شارل الياس شرتوني/الفاشية الشيعية، الغاء الآخر ومنطق الابادة

173

الفاشية الشيعية، الغاء الآخر ومنطق الابادة
شارل الياس شرتوني/17 آب/2020

تصريح حسن نصرالله الاخير حول تخزين الغضب ليس بجديد، فهذا الحزب لا خطاب لديه خارجا عن منطق العنف المفتوح و” تناسل الازمات “، ورصيد حافل من الاغتيالات والخطف والعمليات الارهابية واعمال الجريمة المنظمة في الداخل والخارج، والمشاركة الحثيثة في سياسات تدمير السلم الاهلي في لبنان وسوريا والعراق واليمن وعلى التخوم الفلسطينية-الاسرائيلية، نحن بالتالي امام استحالات فعلية ومبدئية تجعل من امكانية التعايش مع هذا الواقع تمنيا فارغا لا مضمون له.

نحن امام سياسات نافية بالمبدأ للسلم الاهلي بحيثياته المنشئة: الندية الاخلاقية، التواصل والتسوية الديموقراطية، واحترام مؤسسات دولة القانون وموجباتها الاتيكية والاجرائية.

ان كل تواصل مع هذه الفئة يصطدم بممانعات ايديولوجية، ونظام قيمي يلغي فكرة الغيرية ويقيم حواجز ذهنية ونفسية احتبست الاوساط الشيعية ضمن منعزلات تحفز ذهنية المكابرة والاستعلاء غير الراشد والنرجسية البدائية ( تصريحات نصرالله وقاسم )، وعقد المحاصرة والدونية والانتقام، وايديولوجيات السيطرة والعدوانية المتحفزة، وتهاوي المحرمات الاخلاقية لجهة التسويغ الشرعي للقتل، واستباحة كرامة الاخرين وحقوقهم وحرياتهم، والارهاب بمختلف تصريفاته، واعمال الجريمة المنظمة.

ان مقولات اشرف الناس، والعصمة الدينية، ” وخير امة اخرجت للناس “( سورة ال عمران ،الآية ١١٠ ) دون ” الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”، كانت باساس هذا الانحراف الذهني والسلوكي الخطير الذي يفسر ترسخ الشروط الذهنية لهذه الفاشية الدينية، التي تستبيح كل المبادىء والمحرمات التي يقوم على اساسها اي تجمع انساني لجهة الالتزام بالقاعدة الذهبية، لا تفعل للاخرين ما لا تريد ان يفعله الاخرون لك.

المشكلة قيمية في اساسها وسياسية في مؤدياتها، وبالتالي ان لم تستقم المعايير الاخلاقية الناظمة للعلاقات الانسانية، وبقينا على مستوى علاقات النفوذ واسناداتها الشرعية، فلا مجال لأية استقامة في مجال العلاقات السياسية، والعبور الى مفاهيم دولة القانون ورواياتها الفلسفية المؤسسة حول مفاهيم الحق الطبيعي ومشتقاته، والعقد الاجتماعي، والحقوق الانسانية الاساسية.

مشكلة التوتاليتاريات الاسلامية المعاصرة تنعقد حول التهافت البنيوي العميم الذي يوصف الحداثة الاسلامية والعربية، وغياب القراءة النقدية والتفكيكية والتفسيرية لنصوص التقليد الاسلامي، واستعمالها كمدونات لتخريج المرارات والاحقاد، وكره الاخرين كانعكاس لكره الذات، وللمفارقات الذهنية والنفسية الناشئة عنها.

ان الاسلام الخميني والاخواني والوهابي ومشتقاتهم الاصولية والارهابية ليست الا تعبيرات عن تناقضات المجتمعات الاسلامية المعاصرة، وعدم قدرتها على الخروج من هذه العلاقة الصدامية مع الحداثة بمفاهيمها ومؤسساتها، واقامة حدودها على تخومها على قاعدة الكره والعنف وارادة السيطرة، حزب الله والقاعدة والدولة الاسلامية، حالات ذهنية قبل ان تصبح احوال سياسية توصف مفارقات المعاصرة الاسلامية ومراراتها القاتلة.

ان اية تسوية سياسية تفترض خروجا الى رحابة الحيز الديموقراطي وتعدديته واعتداله، من اجل تخريج حلول سياسية عملية تنقلنا من منطق السيطرة والسيطرة المضادة، الى منطق الحلول الديموقراطية القائمة على التوافق والاعتدال المبدئي انطلاقا من مفكرة سياسية عملية جامعة: الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية المميتة، الاصلاح المؤسسي والدستوري، اعادة الاعتبار للموجبات الدستورية والسيادية، توحيد التعاطي في مجالات السياسات الخارجية والدفاعية.

ان تشبث حزب الله برؤيته الايديولوجية، وتموضعاته الاستراتيجية الاحادية، وسياساته الانقلابية هي مداخل لسياقات سوف تبقينا عند تخوم الصراعات الاقليمية المفتوحة وتداعياتها المتفلتة في منطقة فقدت كل نقاط ارتكازها المعنوية والجيو-استراتيجية.

ان الاوساط الشيعية مدعوة الى مراجعة امورها ومواجهة حزب الله، لجهة خياراته واملاءاته الايديولوجية والسياسية والاستراتيجية، والا فنحن امام تداعيات نزاعية قاتلة عبرت عنها كارثة التفجير، والاحتباسات الذهنية والنفسية في الاوساط الشيعية وعدم قدرتها على اقامة جسور انسانية مشابهة لما قام به المسيحيون في ٢٠٠٦.

ان العقد السياسي هو تعبير عن عقد قيمي وأخلاقي مؤسس، ان مجرد الافتقاد لهذه المعادلة يدرج في سياسة الابواب الموصدة، والنزاعات المتأهبة، والانطواءات الذهنية الدفينة النافية لاي اجتماع انساني متحضر وتواصل اخلاقي جدير بهذه التسمية.