الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي لموقع جنوبية: حزب اللّه يُعيد حساباته مع العونيين بعد انحسار الغطاء المسيحي، والضغوط على بكركي فشلت في تغطية باسيل

174

الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي لموقع جنوبية: «حزب اللّه» يُعيد حساباته مع العونيين بعد انحسار الغطاء المسيحي، والضغوط على بكركي فشلت في تغطية باسيل.
جنوبية/أجرت الحوار: باسمة عطوي/10 تشرين الثاني/2020

في حديث إلى موقع “جنوبية” قال الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي:
“ليس تفصيلا رد السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا على جبران باسيل بعد إعلانه أن العقوبات الأميركية طالته بسبب رفضه التخلي عن تحالفه مع حزب اللّه”، مشيرةّ إلى أنه “أعرب خلال لقائهما عن الاستعداد للإنفصال عن الحزب بشروط معينة وعبّر عن إمتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة هي غير مؤاتية للتيار”، بل يدل على حجم الزلزال الذي أحدثته العقوبات الأميركية على باسيل ليس فقط على مستقبله السياسي بل أيضا على الحياة السياسية في لبنان، إذ ستشكل العقوبات فيصلا بين مرحلتين وستحمل الأيام تغييراً وحذراً في العلاقات بين الحلفاء وإعادة حسابات الربح والخسارة في ما بينهم، ناهيك عن تأثيرها على صياغة أي علاقات جديدة بين الأطراف الداخلية وعلى الحكومة المقبلة وتركيبتها التي يبدو أنها لن تسلم من إرتدادات هذا الزلزال” .
وأضاف: “ما حصل ليس زوبعة في فنجان، أو “ظلم” وقع على رئيس تيار سياسي حاول أن يراوغ ويعطي واشنطن من طرف اللسان حلاوة شرط أن تعده بالجائزة الكبرى التي يريدها، بل إن ما جرى أظهر كيف تحضر الإدارة الأميركية ملفاتها وكيف تتعامل مع خصومها ومع من يحاول “شراء الوقت”، وسيعيد رسم الخريطة السياسية الداخلية ولو على نار هادئة لأن كل الأطراف المعنية لا تريد أن تظهر لحلفائها وخصومها معاً عمق الاهتزاز الذي أحدثه زلزال العقوبات”.
ورسم الزغبي معالم أولية لهذه الخريطة سواء على صعيد علاقة التيار الوطني الحر الداخلية- الحزبية وبالساحة المسيحية أو علاقته مع حليفه في “تفاهم مار مخايل” أو على صعيد الحكومة المقبلة. وقال: “الحالة العونية باتت في مرحلة هبوط كبير، فقد كشفت هذه العقوبات مدى هشاشة التيار العوني رغم كل ما راكمه وحققه على مستوى ثنائية السلطة والمال وصولاً إلى رئاسة الجمهورية، والمشكلة الآن هي على عدة مستويات داخل التيار العوني نفسه وقد بدأنا نشهد مدى التفكك الذي يحصل داخل هذا التيار، سواء من خلال التهم التي أطلقها رئيسه ضد بعض أتباعه في لبنان وفي الولايات المتحدة وكان أبرز المستهدفين بتهمة الخيانة هو طوني حداد المعروف منذ 30 عاما بأنه اليد اليمنى للرئيس ميشال عون ولقيادة التيار، ومهندس العلاقات بين التيار وبين الادارة الأميركية على تقلباتها”.
ورأى أن “هذا المؤشر يؤكد أن الحالة العونية باتت في مرحلة انقباض وانحسار وتفكك ولعلها لا تستطيع ان تواكب بالشكل المطلوب ما تبقى من العهد العوني أي الثلث الاخير منه”. وأضاف:”على مستوى المستقبل السياسي لرئيس هذا التيار فإن المسألة باتت واضحة بإن هناك فيتو كبيراً جداً ليس فقط من الولايات المتحدة الاميركية، بل أيضا من المجتمع الدولي وإستطراداً من المجتمع العربي وتحديداً الخليجي والأكثرية الساحقة من الزاي العام اللبناني، على بلوغ هذه التجربة الخطيرة والفاشلة إلى سدة الرئاسة اللبنانية”.
وتابع الزغبي: “على مستوى العلاقات مع “حزب اللّه” لا شك أن جوهر “المظلومية” التي رفعها باسيل على إعتبار أنها كانت سبباً للعقوبات الأميركية التي طالته، تعرّض للتفتيت بعد تصريحات السفيرة شيا، لأنه ساوم الأميركيين على الإطاحة بهذه العلاقة، ولا شك بأن هذا الكلام سيترك أثره على العلاقة بين الحليفين ولو بعد حينه”.
