شارل الياس شرتوني/الفاشية الشيعية وعودة سعد الحريري والاوليغارشيات المافياوية من الباب العريض

197

الفاشية الشيعية وعودة سعد الحريري والاوليغارشيات المافياوية من الباب العريض
شارل الياس شرتوني/26 تشرين الأول/2020

*سعد الحريري السياسي الفاشل والفاسد والاوليغارشيات التي يمثل ليس الا اداة تستخدمها الفاشيات الشيعية، وصورة من صور التبدد الذي يعيشه لبنان منذ ستة عقود، وما عدا ذلك كلام إنشائي لا يقيم ميتا طال نزاعه.

*الامر الوحيد الذي تظهر من خلال مساري التكليف والتأليف، هو التئام شمل الفاشيات الشيعية واصنائها اعضاء النادي الاوليغارشي المغلق على تشكيل حكومة توافقية فيما بينه

***
ان مسرحية عودة سعد الحريري الى الحكم الصوري ترخي بظلال ثقيلة حول مدلولات هذه العودة ومضامينها، ومستقبل هذا الكيان الوطني المتداعي الذي لم يبق منه الا ترسبات اسمية، بعد انقضاء ٥٥ عاما على الازمات الكيانية المفصلية، التي ابتدأت فصولها مع تدمير الحيثيات السيادية والدولتية التي تأسست مع التحالف بين اليسار الفاشي والمنظمات العسكرية الفلسطينية، واستكملت مع سياسات الوصاية المتلاحقة من سورية وايرانية، وسياسات نفوذ موازية ومنافسة انعقدت حول خطوط تواصل الحرب الباردة وملحقاتها الارهابية، وسياسات النفوذ العربية والاسلامية، من عراقية وليبية وسعودية وخليجية وتركية وجهادية.

ان الجانب الاكثر اثارة في عملية تخريج هذه العودة هو الايحاء بانها بداية لانعطافة اصلاحية جذرية، في حين ان كل المؤشرات توحي اننا لا زلنا في دائرة البلف التي تعودتها الاوليغارشيات، المتحالفة حينا والمتخاصمة في معظم الاوقات، على قاعدة الاقفالات الاوليغارشية المعهودة، والمحاصصة، وتوزيع الادوار والحفاظ على اللعبة المشتركة الى ان تنتفي اسبابها.

العودة تتم بدون اي اعلان نوايا بالحد الادنى حتى لا نتكلم عن برنامج عمل والتزامات واضحة المعالم والتوقيت، والتجاهل المبرح للمأساة التي خلفتها العملية الارهابية في مرفأ بيروت في الرابع من اب ٢٠٢٠، ومتابعة سياسة التجاهل والاهمال الارادي والصمت التآمري حيال المنطقة المنكوبة ببشرها وحجرها، والتي لم تقدم لها المنظومة السياسية اي شكل من اشكال الدعم والتعويض والمشاركة في خطة اعادة الاعمار، ناهيك عن المشاركة المعنوية والتماهي الاخلاقي بحدوده الدنيا، وليس في الامر عجب لان اركان الفاشية الشيعية والاوليغارشية المهيمنة ينتمون الى فئات اجتماعية، فاقدة بالمبدأ لاي حس اخلاقي ومدني وقيمي ( Anomique )،يؤهلها للعب دور في اي نظام ديموقراطي مبني على مرتكزات دولة القانون، والولاءات المدنية، والالتزامات الاخلاقية، الامر الذي يفسر تواريهم عن عمل المشاركة بالآلام والتعزية الواجبة.

بالمقابل شهدنا تأهبا فوريا للتعويض عن حريق طريق الجديدة والتضامن مع اهلها ماديا ومعنويا، في حين ان التحقيق في العمل الارهابي بقي في دائرة التغييب، وتابع اهالي المنطقة المنكوبة عمل اعادة الاعمار والترميم واعمال الغوث والمعالجة الطبية على خط التقاطع بين المؤسسات الكنسية، والجمعيات الاهلية والانمائية والاعمارية، والمجتمع المدني الدولي، والمداخلات الانقاذية والاعمارية والتأهيلية والاستشفائية التي امنتها فرنسا والديموقراطيات الغربية وبعض الدول العربية.

