في اسفل عدد من التعليقات والمقالات التي تناولت اليوم عودة الرئيس الحريري إلى لبنان
السبت 09 آب 2014
عودة الحريري كسرت الجمود وعجّلت في آلية تسليح الجيش
خليل فليحان/النهار/9 آب 2014
أنعش ظهور الرئيس سعد الحريري في السرايا الجمود السياسي الذي يسيطر على البلاد بعد 39 شهراً من الغياب القسري بسبب التهديدات العديدة التي وجهت اليه. وقد شكّل رجوعه مفاجأة حتى إلى أقرب المقربين، وعاد الى منزله في الوسط التجاري فجر أمس وفق الخطة الامنية الصارمة والسرية التي اتبعت صونا لسلامته والتي ارتكزت على التمويه، ونفذها عدد قليل من المسؤولين الامنيين.
لم يدر أحد بهذه العودة، على غير عادة شيوع نبأ العائدين الى بيروت من الرسميين، والذين تتولى جهات معروفة تعميم وصولهم الى بيروت. وأفاد مقربون من الحريري ان العودة لن تقتصر فقط على الاشراف على الآلية التي ستوضع لإنفاق هبة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز البالغة قيمتها مليار دولار والمخصصة لمكافحة الارهاب. وذكر لـ”النهار” احد المسؤولين المشاركين في الاجتماع الامني الذي عقد بعد ظهر أمس في السرايا، وحضره الحريري وكان برئاسة الرئيس تمام سلام، ان الحريري كان عمليا وواضحا، اذ طلب من المسؤولين الامنيين وضع لوائح بالاسلحة المطلوبة لحماية الحدود من الارهابيين، وما يحتاج اليه الجيش من عتاد كالطوافات والصواريخ والقنابل الذكية. ودعاهم الى تحديد المصادر لتوقيع عقود البيع على وجه السرعة، لانه لم يعد مسموحا إبقاء الجيش على السلاح الذي لا يؤهله لمواجهة الهجمات التي شنها المسلحون على مراكزه. ولفت الى أن الحريري لم يهدأ طيلة ليل أمس، وأكثر من لقاءاته مع سفراء اجانب وعرب ومع اركان “تيار المستقبل” من نواب واعضاء في المكتب التنفيذي وأركان 14 آذار. وأكد أنه حريص على تزخيم الحوار وخط الاعتدال لجبه موجات التطرف التي يعززها “داعش” وكلها من تداعيات الازمة السورية على لبنان. ولم يخف الرئيس الاسبق للحكومة امام زواره ومسؤولين حزبيين ومن “تيار المستقبل” مدى تهيبه لخطر المدّ التكفيري، ليس فقط في العراق وسوريا، بل لجهة محاولات الاعتداء على الجيش والتجمعات السكنية التي تؤيد “حزب الله” في الضاحية الجنوبية وأماكن أخرى يحددونها.
وتطرق الحريري مع من التقاهم أمس الى الاستحقاق الرئاسي وضرورة انجازه في اسرع وقت، شرط توافق زعماء الموانة اولا في ما بينهم على المرشح الانسب الذي سيتمكن من ادارة رئاسة الجمهورية في هذه الظروف اللبنانية والازمة السورية التي اندلعت منذ أكثر من ثلاث سنوات ولجأ بسببها الى لبنان أكثر من مليون وثلاثمئة الف نسمة.
ونقل مصدر مقرب من الحريري قوله انه عاقد العزم على محاولة ترسيخ الاستقرار السياسي والامني، شرط أن تتجاوب معه اكثرية زعماء البلاد لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية الذي هو المفتاح الطبيعي لاجراء انتخابات نيابية في موعدها. وتوقع تحقيقا لهذه الغاية، أن يلتقي الحريري الرئيس نبيه بري ورئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط والبطريرك بشارة الراعي والرئيس ميشال سليمان ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع مرشح قوى 14 آذار للرئاسة، وشخصيات أخرى، وبدأ مسؤول عوني بالتفكير في جمع الحريري وعون. واستخلص ان هذه الاستحقاقات الداهمة ستساعد في حال التوصل الى تطبيقها على استكمال التركيبة المؤسساتية الناقصة حاليا، لأنها خالية من ركن سياسي هو رئيس الجمهورية الذي يشدد الحريري على انتخابه بسرعة، لانه الرئيس المسيحي الوحيد بين 22 دولة عربية مسلمة.م!
