمي “الراهن” ، لم يكن اقل تعثرا وتخوفا من حرب شاملة تشنها إسرائيل على لبنان من لبنان الرسمي ذاك في جلسة 13 تموز 2006 لمجلس الوزراء والتي كانت فيها الحكومة كاملة النصاب التمثيلي السياسي بمعنى جمع الفريقين العريضين 14 آذار و8 آذار وعلى رغم ذلك بدأت معالم الانشطار الخطير على خلفية استفراد “حزب الله” بقرار السلم والحرب . يومذاك أصدرت الحكومة ، وبالأحرى رئيسها فؤاد السنيورة الذي دفع بقوة نحو ذاك البيان الشهير ، موقفا يوازن بين إعلانها ان لا علم لها بعملية “حزب الله” وتاليا تبرأت من تبعات العملية المباشرة ل”المقاومة” ، ودانت الهجوم الانتقامي العدواني لإسرائيل واطلقت ما سمي المقاومة الديبلوماسية الشاملة حتى صدور القرار 1701 ونهاية تلك الحرب .
في الساعات الفائتة عقب مجزرة مجدل شمس ، لم نر كبير فارق في تظهير الخشية الرسمية الكبيرة من انفلات زمام حرب المشاغلة نحو ترجمة التهديدات الإسرائيلية بعملية تخرجها نحو حرب شاملة ، بما يستوقفنا عند الوجه والوجه المقابل في الموقف الرسمي الراهن . فان يسارع تحديدا رئيس الحكومة باسم الحكومة ورئيس مجلس النواب الى ادانة المجزرة واستهداف المدنيين وتلقف بيان “حزب الله” بنفي مسؤوليته عن صاروخ مجدل شمس فهذه دلالة مثبتة بان السلطة اللبنانية “الراهنة” حتى بتمثيلها الأحادي الذي يشكل “حزب الله” عمودا فقريا واحد ركائزه الأساسية ، تقول انها لا تريد واقعيا توريط لبنان في حرب ساحقة ، وان الملابسات التي نشأت عن اتهام الحزب بقصف العرب الدروز في الجولان مباشرة تغدو بمثابة زلزال مرعب وتملي المسارعة الى وقف زحف الرد الانتقامي الإسرائيلي اقله لنفض التبعة عن لبنان الرسمي و”المقاومة” سواء بسواء .
اذن رفض الحرب تمظهر للمرة الأولى منذ تسعة اشهر بهذا الوضوح الذي أملته واقعة حربية مباغتة أدت الى مجزرة شنيعة ووضعت لبنان امام ما استهان كثيرون بحتمية وصوله اليه يوما في ظل استمرار حرب المشاغلة . ولا ندري ما اذا كان علينا ان نصفق لهذا الموقف ام لا ، ، الذي يقودنا الى الوجه الثاني المقابل وهو السؤال : لماذا لم يكن رفض الحرب والانزلاق اليها فعلا معبرا عنه كل يوم وبأفعال وسياسات حازمة بدل مماشاة الامر الواقع وتسويغه وتبريره حتى صرنا الان في مواجهة ما يمكن ان يطلق اخطر حرب عرفها لبنان ؟ هل ترانا سنكون امام استراتيجية منطقية تكمل رفض الحرب باجراءات ومواقف حاسمة لمصلحة لبنان الصرفة مئة في المئة ، ام سيملأ ضجيج التخوين الذي بدأ يتصاعد مستهدفا كل من ينادي بحماية لبنان من هذا الويل الزاحف بدل احتواء الحرب قبل انفجارها ما بقي من عد عكسي متهالك لوقوع الواقعة ؟