المخرج يوسف ي. الخوري/ما هذا يا هؤلاء! أهي لعبة “غمّيضة” أم ثورة؟

136

ما هذا يا هؤلاء! أهي لعبة “غمّيضة” أم ثورة؟
المخرج يوسف ي. الخوري/15 تشرين الثاني/2019

إن غنوا ودبكوا قالوا عن ثورتهم السلميّة “ثورة طقش وفقش”!
وإن غضبوا وقطعوا الطريق وصفوهم بالمغتصبين لحريّة الآخرين! يفتحون الطريق كُرمًا لعيون هؤلاء الآخرين، فإذا بالآخرين لا يسلكونها! ينصحهم “الغيورون” على ثورتهم بالتوجّه إلى المرافق العامة مراهنين على تشتيت قوّتهم، فيفاجئونهم بدعم طلاب المدارس وشلّ البلد، وإذا بالـ “غيورين” نفسهم يتهمونهم بسرقة طفولة الطلاب وتضليلهم!

يحرقون الدواليب فينعتونهم بالزعران!

يبنون جدرانًا فاصلة على ثلاثة أو أربعة طرق فيجرّدونهم من حقوقهم المدنية بتهمة عصابات ميليشياوية مخرّبة!!!

ما هذا يا هؤلاء! أهي لعبة “غمّيضة” أم ثورة؟

ما رأيكم أيّها المرشدون المتطفّلون على كل خطوة يخطوها الثوار أن تنضموا وتُديروا الثورة بأنفسكم؟

وبما أنّكم توعزون إلى الثوّار في كيفيّة التحرّك، لما لا تقومون بالثورة بأنفسكم وتُريحون الأخرين من عبئها، خصوصًا أن الرئيس عون والسيد حسن وسعد المستقيل أثبتوا أن أخطاءهم هي المحرّك الأقوى لكل تحرّكات الثائرين؟

نحن نفهم جيّدًا أن يستفيض كل مَن في السلطة، وأجهزتهم المخابراتية، ومَن يتبع لهم مِن وسائل إعلاميّة وإعلاميين أبواق، في ترويج اتّهامات ونعوت من النوع الذي أوردناه أعلاه، لأنّهم لم يستسلموا بعد، لكن ما لا نفهمه هو أن يزايد على السلطة هؤلاء الذين يُصوّرون أنفسهم قادة للثورة ومنظّرين لها، فيُكثرون من الاطلالات التلفزيونية، ويتكلّمون كأنّهم لسان السلطة وهم كذلك؛ إمّا غباءً وإمّا عن قصد!

ماذا بكم أيّها الطارئين على الثورة وليس في أذهانكم سوى تبوُّء مراكز ضمن قيادتها؟!!!

ما بالكم عينكم على الجبنة والبقرة لم تُحلب بعد؟!

أنتم منافقون طامعون تحاولون التسلّق إلى السلطة على حساب أهداف الثورة، لاسيّما مَن يتغطّى مِن بينكم بما يُعرف بالتجمّعات المدنية.

أحدّد نفاقكم، وأحيانًا نفاقكم هو جهل أو تآمر:
– منافقٌ هو، ووصولي متلوّن مَن مِن بينكم اعتبر قطع الطرقات عملًا لا يليق بالثورة!

– منافقٌ هو مَن ادّعى أنّه أجرى استفتاءً على صفحته الالكترونيّة يبيّن أن 77% من اللبنانيين يريدون فتح الطرقات!

– منافق هو كل مَن يحاول ركب الثورة بعقائده المعفّنة الإلحادية المهاجرة من ستينيّات القرن الماضي، ولا يجرؤ أو لا يعرف كيف يستحدث أفكارًا اجتماعية انسانيّة عصرية تجمعه بباقي اللبنانيين! باختصار هو “انعزالي”.

– غبيّ هو كل مَن يدّعي الفهم ويُطالب بدولة مدنيّة ونحن نعيش في دولة ليست إلّا مدنيّة؛ لا التشريع فيها مصدره كتب الدين ولا أداتها التنفيذية رجال دين وملالة!

– هو حقود وذو عقل متحجّر كل مَن تطرّق في هذه الثورة المجيدة إلى شعارات مناهضة للطائفية، في حين؛ كل الثوّار يهتفون باسم لبنان، ولا يرفعون سوى علم لبنان، وبالكاد يتذكّرون انتماءاتهم الدينية!

– مشبوه ومتآمر هو، كل مَن يدعو إلى إلغاء الطائفية من دون أن يسعى أولًّا إلى تحويل “قوانين” الأحوال الشخصية إلى قانون موحّد يساوي بين كل اللبنانيين!