عودة لبنان إلى الحريري
النهار/احمد عياش
9 آب 2014
النبأ السار، وقليلة هي الانباء السارة في لبنان والمنطقة، كان امس عودة الرئيس سعد الحريري الى دياره. وليس مبالغة في القول، ان لبنان كان مسافرا منذ كانون الثاني 2011 وعاد الى اهله، أي منذ ان قرر ولي الفقيه الايراني والحاكم السوري ان ينقلبا على اتفاق الدوحة ويُقصيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ليس عن السرايا فحسب، بل عن البلاد أيضا. لكن ما حدث في لبنان والمنطقة منذ أكثر من ثلاثة اعوام ونصف العام غيّر الكثير من المعطيات، وأهمها ان وجه الاعتدال الذي جسّده الرئيس الحريري سيبقى أقوى من وجوه التطرف والظلامية والانقسام الطائفي والمذهبي الذي يكاد يدمّر العديد من اقطار المنطقة.
ليس تفصيلا عابرا ان تأتي عودة الرئيس الحريري حاملا الهدية القيّمة من الملك السعودي الى الجيش والقوى الامنية اللبنانية، تماما كما تفعل حمامة السلام التي تحمل غصن الزيتون بعد الطوفان. فالعودة الى الوطن جاءت عبر مشروع الدولة الذي أعاد الامل الى النفوس وسط تجربة عرسال الخطيرة. وهل هناك غير هذا المشروع الذي يحمي لبنان في منطقة تتعدد فيها المشاريع التي تعيدنا الى مجاهل التخلف، بدءا من مشروع الدولة الديكتاتورية في سوريا وانتهاء بدولة داعش في العراق والشام.
يعود الحريري وهو يكرر “الخطأ” الذي ارتكبه عام 2007 عندما رد على الامين العام لـ”حزب الله” القائل إنّ التصدي لـ”فتح الاسلام” بقيادة رجل مخابرات النظام السوري شاكر العبسي “خط أحمر”، فأكد الحريري ان لا خط أحمر غير سلطة الدولة وكرامة الجيش والقوى الامنية. فكان ان سقط خط نصر الله وانتصر خط الحريري. وتكرر “خطأ” الحريري بالأمس عندما أكد أن إسقاط الجيش في عرسال “خط أحمر” رداً على خطة إسقاط عرسال في قبضة الحرب السورية لتسقط معها حدود لبنان التي تفصله عن حريق الشرق الاوسط الكبير.
ثلاثة اجتمعوا امس في السرايا: الرئيس تمام سلام والحريري وروح رفيق الحريري التي لا تزال تنشر مظلة أمان فوق لبنان. في هذا اللقاء تنجلي صورة مفعمة بالامل بأن هذه البلاد قادرة على صنع أقدارها التي تقيها شرور الدمار.
اختبار عرسال الممزوج بالدماء والدموع أثبت ان بلدا صغيرا مثل لبنان هو كبير مقارنة بأقطار كبرى في المنطقة. فالحجم الجغرافي والديموغرافي ليس هو الاساس بل ان الاساس هو أمر واحد “الحرية”. فلولاها لكان لبنان مرتعا للاخضاع في صراع الاقليات التي يأكل الآن الكبير منها الصغير. لكن هذا البلد قلب المعادلة فجعل الاقليات الصغيرة قوية وكأنها أقليات كبيرة. ولهذا يعج لبنان اليوم بالفارين من جحيم الاضطهاد في الهلال الحزين. عودة لبنان الى الحريري هي عودة الروح الى جسد عانى الاحتضار وهو الآن بدأ يتنفس بحرية
عودة الحريري: لماذا الآن؟
فارس خشّان/يقال نت
السبت 09 آب 2014
يتعرض الرئيس سعد الحريري لهجوم منظّم يقوده طرفان يدّعيان الخصومة: إرهابيو الشيعة الذين يمثلهم “حزب الله” ومن هم مثله، وإرهابيو السنة الذين يمثلهم “داعش”، ومن هم مثله.
ويعتمد هذان الطرفان في الهجوم على الحريري المنطق نفسه. إرهابيو “حالش” يقولون إنه يدعم “الإرهاب العالمي” وهو ” الأب الروحي لداعش” ، وإرهابية “داعش” يتهمون الحريري بأنه يتعاون مع “حزب الله”، ويستسلم له، وينفذ مشاريعه.
وإداركا بأساليب هذين الطرفين ضد من يجري “تخوينه” و”تكفيره”، يظن كثير من المراقبين أن سعد الحريري، الذي غادر البلاد، درءا لمخططات “حالش” ( عاد العماد ميشال عون وأكدها بنفسه عندما تحدث عن قدرته على توفير أمن الحريري، إن وصل الى رئاسة الجمهورية)،أصبح ، حاليا، تحت خطر “داعش” أيضا.
