في أربعينه: لقمان سليم صار مؤسّسة ضدّ الاغتيالات/مساعدة تقنية دولية في اغتيال لقمان سليم/مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بالاغتيال السياسي/في ذكرى الأربعين لاغتيال الناشط المعارض لحزب الله

73

في أربعينه: لقمان سليم صار مؤسّسة ضدّ الاغتيالات
شادي علاء الدين/أساس ميديا/الثلاثاء 23 آذار 2021

مساعدة تقنية دولية” في اغتيال لقمان سليم
عبي بردي/الشرق الأوسط/22 آذار/2021

مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بـ«الاغتيال السياسي»/في ذكرى «الأربعين» لاغتيال الناشط المعارض لـ«حزب الله»
بيروت: إيناس شري/الشرق الأوسط/22 آذار/2021

في أربعينه: لقمان سليم صار مؤسّسة ضدّ الاغتيالات
شادي علاء الدين/أساس ميديا/الثلاثاء 23 آذار 2021
في ذكرى أربعين لقمان سليم دعت العائلة الأصدقاء والمحبّين إلى استئناف العلاقة معه وتمكينها، والاستمرار في الإقامة بصحبة الصّديق الّذي جعل فكرة الصّداقة، بما تتضمّنه من لقاء وتبادل، مدخلاً أساسيّاً لمقاربة الشّأن العام، وقراءة أحوال السّياسة والاجتماع، والتّفكير في شؤون اللّغة والثّقافة والحياة وتلاوينها.
روح “اللّقاء” كانت مسيطرةً على كامل المشهد. افتُتِح النّهار بقراءات قرآنيّة من سورة يوسف وسورة النور وقراءات من إنجيل متّى. ثمّ تلا رفعت طربيه مقاطع من مقال غسان شربل “قصّة رجل يلعب بالقنابل”. ثمّ قرأت نادين توما من ترجمات لقمان بعض القصائد من ديوان باول تسيلان “الخشخاش والذّاكرة” ومقاطع من كتاب جورج سعادة “أنا الضّحيّة والجلّاد أنا”.
حضرت قصائد عبّاس بيضون، وفادي الطّفيليّ، وشبيب الأمين، وفوزي يمّين المهداة إلى لقمان بصوت ماريليز عاد، وقدّمت آية ليل طربية وميساء جلاد مقاطع غنائيّة.
وأعلنت زوجته الباحثة والسينمائيّة مونيكا بورغمان إطلاقَ “مؤسّسة لقمان سليم” الّتي ستُعنى بالبحث في مسائل الاغتيال السّياسيّ في البلد بكل أبعادها وتشعّباتها.
يشكّل منطق الورشة المفتوحة، الّتي تمثّلها فكرة هذه المؤسّسة، في عمقه، دعوة شخصيّة إلى المقرّبين من لقمان للاستمرار في الدّفاع عن مشروعه الّذي كان يؤكّد ضرورةَ التّوثيق وأهميّته.
كان لا يملّ لقمان من تكرار فكرة مفادها أنّ كلّ شيء هو تاريخ، وأنّ حاضر اللّحظة ليس سوى استئناف لما سبق، وأن خطورة عدم معرفة وفهم ما جرى تؤدّي إلى استحالة فهم ما يجري وما سيجري، وتمهّد للدخول في دوّامة من التّكرار المرّ.
من ناحية أخرى، تحاول هذه المؤسّسة بناء خطّ دفاع عن البلد تنطوي على كثير من الحبّ والإيمان. فبعد معاناة طويلة من غياب العدالة وتشتّت المؤسّسات القانونيّة والحقوقيّة وخضوعها للسلطة، تأتي هذه المؤسّسة لتحاول إعادة الأمل الّذي من دونه لن تكون العلاقة مع البلد ممكنة.
