المخرج يوسف. ي. الخوري/أَبِبيان ساخرٍ تُحرّرون القدس؟

714
IRAN. Tehran. 1997. Mural of KHOMEINY and current religious supreme guide KHAMENEI.

أَبِبيان ساخرٍ تُحرّرون القدس؟!!!
المخرج يوسف. ي. الخوري/28 تموز/2020

كفى استهزاءً بعقولنا يا أحفاد “كورش الفارسي”. هي مصيبة بالفعل، إن قمتم بالأمس بمحاولة للرد على مقتل أحد قادة حزبكم الإلهي، ومن ثمّ تراجعتم! وهي مصيبة أفدح إن لم تقوموا بهذه المحاولة، ومن ثمّ رحتم تسخرون من العدو الصهيوني الذي وصفتموه بالمربك المُصاب بالكوابيس!

إن قمتم بالمحاولة، كما يدّعي نتنياهو، ثمّ انتهى كل شيء فجأة، فهذا يعني أنّكم أنتم المُربكون. وإن أمطر عدوّكم الصهيوني قرى الجنوب الآمنة بوابلٍ من القذائف، من دون أن تردّوا عليه،

لا بل اكتفيتم بإصدار بيانٍ يسخر منه، فهذا يطرح الشكّ حول الغاية التي من أجلها تحتفظون بسلاحكم. أنتم توهموننا بأن السلاح هو للدفاع عن لبنان ولتحرير القدس.

إذا العدو يُسهب باختراق أجوائنا الجوّية يومًا بعد يوم ولا تعترضون؛ وبالأمس يقصف قُرانا الجنوبيّة ولا تردّون؛ ومنذ أربعة عشر عامًا رصاصةً واحدة باتجاهه لا تُطلقون، فما النفع من سلاحكم، ومتّى سيحين الأوان لاستخدامه؟!!

فلتعلموا يا أحفاد “كورش”، إن السلاح ليست فاعليّته بالحديد والنار والبارود، بل بِمَن يقف خلفه. سلاحكم لم يكن يومًا مصدرَ قوّة وطمأنينة للبنانيّين، إلا لمّا كانت كل الشرائح اللبنانية تدعمه وتشدّ ازركم، لاسيّما في مواجهتكم المزعومة لعدوّكم الصهيوني!

أمّا اليوم، فلم يعد سلاحكم بذي فاعليّة، لأنّنا تعبنا من تغطيّته خلافًا لكل الأعراف والقوانين السياديّة، ولأنّنا مللنا انتظار الساعة التي فيها سنرى القدس محرّرًا!

أيُعدّ كلامي هذا خيانة لقضيّتكم معاذ الله؟ لا ثمّ لا! الخائن الحقيقي: هو مَن يذهب بشعبه إلى الحرب ولا يحارب؛ هو مَن يرفض السلام وفي الوقت نفسه يهادن العدو؛ هو مَن يتفرّج على سلاحه يتحوّل إلى خردة ولا يستخدمه؛ هو الذي يُرغم شعبه على الالتزام بقضية كبرى، بينما هو يتلهّى بزواريب السياسة الضيّقة!!

أنتم في مأزق يا أحفاد “كورش”، إذ بعد أن كشفكم معظم اللبنانيّين وتنصّلوا من مجاراتكم والوقوف خلفكم، ها هي بيئتكم الشيعية الحاضنة يغزوها الملل والتململ من تصرّفاتكم!

هذه البيئة التي غضبت في سبعينيّات القرن الماضي، من تعريض أهلها في الجنوب لغارات الصهاينة، ردًا على الهجمات الفدائية ضد إسرائيل من قراهم، لن تتأخّر بعد اليوم من الغضب عليكم إذا ما تأخّرتم في حمايتها من إسرائيل، ولن تتوانى في استقبال إسرائيل مرة جديدة بالزلاغيط ورش الأرز والورد على دبّاباتها.

أنا ما فهمت لغاية الآن ما المغزى من الحياد الذي طرحه غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لكن على ما بدأ يتّضح لي، فالحياد لا يخدم أحد مثلكم يا أحفاد “كورش”، فهو يحرّركم من الأحقاد، ويُعطي المَخرَج اللائق لسلاحكم الذي لا نفع منه، ويُعيدكم إلى بيئتكم الشيعيّة اللبنانيّة عوض أن تجروا هذه البيئة إلى الويلات وتجرونّا وراءها.

قضيّتكم لا جذور لها، فإذا كان جدّكم “كورش” هو من حرّر اليهود من السبي البابلي، وأرجعهم إلى فلسطين وموّل إعادة بناء هيكل سليمان، وإذا كان واليكم الفقيه الخميني تعامل مع إسرائيل وحصل على الأسلحة منها في حربه ضد صدام حسين، فكيف تُريدون منّا أن نصدّق أن في جيناتكم ثمّة عداوة لليهود؟ (أنا لا أميّز بين صهيوني ويهودي)

حدسي يُنبِئني أنّكم تُريدون القدس لأجل معبد سليمان وليس للصلاة في المسجد الأقصى، وإلا قولوا لنا ما علاقة الشيعة في هذا المسجد الذي استرجعه عمر بن الخطّاب ووسّعه معاوية بن أبي سفيان الذي انتزع الخلافة من آل علي بن أبي طالب؟

يوم تحمّست لقضيّتكم “تحرير القدس”، كان عمري لا يتجاوز الخمسة وعشرين عامًا، أخجل أن أصرّح كم صار عمري اليوم وأنا لا أزال أنتظركم! إلّا إذا علينا الانتظار سبعين سنة كهؤلاء الذين سُبوا إلى بابل، حتى يأتي من بينكم قائد ملهم كجدّكم “كورش”، فيحرّر القدس، ويحرّرنا من سلاحكم، ويُعيد إلى التداول فكرة لبنان السيّد الحر المستقل.

كفى استخفافًا بمصيرنا، ما يؤخذ بالقوّة لا يُستردّ إلّا بالقوّة، فإمّا أن تبادروا إلى استرجاع القدس، وإمّا أن تستفيدوا من الحياد وتنيئوا بسلاحكم عنّا.

إنّه اليوم الرابع والثمانون بعد المائتين لانبعاث الفينيق.