تدمير “داعش” بتغيير في العراق وسوريا
علي حماده/النهار /18 أيلول 2014
يستحيل القضاء على “داعش” ما لم يقترن اي عمل لتحقيق هذا الهدف بخطة اوسع من مجرد شن ضربات جوية من هنا، او تسليح جيوش من هناك. فتمدد “داعش” الذي كانت للايرانيين اليد الطولى فيه مع حكومة نوري المالكي في العراق، ونظام بشار الاسد في سوريا ما كان ليتم إلا على حساب المعارضة المعتدلة السنية في العراق، ومثلها المعارضات الوطنية السورية المعتدلة التي خاضت أشرس المعارك وهي واقعة بين ناري قوات نظام الاسد والمليشيات المستوردة المساندة له وتنظيم “داعش”. وليس سرا ان “داعش” لم يصطدم مرة قبل معركة مطار الطبقة في الرقة بقوات النظام، لا بل انه كان يفيد من توجه جهد الثوار السوريين صوب قتال النظام في كل المناطق السورية، ليهاجمهم في خطوطهم الخلفية. هذا ما حدث في الرقة وريف حلب الشمالي ودير الزور وصولا الى ريف حماة حاليا. لكن احد الاسباب الاساسية لتمدد “داعش” في العراق يعود الى سياسات حكومة نوري المالكي الايرانية الهوى التي مارست اقصى انواع التهميش والقمع في حق السنة العراقيين والأكراد، وفي الوقت عينه غرقت في فساد ما بعده فساد مما افقد مئات آلاف الجنود من الجيش العراقي كل حماسة.
اما في سوريا فان تمدد “داعش” الذي تشكلت قياداته من وجوه متطرفة سكنت سجون الاسد والمالكي لاعوام عدة قام في شكل او بآخر على الغضب في المكون السني الذي شعر انه يتعرض للابادة، وهو الذي يشكل الاكثرية الساحقة في سوريا. على يد اقلية متنفذة تنتمي هي نفسها الى اقلية مذهبية في سوريا. وضاعفت من زخم “داعش” الخلافات والانقسامات التي عصفت بتشكيلات المعارضة الاولى، سياسية كانت ام عسكرية. بناء على ما تقدم لا يمكن القضاء على “داعش” من دون احداث تغييرات كبيرة في المعطيين العراقي والسوري في آن واحد: في العراق بدا شيء من التغيير الاولي مع موافقة الايرانيين على إخراج نوري المالكي وإعادة الاعتبار الى تقاسم في السلطة مع المكونين السني والكردي، من دون ان يشكل الامر انقلابا كاملا في معادلة نفوذها هناك، انما اضطرت ايران الى قبول تقاسم النفوذ مع الاميركيين موقتا بعدما بات جليا ان “مولودها” اي “داعش” خرج عن السيطرة. في سوريا المعادلة مختلفة نوعا ما، بمعنى ان ثمة غالبية سنية يستحيل ان يحكمها نظام بشار الاسد في المستقبل، كما ويستحيل ان يحقق النظام انتصارا في حربه هناك حتى لو اضطرت ايران الى الزج بقوات ايرانية على الارض مباشرة بدل الاكتفاء بالميليشيات اللبنانية والايرانية. يستحيل ان ينتصر النظام مهما حصل. ولكن المشكلة لا تكمن في المآل النهائي للمعركة على ارض سوريا، بل في كون سوريا صارت حمام دم هائلا. وحده اخراج الاسد وبطانته، وكسر الجسر الايراني في سوريا يوقف شلالات الدم ويؤمن افضل سبيل للقضاء على “داعش “. وكفى تطبيلا بمصير “الاقليات” في سوريا في حين تذبح الاكثرية كالاغنام من دون ان يرف للعالم جفن.