تطلق هذه المؤسّسة دعوة للبقاء والدّفاع عن لقمان والتّأكيد أنّه يستحقّ كلّ التّضحيات وأنّ الرّكون إلى اليأس والهروب يعني بشكل ما أنّ الاغتيال قد حقّق مراميه وأهدافه. باعتبار أنّ منع الاغتيال من تحقيق ما يسعى إليه لا يكون إلا بالدفاع عمّا كان يريد إبادته. لا يوجد طريق آخر سوى الاستمرار في الإقامة داخل البلد، والتّنقيب الشّاق والمستمرّ في تاريخه، وتفعيل المعارك الأخلاقيّة والسّياسيّة والمعرفيّة مع القتلة، والتّأكيد أنّ البلاد لا تمنح نفسها للطارئين والعابرين. هؤلاء لا يمكنهم كتابة أيّ سطر في تاريخها ولا في حاضرها، ولن يمنحوا الحقّ في كتابة مستقبلها.
يتحرّك المشروع في إطار عامّ يفترض قبل كلّ شيء وضع الاغتيال السّياسيّ في واجهة التّفكير وفي الضوء، ولطالما شكّل الاغتيال ملامح الانعطافات والتّحوّلات الكبرى في تاريخ البلد، لكنّه بقي في العتمة وخارج التّداول البحثيّ الفعليّ، واقتصر التّعامل معه على التّعليق والتّعقيب والإدانة والسّلوك الخطابيّ والانفعاليّ.
كان لقمان قد شرع بإطلاق ورشة البحث في التاريخ المخفيّ والمسكوت عنه للبلد، وكان الاغتيال السياسيّ أحد همومه الأبرز، لكنّ عمل مؤسسة “أمم للتوثيق والأبحاث” التي أنشأها عام 2004 لم يقتصر عليه.
ويهدف تخصيص مؤسّسة كاملة للعناية بهذا الموضوع إلى الإصرار على كونه الموضوع الرئيس، وأنّ القتلة أرادوا أن يُكتب التّاريخ من خلال الاغتيال عبر آليّة طمس الحقائق وغياب العدالة الّتي طالما وسمت منطق التّعامل معه.
من هنا تبحث المؤسّسة عن تأسيس مضادّ معاكس لإرادة القتلة يُعنى بالغوص في معاني الاغتيال السّياسيّ وأسبابه ودوافعه وأهدافه والكشف عنها ووضع خلاصاتها أمام الرّأي العام محليّاً ودوليّاً، مقدّمةً لمنعه من أن يكون تاريخاً وسيرةً للبلد، ومنع تأثيراته من صناعة تحوّلات أساسيّة في الاجتماع والثّقافة والسّياسة.
حوَّل غيابُ التّوثيق الوقائعَ إلى هذيانات، وباتت هذه الهذيانات الشّائعة هي الحقائق والتواريخ المقدّسة الّتي يدافع عنها أصحابها بالدّم والرّوح. لكنّ روحاً مغايرة لهذا المنطق بدأت تشقّ طريقها مع المشروع الذي أسّسه لقمان مع “جمعيّة أمم” الّتي نجحت في لملمة الكثير من آثار التّاريخ اللبناني المبعثر والمتشظّي، بين الحروب والمجازر والاغتيالات، لوضعه في متناول الباحثين، مرجعاً منظّماً ومبوّباً لا يمكن تجاهله، يقف حائلاً دون انتشار شبكات التّأويلات المَرَضيّة التي لا تستند إلى أيّ إطار مرجعيّ.
قد يكون في قلب ذلك الظلام الدّامس بعضٌ من أمل تصرّ “مؤسّسة لقمان سليم” على بثّه في المجال العام عبر حرصها على سحب الهذيان الجماعي من التّداول وإعدامه بحقائق التّوثيق والتّأريخ.
صديقة لقمان الشريرة ستكتب التاريخ كتابةً “مؤسّساتية”، وستقول بأقلامنا وألسنتنا وقلوبنا إنّنا لن نكتفي بعد الآن بمعرفة هويّة القتلة في حين نبقى عاجزين عن محاسبتهم. سنوثّق أفعالهم ونفكّك الأساطير التي استندت إليها والخرافات الّتي تعمل على شرعنتها، ونضع كل هذه الحصيلة أمام أعين العالم بأسره بحثاً عن عدالة مفقودة.

