ما دام عون ونصرالله يخطفان نصاب الثلثين فلا بكركي ولا الجولات ولا المبادرات تنفع..
اميل خوري/21 آب 2014/النهار
ما دام الثنائي عون – نصرالله يخطف نصاب الثلثين ليحول دون انتخاب رئيس للجمهورية إذا لم يكن مقبولا منه، وليحول دون إقرار قانون للانتخاب إذا لم يكن يضمن فوزه بالأكثرية النيابية ليصبح له الحكم في كل السلطات والمؤسسات، وليحول أيضاً دون التمديد لمجلس النواب إذا لم ينتخب عون رئيساً للجمهورية، فليكن عندئذ الفراغ الشامل في البلاد لأنه يبقى أهون شراً من وصول رئيس سواه إلى الرئاسة الأولى…
لذلك، فلا صرخات بكركي في برية هذا الثنائي تُسمع، ولا بيانات المرجعيات السياسية والدينية تقرأ، ولا مبادرات الرئيس سعد الحريري ولا مبادرة الوزير بطرس حرب ولا جولات النائب وليد جنبلاط وجولات سواه، ولا أي مبادرات جديدة تخرج لبنان من أزمته المفتعلة ما دام الثنائي عون – نصرالله يخطف نصاب الثلثين ولا أحد يستطيع خرقه سوى كلمة من إيران كتلك التي قالتها في العراق بتفاهم سعودي – أميركي، فذهبت بـ”المالكيين” إنقاذاً له من التقسيم.
والرئيس نبيه بري الذي يصر على “لبننة” الاستحقاق الرئاسي ويبذل كل الجهود لهذه الغاية لا يجد حلاً لانتخاب رئيس للجمهورية، سواء كان بالتوافق أو بتعديل الدستور، للخروج من أسر “الثلثين” الممسوك من عون ونصرالله، ولكل منهما أسبابه وأهدافه. فعون يتضامن مع نصرالله في تعطيل النصاب ما دام هو وليس سواه مرشح الحزب للرئاسة الأولى، ونصرالله يصر على أن يظل عون مرشحه الأوحد كي يستمر تعطيل النصاب تحقيقا لأمرين: إحداث فراغ شامل لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر تأسيسي يعيد النظر في اتفاق الطائف وهو مطلب مشترك لعون ونصرالله ولإيران أيضاً تحقيقاً لعدالة أفضل ومساواة حقيقية بين الطوائف الثلاث الكبرى، أو إبقاء ورقة انتخاب رئيس للجمهورية في يد إيران للضغط والمساومة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة الاميركية حول الملف النووي وحول دورها المعزّز لنفوذها ولحماية مصالحها في المنطقة.
وخلافا لدعوة نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم المكررة لانتخاب رئيس توافقي “وإلا فعلى قوى 14 آذار ان تنتظر طويلا اجراء هذا الانتخاب”، فإن السيد نصرالله أعاد تأكيد دعمه ترشيح العماد عون للرئاسة الاولى كمرشح أوحد “وحاجي تلفّوا وتروحوا وتجوا… الجميع يعرف مع مين لازم تحكوا لحل هذا الموضوع”… وهو يعلم أن لا أحد يستطيع أن يحكي مع عون في هذا الموضوع، وإذا وُجد من يحكي معه فلن يسمع كلامه، هذا إذا لم يتلقَّ إهانة منه.
وتمسّك نصرالله بترشيح عون ليس لإيصاله إلى قصر بعبدا، وهو يعلم ذلك، إنما ليبقى نصاب الثلثين مخطوفاً ولا أحد يضمن استمرار ذلك سوى عون بكتلته النيابية الكبيرة.
أما تشديد نصرالله في خطابه لمناسبة ذكرى حرب تموز على أولوية الإبقاء على الحكومة الحالية “لأنها بشكل أو بآخر هي المؤسسة الوحيدة العاملة بمعزل عن حجم العمل الذي تقوم به”، فإن هذا الموقف يلتقي به مع “تيار المستقبل” كون الحكومة هي خشبة الخلاص الاخيرة للبنان في هذه المرحلة الى حين انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، وكأن نصرالله أراد في هذا الموقف تفسير الأسباب التي أدت الى تشكيل هذه الحكومة وهي أن تحل بالوكالة محل رئيس الجمهورية المخطَّط شغور منصبه، وان تبقى وحدها المؤسسة الشغالة، حتى إذا حصل فراغ في مؤسسة مجلس النواب بسبب الخلاف على التمديد او على اجراء انتخابات نيابية جديدة، فإن الحكومة وحدها تبقى خشبة الخلاص وفي استطاعة “حزب الله” التخلص منها ساعة يشاء وفرض مؤتمر يعيد النظر في اتفاق الطائف. ولكن كيف يمكن مواجهة خطر “داعش” وأخواتها مع شغور رئاسي وفراغ مجلسي محتمل ومعالجة الملفات المعيشية وتحصين الوضع الداخلي وتقليل التشنج الداخلي كما يدعو نصرالله، مع لبنان كهذا؟ وكيف لحليف نصرالله العماد عون أن يوصل رئيساً قوياً إلى قصر بعبدا إذا كان البديل منه هو الفراغ؟
لقد كرر نواب في “التيار الوطني الحر” الدعوة الى انتخاب رئيس من بين الاقطاب الموارنة الاربعة أو إجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس جديد ينتخب الرئيس القوي، لكن ما العمل اذا لم ينتخب الشريك المسلم أياً منهم؟ ألم يواجه أركان “الحلف الثلاثي” في الماضي ما يواجهه هؤلاء الاقطاب اليوم، فكان الحل بانتخاب سليمان فرنجيه رئيساً كونه من خارج هذا الحلف؟
الواقع ان لا حل لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية إلا إذا صفت النيات وكانت الارادة الوطنية حرة وأقوى من إرادة أي خارج فيتم الانتخاب في جلسة واحدة مع تمديد تقني لأشهر معدودة للمجلس أو التوافق على انتخابه بأكثرية النصف زائداً واحداً لأن الانقسام ما بين 8 و14 آذار ليس طائفياً إنما هو سياسي ووطني.