“عاصفة” للتوازن مع إيران علي بردى/النهار/20 نيسان 2015
تتسم الإستراتيجية الأميركية الراهنة في الشرق الأوسط بأنها أكثر تعقيدا بكثير مما كانت خلال السنوات والعقود الاخيرة. تتصدر أولوياتها مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. لا غنى عن الولايات المتحدة التي يبدو أنها تعتمد الحفاظ على توازن جديد بين القوى الإقليمية الرئيسية المتنافرة: السعودية، ايران، تركيا واسرائيل. تقدم الولايات المتحدة معلومات استخبارية وإمدادات حيوية لتحالف “عاصفة الحزم” الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن. بيد أنها تجنبت أي مشاركة في العمليات العسكرية مع حليفها الأقدم في المنطقة. تتلقى ايران في المقابل دعماً جوياً أميركياً في المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية – داعش” على أرض العراق. واشنطن يمكن أن تعارض السياسات الإيرانية في بلد ما وأن تقدم الدعم لها في بلد آخر. تبتعد الولايات المتحدة عن كونها القوة العسكرية الرئيسية في الصراعات الإقليمية. يتحول العبء الأساسي للقتال الى دول المنطقة. صارت السعودية بفضل الأسلحة المتقدمة قادرة على تنفيذ حملة جوية متطورة الى حد ما، على الأقل في اليمن. بدأت بتدمير الدفاعات الجوية للحوثيين وصواريخ أرض – جو الخاصة بالجيش اليمني. ثم دمرت أنظمة القيادة والسيطرة لدى هؤلاء. وهذا يعني القوى الإقليمية التي كانت سعيدة طويلاً بتحويل عبء القتال الى الولايات المتحدة، باتت قادرة الآن على تحمل الأعباء إذا رفضت الولايات المتحدة المشاركة.
تحركت السعودية عسكرياً أيضاً بعدما وجدت أن ايران لا تكتفي بمد دائرة نفوذها الى البحر الأبيض المتوسط، بل تطمع باليمن. رأت في الأمر تهديداً من اتجاهين. تضع ايران ملزمة حول السعودية، من اليمن جنوباً والعراق شمالاً. لكن السؤال يبقى عما إذا كانت الغارات الجوية لـ”عاصفة الحزم” قادرة فعلاً على وقف الحوثيين وهزيمتهم. ماذا سيفعل السعوديون بعد ذلك؟ السعوديون حساسون للغاية من صعود أنظمة ذات علاقات وثيقة مع ايران في شبه الجزيرة العربية. كانوا مستعدين لاستخدام القوة في البحرين. هذا ما فعلوه حتى الآن في اليمن.
كيف سيحافظ الأميركيون على التوازن بين إيران والسعودية؟ تقبل المفاوضات بين “مجموعة ٥ +١” للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى ألمانيا، من جهة وايران من جهة أخرى على مرحلة حاسمة. السلاح النووي، إن امتلكته ايران، كاسر للتوازن. تبدو تركيا صامتة نسبياً. تراقب الفوضى على طول حدودها الجنوبية، وتصاعد التوتر في القوقاز، والصراع عبر البحر الأسود. تضطلع بدور حيوي في سوريا والعراق. صعود سطوة ايران مثير للقلق. تركيا لديها أكبر اقتصاد في المنطقة ولديها أكبر جيش. هي المركز الثالث في التوازن الإقليمي مع السعودية وإيران. لإسرائيل حساب آخر في هذا التوازن الإقليمي المطلوب أميركياً. حتى الرئيس باراك أوباما يصر على أولوية حماية أمن اسرائيل، على رغم مشاجراته الكثيرة مع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.