لبنان.. لا يكفي الاعتذار سلمان الدوسري/الشرق الأوسط/09 نيسان/15
ليست القصة خروج حسن نصر الله ليكرر شتائمه وهجومه على السعودية ودول الخليج؛ فهذه أصبحت عادة استعرت لدى نصر الله منذ انطلاق «عاصفة الحزم» قبل نحو أسبوعين. القصة أن التلفزيون اللبناني الرسمي شارك في حملة الشتائم والهجوم بشكل غير مسبوق، وعرض المقابلة التي أجرتها قناة حكومية سورية، ثم اكتفى وزير الإعلام اللبناني باعتذار عابر بارد لا يسمن ولا يغني من جوع، ووعد بإجراء «تحقيق داخلي»، وهو ما يعني أن ردة الفعل الرسمية اللبنانية، حتى الآن، في دائرة الأقوال، ولم تتحرك باتجاه فعل يوازي ما سببه عرض شتائم نصر الله من تأثير سلبي على العلاقات السعودية – اللبنانية. في كل دول العالم عندما يعرض التلفزيون الحكومي رأيًا ما، فلا خلاف أنه يمثل توجه الدولة الرسمي. صحيح، من يعمل في حقل الإعلام يعي جيدًا أن الخطأ وارد، ولو صدرت نفس شتائم نصر الله من شخصية أخرى لكان ممكنًا القول بحدوث خطأ أو سوء تقدير؛ أما وهي تصدر من شخص تَصدّر مشهد المدافعين عن النظام الإيراني، وزاد من وتيرة حفلته الشتائمية منذ بدء «عاصفة الحزم»، وكأنه وزير إعلام إيران أو الناطق الرسمي باسم حكومتها، ثم تبث مقابلته كاملة دون تدخل من مسؤول لبناني واحد، فإن الأمور تشي بأن هناك رسالة سياسية، وليست إعلامية، وجهتها الحكومة اللبنانية للسعودية تحت الحزام.
من غير المقبول أن يظهر التلفزيون الرسمي اللبناني وهو ينحاز للمصالح الإيرانية على حساب المصالح اللبنانية، اترك عنك اعتذار وزير الإعلام، فهو لذر الرماد في العيون، فها هو مدير الأخبار والبرامج السياسية في «تلفزيون لبنان»، صائب دياب، يصرح بأن تلفزيون لبنان «لكل لبنان، يلتزم الموضوعية والتوازن بين كل الأطياف اللبنانيين وكل القيادات والزعماء اللبنانيين، وهدفه إعلاء شأن لبنان»، مستغربًا أنهم طالما ينقلون لقطات وأخبارًا من التلفزيون السوري بشكل معتاد «فلماذا هذا مسموح به وما قام به من نقل لمقابلة السيد نصر الله ممنوع؟». الوزير يعتذر ويعد بالتحقيق «الداخلي»، بينما المسؤولون الحقيقيون لا يرون أن هناك مشكلة في الأساس.
تتعرض السعودية ودول الخليج، وبشكل يومي، لحملة منظمة في منابر الإعلام اللبناني، من قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إلكترونية، ووصول هذه الحملة إلى التلفزيون الرسمي أمر متوقع ولا يُستغرب، ليس لأن إيران تسيطر على مفاصل الدولة وتتحكم بها عن طريق وكيلها الشرعي حزب الله، وليس لأن «تيارات» كان يعرف عنها مواقفها الوطنية تراجعت ولم تعد لديها القدرة على مواجهة الزحف الإيراني، ولكن لأن هناك، للأسف، من لا يقدر المواقف الخليجية، السياسية والاقتصادية، التي تصب في صالح لبنان، ويعتبرها وكأنها في خانة المضمون مهما تعددت الإساءات والاتهامات للدول الخليجية فهي قادمة قادمة. «الفرس اللبنانيون» يشنون حملة غير مسبوقة على السعودية ودول الخليج، وهؤلاء وإن ازدادت أعدادهم في الفترة الأخيرة، فمواقفهم وتوجهاتهم ولغتهم العدائية مفهومة، أما «العرب اللبنانيون» الذين لم تخترقهم إيران، وهم بالمناسبة لبنانيون سنة وشيعة ومسيحيون ودروز، ومن كل الطوائف، فدورهم في تناقص، ولم يعد صوتهم كما كان عاليًا يستطيع إيقاف التمدد الفارسي في قلب الدولة اللبنانية منذ أن نجحت إيران في تصدير ثورتها إلى لبنان.