د.توفيق هندي/ماذا بعد إستقالة دياب؟

77

ماذا بعد إستقالة دياب؟
د.توفيق هندي/11 آب/2020

1) إستحالة تشكيل حكومة، أكانت “حكومة وحدة وطنية” (على شاكلة حكومة الحريري السابقة)، أو حكومة اللون الواحد (على شاكلة حسان دياب)، أو حكومة “مستقلين” أو “حياديين” (على شاكلة ما يطرحه بعض الهواة في السياسة).

النتيجة العملية هي أن حكومة دياب سوف تصرف الأعمال إلى ما شاء الله وتسمح لحزب الله بالإمساك بالسلطة التنفيذية دون تحمل المسؤولية ودون الإستجابة لمطالب المجتمع الدولي بإجراء الإصلاحات. وهذا أفضل الممكن لحزب الله في هذه الظروف المستجدة، وهو الممسك بالسلطة الفعلية داخل الدولة وخارجها، بإنتظار الإنتخابات الأميركية حيث يجهد اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة إلى دعم جو بيدن لإعتقاده أن هذا الأخير سوف يخفف من معاناة إيران وينتهج سياسة أكثر ليونة تجاهها (وهذا صحيح).

2) إستحالة إنتخابات مبكرة لعدة أسباب:
أ) حزب الله يحظى على الأغلبية في البرلمان وإنتخابات جديدة تفقده إياها كون حليفه العوني سوف يفقد قسما” وافرا” من نوابه. وهو قادر على الحيلولة دون إجراء إنتخابات مبكرة لأنه يمتلك السلاح والسطوة على الطبقة السياسية الفاسدة، الموالية والمعارضة له.

ب) لم ولن يتمكن جعجع من إقناع حليفيه المفترضين جنبلاط والحريري من تقديم إستقالة كتلتهما النيابية، وذلك نتيجة لتحالفهما مع بري الذي يقامر بمستقبله ووجوده السياسي فيما لو تغيرت معالم وتوازنات المجلس النيابي. ولكن حتى لو قدم الثلاثي المرح (حريري، جنبلاط، جعجع) إستقالة كتلهم وأصبح البرلمان فاقدا” لأكثر من ثلث أعضائه، سوف يجمع بري مكتب البرلمان ويصدر قرارا” بأن البرلمان قادر على العمل كونه يتمتع بالأغلبية وأن بعض القرارات التي تتطلب أغلبية الثلثين يمكن إتخاذها لأن الثلثين تعني ثلثي أعضاء المجلس الذين لن يقدموا إستقالاتهم وليس ثلثي ال 128 نائبا”.

3) إن الغطاء المسيحي لسلاح حزب الله سحب إلى حد كبير وذلك من خلال مبادرة غبطة البطريرك الراعي، ضمور الدعم الشعبي للتيار العوني (الحليف الرئيسي للحزب) ومواقف بعض الأحزاب والقوى والشخصيات المسيحية.

أما الذهاب إلى هدف إسقاط الرئيس عون، فهو بالنسبة للبعض بدلا”عن ضائع وبالنسبة للبعض الآخر يندرج في إطار الصراع على السلطة ليس إلا.

والحقيقة هي أن حزب الله سوف يتمسك بالرئيس عون ولن يسمح بإسقاطه. وهو للأسف قادر على ذلك طالما السلاح بيده.
والحقيقة أن تسليم سلاح حزب الله مرتبط بجدية المجتمع الدولي في مقاربة هذا الموضوع. وهذا لن ينضج إلا بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، أي علينا المحافظة على دينامية الحراك الشعبي خلال الأشهر الثلاثة القادمة دون إعطاء السلطة القمعية أسبابا” للإجهاز عليها.
لذا، يجب عدم الدوران في حلقة مفرغة بالتمسك بالتغيير عبر المسالك الدستورية. يجب تصويب حركة الإنتفاضة بحيث تعطي الأولوية إلى تنفيذ القرارين 1559 و1701 للتخلص من سلاح حزب الله، أي الإحتلال الإيراني، وذلك من خلال تظهير صورة واضحة للبنانيين المطالبين بالتخلص من هذا الإحتلال لحث المجتمع الدولي إلى جدية في تنفيذ القرارين المذكورين.

إن التخلص من سلاح حزب الله هو أول الغيث وليس آخره على طريق خلاص لبنان الكيان والدولة بحيث يؤسس للتخلص من الطبقة السياسية الفاسدة في المرحلة اللاحقة.