السؤال الاول الذي يتبادر الى الذهن، هو سبب استقالة سعد الحريري في تشرين الاول الماضي، واضاعة سنة محورية لجهة الديناميكيات الاصلاحية والتغييرية التي اطلقتها، وخطورة الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية والتربوية التي كانت بأساسها، لحساب حكومة صورية ادارها قاصرون، واستخدمتها الفاشيات الشيعية والاوليغارشيات المافياوية غطاء لسياسة وضع اليد على البلاد، واستكمال سياسات النهب المنهجي للاموال العامة. الجواب، عودة سعد الحريري تندرج في سياق التجاوب مع المبادرة الانقاذية الفرنسية، دون اي توضيح لمندرجاتها وطبيعة التزاماتها .

الامر الوحيد الذي تظهر من خلال مساري التكليف والتأليف، هو التئام شمل الفاشيات الشيعية واصنائها اعضاء النادي الاوليغارشي المغلق على تشكيل حكومة توافقية فيما بينهم، ودون اي توضيح لحيثياتها وموقفها من المد التغييري الذي دفعت به الحراكات المدنية، الذي طويت صفحته، واحيل الى حيز الحراك في الفراغ على وقع هجرة الفئات الشبابية التي كانت وراءه، والتحالفات بين سياسات النفوذ السنية والشيعية التي تنظم خلافاتها على قاعدة التصفية السياسية للوجود المسيحي في لبنان، كما تظهر من خلال العملية الارهابية في مرفأ بيروت التي اعتمدت مبدأ التدمير الشامل والفوري مدخلا لتأسيس معادلات سياسية انقلابية على مستوى الرواية الوطنية المؤسسة، والمعادلات الناظمة للعمل السياسي والتكوين السلطوي في البلاد والخريطة المدنية.

ان عدم الاجابة عن كل هذه الاسئلة المحورية من قبل سعد الحريري واعضاء الاوليغارشيات الحاكمة ليس من باب الصدف، بل هو اعلان نوايا صريح لجهة الاهداف الانقلابية التي تحكم اداء الاوليغارشيات السنية والشيعية، وتظهير فاقع لهامشية الاوليغارشيات في الوسط المسيحي وتواطاءاتها، وسقوط الدفع الاصلاحي والتغييري امام المد الانقلابي الذي يتمفصل على خط التواصل بين سياسات النفوذ الداخلية ومرجعياتها الايرانية والسعودية والتركية.

ناهيك، ان الفاشيات الشيعية وحلفائها في الاوساط الاوليغارشيات غير راغبين الخوض في مشروع الاصلاح المالي البنيوي بمكوناته الجنائية والهيكلية، لانه يطال مصالحهم الريعية والحيازية والزبائنية، ويشكل عائقا أساسًا امام سياسات السيطرة التي تحكم اداءاتهم .

نحن امام سياسات انقلابية واضحة التوجهات وما سوف تستحثه من ممانعات ونزاعات وخيارات مفتوحة عند كل الفرقاء، ومن تمديد للازمات الحياتية المميتة التي تقضم ما تبقى من عافية في البلاد.

ليس من سبيل لوقف الديناميكيات النزاعية المتأهبة والمستمرة سوى التدويل والتفاوض في ظل تحكيم الامم المتحدة حول سبل اعادة تركيز الكيان الوطني والدولاتي مع نهاية المئوية الاولى.

سعد الحريري السياسي الفاشل والفاسد والاوليغارشيات التي يمثل ليس الا اداة تستخدمها الفاشيات الشيعية، وصورة من صور التبدد الذي يعيشه لبنان منذ ستة عقود، وما عدا ذلك كلام إنشائي لا يقيم ميتا طال نزاعه.