مساعدة تقنية دولية” في اغتيال لقمان سليم
عبي بردي/الشرق الأوسط/22 آذار/2021
نصح خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحكومة اللبنانية بأن «تطلب مساعدة تقنية دولية» من أجل «ضمان إجراء تحقيق موثوق وفعال» في «القتل الوحشي» للناقد البارز ضد «حزب الله» لقمان سليم وتقديم الجناة إلى العدالة. وفي بيان مشترك لكل من المُقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء آنييس كالامار، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إيرين خان، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين دييغو غارسيا سايان، لاحظوا أنه «بعد أكثر من شهر على مقتل سليم، لم تؤد خطوات التحقيق المتخذة على المستوى الوطني إلى أي نتيجة ذات مغزى»، مما «يثير مخاوف حيال فاعلية التحقيق الحالي». وقالوا إنه «ينبغي للحكومة أن تنفذ على وجه السرعة تدابير لضمان استقلالية التحقيق ونزاهته وضمان تحديد المسؤولين ومحاسبتهم»، مؤكدين أن «هذا ضروري لضمان تحقيق العدالة وبناء ثقة الجمهور في النظام القضائي الوطني قبل أن يجري تعريضه لخطر لا يمكن إصلاحه». وأكدوا أنه ينبغي للحكومة أن «تنظر في طلب مساعدة تقنية دولية للتحقيق في مقتل سليم». ووصفوا سليم بأنه «مثقف معروف وناشط وكاتب وناشر ومنتج أفلام وناقد صريح لحزب الله»، مشيرين إلى أنه «عثر عليه مقتولاً بالرصاص في سيارته في 4 فبراير (شباط) 2021 في جنوب لبنان، وهي منطقة يُقال إنها تخضع لسيطرة (حزب الله)». وأضافوا أنه «أصيب ست مرات، ثلاث مرات في رأسه. وذكروا بأنه قبل مقتله، قال لقمان سليم إنه إذا قتل، سيعرف الجميع من سيكون وراء ذلك». وقالوا كذلك إن «مقتل سليم يبدو مرتبطاً بمشاركته المدنية»، معبرين عن قلقهم من «تراجع الفضاء المدني في لبنان»، في ظل تقارير تفيد عن «تزايد الاعتقالات والترهيب والتهديدات والعنف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والناشطين». وقالوا: «نحن قلقون للغاية من أن مقتل سليم في حال غياب المساءلة قد يكون له تأثير مروع عميق على حرية التعبير في لبنان».
ولفتوا إلى أن لقمان سليم كان ناشطاً في تساؤلاته عن «سبب وطريقة نقل المواد الكيماوية الخطرة التي انفجرت في ميناء بيروت، مما أدى إلى مقتل 205 أشخاص وإصابة أكثر من 6500 بجروح». وقالوا إنه «يجب إجراء تحقيق كامل في أي علاقة مزعومة بين الانفجار واغتيال سليم» الذي تعرض قبل مقتله لـ«ترهيب ومضايقات وتهديدات متكررة وطلب الحماية علناً». وأضافوا أنه «كان على الحكومة التزام اتخاذ كل الخطوات التي يمكن توقعها بشكل معقول لحماية سلامة سليم»، مؤكدين أن «عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى تحميل الدولة مسؤولية انتهاك حقه في الحياة». ودعوا الحكومة إلى «ضمان الحماية الفعالة لجميع الأشخاص الذين قد يتعرضون حالياً لخطر العنف المستهدف لأسباب تتعلق بعملهم أو بسبب آرائهم». وحضوا السلطات على «إنهاء الإفلات من العقاب السائد وإعادة الثقة في مؤسسات العدالة من خلال تدابير مثل إنشاء لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في فشل التحقيقات السابقة في مقتل المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والسياسيين في لبنان». وقالوا إنه «ينبغي للحكومة أن تنظر في دمج وحدة من الخبراء الدوليين لتقديم المشورة ودعم التحقيقات في جرائم القتل المزعومة ذات الدوافع السياسية وضمان المساءلة».

مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بـ«الاغتيال السياسي»/في ذكرى «الأربعين» لاغتيال الناشط المعارض لـ«حزب الله»
بيروت: إيناس شري/الشرق الأوسط/22 آذار/2021
بوجه تبدو ابتسامته واضحة من خلف الكمامة السوداء، تستقبل رشا الأمير؛ شقيقةُ الباحث والناشط الراحل لقمان سليم، زوّارها… «هؤلاء أحباب لقمان»، تُردد، وهي تتنقل في حديقة المنزل لتتأكد من أن كل شيء فيها يشبه شقيقها في الذكرى الأربعين لرحيله.
وعثرت القوى الأمنية اللبنانية على جثمان الناشط السياسي والباحث والناشر لقمان سليم مصاباً بست رصاصات في رأسه وصدره في 4 فبراير (شباط) الماضي على طريق الجنوب. وكان سليم من أشد المعارضين لـ«حزب الله»، وينتقد أداءه السياسي والعسكري بشكل متكرر في الإعلام.
«يصادف اليوم 21 مارس (آذار) بداية فصل الربيع ويوم الأم، مناسبة لتجدد الحياة واستمرارها تماماً كما سيستمر إرث لقمان»؛ تقول الأمير، وتشير بيدها إلى الورود البيضاء والملونة حول ضريح شقيقها الذي يتوسط الحديقة، ومن ثم تردد عبارته: «القتلة في عجلة من أمرهم… من إخفاء الجثة… لا تتعبوا أنفسكم: كل عام يلون دم أدونيس النهر»، في إشارة إلى الأسطورة اللبنانية القديمة بعنوان: «أدونيس وعشتروت». وأرجأت العائلة إحياء ذكرى أربعين لقمان سليم إلى يوم عيد الأم، رغم أن الذكرى كانت قبل 10 أيام، بحضور الأقارب والأصدقاء.
وبعد قراءة آيات من القرآن والإنجيل، تلا عباس بيضون وهاني حطب قصائد من ترجمة الراحل، كما تلت ماريز عاد قصائد كُتِبَت على نيته، وأنشدت ميسا جلاد وآية ليل أغنيتين للمناسبة. وتلا الفنان رفعت طربيه نصاً عن لقمان كتبه رئيس تحرير «الشرق الأوسط» غسان شربل.
لا تريد الأمير، كما العائلة، أن تتحدث عن أي شيء «يعكر صفو المناسبة». لا عن سير التحقيق بعملية اغتيال شقيقها ولا عن قتلته. تقول: «كل ما يجب قوله قلناه، واليوم نجتمع لنؤكد أن لقمان باق بأعماله وفكره». ثمّ تشير بيدها إلى سلّة موضوعة على الطاولة وداخلها نسخ من بيان كتبه لقمان في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 حين تعرّض منزله الواقع في ضاحية بيروت الجنوبية لاعتداء سبقته حملة تخوين كبيرة إثر مشاركته في ندوة تطرّقت إلى موضوع مفهوم الحياد في لبنان.
وكانت الخيمة التي عقدت فيها الندوة في وسط بيروت، إلى جانب خيام المتظاهرين حين كان حراك السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) في أوجه، تعرّضت لهجوم وحاول البعض إحراقها بحجّة أنها تروّج للتطبيع مع إسرائيل.
وجاء في البيان الذي نشره سليم حينها: «قصيرة من طويلة، واستدراكاً على أي محاولة تعرض لفظية أو يدوية لاحقة، لي أو لزوجتي أو لمنزلي أو لدارة العائلة أو لأي من أفراد العائلة، أو القاطنين في الدارة، فإنني أحمل قوى الأمر الواقع المسؤولية التامة عما جرى وعما قد يجري»، وختم بيانه بعبارة: «اللهم قد بلغت».
تعدّ الأمير أنّ هذا البيان بمثابة شاهد على قتلة لقمان وصك إدانة واضح يختصر كل ما يمكن أن تقوله، فوضعته في ذكرى أربعين شقيقها جنباً إلى جنب مع عبارات أحبّها أو كتبها، ومنها ما يقول: «في مشهد لبنان وناسه يبدو أن اللبنانيين – اللبنانيات يحتاجون إلى ميتات كثيرة لينتبهوا… موت واحد لا يكفي…».
ولمّا أرادت عائلة سليم أن تكون ذكرى أربعين فقيدها انطلاقة جديدة نحو مستقبل أفضل يشبه ما يتمناه لقمان، أعلنت زوجته مونيكا بورغمان عن إنشاء «مؤسسة لقمان سليم» التي ستهتم بالدرجة الأولى بالتفكير والبحث في قضية الاغتيال السياسي في لبنان، فضلاً عن نشر أدب وفكر لقمان، وستبدأ العمل في لبنان على أمل التوسع لاحقاً. وستقوم المؤسسة بدعم المهتمين أو الصحافيين أو أي شخص يريد أن يبحث في أي اغتيال سياسي وقع في لبنان ويتطرّق إليه من خلال الكتابة أو الرسم أو المسرح أو أي طريقة يراها مناسبة، كما ستقدّم منحاً لهذا الهدف، فضلاً عن إمكانية إطلاق مهرجان باسم المؤسسة لاحقاً، كما تؤكد الأمير. وأشارت إلى أن «هناك 112 شخصاً اغتيلوا في لبنان من دون التوصل إلى نتائج في التحقيقات». وشددت على «إكمال مسيرة لقمان الأديب صاحب القلم الراقي. فنحن ليست لدينا أسلحة؛ بل أفكار لبناء البلد»، لافتة إلى أن الهدف من هذه المؤسسة هو «إعلاء صوت الفكر على صوت القمع، والتأكيد على أنه لا يمكن قتل الفكر بقتل حامله».