إذن، في التوقيت الذي ارتفع فيه منسوب الخطر على الحريري، الذي أطاح به “حزب الله” سياسيا، بقوة السلاح، عاد الى لبنان.
من الناحية الأمنية، هذا مشهد غير واقعي.
مشهد لا يمكن فهمه، إلا عند التأمل بالصور الملتقطة للحريري في بيروت. هو يبتسم. من يلتقيهم يبتسمون. وحده أمن الحريري تجتاحه جدية ممزوجة بكثير من الهلع.
وللأمانة، لم تلتقط عيوننا، يوما، عندما مكّنتنا الظروف من لقاء الحريري في الخارج، هذه الإبتسامة التي تمّ التقاطها له في بيروت.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الحريري العودة الى لبنان، ولكنها المرة الأولى التي ينفّذ فيها قراره.
سابقا، حاول أن يعود. كان يتم منعه، لأسباب أمنية.
مرتان، أطفئت محركات طائرته الخاصة، قبل الإقلاع بقليل.
دائما، كان منطق الأمن يتقدم على منطق الحاجة الى التواجد في بيروت.
هذه المرة، منطق الحاجة تقدم كثيرا على منطق الأمن.
كان سعد الحريري قد بدأ العد العكسي لعودته الى بيروت، منذ بدء الشغور في القصر الجمهوري. كان يتوقع حدثا جللا، تدفع بيئته ثمنه. حاول، بكل ما أوتي من قوة أن يتفادي الفراغ الرئاسي، ولو بملامح هزيمة سياسية، لأنه كان يتحسّب للأسوا… للدماء. الفراغ الرئاسي، في قاموسه، يعني استقطاب الموت. هذا ما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيسين أمين الجميل وأميل لحود، مع أن الظروف الإقليمية، كانت أقل تعقيدا من الظروف الإقليمية الحالية.
وصحّت مخاوفه، فحلّ الموت في عرسال، وهو يستعد ليبسط أجنحته السوداء، في أرجاء لبنانية كثيرة.
دقق في أسلوب التحريض على كل عرسال، وهي التي جرى خطفها خطفا. دقق في أسلوب رفض نجاح أي مفاوضات تُعفي البلدة من مجازر وتدمير وتوفر في آن انتصارا بالسياسية للجيش. وقارن بين ذلك كلّه، وبين مفاوضات إيران مع “داعش” لمصلحة عدد من أسراها في سوريا، وبين مفاوضات برعاية “حزب الله” لمصلحة راهبات معلولا.
أدرك أن ناسه، بالرغم من اعتدالهم ومن طيبتهم ومن سلميتهم، يكادون يكونون بلا حماية، ويكادون يكونون أضاحي على مذبح محاربة الإرهاب. في كل مكان يتم تمجيد مفاوضات تحرير الأسرى والرهائن، إلا في عرسال مطلوب الحسم، بالقتل والتدمير والإزالة عن الخارطة.
وعندما اطلع الحريري على صرخة قائد الجيش العماد جان قهوجي، بخصوص السلاح والذخيرة، لم يُدر الأذن الصمّاء، على اعتبار أن ذلك يقوّي ظروف الهدنة المطلوبة لعرسال. رفض أن تكون الدفة، في المفاوضات، لمصلحة المجموعات التي يصفها هو بالإرهابية. نقل الصرخة، بكل تفاصيلها، إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي أمر فورا بوضع مليار دولار بتصرف سعد الحريري، لتكون في خدمة الحاجات الملحة للأمن اللبناني ومؤسساته وأجهزته. بدا هذا المليار، بمثابة الإسفنجة التي احتوت تداعيات صرخة قائد الجيش.
إذن، الخوف على ناسه، من جهة والخوف على الأمن الشرعي، من جهة أخرى شكلا منطقا غلب المنطق الأمني.
عاد سعد الحريري الى بيروت. العودة بلا ضمانات أمنية. أساسا، في كتاب التحقيقات في الجرائم المنسوبة الى “حزب الله”، كل ارتكاز الى ضمانات، هو قصور ذهني. قرار “حزب الله” يحتاج الى توافر 3 ضمانات متساوية: حسن نصرالله وأمنه، الحرس الثوري الإيراني، والنظام السوري. أما في كتاب “داعش”، فعصر التسويات الكبرى والضمانات الحقيقية، لم يبدأ بعد، فـ”داعش” لا يزال يعيش في أولى الإرهاصات الإرهابية المتفلتة، التي عرفها اللبنانيون والعالم، عند تشكيل “حزب الله”.( ثمة من يريد أن نزيل من ذاكرتنا مخاضنا العسير عند ولادة حزب الله، في رحم الخطف والإغتيال والرهائن والسيارات المفخخة).
