شارل الياس شرتوني/الفاشية الشيعية والاوليغارشيات المافياوية، سياسة الاستحالات المدمرة وكسر الحلقة الجهنمية

80

الفاشية الشيعية والاوليغارشيات المافياوية، سياسة الاستحالات المدمرة وكسر الحلقة الجهنمية
شارل الياس شرتوني/22 تشرين الثاني/2020

عودة سيناريو تدمير لبنان من البوابة الجنوبية، عدم امكانية تأليف حكومة تؤسس لمرحلة اصلاحية، انسحاب شركة الڤاريز وماسيل من عملية التحقيق الجنائي المالي، السرد اللامتناهي للفضائح المالية التي ترخي بظلالها الثقيلة على كامل الواقع السياسي والاداري في البلاد على مدى ثلاثين سنة، التدهور المالي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والصحي المترادف، التجاهل الارادي لملف التفجير الارهابي في مرفأ بيروت، سواء لجهة التحقيق الجنائي ومترتباته القانونية، ام معالجة نتائجه الكارثية، تحيلنا مجتمعة الى واقع الفراغ الذي نعيشه واثاره النافية لامكانية الخروج من واقع الانهيارات المتسارعة، الى حال من الصعود المتدرج باتجاه العمل الاصلاحي وتطبيع الظروف الحياتية.

ان استنكاف الاوليغارشيات السياسية عن اي عمل باتجاه عودة الاستقرار السياسي والامني، والعمل الاصلاحي، ووقف التدهور المالي والاقتصادي والاجتماعي، والخوض في ملفات الاصلاح المالي، و تظهير حيثيات العمل الارهابي في مرفأ بيروت ومعالجة مضاعفاته، ليس بالامر الحادث، بل هو تعبير عن سياسات ارادية تتوخى استحداث موازين قوى جديدة في البلاد، تنهي تدريجا مسار المئوية الاولى للكيان الوطني اللبناني وروايتها المؤسسة، لحساب ديناميكيات نزاعية اقليمية مفتوحة لا تنتظم بالضرورة ضمن سيناريو الدولة الوطنية او دولة القانون.

احوال التردي المفروضة علينا تغذي المشروع الانقلابي للفاشية الشيعية، وتعمم نماذج العمل الاقتصادي المنحرف والفساد العميم المرادف لها.

ناهيك ان الاوليغارشيات السياسية-المالية تستفيد من انهيار دولة القانون حماية لمكتسباتها الريعية، ولا مانع لديها من تداعي ما تبقى من الكيان الدستوري والمعنوي والعملاني للدولة اللبنانية.

ان التستر وراء التسويات الاقليمية والدولية ليس الا بحجة واهية لتثبيت موازين قوى جديدة، وتبدلات سياسية وديموغرافية وجيوپوليتيكية داخلية ترسخ العمل الانقلابي وتوسع دوائره، وكل كلام اخر يندرج في دائرة التضليل الارادي.

لو كانت هنالك نية في التطبيع والخروج من اقفالات الاوضاع الحاضرة لما بقينا اسرى للجدلية المضللة حول اولويات سياسة الاستقرار والاصلاح، وربطها بالحسابات الاقليمية الايرانية، والتركية، والقطرية، والسعودية والخليجية.

هذه الحلقات الجهنمية ليست حادثة في بلادنا، لانها كانت باساس تدميرها المتوالي على عقود.

ان القبول بقواعد هذه اللعبة هو تسليم بحيثياتها ومؤدياتها التي باتت واضحة ولا مجال للتندر حولها.

ان الخروج على هذا الواقع يتطلب سياسة مضادة تنعقد حول المحاور التالية:

١- تدويل الازمة اللبنانية هو مدخل اساس من اجل استئصال لبنان من دائرة سياسات النفوذ الاقليمية التي دمرت الحيثيات الكيانية للدولة اللبنانية، وكرست واقع الاستثناءات السيادية؛

٢- الخوض في نقاش مفتوح بين المكونات السيادية حول سبل تسوية سياسية عملية تنهي واقع النزاعات المفتوحة، وترسخ قواعد لنظام سياسي توافقي قائم على هندسات دستورية جديدة تطال آليات الحوكمة، والمبادىء الناظمة للسياسات الخارجية والمالية والانمائية والثقافية على تنوع موضوعاتها؛

٣- مباشرة ورشة الاصلاح المالي على مستويات استعادة الاموال المنهوبة وما تفترضه، من تحقيقات جنائية ومقاضاة تمتد على كل مستويات العمل السياسي والاداري في البلاد، واستعادة ومصادرة الاموال المهربة والمبيضة؛ واعادة هيكلة النظام المصرفي على مستوى آلياته الناظمة عبر انفاذ اتفاقيات بازل الثلاث لجهة متطلبات رأس المال، وادارة المخاطر، ومراقبة الاداءات المصرفية، واعادة هيكلة وظائف المصرف المركزي واخراجه من دائرة التشابكات التي حولته الى موقع تدبيري للسياسات الريعية وتبيض الاموال التي قضت على مرتكزات العمل الاقتصادي السليم؛

٤- اعادة ربط السياسة المالية بالسياسات الانمائية والتربوية وتطبيقاتها المعلوماتية في مختلف المجالات الخدماتية والزراعية والصناعية.

لا بد من سياسة مواجهة مع هذه الطبقة السياسية للخروج من قواعد لعبتها الآسرة وما تفترضه من حصانات دولية تحمي من المداخلات الاقليمية الانقلابية، ولعبة العنف والاقفالات السياسية، وتعميم سياسات العقوبات المالية التي تسمح بتقويض موازين القوى التي تستخدمها في لعبة التطويع الوسخة التي تلجأ اليها على نحو متواتر مع كل تهديد لنفوذها.