وفي هذا الاطار شدد الزغبي على ان قيادة “حزب اللّه” على علم أن باسيل كان يساوم على مسألة إنفصاله عن التحالف معه، وأن الحقائق والوقائع أظهرت أنه كان يفاوض الجانب الاأميركي على الثمن، أي على التسعيرة، وكان يحاول إبتزاز واشنطن كي ترفع العقوبات عنه أو لا تفرضها عليه وأن تقدم له ضمانة مسبقة منذ الآن للوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية”. وأشار إلى أن”هذا ما عناه كلام السفيرة الأميركية عن شروط لم تفصح عنها، ولكن المعلومات تؤكد أن أبرز هذه الشروط التي وضعها كي يفك تحالفه وورقة التفاهم مع حزب الله هو أن تضمن له واشنطن وصوله إلى رئاسة الجمهورية خلفا لعمه ميشال عون”، معتبراً أن”العلاقة بين حزب الله والتيار العوني ستكون محكومة من الان فصاعدا بالحذر الشديد، صحيح ان هناك خلافات كثيرة على المستوى الداخلي بين الطرفين لكن حزب الله كان دائما مطمئنا إلى ان الجانب العوني لن يتخلى عن تغطية سلاحه ووظائف سلاحه سواء في الداخل اللبناني أو في سوريا أو اليمن أو في بلادد الله الواسعة”.
وأوضح الزغبي أنه “لذلك لم يكن حزب الله يهتم كثيرا بالخلافات وبعض النفور من قبل التيار العوني، طالما أنه يحصل على الأساس أي على الجوهر من ورقة التفاهم أي تغطية سلاحه من قبل شريحة من المسيحيين”، لافتا إلى أن “الحزب” بات الآن أمام حسابات أخرى تحت غطاء الاندفاع الذي سيظهره السيد حسن نصر الله في إطلالته الوشيكة وحرصه على التحالف وتمتينه مع التيار العوني، ولكن في الواقع أن حزب الله يعيد حساباته لأن التيار العوني لم يعد يستطيع تأمين غطاء مسيحي واسع لأن هذا الغطاء ينحسر أكثر فأكثر خصوصا الان بعد العقوبات الاميركية”.
وعن مستوى العلاقات داخل البيئة المسيحية يجيب الزغبي:”خلافا للقول إن العقوبات الأميركية ستضاعف العطف الشعبي على باسيل على أساس أنه ضحية هذه العقوبات، فإن الرأي العام المسيحي بات يدرك حقيقة الفساد الذي يمثله باسيل، ولا يمكن أن يعيد تعويمه أو منحه صك براءة عن كل هذه الموبقات التي إقترفها على مستوى الفساد في الادارة والوزارات التي تولاها هو وفريقه أو على مستوى الارتباط الاعمى بسلاح غير شرعي هو سلاح حزب الله”، لافتا إلى أنه “بدل أن يكون هناك تعويم شعبي لدى المسيحيين لرئيس التيار نلاحظ أن هناك إدانة لم تظهر بعد بشكل واضح ولكن هذا الابتعاد الذي تجسده الكنيسة المارونية تحديداً بكركي عن الدفاع عنه رغم الضغوط من قبله وفريقه عليها كي تصدر موقفا تدافع عنه أو تحميه في وجه الادارة الاميركية”.
وتابع:”هذا في تقديرنا كمراقبين لن يحصل وهذا دليل بحد ذاته بإلى أن باسيل يخسر في الرأي العام المسيحي أكثر مما يربح، إذا كانوا يتوقعون أن العقوبات ستزيد العطف الشعبي عليه، لذلك فهو في مأزق أمام الرأي العام المسيحي واللبناني بشكل عام وأمام مأزق آخر أمام تياره وسنرى تباعا مزيدا من التفكك سواء على مستوى النواب الذين لا يزالون داخل التيار بعد أن غادره أربعة نواب على الاقل أو على مستوى القواعد والكادرات في التيار”، مشيرا إلى أن “عهد هذا التيار بدأ بالانحدار ولم يبق إلا حوالي سنتين من عمره ولذلك فإن الفئة من الذين لا زالوا داخل التيار يأملون بمنافع معينة من هذا العهد باتوا يدركون ان هذه المنافع باتت صعبة المنال وخصوصاً أن أي حكومة جديدة يمكن تشكيلها لن تشكل تعويما لهذا الغريق الذي بات فعلا في مرحلة دقيقة جدا أمام الرأي العام اللبناني بشكل عام والمسيحي بشكل خاص”. وعن الوضع الحكومي قال الزغبي:
”هناك إتجاه لدى التحالف الثنائي مع العهد والتيار للتشدد والمجيء بحكومة سياسية بهدف تعويم باسيل والعهد، ولكن المسألة تقف عند شروط الرئيس سعد الحريري ولن يكون في تقديري أنا كمراقب أكثر تساهلا من الرئيس المكلف السابق مصطفى أديب، لذلك فإن الضغوط على الحريري ستؤدي إلى تأخير وتصعيب تشكيل الحكومة بدل تسهيلها، لأنه لن يستطيع تقديم أوراق تعويم ونجدة لباسيل بعد كل هذا الصراع والخلاف العميق بينهما”.