والعودة لا تحمل صفقات سياسية. في المعطى الرئاسي، ما توصل اليه الحريري في الخارج، لن يتوصل الى أفضل منه في الداخل. فهو لم يبرز معرقلا ليطل في لبنان مسهّلا.ما يعوق الإنتخابات يتخطى سعد الحريري، فميشال عون ، لا يزال حتى الساعة، تلك ” الفلّينة” التي يقفل بها”حزب الله” زجاجة الإستحقاق الرئاسي.
وبناء عليه ، فإنّ الأهم في عودة الحريري، يكمن في أنّها تحمل في طياتها ضمانات للبنان عموما، ولبيئته المستهدفة خصوصا. وهنا بيت القصيد.
و14 آذار، بحاجة الى سعد الحريري. تعب الجميع من قبضايات الأحياء، وهم يرسمون سياسية السنة في لبنان. وأرهق “تيار المستقبل” هذا السعي الى صنع آلهة من ذهب العابرين في الصحراء، فيما موسى في أعالي الجبل. عودة الحريري، تُعيد الى الإعتدال أنيابه. أنياب يحتاج إليها لعقلنة القرارات الأمنية. أنياب يحتاج إليها لعقلنة الإندفاعات السياسية في اتجاه مشنوقي هنا وفي اتجاه ضاهري هناك.
صحيح أن عودة الحريري ، بعد هجرة قسرية دامت لأكثر من 3 سنوات، الى مسرح غاب عنه، بالإرهاب، كل من وسام الحسن ومحمد شطح، لن يصنع المعجزات، على اعتبار أن 7 أيار وانقلاب ذوي القمصان السود، حصل فيما كان الحريري في لبنان. ولكن الصحيح أيضا، ان إعادة الإعتبار الى الإعتدال الحقيقي، في زمن التنافس بين “داعش” و”حالش”- وهذا ما يمكن أن يكون الحريري مؤثرا به- هي معجزة بذاته!
الحريري في لبنان.. فسحة أمل وما بعد عودة الحريري.. ما بعد عرسال
أسعد حيدر/المستقبل
السبت 09 آب 2014
عاد «عمود خيمة» الاعتدال الرئيس سعد الحريري الى بيروت. وطلته من السرايا أثارت موجة من الفرح والامل عند اللبنانيين، بأن الحل اقترب. لم يعد الحريري، لأنه اشتاق الى لبنان فقط. عاد لأنه يحمل معه على الأقل مشروع حل اقليمي ودولي، عنوانه الاعتدال لبقاء لبنان.
قبل سنوات ثلاث، اعتبر الممانعون، انهم انتصروا، وان بطاقة سفر بالذهاب دون العودة قد وصلت الى الحريري وسُلّمت إليه يداً بيد. الآن، لولا الخجل لقالوا للحريري: «سامحنا نحن بحاجة إليك». هذه الاستعادة ليست للثأر وانما اولاً وأخيراً للتأكيد أن أحدا لا يمكنه ان ينتصر على أحد في لبنان وأن يلغيه. وأنه كان وسيبقى دوماً جسراً تمر عليه التحولات والانقلابات والمتغيرات، وانها في مرورها توزع بصماتها على لبنان.
عاد الحريري الى لبنان من سرايا الدولة. اختار الدولة بداية لمسار قديم آمن به وعمل به كما عمل به الرئيس الشهيد رفيق الحريري. الاعتدال وحده يؤمن بالدولة حاضنة طبيعية وشرعية ومشروعة لكل اللبنانيين. اللبناني الذي يخرج عن الدولة، مهما بدا قوياً ومستقوياً فإنه يخسر عاجلاً أو آجلاً.