– جاهل هو، ولا يتمتّع بالأهليّة، كل مَن يستبق الأمور ويدعو إلى انتخابات مبكّرة قبل أن يعدّ القانون الذي يتّفق عليه كل اللبنانيين ويصبّ في مصلحة ومستقبل الحياة الديمقراطيّة في الوطن! ومَن لا يعلم أنّ إدراج أي قانون انتخابي على قاعدة النسبية هو أمر غير دستوري، فليتثقّف ويتعلّم أن النسبيّة لا تتوافق مع دستور الطائف الذي يوجب تطبيق اللامركزيّة الإدارية! وليعلم أيضًا أن لبنان “الدائرة الواحدة” يستدعي قبل كل شيء قيام أحزاب كبرى منظّمة لا تدين بولائها إلا للبنان!

أنا غاضب! غاضب من أحصنة طروادة الواقفة في ساحات الثورة.

غاضب لأن دولتي هي رهينة تحت السلاح ومخطوفة من “أمراء الحرب وتجار الهيكل”.

غاضب لأن الزعران الحقيقيّين يواجهون صوت الشعب بدم بارد ولا يأبهون ما إذا تحوّل هذا الدم إلى حامي.

غاضب لأن أهل السلطة ينتظرون هطول المطر كي يقولوا للعالم ان “بزقات” الشعب الثائر التي يغرقون فيها هي مياه المطر النقيّة.

غاضب من وجوه مأجورة جبانة حاقدة يختفي كل حسّ لها حين يقوم شارع الشعب، ليعود أصحابها ويظهروا من جديد مباشرة عندما يهدأ الشارع، فيتكلّمون ثمّ يتكلّمون ثم يتكلّمون وأخطر من كلامهم أنّهم عندما يتكلّمون يتوهّمون بأنّهم يُفكرون وشيئًا سيغيّرون!!!

– ملعون مَن يرى سيكارة الحشيشة في يد ثائر ويتعامى عن السلاح الإلهي الذي يحتل البلد بالتكافل والتضامن مع المؤسسات المالية والطغمة الحاكمة.

– ملعونٌ مَن يهاجم تسكير الطرقات ويتناسى مماطلات السلطة.

– ملعونٌ الثائر الذي يُقدِم على تسكير الطريق ثم يعود وينظّفها ويزرع عليها الورود. فلّا يقطع الطريق ولا يزرع الورود نادمًا!

– ملعونٌ زعيمُ الحزب الذي يتخلّى عن شبابه ببيان استنكار لمجرد اتّهامهم – عن وجه حقّ أو غير وجه حقّ – بأي عمل مشين.

– ملعونة كل ساعة هواء تُفتح لمُطلقي الإشاعات والمضلّلين من أزلام السلطة ومخابراتها.

– ملعونٌ كل مراسل ميدانيّ يطرح نفس السؤال منذ ثلاثين يومًا على مئات لا بل آلاف الثائرين، في محاولة لإيجاد تناقض قي أجوبتهم.

– ملعونٌ كل مَن يريد تضليل الهدف الحقيقي للثورة بشعار “جوّعتونا”، ولا أنكر هنا أن القلّة والبطالة أرهقا كاهل اللبناني، لكن اللبناني يثور لاستعادة كرامته وحريته ولا يثور إذا جاع. فصوّبوا خطابكم.

– ملعون من الثوّار كل مَن يُطلق قضية فساد ولا يملك دلائل.

– ملعونٌ وغبي ومتآمر كل مَن يُثير قضايا الفساد ويحلم باستعادة الأموال المنهوبة وهو لم يتخطّى بعد الخطوة الأولى من أهدافه، وعنيت بها كسر سيطرة السلطة الفاسدة. إنّه إلهاء ما بعده إلهاء وتضييع لجهود الثائرين.

أيّها الثوّار،
تُحبّون أن تُسمّوا نضالكم الاستثنائي ثورة، وأنا اسمّيه مثلكم لأنّها رغبتكم، لكن آن الأوان أن تلبسوا سلوك الثوار وتخلعوا عنكم وجوه التملّق والقلق.

إنّها ثورة يا بنات ويا شباب، إن لم تبلغ أهدافها فستأكل نفسها!

الثورات لا تلبس كفوف، ولا تراهن على الوقت، بل على الأفعال وإسراع النتائج. المماطلة والتقدّم ثم التراجع هي لعبة المزروك وليس لعبة صاحب الحقّ.

يا بنات ويا شباب… إنّها ثورة وقد آن الأوان لتنظيف صفوفكم قبل تنظيف دولتكم، لقد آن الأوان لتقليل: الكلام، الصراخ بأي شيء على الشاشات، أخذ السلفي، وتصوير التحرّكات بالتلفون!

لقد آن الأوان لحصر الوقت والانتقال إلى الأفعال الأفعال، وغير ذلك، أخرجوا من الشارع فالبلد لا يستحمل المماطلات والكرّ والفرّ، واتركوا البلد للسارقين لو أكلوا ثلاثة أرباع خيراته.

في اليوم التاسع والعشرين لانبعاث الفينيق.