في زمن التطرف والاصولية والعنف الأسود والمتوحش لا يكفي الاعتدال. يجب ان يحاط بالرعاية والقوة والدعم، لكي يقاوم ويصمد ويواجه وينتصر. «خيمة» الاعتدال «الحريرية« تصبح بناء قوياً وراسخاً، اذا دعمت اقليمياً ودولياً. الدعم الاقليمي، بدايته عربية. السعودية فتحت الطريق، وهي قادرة على جمع الآخرين لدعم لبنان، ليس لأنه بلد عربي، ولا لان اللبنانيين يستحقون الحياة والامن والاستقرار فقط، وانما لأن بقاء لبنان بداية لربح المعركة ضد الإرهاب، ولأن بقاء لبنان المتنوع، يشكل «سلاحاً» للمحافظة على المجتمعات العربية المتنوعة، خصوصاً في زمن الهجمة الوحشية على المسيحيين في العراق. ايضاً المجتمع الدولي خصوصاً الولايات المتحدة الاميركية بدأ يعي ان ترك منظمات الإرهاب والتخلف التي تجتاح العراق اليوم وكادت تحرق لبنان من عرسال ناشطة في تمددها وستحرق منطقة الشرق الاوسط وما يحوط به.
إيران مدعوة اكثر من غيرها من القوى الاقليمية، الى الخروج من استراتيجية «التدخل السلبي« ، كفى صبّاً للزيت على النار في سوريا والعراق واليمن وغزة والبحرين، وإبقاء حزب الله عريناً للاستقواء والتشدد في لبنان، الذي أحرق المنطقة فدمرها ولم تنتصر. إيران تخوض مواجهة خاسرة مع الولايات المتحدة الاميركية، كان يمكنها ان تساهم في تشكيل حلف قوي ومتضامن يجعلها تنجح وتكون مقبولة بدلاً من ان تكون عنواناً لمذهبية مرفوضة. من المؤكد ان الإمام الخميني كان حاربها وانتصر عليها.
امام إيران فرصة ذهبية لأن تربح، والبداية من لبنان. يكفي ان تدفع حزب الله باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية بدلاً من دعم الفراغ وتوسيعه بحجة الوفاء، علماً ان الوفاء الحقيقي هو في إخراج لبنان من الفراغ الذي يكاد يصبح قاتلاً. اما مسألة خروج حزب الله من سوريا فإنها ليست الآن مفتاح الحل للازمة في لبنان. مشكلة الحزب ان قرار الخروج من سوريا ليس بيده وانما بيد المرشد آية الله علي خامنئي. يشدد الحزب انه قادر على تحمل الخسائر في سوريا وخصوصا في القلمون. هذا امر يعنيه. لكن على الحزب ان يعرف انه دفع الطائفة الشيعية نحو خسارة كارثية معنوية وانسانية ومذهبية. اهل القصير الذين دمرت منازلهم منهجياً لن ينسوا ان الحزب هو الذي دمرها، بهذا اصبحوا يملكون في ذاكرتهم الشعبية كربلاء معاكسة كانت تاريخاً جهادياً مشرفاً للشيعة وحدهم.
اما عرسال، فانه يجب استذكار كل فاصلة وقعت. البداية ان عرسال ليست ولم تكن حاضنة للتطرف. لقد استفاد بعض أهلها من التعامل مع المجموعات السورية، لانهم استبدلوا التهريب مع النظام القديم في سوريا بالتعامل التجاري مع القادمين. البداية في سحب الاتهامات التي وجهت الى عرسال بأنها مصنع ومنتج للارهاب والارهابيين، واحتضان اهلها بأخوة ورعاية بعد الكارثة التي حلت بهم. حزب الله الذي بدأت تفوق خسائره في القلمون طاقته، اعتقد أن إسقاط عرسال ينقذه، اكتشف اليوم ان التغيير الديموغرافي في عرسال اصبح «سيفاً ذا حدين«. ايضاً وهو مهم جداً أن عرسال ليست «نهر البارد« لأحد، ليستثمرها في اي مشروع او مناسبة. سكان عرسال لبنانيون لا يمكن لأحد اقتلاعهم وأي عمل جديد من الذي حصل لن تكون ناره خصوصاً المذهبية منها محصورة في جرود عرسال. يجب عدم اللعب بالنار. القبض على عماد جمعة ومثله كثير مدخل لحروب طويلة. السوريون النازحون حملوا كل جراح الحرب الطويلة. عماد جمعة ومجموعته من القصير. هذا مثل من الف.
دخول الجميع واولهم «حزب الله« خيمة الاعتدال ينقذ لبنان ويشكل نهجاً للآخرين لإنقاذ بلادهم خصوصا في العراق وسوريا.
عودة رئيس الإعتدال إلى الوطن
اسعد بشارة-جريدة الجمهورية
السبت 09 آب 2014
بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، يكون انقلاب العام 2011 الذي نفّذه المحور السوري ـ الإيراني، قد بدأ يستنفد عناصر اندفاعته الاولى، التي انطلقت مع محاولة تغيير موازين القوى، قبل إسقاط حكومة الحريري، وبعدها.
إنقلاب العام 2011 بدأ يستنفد عناصر اندفاعته الاولى
العودة فيها مخاطرة أمنية كبرى، لكنّ أسبابها تتصل بمعالجة انهيار كبير يتطلب وجودَ الحريري في مواجهة موجة الإرهاب والتطرّف التي أوجدها النظام السوري، والتي بدورها استولدت موجة إرهاب وعنف، توازي عنف النظام. تخطّى الحريري الاغتيال السياسي الذي رتّبه حزب الله، بعد اسقاط حكومته، وها هو يعود حاجةً، لم تستطع الحكومة تلبيةَ كلّ متطلباتها وشروطها، نظراً لما أنتجه النظام السوري وحزب الله من ضرر في البيئة السنّية، التي تكاد تندفع في اتجاه الذهاب الى تأييد كلّ من يواجه هذا النظام، وكلّ مَن يقف في وجه مشروع إيران في لبنان والمنطقة.
يعود الحريري بعد محاولتَي اغتيال لمشروع الاعتدال، الاولى جسديّة وقد طاولت رفيق الحريري، والثانية سياسية، وقد طاولته شخصياً، فيما لا يزال خطر اغتياله الجسدي قائماً وماثلاً.
أمام الحريري العائد مسؤوليات جسام، البعض يعتبر أنّ إعادة الإمساك بالواقع السنّي تتطلّب جهداً ووقتاً. أسابيع وأشهر من عودة التواصل مع القاعدة الشعبية. تواصلٌ مباشر يُفترض أن يعيد التأكيد على المسار الصحيح لمشروع الحريري الملتزم «لبنان اولاً»، والذي يراهن على الدولة والمؤسسات، ووحده القادر على قطع الطريق أمام نشوء حزب الله سنّي، سيكون كما حزب الله الشيعي، خطوة نحو عسكرة مذهبية قد تتجاوز العرقنة والسورنة خطورة. إغتيال رفيق الحريري كان الزلزال الذي هزّ وعيَ السنّة، فاغتيال أوّل زعيم مرجعي سنّي لبناني وعربي بهذا الحجم، أحدث الصدمةَ الاولى، التي أسست لأول احتكاك مذهبي، أُضيف الى ما كان يجري في العراق. وقد أتت الأحداث اللاحقة لهذا الاغتيال، لتدلّ إلى أنّ مسلسلاً طويلاً قد بدأ، فاستُؤنفت الاغتيالات، وحوربت المحكمة الدولية، ونُفِّذ السابع من أيار، وأُسقطت حكومة سعد الحريري بعد الانقلاب على «اتفاق الدوحة»، وغاب الحريري لثلاث سنوات تحت وقع التهديدات الأمنية.
أما في المنطقة فقد كانت حرب مذهبية شارك فيها حزب الله الذي نجح والنظام السوري في تحويل الثورة جزئياً وجهاً اسلاميّاً عنفيّاً، تمّ استيراده الى عرسال وبعض مناطق الشمال، وكاد يفجّر لبنان من الداخل، واضعاً الاعتدال في حرب بين تطرّفين، كلّ منهما يسعى لقضم حصة في رقعة هذا الاعتدال. يصلح المخرج الذي حصل في أزمة عرسال لكي يكون نموذجاً منذ الآن في التعامل مع المفخّخات الناتجة عن الملف السوري، والنزاع المذهبي المتصاعد في المنطقة. ساهم الحريري في ترتيب هذا المَخرج وفق قاعدة واضحة. إحتواء نتائج قتال حزب الله في سوريا لا يمرّ عبر الاصطدام بالمؤسسة العسكرية، بل بدعم هذه المؤسسة أيّاً كانت الصعوبات التي تواجهها، بسبب هذا القتال. النقاش حول الانتخابات الرئاسية سيبدأ فعلاً، لكن من دون توقّع اختراق من جراء تمسك حزب الله ببقاء العماد ميشال عون مرشحاً وحيداً، وتحت طائلة مقاطعة الجلسات. في هذه المسألة سيكون الحريري ومعه فريق 14 آذار أكثرَ قوّة، في الضغط على الفريق الآخر، في اعتبار أنّ التسوية اذا ما قيّض لها أن تبدأ، فبالتأكيد من منطلق واحد وهو سحب ترشيح عون، والبحث في إسمٍ على قياس التسوية، وهذا ما لا يبدو متوافراً الى الآن.
ما وراء مفاجأة – عودة الحريري.
جورج شاهين-جريدة الجمهورية
السبت 09 آب 2014
..شكّلت العودة المفاجئة للرئيس سعد الحريري صدمةً إيجابية في الأوساط السياسية واللبنانية، فلم يكن يعلم بها سوى شخصيات لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة. فقد أملت الظروفُ الأمنية والسياسية التي عكسَتها أحداث عرسال وتردّداتها، بالإضافة إلى هبة المليار دولار السعودية، هذه الخطوةَ على عجَل. ما الذي حصَل؟ وهل ستفتح المفاجأة باباً إلى مفاجآت أخرى؟
أملت الظروفُ الأمنية والسياسية العودة على عجل (رويترز)
يؤكّد الذين التقوا الحريري أو تحدّثوا إليه في الأيام القليلة الماضية أنّ مشروع عودته لم يكن وارداً إطلاقاً، فحجمُ المخاطر الأمنية المقدّرة أكبر ممّا يتصوّره أحد. كان ذلك قبل أن تقع «عملية عرسال الغادرة» باعتبار أنّها كانت الرسالة الأكثر خطورةً على الإستقرار في لبنان الذي بدأ يترنَّح، على رغم حجم الضغوط الدولية التي جعلته بقعةً آمنة في محيط مضطرب، ليبقى منفذاً أمنياً ومخابراتياً وديبلوماسياً إلى المنطقة.فبعد أحداث عرسال وردّات الفعل التي رافقتها والمعلومات المتبادلة عمّا هو مرتقَب، انقلبَت المعطيات لدى المراجع الأمنية المحلية والدولية التي شجَّعت الحريري على العودة إلى لبنان أيّاً كان الثمن. فالحدّ الأدنى من الحماية للرجل متوافرٌ في هذه المرحلة، طالما إنّ الأهمّ من كل ذلك يكمن في وجوده في لبنان لمواكبة المرحلة واستيعاب ما يمكن استيعابه من تداعيات داخل البيت والطائفة، ولمواجهة الصدمات المتوقعة.
وفي ظلّ هذه الظروف، جاء التكليف الملكي السعودي للحريري شخصياً بإدارة هبة المليار دولار المقدّمة للأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، لاستثمارها في مواجهة الإرهاب، والتي تقرَّرت بناءً على آراء قيادات لبنانية أوحَت بها، جوازَ السفر العاجل الى بيروت.
فاتّخِذت الترتيبات بين ليلة وضحاها، فحطَّت طائرته في مطار بيروت الدولي في ساعات الفجر الأولى، من دون أن يعلم أحد بها، حتى إنّ رئيس الحكومة تمّام سلام أبلِغ قبل ساعات قليلة بوجوده ورغبته في زيارة السرايا، فطلبت دوائرُها مهلةً لجمع الفرقة الموسيقية وفرش السجّاد الأحمر.
وعلى هذه الخلفيات، انعكسَت الخطوة مفاجأةً كبرى أوحَت لدى البعض بانفراجٍ قد لا يكون وارداً، نظراً إلى حجم المخاطر وتعقيدات المرحلة. فجُرحُ عرسال ما زال نازفاً بقوّة، وما حصل قد يتكرَّر بين ليلة وضحاها، ولا ضوابط في ظلّ النزاع الكبير الذي تعيشه المنطقة بين محوَرين يتصارعان بمختلف الأسلحة والمكائد المخابراتية التي خُصِّصت لها ملايين من الدولارات التي انشغلت في تسويقها وصرفها الشركات المالية ومكاتب الصيارفة في البقاع خلال الأسبوع الذي سبق «عملية عرسال» والأيام التي واكبتها.
وتضيف المصادر أنّ الأخطر ممّا حصل يكمن في اعتقاد البعض أنّ الظرف مناسب للبدء في ترجمة أوهامه الشخصية بالمضيّ في مواجهة سياسية وفّرت لها أحداث عرسال وتداعياتها مادة دسمة، على أساس أنّها «مناسبة قد لا تتكرّر مرّة أخرى». فهناك من يعتقد واهماً، أنّ عرسال تحوّلت مصيدة للافتراء على القيادة لأسباب رئاسية، واتّهامها زوراً بالتقصير.
وعلى هذه المعطيات، ستُبنى سيناريوهات كثيرة ومعها مفاجآت، يقول أحدها إنّ تجاوز مآسي عملية عرسال وتداعياتها على الوضع الداخلي وعلى الإستحقاق الرئاسي لا تمحوها سوى مثل هذه «العودة – المفاجَأة».
فرحة وذهول… الحريري في بيت الوسط
ألان سركيس-جريدة الجمهورية السبت 09 آب 2014
فتحَ بيت الوسط أبوابه فرحاً برجوع صاحبه، لتعود الحياة السياسية الى ربوعه، وهو الذي كان يستضيف الاجتماعات السياسية لقوى «14 آذار» في ظلّ وجود الرئيس سعد الحريري في الخارج.
لم يعلم بتحركات الحريري سوى هو نفسه ومجموعة صغيرة (جوزف برّاك)لم يكن أحد يعلم بتوقيت وصول الحريري الى لبنان، إذ إنّ تحضيرات العودة المرتقبة بعد 3 أعوام من الغياب أنجزت بطريقة سريّة وخاطفة، ليطوي بذلك صفحة المنفى القسري وذكرياته السيئة وما رافقها من حروب ونزاعات واغتيالات كانت تنتظر عودته. سيطر الذهول على قاطني بيت الوسط لحظة رؤية الحريري يصِل فجراً الى بيروت، ولم يصدّق معظمهم الخبر. وفي وقت ظهرت الفرحة على كلّ مَن دَخلَ البيت، شهد المحيط تدابير أمنية مشدّدة، وحواجز تفتيش وتدقيق بالأسماء، ولم يكن أحد يعلم بتحركات الحريري سوى هو نفسه ومجموعة صغيرة تحيط به، لأنّ الهاجس الأمني ما زال يقلق الجميع، والحريري مهدّد وعودته في هذه اللحظة تَلفّها مخاطرة كبيرة، وهذا ما رَدّده كلّ من زار بيت الوسط، متمنياً لـ«الشيخ سعد» السلامة. وقد تساءل الجميع ما اذا كانت زيارته موقتة أم دائمة، ليأتي ردّ الحريري واضحاً: «جيت عطول». لم يهدأ الحريري، وقد تنقّل منذ وصوله في حركة مكوكية بين السراي وبيت الوسط حيث استقبل الزوّار وتلقّى الاتصالات المهنّئة بعودته وعقد الاجتماعات، وسط كلام في أروقة بيت الوسط عن أنّ عودته مرتبطة بالهبة السعودية أوّلاً، وتسوية تقضي بانتخاب رئيس الجمهورية لأنّ الوضع لم يعد يتحمّل التأجيل.
وقد طرحت سيناريوهات عدّة، وربما تكهنات، عن سبب العودة المفاجئة بين المسؤولين الذين سيباشرون عملهم فوراً بعد طول راحة، ولأنّ الحركة السياسية ستعود، ومطبخ بيت الوسط سيكون مركزاً لإنتاج الولائم التسووية. أبعد من التحليلات السياسية عن أهداف عودة الحريري وغاياتها، حلّ الارتياح على الشارع البيروتي خصوصاً والسنّي واللبناني عموماً، إذ إنّ السنّة افتقدوا زعيمهم في لحظات صعبة من تاريخ لبنان، وهو يعلم أنه وبعد عودته وتربّعه على عرش القيادة مجدّداً، تنتظره ورشة كبيرة تبدأ داخل تيّاره أوّلاً، ثم في صفوف قوى «14 آذار» المتزعزعة. وبالتالي، سيعمل الحريري على إنهاء نزاع الأجنحة في تيار «المستقبل»، والتنافس الذي وصل الى درجة التنافر، لينتقل الى توحيد الرؤية داخل «14 آذار» وصَوغ التسويات وخصوصاً على الملفات الأساسية، ثمّ قيادة الحرب في وجه الإرهاب الذي لم يرحَم أحداً. بيروت فرحت بهذه العودة، كما لبنان كله، حيث جابَت المواكب السيّارة الشوارع ورفعت أعلام تيار «المستقبل» وصوَر الحريري، وسط الاغاني والاناشيد الوطنية.
لقد ارتفعت معنويات «المستقبليّين» مجدداً، وعاد زعيمهم الذي يَتّكلون عليه، وينتظرون حركته السياسية في الايام المقبلة وما سينتج عنها، لأنه سيُحدّد بالتالي بوصلة اتجاه السياسة اللبنانية مع ما يحمله من شعبية وجماهيرية داخلية تنتشر على معظم الاراضي اللبنانية، إضافة الى امتداد عربي ودولي يوظّفه في خدمة المصالح اللبنانية العليا. تحمل المرحلة المقبلة عناوين سياسية بارزة، ومع فتح أبواب بيت الوسط ستفتتح مرحلة جديدة في تاريخ السياسة اللبنانية الحديثة، ستكون مرتبطة حكماً بالتطورات الإقليمية والدولية، إنما بنكهة لبنانية.